المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأخيرا سقط القناع على السياسة العنصرية للغرب وحلفائه (الطاقة الذرية و"الأبرتاد")



محمد ختاوي
30/09/2010, 08:52 PM
وأخيرا سقط القناع على السياسة العنصرية للغرب وحلفائه
(الطاقة الذرية و"الأبرتاد")

إذا أراد الباحث المدقق أو أي مواطن عربي أو مسلم أو أي مواطن من المستضعفين في الأرض أن يستكشف الدوافع والأسباب التي جعلت منطقة الشرق الأوسط محطة أنظار وجلب للدول الاستعمارية والقوى الغربية وأطماعها المتزايدة على حسب الضعفاء، لما وجد إلا عاملين أساسيين:
-- موقعها الاستراتيجي،
-- و ثرواتها النفطية .
بل لا أحد ينكر أن هناك عاملين آخرين قد نضيفهما إلى العاملين الأولين كونهما العاملين الرئيسيين لسياسة ما يسمى بالعولمة أو"الأمركة"،أو "صهينة العالم"، من الثوابت التي لا نقاش فيها مهما كانت الظروف، ألى وهما:
-- ضمان أمن وسلامة إسرائيل،
-- و عدم السماح لدولة غير حليفة في المنطقة بامتلاك السلاح النووي وغيره من سلاح الدمار الشامل الذي من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل.
هذا ما جعلنا نؤكد على أن أي تهديد من أية دولة في المنطقة أو خارجها، لأي من هذه الثوابت، لا يمكن لأمريكا وحلفائها السكوت عنه أو المقايضة فيه، بل مستعدة لشن حرب ضروس حتى يزول أي خطر من شأنه أن يمنع تدفق النفط على الغرب وإزعاج ربيبتها المدللة "إسرائيل". هذا ما وقع لعراق صدام حسين وبدرجة متفاوتة لأفغانستان وتنذير للقوة الإقليمية الصاعدة في المنطقة ( إيران) على أن يفهم كل واحد منهم الدرس أنه "من لم يكن معنا كان لزاما ضدنا"، أوبعبارة أخرىأن هذه السياسة تهدف إلى" رسم خريطة العالم الجديد"، وبالتالي الحفاظ على توازن القوى الموجودة حاليا، والحذرثم الحذر ممّن تسميهم الحكومة الأمريكية " القوى المعادية للمصالح الأمريكية " أو "الدول المارقة" والتفكير في المساس بأمن وسلامة إسرائيل. فهي بالتالي تستوجب تدمير الأنظمة التحررية الغير موالية لواشنطن وتل أبيب، وتحمي وتدعم تلك التي تطيع أوامر البيت الأبيض وتنصاع لها وتحافظ على الأمر الواقع.
قد يتساءل المرء هل هذه الإستراتيجية عادلة أم لا، هذا ليس من شأن العالم الغير موالي لأمريكا أن يجهله أو يطرح أي سؤال في هذا الشأن، وإلا فإنه "سياسي بليد" لا يعرف السياسة الحقيقة الحديثة ولا يتبناها فهو سياسي فاشل. فالبحث عن الحق والباطل والأخلاق والعدل والمساواة ليس مجاله سياسة العولمة التي تسيراليوم كالقطار السريع تأخذ معها من ينصاع للأوامر وتترك من يخمّن في "الأخلاق والعدالة والمساواة" إلى غير ذلك من الكلمات التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع عند الأقوياء. فهذه هي سياسة ما يسمى بالعولمة أو "الأمركة" أو "الصهينة" اليوم.
مما يدل على أننا أصبحنا أمام مؤشر جديد على الصراعات الجيوساسية المختلفة بغية الاستيلاء على المنابع الطاقوية والمناطق الاستراتيجية وبسط هيمنة العظماء وحلفائهم والإملاءات للضعفاء، وذلك لضمان قوة الأقوياء وسيطرتها وإضعاف الضعفاء.
وخير دليل على ذلك رفض الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤخرا القرار الذي قدمته الدول العربية والذي يدعو إسرائيل إلى توقيع معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، مما جعل الأمين العام للجامعة العربية يقول أنه "أمر مثير للتساؤلات حول مصداقية الوكالة، وعالمية الدعوة للمعاهدة"، (كأن هناك عالمية من غير عالمية أمريكا وإسرائيل؟) مؤكدا أن المجموعة العربية ستعيد الكرة وتثير الموضوع في أقرب وقت ممكن "حتى تنضم إسرائيل إلى عضوية الدول الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي" داعيا إسرائيل للانضمام إلى معاهدة الحد من الانتشار النووي كما يطالبها بإخضاع منشآتها النووية للرقابة والتفتيش الدولي والالتزام بقرار جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية ".
كل هذه الكلمات جيدة وطيبة، ولكنها لا تصلح إلا للاستهلاك العام (للآخرين) ولا تعني من قريب ولا من بعيد دولة مثل إسرائيل نفختها أمريكا وتزكيها الدول الغربية المنافقة بحيث صارت لا تبالي بالقوانين الدولية ولو سطرتها أمها أمريكا وكل واحد على علم بذلك.
وكان أسبوع من المداولات في هذا الشأن قد أدى إلى رفض 51 دولة من الأعضاء وفي مقدمتها أمريكا للقرار العربي، في مقابل موافقة 46 دولة عليه، فيما امتنعت 23 دولة على التصويت تحت ضغوط الولايات المتحدة وحلفائها ، في وقت يؤكد فيه مؤيدو ومعارضو القرار أن المعركة الدبلوماسية مستمرة. ولكن أي استمرار في سياسية الكيل بمكيالين؟ وأوضحت وكالة الأنباء الفرنسية أن أمريكا وحلفائها الذين عارضوا القرار أعربوا عن قلقهم مما قد يترتب عليه من نتائج، معتبرة أنه قد يهدد انعقاد مؤتمر قرر عقده عام 2012 "من أجل شرق أوسط منزوع السلاح"...ألم يكن هذا تناقض مع المبادئ الأساسية التي من أجلها أسست منظمة الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ ولكن لمن تحكي زبورك يا داوود كما يقال في المثل؟
بالتأكيد، هذا يجعلنا نستنتج أمرا مهما وهو أن الدول العربية تعرضت إلى انتكاسة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكما في الماضي، حاولت هذه الدول استصدار قرار غير ملزم ولو كان ذا قيمة بسيطة ورمزية يدعو فقط إسرائيل التي تعتبر القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، إلى توقيع معاهدة الحد من الانتشار النووي.
وحسب ما ورد من أخبار مقربة للوكالة الذرية أنه قبل التصويت حذر سفير إسرائيل ايهود ازولاي الدول الأعضاء من أن "المصادقة على هذا القرار ستشكل ضربة قاضية لكل آمال وجهود التعاون المقبلة من أجل تحسين الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط". أليس هذا هو العنصرية بعينها وانقلبت الموازين؟ّّ...
وفي أول رد على نتيجة التصويت صرح السفير الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غلين دايفس للصحفيين انه "لا غالب ولا مغلوب" في هذا الاقتراع. مما يجعل الأمين العام عمرو موسى من جانبه يصرح بان رفض الوكالة الدولية للطاقة الذرية يضع إسرائيل على لائحة الدول الموقعة على اتفاقية حظر الانتشار النووي يطرح العديد من التساؤلات حول مصداقية الوكالة، كأن للوكالة مصداقية في منظور الملف النووي السلمي الإيراني الذي ما فتئت الحكومة الإيرانية تصرح لمن يريد أن "يسمعها" أنه لأغراض سلمية ، مع تفتيش أممي...ولكن ، لمن تنادي؟..
فصدام حسين كان يسعى لامتلاك السلاح النووي، وحسب المختصين، كان يمتلك السلاح الكيمياوي الذي هو أحد أسلحة الدمار الشامل وهدد بحرق نصف إسرائيل، وقام بغزو دولة الكويت التي هي حليفة استراتيجية لأمريكا في المنطقة ومنبع استراتيجي للنفط . ولذلك لا يمكن مطلقاً بالمفهوم الغربي العنصري لأمريكا، والدول العظمى، وحلفائها السكوت عن مثل هذا النظام بحيث صاري "يهدد الثوابت الإستراتيجية في المنطقة".
إذا ما أمعنا النظر جيداً في سلوك وتاريخ النظام الأمريكي الموالي بصفة عمياء للكيان الصهيوني، بغض النظر عن أي من الحزبين ُيسّيرالبيت الأبيض، الجمهوري أو الديمقراطي، فإننا نرى أن المجموعة العربية قد طعنت في هذه الثوابت الأمريكية التي ذكرناها آنفا و تجاوزت كل الخطوط الحمراء التي لا يمكن لأمريكا السكوت عنها، مهما كان فهم القانون الدولي عند الآخرين، وما دام عمرو موسى وغيره ينادون من فوق منابر الأمم المتحدة التي لا تجدي نفعا أنه على إسرائيل أن تنصاع لقوانين الأمم المتحدة أو تدخل في الصف مع "الآخرين"، فهاذا مجرد خطابات رنانة للعالم الثالث، لا معنى لها...اللهم إذا ما يعتبر استصدار القرار العربي و طرح قضية دعوة إسرائيل للانضمام إلى معاهدة الحد من الانتشار النووي وإخضاع منشآتها النووية للرقابة والتفتيش الدولي والالتزام بقرار جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية " ملف يبقى دائما مطروحا فوق طاولة الوكالة ولو "لإزعاجها" لعلّ وعسى أن يجني ثماره في يوم ما إذا انقلبت موازين القوى في المنطقة وفوجئنا باضمحلال "الأبرتايد" وظهور حكم راشد، نزيه وشفاف...ولكن هل هناك بصيص من الأمل في ذلك؟ من يعرف؟...
د. محمد ختاوي