المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قرصنة بريد



محمد البوزيدي
25/09/2010, 02:26 PM
قرصنة بريد
محمد البوزيدي
من قريب ،يزرع الحب في كل مكان ،ويبحث عن النماء تطويرا لنمو يتبعثر بين الأيام ،عصي على التحقق ،وبحنين لا يقاوم يحاول التقدم إلى الأمام .
من بعيد يواصل لعنة العمل التي لا تنتهي، مثل طاحونة هواء هادرة،يحاول صنع الأمل ،ويحرق مراحل تأخر المجتمع للوصول إليها ومازال أمامه زمن غير محدد للقفز عليها.
يقتحم كل يوم فضاء جديدا ،يتكلم مع الجميع ببساطة قروي طيب عايش كل المدن فاقتنع أن المجاملات مصيرها إلى السراب.
يعاند ، يصارع ،يقاتل من أجل إضافة نوعية للحياة كل يوم جديد ...
هكذا عرفته /يردد كل لحظة مع محمود درويش*إننا نحب الحياة إذا استطعنا إليها سبيلا*
وعبر النت يحاور الجميع ، يراسل ، يكتب ، بأزرار بسيطة يجد نفسه في عوالم مدهشة ،فالعالم قرية صغيرة إلا الذي أوصد النوافذ على نفسه ليحولها إلى سجن لا حدود له ، يبحث عن إضافة جديدة ممتعة لحياة مملة لا تنتهي من قتل الآمال المفقودة والمعلقة .
وككل يوم يتوصل بالمئات من الرسائل الإلكترونية من الداخل الخارج ،لطالما تجاهل معظمها ،جراء إدراكه العميق أن النصب والاحتيال أصبح يتم من بيوت أصحابها عبر أصابع الكيبورد البسيط ، وفي كل يوم يجد الرسائل المليئة بعبارات التوسل والاستعطاف ،بل والإغراء أن مبلغا ماليا في انتظارك، وماعليك إلا أن تحاول وتكون *إنسانيا* إلى أبعد الحدود.لذلك تحول النصب خاصة القادم من جنوب الصحراء إلى هواء يتناثر في هواء الصناديق الإلكترونية مثل الإيديولوجيا والإنفلونزا و...و....قد يستنشقه الإنسان كل لحظة وحين.
ذات يوم بعثت إليه إحداهن رسالة تسأله عن الاستثمار ،رحب بالفكرة ،فقد بدا له أنها في صالح وطنه وهو معني بها ،وحين طالبت منه المرسلة الدخول في الصفقة، كان الجواب صريحا مثل بياض الشمس:لا لتبييض الأموال في بلدي..لقد علمته البادية صفاء القلب والجيب ...
حاولت المرسلة مرات ومرات الإيقاع به بطريقة أو أخرى ،قبل أن تخطر عليها فكرة جهنمية :علبتك البريدية في خطر... المرجو ملء المعلومات الخاصة بالقن السري لأن أصحاب الشركة منهمكون في صيانة عامة.
لم يدر كيف لم ينتبه إلى أن للنصب لغات وشرفات أخرى لم يتوقعها ،كان يركب الأرقام والحروف كمن يضع رجليه في المصيدة التي تنصب بإمعان، وكذلك كان ...اختطفت علبته البريدية إلى إشعار آخر.
لم يتوقع مصطفى أن الأمر سيتوقف هنا ،ولو أن حزنا داهمه ففي البريد خبرة وتجربة سنوات مضت من حياته ،معلومات ..صور..وثائق..تكوينات ...
بعد أيام اقتنع أنه التقط الطعم ، تمت القرصنة الإلكترونية التي تطورت من تباعا.
عمد *الأصدقاء* كما أصبح يلقبهم إلى إرسال رسائل إلى كل أصحابه بعبارة تثير الشفقة في العنوان :أرجوكم أنقذوني... أنا محاصر في ساحل الحاج...المرجو بعث أموال لتغطية تكاليف الفندق والاتصالات والنقل......
ولأن له محبة لدى أصدقائه لم يترددوا في الاتصال به لتقصي أخباره ،فإذا الجواب غريب : أنا هنا بالمغرب فقط ،وأن الأمر احتيال .
توالت المكالمات تباعا مثلما توالى إرسال الرسائل المستعطفة ،لكن الرد كان ابتسامة خفيفة..تخفي حزنا خاصا ،فكيف نهزم الأيام إن تخلينا عن ابتسامتنا فهي رمز محبتنا
لا شيء في هذا العالم يستحق الحزن ولو فعلا مافعلوا............هكذا كان يجب نفسه كل لحظة حاول الولوج دون جدوى إلى بريده المختطف ..