المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 190 ... حريقاً من مستصغر الشرر!!!.



سماك العبوشي
10/10/2010, 09:19 AM
مسامير وأزاهير 190 ...

حريقاً من مستصغر الشرر!!!.


الأقلية كما يعلم الجميع تنقاد لحكم الأغلبية، ذاك لعمري ديدن العالم أجمع، وتلك هي الديمقراطية التي عرفناها وخبرناها، فلا تخرج الأقلية عن طوع الأغلبية أبداً.
ولكن!!!.
ما الذي يعنيه أن يتجرأ الملياردير المصري "نجيب ساويرس" فيطعن في الدستور المصري، مطالباً بإلغاء أهم مواده المتمثلة بالمادة الثانية التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، معتبراً بأن وجود هذه المادة إنما هو تأصيل للطائفية في مصر، ضارباً عرض الحائط بمطالبته تلك حقيقة إن تلك الشريعة التي يدعو اليوم إلى إقصائها من الدستور هي دين وعقيدة أكثر من 94% من الشعب المصري!!.

ما الذي يُستشف من خروج سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية في مصر "الأنبا بيشوى" ودونما استحياء منه ولا وجل ولا خجل ليصرّح في مؤتمر تثبيت العقيدة بأن المصريين المسلمين هم ضيوف على المسيحيين في مصر!!.

ما الذي يُقرأ حين يطالب بتغيير بند في دستور العراق كان يتحدث قبل الاحتلال بأن العراق "جميعاً" جزء من الأمة العربية، ليصبح فيما بعد أن "العرب" في العراق هم جزء من الأمة العربية!!؟.

ما الذي يُفهم حين يطالب بتغيير مفردات أساسية في مناهج التعليم العربية كي يتم حذف بعض آيات من القرآن الكريم "كلام الله المنزل" والتي تدعو تحديداً للجهاد ورص الصف وتحضّ على مقاتلة يهود قتلة الأنبياء والرسل!؟.

هو والله وتالله وبالله إذن لزمن الانحطاط والانبطاح والترهل والخنوع!!.

ما سمعنا عن احتقان طائفي في مصر على مر الأزمنة والدهور والحقب، ها هو تاريخ مصر أمامكم يشهد كيف كان مسيحيوها يعاملون معاملة قاسية ظالمة أيام العهد الروماني، وما أصبحوا عليه من كرامة وحرية عبادة وعلو شأن عقب الفتح الإسلامي، وها هو تاريخ مصر الذي خلا من أي ذكر لاحتقان طائفي بغيض إبان فترة حكم قائدها ورمز كفاح العرب خالد الذكر جمال عبدالناصر "رحمه الله"، على عكس ما يشاع هذه الأيام ويطالب به حين تخلت مصر عن دورها القومي العربي، ونأت بنفسها عن ممارسة دورها في مساندة حركات التحرر العربي والأفريقي، ففقدت قوتها وعنفوانها!!.

أما العراق فما عرفناه إلا عربياً أبياً، حيث العشائر العربية المنتشرة فيه منذ قديم الأزل، وها هي معركة ذي قار التي جرت بين العرب والفرس قبل ظهور الإسلام والتي وصفها الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" قائلاً بأنها أول مرة ينتصف فيها العرب من العجم، أي أن العرب كانوا في العراق قبل مجيء الإسلام بزمن طويل، والعراق هو "جمجمة العرب" كما وصفه يوماً الفاروق عمر بن الخطاب "رض" ،وها هو تاريخ عراق المجد والعنفوان والعطاء يوم كان مهداً للخلافة العباسية التي استكملت أيامها الجيوش العربية الإسلامية فتح أقاصي الشرق والغرب!!.

إن ما جرى لفلسطين من ضياع وتشتت من قبل، وما يجري ويحاك لها اليوم، وما تلاه من تدمير لقدرات العراق ومحاولات تفتيت أوصاله، وما جرى ويجرى وسيجري للسودان والصومال، وما جرى ويجري وسيجري في أفغانستان والباكستان، وما يجري اليوم في مصر ويخطط لها، إنما هي بمجموعها هجمة مرتدة منظمة ممنهجة تستهدف العروبة والإسلام أينما كان ليس إلا!!.

ها هو لعمري مستصغر الشرر قد كبر، وها هي دائرته تتسع يوماً بعد يوم، فحطمت قدرات العراق البشرية وإمكاناته العسكرية وإنجازاته العلمية والثقافية، وتسعى جاهدة لسرقة إرثه التاريخي والحضاري ، ولا تدخر وسعاً لتفتيت أوصاله وتقطيعها، لتتزامن وما جرى للسودان من افتعال أزمة دارفور من أجل تفتيت ذاك البلد والسيطرة على ثرواته الطبيعية المتمثلة بمساحته الزراعية الغناء والواسعة والتي وصفت يوماً على أنها سلة الغذاء العربي فيما لو استثمرت بشكل سليم!!.

وها هو مستصغر الشرر قد وصل أفغانستان ومن بعدها الباكستان الإسلاميتين لتحجيم عنفوان شبابهم المسلم المؤمن، بحجة مقاتلة الإرهاب هناك وتحجيم قدراته!!.

إنني والله وتالله لن أستغرب أبداً أن نرى يوماً قيام الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها دول الاستكبار الغربي بتجييش الجيوش الجرارة لتتجه هذه المرة صوب مصر تحت ذريعة نصرة أبناء مصر من غير المسلمين على اعتبار أنهم مضطهدون في ديارهم، تماماً كما فعلت مع العراق من قبل تحت ذرائع شتى واهية ثبت بطلانها، وكما تفعل اليوم في تأزيم المشهد السوداني بغية تمزيق أوصاله، وكما دأبت على فعله في أفغانستان من قبل، وكما تخطط اليوم لكسر شوكة الإسلام في الباكستان!!.

قد صرنا والله كالإناء بين الأمم، تماماً كما جاء بحديث الرسول المصطفى " صلى الله عليه وسلم " حين قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء فهم كالإناء بين الأكلة حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك قالوا يا رسول الله وأين هم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".

كيف كنا، ذاك مجد فقدناه، واكتفينا بذكره وترديده والتغني به، بأناشيدنا، بقصصنا، برواياتنا، بحكايانا، بخطبنا وشعاراتنا، بمؤتمراتنا وجلساتنا، وارتضينا به ذكرى طيبة عابرة لفترة جميلة غابرة، وارتضينا بما أصبحنا عليه، من واقع مزر مترد أليم بتنا لا نحسد عليه، حيث صرنا مجرد ألعوبة بأيدي غيرنا، كرة تتقاذفها أيديهم وأرجلهم وفي ساحتنا!!.

ما بنا اليوم إنما هو غرس أيدينا، فإن كنا معنيين بتغيير واقعنا، فجـُلّ ما نحتاجه فعلاً في خضم ما نعيشه، إلا أن نعيد قراءة التاريخ جيداً، كي نستذكر ماضينا ونستحضر مجدنا، لنرى كيف كنا، كيف بنينا، كيف وصلنا، كيف تسيدنا، ثم نقارن كل ما سنستحضره بأحوالنا اليوم وبما صرنا عليه، لنعرف كم تخلفنا وتراجعنا، لنشخص أين ومتى وكيف نكصنا، وعند ذاك فقط، سنكون في مفترق طرق حاسم، فإن هانت علينا أنفسنا وارتضينا ذلنا فسنسكت ونسلم بالأمر الواقع لنبقى نتسربل في عارنا وذلنا وشنارنا، وإلا وبخلاف ذلك، وإن أبت أنفسنا الشمّاء واستنكرت ما بنا من ذل وهوان، فما علينا والحالة هذه إلا أن تهتز دواخلنا، أن نستثير هممنا لتصحيح واقعنا، كي نزرع من جديد ما ستحصده أجيالنا القادمة، وإلا فإن أجيالنا القادمة ستلعننا بعد ذلك أبداً، وتلك لعمري خلاصة ما وجب علينا فعله.!!.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
9 / 10 / 2010