ماجدولين الرفاعي
16/10/2006, 08:04 PM
كنت أتابع هبوط الطائرة صوب مدرجها قرب البحر. ويكاد يخيل لمن يتابعها أنها سوف تسقط في الماء.
للوصول رعشة مميزة! فعندما لامست عجلات الطائرة أرض المدرج ارتعش جسدي بشدة! لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ.
كان بانتظاري أقارب وأصدقاء. وقد أبدى الجميع استعدادهم لتوصيلي إلى مكان إقامتي في هذا البلد.
أتأمل الشوارع والمباني، أثناء سير السيارة التي تقلني، وكل شيء في هذه المدينة يدلُّ على حضارتها.
ينبغي أن أبدأ جولاتي في المدينة لكي أرى معالمها.
تحسست حقيبتي لأتأكد من وجود الكاميرا.
كل شيء مبهج في هذه المدينة، سكانها منطلقون، وجوههم سعيدة وقد شرح لي صديق كيف أتجول. وقدم لي خريطة للمدينة محدداً أماكن محطات المترو وأسمائها.
الوقت بالنسبة لي هنا ثمينٌ جدا! وعلىَّ ملاحقته بالتجول والتعرف إلى معالم المدينة. لهذا صحوت مبكراً وخرجت ومعي الخريطة إلى أقرب محطة مترو.
اشعر بغربة حقيقية، إذا لم أتمكن من السؤال عن أي أمر في بلد لا أتقن لغته! وفي المترو جلست على أول مقعد صادفني في فترة الذروة الصباحية. هذه التي ينطلق فيها الجميع إلى أعمالهم..
من بين الركاب.. طالعتني عيناه....
كان يحدِّق بي بطريقة لافتة للنظر! يبدو من ملامحه السمراء أنه عربي! لكن هل عرف أنني عربية؟! أم أنني أشبه سيدةً يعرفها؟!
انشغلت عنه بقراءة أسماء المحطات في لوحة مثبتة إلى جانبي. وكنت ألقي نظرة سريعة إلى مكانه كلما توقف المترو في محطة لعله يغادر! لكن عينيَّ كانتا تلتقيان بعينيه مباشرة.
هاهي المحطة التي أريد.. توقف المترو، وبسرعة تسلقت الدرج الصاعد إلى الخارج، لكنه استوقفني بلهجة عراقية:
ـ هل أنت عروبية مدام مجد؟
التفت إليه بنظرة حيرى وأعجبت بفراسته وقدرته على معرفتي.. كيف في بلد كبير وفي هذا الزحام يعرفني؟
وقبل أن أجيب تابع كلامه: أنا الدكتور عبد الرحمن عراقي ولكني أحمل الجنسية الإنكليزية. ثم مد إليَّ بطاقة كتب عليها اسمه وأرقام هواتفه قائلا: إنْ احتجتِ إلى شيء، مدام مجد، أو أي خدمة، لا تترددي بالاتصال. وأسرع مغادرا المحطة والمكان.
كدتُ أصرخ به ليتوقف! ربما لشعوري بالألفة تجاه عربي في بلاد غريبة! وقد تكون حاجتي لدليل يرافقني في التجول في مدينة اجهل تفاصيلها! لكن خجلي وحيائي منعاني من الصراخ.
من هو؟! وكيف عرفني من بين الجميع؟! لقد لفظ اسمي بوضوح يدل على معرفة أكيدة!
ألححت على ذاكرتي لعلها تسعفني بتذكره أو باستحضار بعض التفاصيل عن الأماكن التي من المحتمل أن نكون قد التقينا بها. لكن دون جدوى!
لم تغب صورته من ذهني على مدى يومين.
أخيراً قررت أن أبادر بحثاً عن جواب لسؤالي الذي أقلقني. اتصلت به وحددنا موعداً لنلتقي.
تمر الدقائق بطيئة في انتظار وصوله! وأخيراً يطلُّ بابتسامته الطيبة، ويجلس في الكرسي المقابل، ممعنا النظر إلى صدري، وابتسامة تعلو شفتيه!
- مدام مجد أريد أن أسالك سؤالا قبل أن يأخذنا الحديث؟
- هل قلادتك مشغولة في بلدك؟
بحكم الاعتياد لم أكن أطالع قلادتي.. ولكنه حين سألني نظرت إليها!
أطرقتُ إلى المنضدة التي أمامي وقد انتابتني ضحكة هستيرية لم أتمكن من كبحها، رغم دهشته الكبيرة ونظرات الناس من حولنا!
قلادتي كانت.. اسمي مكتوباً بالحرف العربي!
6/5/2004
للوصول رعشة مميزة! فعندما لامست عجلات الطائرة أرض المدرج ارتعش جسدي بشدة! لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ.
كان بانتظاري أقارب وأصدقاء. وقد أبدى الجميع استعدادهم لتوصيلي إلى مكان إقامتي في هذا البلد.
أتأمل الشوارع والمباني، أثناء سير السيارة التي تقلني، وكل شيء في هذه المدينة يدلُّ على حضارتها.
ينبغي أن أبدأ جولاتي في المدينة لكي أرى معالمها.
تحسست حقيبتي لأتأكد من وجود الكاميرا.
كل شيء مبهج في هذه المدينة، سكانها منطلقون، وجوههم سعيدة وقد شرح لي صديق كيف أتجول. وقدم لي خريطة للمدينة محدداً أماكن محطات المترو وأسمائها.
الوقت بالنسبة لي هنا ثمينٌ جدا! وعلىَّ ملاحقته بالتجول والتعرف إلى معالم المدينة. لهذا صحوت مبكراً وخرجت ومعي الخريطة إلى أقرب محطة مترو.
اشعر بغربة حقيقية، إذا لم أتمكن من السؤال عن أي أمر في بلد لا أتقن لغته! وفي المترو جلست على أول مقعد صادفني في فترة الذروة الصباحية. هذه التي ينطلق فيها الجميع إلى أعمالهم..
من بين الركاب.. طالعتني عيناه....
كان يحدِّق بي بطريقة لافتة للنظر! يبدو من ملامحه السمراء أنه عربي! لكن هل عرف أنني عربية؟! أم أنني أشبه سيدةً يعرفها؟!
انشغلت عنه بقراءة أسماء المحطات في لوحة مثبتة إلى جانبي. وكنت ألقي نظرة سريعة إلى مكانه كلما توقف المترو في محطة لعله يغادر! لكن عينيَّ كانتا تلتقيان بعينيه مباشرة.
هاهي المحطة التي أريد.. توقف المترو، وبسرعة تسلقت الدرج الصاعد إلى الخارج، لكنه استوقفني بلهجة عراقية:
ـ هل أنت عروبية مدام مجد؟
التفت إليه بنظرة حيرى وأعجبت بفراسته وقدرته على معرفتي.. كيف في بلد كبير وفي هذا الزحام يعرفني؟
وقبل أن أجيب تابع كلامه: أنا الدكتور عبد الرحمن عراقي ولكني أحمل الجنسية الإنكليزية. ثم مد إليَّ بطاقة كتب عليها اسمه وأرقام هواتفه قائلا: إنْ احتجتِ إلى شيء، مدام مجد، أو أي خدمة، لا تترددي بالاتصال. وأسرع مغادرا المحطة والمكان.
كدتُ أصرخ به ليتوقف! ربما لشعوري بالألفة تجاه عربي في بلاد غريبة! وقد تكون حاجتي لدليل يرافقني في التجول في مدينة اجهل تفاصيلها! لكن خجلي وحيائي منعاني من الصراخ.
من هو؟! وكيف عرفني من بين الجميع؟! لقد لفظ اسمي بوضوح يدل على معرفة أكيدة!
ألححت على ذاكرتي لعلها تسعفني بتذكره أو باستحضار بعض التفاصيل عن الأماكن التي من المحتمل أن نكون قد التقينا بها. لكن دون جدوى!
لم تغب صورته من ذهني على مدى يومين.
أخيراً قررت أن أبادر بحثاً عن جواب لسؤالي الذي أقلقني. اتصلت به وحددنا موعداً لنلتقي.
تمر الدقائق بطيئة في انتظار وصوله! وأخيراً يطلُّ بابتسامته الطيبة، ويجلس في الكرسي المقابل، ممعنا النظر إلى صدري، وابتسامة تعلو شفتيه!
- مدام مجد أريد أن أسالك سؤالا قبل أن يأخذنا الحديث؟
- هل قلادتك مشغولة في بلدك؟
بحكم الاعتياد لم أكن أطالع قلادتي.. ولكنه حين سألني نظرت إليها!
أطرقتُ إلى المنضدة التي أمامي وقد انتابتني ضحكة هستيرية لم أتمكن من كبحها، رغم دهشته الكبيرة ونظرات الناس من حولنا!
قلادتي كانت.. اسمي مكتوباً بالحرف العربي!
6/5/2004