أبوبكر خلاف
18/03/2007, 02:17 AM
محمد جلاء إدريس لـ «العالم الإسلامي» :
إسرائيل وظفت الأدب لخدمة أهدافها القومية والسياسية ..
اهتمام صهيوني رسمي بالتعرف على البعد الريفي في المجتمع المصري
في هذا اللقاء يكشف الدكتور محمد جلاء إدريس - أستاذ الأدب والدراسات العبرية بكلية الآداب بجامعة طنطا - عن بعض الجوانب الخفية في تاريخ الأدب العبري واستراتيجية الأدب الصهيوني ، وكيف استطاع الأدباء اليهود توظيف الأدب لخدمة أهدافهم القومية والسياسية ، وأبعاد الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني....
قليلون جدا هؤلاء الذين يبحثون في الأدب المقارن وتاريخه ودوافعه الاجتماعية والنفسية ، وأقل منهم عددا من يهتم بالأدب الصهيوني ومعرفة أهدافه وبواطنه ونزعاته ، ليكتشف على بينة حقيقة الشخصية اليهودية وأطماعها في كل عصر ومصر ، سواء في الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية
ولعل من الحقائق الهامة التي تغيب عن كثير من الناس أن المجتمع الإسرائيلي هو من أكثر مجتمعات العالم عناية بدراسة آداب الشعوب وفلسفتها وطبيعتها ، وكثيرون من الشعب الإسرائيلي يجيدون حرفة الأدب وصناعته ، فمنهم الشعراء ، وكتاب القصة والرواية ، لذا فإن معظم دور الفن والسينما والمسارح والمؤسسات الإعلامية في أوربا وأميركا تدار بمعرفة اليهود ويوجهونها بما يخدم أطماعهم واستراتيجياتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية.
إلى أي مدى تصل أهمية دراسة الأدب والتعرف على طبيعة الشعوب والمجتمعات وفي هذا العصر بالذات ؟! :good: أعتقد أن الأدب يمثل واحدا من أهم وأوثق السجلات المعرفية التي يمكن الاستناد إليها في استقاء المعلومات عن التكوينات الباطنة في مجتمع من المجتمعات والتي يصعب في أحيان كثيرة رصدها عبر سائر المصادر المعرفية المباشرة من كتابات سياسية واجتماعية وفلسفية وما شاكلها
ويرجع ذلك إلى طبيعة العملية الأدبية وطبيعة الأديب كفنان ، فهو كائن ذو حساسية شعورية خاصة ، مؤهل بهذه الحساسية لالتقاط خفايا الحركة الباطنة من محيط المجتمع وتسمع نبضاتها الهامسة عبر أذن رادارية وعين مجهرية لا يحوزهما غير الفنان فقط الأمر الذي يوفر للعمل الأدبي ثراء وفيرا من الحقائق والمعلومات التي يمكن للباحثين التقاطها وجمعها وتنسيقها وربطها بمعارفهم السابقة عن الواقع الاجتماعي.
أيضا نجد الأديب خلافا للفيلسوف والمفكر الاجتماعي والسياسي ، مزود بمقدرة خاصة على التعبير عن وجهات نظره في أشكال رمزية وضبابية مغلفة ، الأمر الذي يتيح له الإفلات من قيود التعبير التي قد تفرضها في بعض المجتمعات السلطة السياسية ، أو صرامة المعتقدات السائدة ضد وجهات النظر المعارضة أو المجددة
أيضا ، نجد الأديب لا يملك بحكم طبيعة العمل الأدبي ذاته أن يطمس الحقائق السياسية والاجتماعية أو الاتجاهات النفسية إذا ما وضع عمله الأدبي في خدمة السلطة القائمة ، ذلك أنه يضطر في سياق دفاعه عن أوضاع معينة إلى الإشارة الضمنية إلى الحقائق والميول التي يدافع ضدها !!
لكل هذه الأسباب وغيرها نلاحظ الاعتماد الكبير في دراسة المجتمعات القديمة على الوثيقة الأدبية في استكمال المعلومات عن حقيقة الموقف الشعبي والتيارات الباطنة في المجتمعات.
بصفتكم - أستاذا للدراسات العبرية .. ترى إلى أي مدى كان اهتمام المعاهد والمؤسسات الإسرائيلية بدراسة أدبنا العربي الحديث ؟!
>> نتيجة لازدياد الثقة بالوثيقة الأدبية ، فقد اتجهت مجموعات من الباحثين في أوضاع المجتمعات الحديثة والمعاصرة إلى الاعتماد على الظاهرة الأدبية في الكشف عن مختلف الأوضاع في هذه المجتمعات - خاصة المجتمعات المعادية - على نحو مثمر وفعال أدى بأجهزة المخابرات في العالم المعاصر إلى الاهتمام الشديد بدراسة آداب المجتمعات المعادية.
ولقد انتبهت الأجهزة الفكرية الاستخبارية في الواقع الإسرائيلي إلى هذه الحقيقة منذ وقت مبكر ، ومن هنا جاء الاهتمام الإسرائيلي المتزايد بدراسة الأدب العربي على اتساعه ، بالإضافة إلى العناية بترجمة ونشر النصوص الأدبية العربية لتكون في متناول من يشاء من الباحثين الاسرائيليين المهتمين بدراسة الجوانب الاجتماعية والنفسية في المجتمعات العربية وعلى سبيل المثال ، نجد الترجمة العبرية المبكرة التي أنجزها " أبا إيبان " - وزير خارجية إسرائيل الأسبق - لإبداعية توفيق الحكيم (يوميات نائب في الأرياف) ،
الأمر الذي يعكس مدى الاهتمام الرسمي الإسرائيلي بالتعرف على أعماق المجتمع المصري في بعده الريفي ، بالإضافة إلى الاهتمام بالتعرف على الواقع الاجتماعي الحضري الذي يعبر عن نفسه في الترجمة المستمرة لأعمال نجيب محفوظ وغيره من الروائيين المصريين والعرب ممن تدور أعمالهم حول حياة المدينة !!
> ترى هل حاول المتخصصون العرب دراسة الأدب العبري أو الإسرائيلي للتعرف على ديناميكية الواقع الاجتماعي والسياسي في إسرائيل ؟!
>> في الحقيقة ان الاهتمام العربي بدراسة الأدب في الواقع الإسرائيلي المعادي بدأ في وقت متأخر جدا ، والذي أيقظ عندنا هذا الاهتمام هو حجم الهزيمة العسكرية التي وقعت بالعرب عام 1967 ، وبعدها بدأ اهتمام شخصي لدى بعض طلاب الدراسات العليا بتوجيه بحوثهم نحو دراسة الظاهرة الأدبية الإسرائيلية المكتوبة في الإنجليزية.
وتمخض عن هذا الاهتمام بعض الدراسات المحدودة اعتمد بعضها على نصوص شعرية ونصوص من القصة المكتوبة بالعبرية ، واعتمد بعضها الآخر على نصوص روائية مكتوبة بالإنجليزية 00 ولكن هذه الجهود المتناثرة ما زالت دون المستوى الواجب من الاهتمام ، خاصة أن معظم مراكز البحث العلمي المختصة بدراسة إسرائيل في العالم العربي توجه جهودها الرئيسية نحو دراسة الأوضاع اليومية الجارية في الحياة الإسرائيلية.
> من وجهة نظركم - ما هى أهم الخطوط الرئيسية .. أو ما هى أبعاد الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني ، من خلال دراستكم ومتابعتكم لمسيرة الأدب العبري ؟؟!
>> الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني السائد في المجتمع الإسرائيلي سابقة في وجودها على البناء الاجتماعي ذاته .. الأمر الذي يعني أن هذا المجتمع قد نشأ وتكون تحت مظلة أيديولوجية فلسفية سياسية تحكم وتضبط دينامياته الداخلية فأجهزة الضبط الأيديولوجي تعمل - دائما - على عزل أو احتواء الاتجاهات الفكرية المعارضة والمناقضة ، والعمل على حجبها عن الصدور أو هدمها عن طريق النقد إذا أفلتت من قيود النشر .
أيضا ، نجد الأدب العبري وغير العبري في الكيان الصهيوني يتعامل في مجموعه مع وقائع وأحداث الصراع مع العرب وملابساته المتطورة على أساس المقولات الصهيونية ولا ينفصل عنها.
كما أن الأدب في هذا المجتمع يعكس في قطاع منه حالات التمرد النفسي والاجتماعي وظواهرها دونما مساس بالسقف الأيديولوجي الصهيوني .
وقد لوحظ أن المجتمع الصهيوني يعاني نتيجة لاستمرار الصراع العسكري من حالة إرهاق نفسي عام ، ويعيش تحت ضغط مستمر ، وافتقاد الطمأنينة دون أن تؤدي هذه الحالة إلى إعادة النظر في مناظير الرؤية الصهيونية للصراع وأصوله وأشكال حلوله .
لوحظ - أيضا - أن المجتمع الصهيوني قد أفرز في السنوات الأخيرة حركات يسارية محدودة القوة التأثيرية وقليلة العدد ، وهي تملك نظرة راديكالية في معاداة المقولات الصهيونية.
> أخيرا .. نود منكم - أن تلقي لنا الضوء حول الشروط المنهجية اللازمة لبحث طبيعة الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني ؟؟!
>> من اللافت للنظر - حقا - والذي لاحظته بعين ثاقبة ، أن الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني تستهوي عددا متزايدا من المثقفين العرب ومن طلاب الدراسات العليا بأقسام اللغة العبرية .. كما لاحظت في نفس الوقت أن عددا من الدراسات التي تمت في هذا المضمار قد وصل أصحابها إلى موقف لا من حيث الانزلاق إلى موقف التسليم بالمفاهيم الصهيونية الواردة في سياق الأعمال الأدبية والسقوط في المصيدة التي ينصبها قاموس النقد الأدبي الصهيوني ، أو من حيث الانزلاق إلى موقف المبالغة في تفسير الأعمال الأدبية ، خاصة تلك التي تكشف مضامينها عن نوع من التوتر الداخلي في نمط الحياة بالكيان الصهيوني أو تلك التي تلقي ضوءا على بعض زوايا التمرد والقلق النفسي أو الفكري في هذه الحياة .. الأمر الذي يصل ببعض الباحثين العرب إلى تصور الأديب الصهيوني المعادي على أنه كائن فكري معاد لأصول الواقع الصهيوني ووصل إلى القناعات العربية ببطلان هذا الواقع ومعاداته للتاريخ وسعادة الفرد اليهودي .
وإذا كان يمكن تفسير الموقف الأول بضعف الثقافة لدى الباحثين العرب ، وتفسير الموقف الثاني على أنه نوع من التفسير بالمرغوب .. فإنه يمكن تفسير الموقفين معا على أنهما نتيجة لعدم مراعاة الشروط المنهجية الأولية اللازمة لبحث الظاهرة الأدبية في الكيان
ـــــــــــــــــــ
اجرى الحوار - محمد عبد الشافي القوصي
إسرائيل وظفت الأدب لخدمة أهدافها القومية والسياسية ..
اهتمام صهيوني رسمي بالتعرف على البعد الريفي في المجتمع المصري
في هذا اللقاء يكشف الدكتور محمد جلاء إدريس - أستاذ الأدب والدراسات العبرية بكلية الآداب بجامعة طنطا - عن بعض الجوانب الخفية في تاريخ الأدب العبري واستراتيجية الأدب الصهيوني ، وكيف استطاع الأدباء اليهود توظيف الأدب لخدمة أهدافهم القومية والسياسية ، وأبعاد الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني....
قليلون جدا هؤلاء الذين يبحثون في الأدب المقارن وتاريخه ودوافعه الاجتماعية والنفسية ، وأقل منهم عددا من يهتم بالأدب الصهيوني ومعرفة أهدافه وبواطنه ونزعاته ، ليكتشف على بينة حقيقة الشخصية اليهودية وأطماعها في كل عصر ومصر ، سواء في الشعر أو القصة القصيرة أو الرواية
ولعل من الحقائق الهامة التي تغيب عن كثير من الناس أن المجتمع الإسرائيلي هو من أكثر مجتمعات العالم عناية بدراسة آداب الشعوب وفلسفتها وطبيعتها ، وكثيرون من الشعب الإسرائيلي يجيدون حرفة الأدب وصناعته ، فمنهم الشعراء ، وكتاب القصة والرواية ، لذا فإن معظم دور الفن والسينما والمسارح والمؤسسات الإعلامية في أوربا وأميركا تدار بمعرفة اليهود ويوجهونها بما يخدم أطماعهم واستراتيجياتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية.
إلى أي مدى تصل أهمية دراسة الأدب والتعرف على طبيعة الشعوب والمجتمعات وفي هذا العصر بالذات ؟! :good: أعتقد أن الأدب يمثل واحدا من أهم وأوثق السجلات المعرفية التي يمكن الاستناد إليها في استقاء المعلومات عن التكوينات الباطنة في مجتمع من المجتمعات والتي يصعب في أحيان كثيرة رصدها عبر سائر المصادر المعرفية المباشرة من كتابات سياسية واجتماعية وفلسفية وما شاكلها
ويرجع ذلك إلى طبيعة العملية الأدبية وطبيعة الأديب كفنان ، فهو كائن ذو حساسية شعورية خاصة ، مؤهل بهذه الحساسية لالتقاط خفايا الحركة الباطنة من محيط المجتمع وتسمع نبضاتها الهامسة عبر أذن رادارية وعين مجهرية لا يحوزهما غير الفنان فقط الأمر الذي يوفر للعمل الأدبي ثراء وفيرا من الحقائق والمعلومات التي يمكن للباحثين التقاطها وجمعها وتنسيقها وربطها بمعارفهم السابقة عن الواقع الاجتماعي.
أيضا نجد الأديب خلافا للفيلسوف والمفكر الاجتماعي والسياسي ، مزود بمقدرة خاصة على التعبير عن وجهات نظره في أشكال رمزية وضبابية مغلفة ، الأمر الذي يتيح له الإفلات من قيود التعبير التي قد تفرضها في بعض المجتمعات السلطة السياسية ، أو صرامة المعتقدات السائدة ضد وجهات النظر المعارضة أو المجددة
أيضا ، نجد الأديب لا يملك بحكم طبيعة العمل الأدبي ذاته أن يطمس الحقائق السياسية والاجتماعية أو الاتجاهات النفسية إذا ما وضع عمله الأدبي في خدمة السلطة القائمة ، ذلك أنه يضطر في سياق دفاعه عن أوضاع معينة إلى الإشارة الضمنية إلى الحقائق والميول التي يدافع ضدها !!
لكل هذه الأسباب وغيرها نلاحظ الاعتماد الكبير في دراسة المجتمعات القديمة على الوثيقة الأدبية في استكمال المعلومات عن حقيقة الموقف الشعبي والتيارات الباطنة في المجتمعات.
بصفتكم - أستاذا للدراسات العبرية .. ترى إلى أي مدى كان اهتمام المعاهد والمؤسسات الإسرائيلية بدراسة أدبنا العربي الحديث ؟!
>> نتيجة لازدياد الثقة بالوثيقة الأدبية ، فقد اتجهت مجموعات من الباحثين في أوضاع المجتمعات الحديثة والمعاصرة إلى الاعتماد على الظاهرة الأدبية في الكشف عن مختلف الأوضاع في هذه المجتمعات - خاصة المجتمعات المعادية - على نحو مثمر وفعال أدى بأجهزة المخابرات في العالم المعاصر إلى الاهتمام الشديد بدراسة آداب المجتمعات المعادية.
ولقد انتبهت الأجهزة الفكرية الاستخبارية في الواقع الإسرائيلي إلى هذه الحقيقة منذ وقت مبكر ، ومن هنا جاء الاهتمام الإسرائيلي المتزايد بدراسة الأدب العربي على اتساعه ، بالإضافة إلى العناية بترجمة ونشر النصوص الأدبية العربية لتكون في متناول من يشاء من الباحثين الاسرائيليين المهتمين بدراسة الجوانب الاجتماعية والنفسية في المجتمعات العربية وعلى سبيل المثال ، نجد الترجمة العبرية المبكرة التي أنجزها " أبا إيبان " - وزير خارجية إسرائيل الأسبق - لإبداعية توفيق الحكيم (يوميات نائب في الأرياف) ،
الأمر الذي يعكس مدى الاهتمام الرسمي الإسرائيلي بالتعرف على أعماق المجتمع المصري في بعده الريفي ، بالإضافة إلى الاهتمام بالتعرف على الواقع الاجتماعي الحضري الذي يعبر عن نفسه في الترجمة المستمرة لأعمال نجيب محفوظ وغيره من الروائيين المصريين والعرب ممن تدور أعمالهم حول حياة المدينة !!
> ترى هل حاول المتخصصون العرب دراسة الأدب العبري أو الإسرائيلي للتعرف على ديناميكية الواقع الاجتماعي والسياسي في إسرائيل ؟!
>> في الحقيقة ان الاهتمام العربي بدراسة الأدب في الواقع الإسرائيلي المعادي بدأ في وقت متأخر جدا ، والذي أيقظ عندنا هذا الاهتمام هو حجم الهزيمة العسكرية التي وقعت بالعرب عام 1967 ، وبعدها بدأ اهتمام شخصي لدى بعض طلاب الدراسات العليا بتوجيه بحوثهم نحو دراسة الظاهرة الأدبية الإسرائيلية المكتوبة في الإنجليزية.
وتمخض عن هذا الاهتمام بعض الدراسات المحدودة اعتمد بعضها على نصوص شعرية ونصوص من القصة المكتوبة بالعبرية ، واعتمد بعضها الآخر على نصوص روائية مكتوبة بالإنجليزية 00 ولكن هذه الجهود المتناثرة ما زالت دون المستوى الواجب من الاهتمام ، خاصة أن معظم مراكز البحث العلمي المختصة بدراسة إسرائيل في العالم العربي توجه جهودها الرئيسية نحو دراسة الأوضاع اليومية الجارية في الحياة الإسرائيلية.
> من وجهة نظركم - ما هى أهم الخطوط الرئيسية .. أو ما هى أبعاد الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني ، من خلال دراستكم ومتابعتكم لمسيرة الأدب العبري ؟؟!
>> الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني السائد في المجتمع الإسرائيلي سابقة في وجودها على البناء الاجتماعي ذاته .. الأمر الذي يعني أن هذا المجتمع قد نشأ وتكون تحت مظلة أيديولوجية فلسفية سياسية تحكم وتضبط دينامياته الداخلية فأجهزة الضبط الأيديولوجي تعمل - دائما - على عزل أو احتواء الاتجاهات الفكرية المعارضة والمناقضة ، والعمل على حجبها عن الصدور أو هدمها عن طريق النقد إذا أفلتت من قيود النشر .
أيضا ، نجد الأدب العبري وغير العبري في الكيان الصهيوني يتعامل في مجموعه مع وقائع وأحداث الصراع مع العرب وملابساته المتطورة على أساس المقولات الصهيونية ولا ينفصل عنها.
كما أن الأدب في هذا المجتمع يعكس في قطاع منه حالات التمرد النفسي والاجتماعي وظواهرها دونما مساس بالسقف الأيديولوجي الصهيوني .
وقد لوحظ أن المجتمع الصهيوني يعاني نتيجة لاستمرار الصراع العسكري من حالة إرهاق نفسي عام ، ويعيش تحت ضغط مستمر ، وافتقاد الطمأنينة دون أن تؤدي هذه الحالة إلى إعادة النظر في مناظير الرؤية الصهيونية للصراع وأصوله وأشكال حلوله .
لوحظ - أيضا - أن المجتمع الصهيوني قد أفرز في السنوات الأخيرة حركات يسارية محدودة القوة التأثيرية وقليلة العدد ، وهي تملك نظرة راديكالية في معاداة المقولات الصهيونية.
> أخيرا .. نود منكم - أن تلقي لنا الضوء حول الشروط المنهجية اللازمة لبحث طبيعة الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني ؟؟!
>> من اللافت للنظر - حقا - والذي لاحظته بعين ثاقبة ، أن الظاهرة الأدبية في الكيان الصهيوني تستهوي عددا متزايدا من المثقفين العرب ومن طلاب الدراسات العليا بأقسام اللغة العبرية .. كما لاحظت في نفس الوقت أن عددا من الدراسات التي تمت في هذا المضمار قد وصل أصحابها إلى موقف لا من حيث الانزلاق إلى موقف التسليم بالمفاهيم الصهيونية الواردة في سياق الأعمال الأدبية والسقوط في المصيدة التي ينصبها قاموس النقد الأدبي الصهيوني ، أو من حيث الانزلاق إلى موقف المبالغة في تفسير الأعمال الأدبية ، خاصة تلك التي تكشف مضامينها عن نوع من التوتر الداخلي في نمط الحياة بالكيان الصهيوني أو تلك التي تلقي ضوءا على بعض زوايا التمرد والقلق النفسي أو الفكري في هذه الحياة .. الأمر الذي يصل ببعض الباحثين العرب إلى تصور الأديب الصهيوني المعادي على أنه كائن فكري معاد لأصول الواقع الصهيوني ووصل إلى القناعات العربية ببطلان هذا الواقع ومعاداته للتاريخ وسعادة الفرد اليهودي .
وإذا كان يمكن تفسير الموقف الأول بضعف الثقافة لدى الباحثين العرب ، وتفسير الموقف الثاني على أنه نوع من التفسير بالمرغوب .. فإنه يمكن تفسير الموقفين معا على أنهما نتيجة لعدم مراعاة الشروط المنهجية الأولية اللازمة لبحث الظاهرة الأدبية في الكيان
ـــــــــــــــــــ
اجرى الحوار - محمد عبد الشافي القوصي