المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إنّهُ الغزّيُّ شيّعنا... ونام



أحمد نمر الخطيب
19/09/2010, 11:26 AM
http://www.wata.cc/up/uploads2/images/w-a03a4e0c25.gif
إنّهُ الغزّيُّ شيّعنا... ونام
أحمد الخطيب
إليه في نومه




آهٍ من الموتِ إذ في الصمتِ أنكفىءُ = ومجمل البيتِ أحلامٌ وتنطفىءُ
قد أفرغَ الدّمَّ من معناهُ لي وجعٌ = وبايع الجرحَ في منفاهُ لي نبأُ
جسري تعاورَ ليلي والهواءُ خبا = لمّا سمعتُ بنار الموتِ تُجتزىءُ
هذا مسائي من الليمونِ حكمتُهُ = ومن دواءِ الندى، سارٍ هو الظمأُ
حايلتُ أُذْني ألا لا تسمعي، فأنا = حبيبُ هذا الذي في القلبِ مُتّكىءُ
جاوبتُ قربة روحي والسوادُ طفا= إنَّ الذي فرّ من نفسي هو الخطأُ
هل جفّ صبري، وزادَ الشعرُ جمرتَهُ= أم أطفأ الجمر في تعشابهِ الصدأُ
يا ليل يا موتُ يا مزمارُ يا عوضاً= عنّي تجاري الخطى في صمتها الحدأُ
أقفلتُ باب سكوني حين حيّرني = جيلٌ تراخى ولم يفرحْ بما قرأوا
فجئتَ تكسرُ قفل النائمينَ، وذا = دمعي، يقاسي مراراً بالذي يطأ
بلّغتُ نصف حياتي سيفَ دولتها = وما تراخى على أعتابه الكلأُ
فجئتُ أمشي، وأمشي خلفَ سروتهِ = يا نخلُ فاهدأ فقد أسرى بهِ الملأُ
عاينتُ جسمي فقيلَ الهَزْلُ قامتهُ = عاشرتُ ظلي فأولاني، وما انكفئوا
ما بين حرفي وحرفِ الطينِ قافيةٌ = شاهدتُها بدمٍ تسعى وقد نكئوا
جرح الرّنينِ، ومالوا في غوايتهم = فانحاز هذا الفتى للأرضِ مُذ لجئوا
كانت نداوتُهُ في العشبِ قائمةً = والناي في مترامي السّهلِ إذ يطأُ
كانت فلسطينُ من شاراتهِ سعةً = فاختارها ومضى، والناسُ قد صبئوا





لجئوا
ولم يفترْ
كما فترَ المعزّونَ،
ارتقى لخيامهِ في الحلمِ
صكَّ على خروقِ الحرفِ
وارتشفَ القداسةَ من هوى
مفتاحهِ بيدٍ معتّقةِ، وجهّزها
بأعلام التصوّفِ
ثمّ نامْ.

فرَّ اللهيبُ من الرّخامْ
وأتى على وادِ الحقيقةِ، سار بالرؤيا
إلى جهة الشموس،
وقال: ربي إنني زوّجتُ حرفي
للطقوسِ، لأجلِ من ظلّوا، ومن رحلوا
فرادى نحو قافية الخيامْ

يا أهلَ غزّةَ
إنّه الغزّيُّ
شيّعنا
ونامْ


نفرَ التشظي
في الحديقةِ
والكلامْ

كانت فلسطينُ الإشارةَ
والولادةَ،
والسلامْ
ما ينقصُ الفعلُ المطاردُ
من صحائفهِ، تجلّى
وانزوى لسهولةِ التلميحِ،
لم يتمثّل المعنى
إذا ما جفّ عن ضرع الغمامْ

مَلَكَ الكمانَ
فقلتُ: يا ملِكَ الكمانْ
عَطسَ الزّمانُ
ونام عن موتي الجبانْ
فأصرَّ ضحكتهُ
كما كانت تقابلني
على وجعٍ تفاصيلُ الكمانْ
وانحازَ للفقراءِ
عبّأ طلقةً عربيةً
وأتى برمش الموتِ محتاجاً إلى لغةٍ
تُهدّلُ ثوبها، لترى الضياءَ من الظلامْ

وأتى على وادي القصيدةِ
صاعداً لخطى الطريقةِ
مقبلاً
متسلّلاً لدم العروبةِ، صائحاً
من أيِّ منزلةٍ
سيأتي الكبشُ يا لغة الحمامْ؟!

مُذ عدّل الأوقات في حركاتها
سحيتْ قوافيها الخيامْ

في الفجرِ قبل رحيلهِ في سكة التأويل
تحت عريشةِ الذكرى
توسّد صاحبي أيامَهُ الملأى
بأحلام الفلسطيني
وقارع ضجةَ الليمونِ في هذا الزحامْ
مرّتْ على شفتيهِ أغنيةٌ
وهدهدها على باب البهيةِ
والهويةِ
والشواطىءِ،
وانتمى لحقيقةِ التكوينِ
في جسد الفلسطيني،
وزرَّ على القذيفةِ، واستقامْ

ما غادر المعنى
ولم يقفلْ على أفراخهِ
وطنا
وهيّأ للمدى كفنا
ولمْ ينأى بعيداً،
إنّهُ الشمس التي تنأى،
وتتركنا حيارى نحتسي وجعاً
وأوعيةً نمارسُ في رعونتها الصيامْ
لكنها
تمشي
إلى أولادنا بنبوة المعنى
هنا ولِدَ الفلسطيني
وهيّأ نومَهُ،
وخلا إلى وطنٍ الغرامْ

وقرأتُ في نصّ الحكايةِ
أنّهُ بلغ الحقيقةَ
واستقرَّ على المقامْ
ولهذا نامْ

هو نائمٌ
والناسُ في جَدَلٍ
وهم موتى
وهل في النوم
يُفتقدُ الغلامْ؟!!

يا أهلَ غزّةَ
إنّه الغزّيُّ
شيّعنا
ونامْ

أسبابُ رحلتهِ
حياةٌ
والتحامٌ
وانسجامْ
والأرضُ تبكيهِ
ويبكيهِ الذي فقد الكلامْ
لكنّهُ، مذْ أمَّ رابية الشهادةِ
في تضاعيفِ الكلامْ
خطّتْ لهُ
الدنيا ملامحها
فكوّر خدّها،
وأتى إلى الأرضِ التي
لا تُنتسى بنشيدهِ،
وأتى يُعشّبُ صدرها
في الشعرِ ممتشقاً تراتيل الحسامْ
يا أيّها القمرُ الفلسطيني
إذا سألوك عن وطني
فقل ما زال حيّاً في الأجنةِ،
والرسالةِ، والتقاط القمحِ
من رئةِ الزحامْ.
ما زالَ يبحث في التفاصيل القليلةِ
عن مرايا الالتحامْ
ما زال رغم تفجّر الشهداءِ
مرفوعاً على ريش الغمامْ

في كلّ يومٍ
كان يرقبُ فخَّ أطفال الرّصيفِ،
وملتقى دمع الأحبةِ في الخيام
كانت لهُ غزواتهُ في الشعر،
من ملك الكمانِ"1"
إلى التماس"2" الوجد في رئة الحِمامْ
والأرض ودّعها، ونامْ
في كلّ يومٍ
كان يحرسُ قبلة الشهداءِ
في وطني معي "3 "،
في كلّ يومٍ
كان يقرأ سورة الموتِ احتفالاً بالحياةِ
وبالأنامْ
والآنَ نامْ
في كلّ يومٍ
كان يرشد عاشقاً للحبِ
يخلع عن صراط القلبِ غاشية اللثامْ
والآن نامْ
يا أهلَ غزّةَ
إنّه الغزّيُّ
شيّعنا
ونامْ



1) إشارة إلى قصيدة الراحل الخالدة " ملك الكمان "
2) إشارة إلى ديوانه " فوق حدّ التماس "
3) إشارة إلى ديوانه " وطني معي "

مقبوله عبد الحليم
19/09/2010, 12:15 PM
ياااه يا أحمد

كم هي محزونة كلماتك

وليتها تطفأ وجعا أحتل الخاصرة

أخي الغالي صبرنا الله جميعا فالمصاب جلل

منى حسن محمد الحاج
19/09/2010, 01:16 PM
إنه الغزي شيعنا ونام
إنه الغزي شيعنا ونام
ما فارقت عيناه موطنها
ولا غنى لغير ترابها منه الغرام
لله درك يا خطيب فهل تصدق أننا ننعيه
- يا ويلي-
ونار الفقدِ تلهبُ في العظام
ما زلت والله أنا في ذهول يا أخي أحمد
رحمه الله
وإنا لله وإنا إليه راجعون

عائشة صالح
19/09/2010, 02:22 PM
ما أروع ما خطت أناملكم
بوركت أخي الفاضل على هذه الكلمات الجميلة الرائعة الصادقة
خرجت لمن يستحقها بالفعل
احترامي وتقديري

عائشة صالح
19/09/2010, 02:23 PM
ملاحظة لكل الشعراء ولك من يمر من هنا ويكتب حرفاً في رثاء خميس
أنا أنقل كل ما تكتبون لشبكة فلسطين للحوار لأنها ستجمع كل هذا الشعر واحتمال نشره إن شاء الله في كتاب لتخليد ذكرى خميس
فاكتبوا وأكثروا من الأشعار لنوفي خميس حقه .
احترامي للجميع

علي الكرية
19/09/2010, 02:29 PM
إستاذي المحترم:أحمد نمر الخطيب

أخي العزيزالدوام والبقاء لله وحده.إنا لله وإن إليه راجعون.

كل من عليها فان وما يبقى غير وجه الله سبحانه وتعالى.

رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى.

القلب يخشع والعين تدمع والبقاء لله وحده.

الطيب كرفاح
19/09/2010, 02:51 PM
حقا أخي أحمد..
إنه الغــَزّيّ شيـّعنا ونام..
لا تفي الحروف ..
إنا لله وإنا إليه راجعون..

لطفي منصور
19/09/2010, 03:24 PM
من قيل فيه وفي مناقبة قصائد تتعانق حسنا
فهو خالد لم يمت
إن غاب عنا جسدك فروحك في شعرك خالده
أحسنت وأجدت يا الخطيب
ورحم الله خميس فقد أثرى منتديات الشعر ميتا كما أثراها حيا
عليه الرحمة وله الدعاء
ولك يا الخطيب تحية

عبدالوهاب القطب
19/09/2010, 07:58 PM
أخي أحمد
يل لك من صديق صدوق وشاعر عريق
بارك الله بك والله يطول في عمرك

ورحم الله حبيبنا العملاق خميس
ولا حول ولا قوة الا بالله

بوركت ايها الشاعر الوفي الكبير
بوركت

ينابيع السبيعي
19/09/2010, 10:11 PM
ما دمتم إخوان له
ونعته مشاعركم فهو لم يمت وروحه
مرفرفة حولكم
دمتم إخوة لنا جميعا
شكرا لك أخي الكريم هذه المرثية الصادقة
لك فائق شكري وتقديري
أختك
ينابيع السبيعي

ناصر محمود الحريري
20/09/2010, 02:01 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }
نعيش الحياة نلهو ونعبث، وتشغلنا الدنيا فتسرق منا الأيام والسنين، وفي غمرة اللهو وسكرة العبث،
يأتي الموت فجأة وعلى غير ميعاد، يسفر عن براثنه ليخطف من بيننا عزيزاً أحببناه أو صديقاً شغفنا به
أو قريباً الفناه وألفنا السمر معه، فإذا الدنيا تكشر عن أنيابها وتفصح عما تخبئه لنا، لترينا من بشاعتها وقحالة وجهها،
وإذا بنا نستشعر وحشة العيش، وألم الفراق وكآبة النفس، فنتحسر على ما أضعناه من أعمارنا في اللهو والعبث...
خميس لطفي شاعر فلسطيني مشرد، كثيراً ما أشجانا بصوته العذب وقصائده الحالمة، تتحدر كالنهر الرقراق...
والتي لا تخلو من نبرات الحزن والمعاناة، من خلال الغرفة الصوتية،
وفجأة يخطفه الموت دون سابق إنذار ليترك في نفوسنا أثراً بالغاً من الحزن والأسى ولوعة الفراق...
رحم الله الشاعر الفلسطيني المشرد خميس لطفي الذي عاش غريباً يحمل هم الوطن والعودة،
ومات غريباً يتجرع ألم الغربة والفراق...
طوبى للغرباء، وطوبى للمعذبين والمشردين في الأرض...
إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

إياد عاطف حياتله
22/09/2010, 02:49 AM
أخي أحمد

والله كأنّه هو الذي شيّعنا ونام
تماما كما تقولون


رحمه الله وأحسن مثواه
وأثابكم الجنّة على صدق القول والعاطفة

سلوى الكنزالي
25/09/2010, 12:05 AM
رحمه الله وطيب ثراه
وانا لله وانا اليه راجعون
الله حق والموت حق
والذكرى تمحو الاحزان وتداوي النفوس

مجذوب العيد المشراوي
27/09/2010, 08:08 PM
إنا لله وإنا إليه راجعون ... نص جميل جدا هذا أيها النمر الفلسطيني

محمود عباس مسعود
28/09/2010, 09:17 PM
لا يستطيع القارئ إلا أن يحبس أنفاسه وهو يتأمل
هذه اللوحة الصامتة بشجونها، المتأوهة بحرقتها
المحتفية بالجميل خميس
الذي ترك في نفوس محبيه أثراً
أبلغ من الكلام
وأعمق من الفكر
وأبعد من الخيال.
أخي الشاعر الكبير أحمد نمر الخطيب
رائع هذا الوفاء من شاعر لأخيه
فرحمة الله على الفقيد الغالي
وأطال بعمرك أيها الوفي.

عمر أبو حسان
02/10/2010, 07:37 PM
أحمد نمر الخطيب..
أحمد نمر الوسيلة لإلتقاط جواهر الأشياء..
و الأسماء...
أحمد نمرالتبحر في المعاني..حيث كنت..
فهناك أنت..
في الحزن معناه الحقيقي.
و الشهادة بين أعماق الحقائق و العدالة بينها..
أحمد نمر الخطيب..لابد يبتسم خميس..

منى حسن محمد الحاج
03/10/2010, 12:26 PM
http://www.wata.cc/up/uploads2/images/w-a03a4e0c25.gif
إنّهُ الغزّيُّ شيّعنا... ونام
أحمد الخطيب
إليه في نومه

آهٍ من الموتِ إذ في الصمتِ أنكفىءُ = ومجمل البيتِ أحلامٌ وتنطفىءُ
قد أفرغَ الدّمَّ من معناهُ لي وجعٌ = وبايع الجرحَ في منفاهُ لي نبأُ
جسري تعاورَ ليلي والهواءُ خبا = لمّا سمعتُ بنار الموتِ تُجتزىءُ
هذا مسائي من الليمونِ حكمتُهُ = ومن دواءِ الندى، سارٍ هو الظمأُ
حايلتُ أُذْني ألا لا تسمعي، فأنا = حبيبُ هذا الذي في القلبِ مُتّكىءُ

"

آه من الصبرِ، حبلُ الصبرِ مهترئُ=وسُكرةُ الحزن في الأعماق تتكئُ
ترجل الشعر عن علياء صهوته=وجندلَ الحرفَ مرُّ الفقدِ والنبأُ
عللتُ نفسي بأن الكل مرتحلٌ=وأن كلَّ بريقٍ سوف ينطفئ
وأن ثم لقاءٌ سوف يجمعنا=عند الكريم بمن بالقلبِ قد ذُرءوا
لكن غصةَ قلبي لا تفارقني=هيهات ينفعها التعليلُ إن أشأُ