المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 191 ... إنعاشاً لذاكرة الرئيس أبي مازن!!.



سماك العبوشي
13/10/2010, 10:39 PM
مسامير وأزاهير 191 ...

إنعاشاً لذاكرة الرئيس أبي مازن!!.


قد صار أمراً معروفاً للقاصي والداني، قيام السيد الرئيس أبي مازن بالإعلان عن نيته تقديم الاستقالة من رئاسة السلطة الفلسطينية كلما ضاق عنق الزجاجة عليه نتيجة تعثر المفاوضات وابتعاد حلم إقامة دولة فلسطين!!، هذا كما وصار أمراً بديهياً تلويحه بورقة حـَلِّ السلطة الفلسطينية التي خرجت من رحم أوسلو وذلك كلما استرجع بذهنه حقيقة انحياز إدارة البيت الأبيض الأمريكي للكيان الصهيوني أو كلما أحس بوطأة ضعف مواقف "راعية السلام " تجاه عبث وعدم مصداقية حكومات يهود!!، ولا ننسى هنا أن نذكر أن من المُسَلـّمات لدى السيد الرئيس أبي مازن سرعة عودته لسابق عهده ونهجه، أسوة بـ "حليمة" التي سرعان ما تعود لعادتها القديمة كما جرى بالأمثال عندنا، وبذلك يعطي السيد الرئيس أبو مازن الدليل القاطع لنا وللعالم أجمع على شدة وفائه لما قطعه على نفسه من عهد يتمثل بالتزامه الكامل والتصاقه التام بخيار التسوية وتشبثه بالتفاوض من جانب، ومن جانب آخر، فإنه بهذا يبرهن على عدم إيمانه "ولو تلويحاً أو تلميحاً" بأي خيار أو بديل متاح أمامه من أجل تحقيق أحلام شعبه!!.

قبل أيام قلائل، تناقلت وكالات الأنباء العالمية والعربية والفلسطينية خبر قرب اتخاذ الرئيس محمود عباس لـقرار وصف بالتاريخي، ذاك الخبر الذي نشر في الأيام التي تلت تعثر وتلكؤ المفاوضات المباشرة الجارية مع العدو الصهيوني والتي رعتها كالمعتاد أمريكا - راعية السلام في الشرق الأوسط و صديقة العرب الحميمة!!- ، ولم تبخل علينا تلك الوكالات من ترجيح خيارات على أخرى، فلقد رجّحت بعضها احتمال أن يُعلن ذاك "القرار التاريخي" أمام لجنة المتابعة العربية التي ستعقد على هامش اجتماع سرت المخصصة لبحث مسألة المفاوضات والاستيطان!، وانساقت تلك الوكالات لترجيح احتمال إعلان السيد أبي مازن لاستقالته، وراحت أخرى تشير إلى احتمال أن يكون ذاك القرار التاريخي العودة من جديد بالقضية الفلسطينية إلى أروقة الأمم المتحدة بعد أن مكث طويلاً بين أيدي الولايات المتحدة الأمريكية!!، وإذا بجهينة ينقل لنا فحوى ذاك القرار التاريخي الذي تمثل بمنح أمريكا فسحة زمنية إضافية قدرها شهر واحد وذلك من أجل ترتيب أوضاعها وممارسة الضغط على حكومة النتن ياهو كي ينقذ المفاوضات بوقف الاستيطان!!.

ثم ماذا بعد!؟، ما جدوى الشهر والشهرين!؟، هل توقف الاستيطان!؟، ما الذي جناه شعبنا جراء الانتظار الطويل والممل والعودة لمرات ومرات إلى مفاوضات قد أثبتت الأيام والشواهد فشلها ودورانها حول ذات النقطة وعودتها لذات المربع الأول، فيما العدو يرسخ أقدامه، ويزداد استيطاناً وتهويداً وتهجيراً للسكان!!، ألم يدرك السيد الرئيس أبو مازن بعدُ حقيقة المواقف الأمريكية التي انساق خلفها!؟، ألم يع السيد عباس بعدُ حقيقة ما تبغيه "إسرائيل" حقاً!؟.

لنستذكر معاً تلك الحقائق التاريخية، وليعد السيد الرئيس أبو مازن بالذاكرة – نحن وإياه بالطبع – إلى تلك الأيام التي مارست فيها "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية وباقي الدول الأوربية الضغوط على القائد الشهيد الرمز أبي عمار "رحمه الله" وما ألصقوا به من صفات الإرهاب ودعم التطرف الفلسطيني، وذلك كي نصل إلى مربط فرس مقالنا هذا:
1. رفضها القاطع والتام التعاون مع الزعيم الراحل عرفات بحجة أنه كان داعماً للإرهاب والتطرف الفلسطيني!!!.
2. قيام الرئيس الأمريكي بوش الصغير خلال فترة ولايته الأولى بتحميل الرئيس الفقيد الشهيد أبي عمار "رحمه الله" مسؤولية فشل الاستمرار في عملية السلام، واصفاً إياه بـ"الإرهابي الذي رفض عملية السلام"!!.
3. ما نقلته الواشنطن بوست عن بعض مسئولي الإدارة الأمريكية رغبتهم بقطع العلاقات مع الرئيس الراحل عرفات باعتباره غير جدير بالثقة وموسوما بالإرهاب على حد تعبيرها!!.
4. ممارسة إدارة بوش الصغير الضغوط الكبيرة على الرئيس الشهيد أبي عمار من أجل استحداث منصب رئاسة الوزراء والذي تبوأه في حينه السيد الرئيس أبو مازن وذلك من أجل تحجيم دور أبي عمار "رحمه الله" بعدما وصف من قبلها بأنه راع للإرهاب!!.
5. التصريحات التي أطلقتها إدارة البيت الأبيض في أعقاب استقالة السيد أبي مازن من رئاسة الوزراء والتي وصفتها بأنها "ستؤخر عملية السلام!!"!!.
6. ما أعلنه وزير الأمن الداخلي الأميركي توم ريدج من أن استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ستؤدي بالتأكيد إلي تأخير عملية السلام في الشرق الأوسط!!.
7. ما أعلنه وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم في بيان له اثر إعلان استقالة السيد أبي مازن من رئاسة الوزراء وأقتبس نصه " إن على الشعب الفلسطيني أن يختار بين طريق التفاوض والسلام وبين الإرهاب والعنف"، في إشارة واضحة منه إلى اعتبار أن عرفات كان يمثل خط الإرهاب الفلسطيني!!.
8. ممارسة الإدارة الأمريكية لشتى أنواع الاضطهاد بحق الزعيم الشهيد أبي عمار ومحاصرته لثلاث سنوات في مقاطعته برام الله حتى تاريخ استشهاده الغامض!!.

واليوم، وبعد سنوات من الرحيل القسري والمـُبـَيـّت للشهيد الفقيد أبي عمار "رحمه الله " من المشهد الفلسطيني والذي أعتبر حينها بأنه راعي الإرهاب الفلسطيني، وها هو ومنذ سنوات قد صار ذات الرجل - الذي بكت وولولت وتحججت لاستقالته من رئاسة الوزراء "إسرائيل" والدوائر الغربية - رئيساً لكل من السلطة الفلسطينية و "م ت ف"، فأي عذر قد تبقى أمام "إسرائيل" وأمريكا كي تفيا بوعودهما!؟، ما الجديد الذي تحقق لعملية التسوية السلمية!؟، ما لنا لا نرى أو نتلمس أي انفراج بعملية السلام تلك ولو قليلاً!؟، هل تحقق السلام الموعود الذي دعت إليه أمريكا!؟، وهل انسحبت القوات الصهيونية من مدن الضفة الغربية لتقام عليها الدولة الفلسطينية الموعودة!؟، وهل تحقق لشعب فلسطين ما كان يحلم به وانتظره طويلاً!؟، هل أرضى ذاك كله "إسرائيل" أم زادها ذاك عجرفة وغطرسة ونهماً لابتلاع ما سلبته بعد الخامس من حزيران 67!؟، وهل التزمت راعية السلام "أمريكا" بوعودها التي قطعتها للسيد الرئيس أبي مازن بعد رحيل راعي ومحتضن الإرهاب الفلسطيني!!؟.

الجواب لتساؤلاتنا آنفاً ... كلا وألف ألف كلا، بل العكس من ذلك قد تحقق:
1. حيث ازداد قضم يهود للأراضي وتجريفها ومصادرتها وتهجير السكان ورقعة الاستيطان!!.
2. ازدادت وتائر تهويد مدينة القدس حدة وراحت تمارس تغييراً ممنهجا على ديمغرافيتها السكانية!!.
3. استراحت قوات الاحتلال من عناء تأمين أمنها وأمن قطعانها من خلال التنسيق الأمني الذي تم بين قوات الاحتلال الصهيوني وقوات أمن فلسطينية كانت قد استحدثت ودربت ومُوّلـَت برعاية أمريكية!!.

ولمن مازال في أضغاث أحلامه من أمل تحقيق سلام موعود وإقامة دولة فلسطينية على أشلاء ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، فإنني أدرج له حقيقة أوسلو وأهدافها التي تتلخص بعبارة كانت قد وردت بمقالة بعنوان "لماذا حصار عرفات" للشهيد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي جاء فيها وأقتبس نصاً " لأن أوسلو لم تكن في حقيقة الأمر إلا اتفاقا أمنيا يفتقر إلى أي أفق سياسي، وكان يظن الموقعون عليها أنهم إذا ما استوفوا الشروط الأمنية التي التزموا بها فستفتح لهم الأبواب نحو الحل السياسي، واعتمدوا في ظنهم هذا على وعود ضبابية وضمانات وهمية أمريكية وأوروبية يمكننا القول أنها كانت مجرد تضليل وخداع انطلى على الموقعين على الاتفاق، ولم تصمد عند الاختبار أمام التعنت الصهيوني"... انتهى الاقتباس، أليس بربكم ما جرى ويجري للقضية الفلسطينية ومشهدها منذ أوسلو ينطبق وما جاء بالعبارة آنفاً!؟، حيث حافظت "إسرائيل" بذاك التنسيق الأمني على نفسها من يد المقاومة الفلسطينية ولو بالحد الأدنى، وراحت تمارس المراوغة في مفاوضات طالما كانت عبثية، وتفنن العدو الصهيوني باستحداث ذرائع ومطالب جديدة بهدف وضع العصي في دواليب عملية ما يسمى بالسلام!!، فيما وقفت دول الغرب عاجزة منبطحة أمام إرادة "إسرائيل" وثبت بطلان وزيف ضماناتها الوهمية!!.

وأتساءل بدوري ...
1. كيف لا يمارس العدو الصهيوني ما يمارسه من عناد وابتزاز مادام قد أدرك طبيعة المأزق الذي حشرت فيه قيادة السلطة نفسها بتشبثها علناً بخيار التفاوض وركنها لباقي الخيارات الوطنية المتاحة أمامها!؟.
2. كيف لا نتلمس انفراجاً للمشهد الفلسطيني المتأزم بعدما باتت قيادة السلطة الفلسطينية لا تقوى على العودة عن نهج ما سارت به!!؟.
3. كيف لا يخرج العدو الصهيوني لنا كل يوم من جعبته بذريعة ومطلب جديد والتي كان آخرها ضرورة اعتراف الفلسطينيين بيهودية "إسرائيل" كشرط مسبق لهم من أجل وقف الاستيطان لشهر أو شهرين!؟.

لطالما أعلن السيد عباس عن خيبة أمله ورجائه من الدور الأمريكي، فمتى سيكف عن مراهنته العقيمة على ذاك الدور، ليعود ليراهن على قدرات وصمود أبناء شعبه!؟، متى سيصاب السيد عباس بخيبة الأمل والرجاء من مراهنته واتكاله على وعود أمريكا وبيتها البيضاوي!؟، متى سيعمل شعب فلسطين على إيصال رسالة للسيد عباس بعبث ما يسير به!؟، ها قد وضحت الصورة جلية لا لبس فيها أمام القيادة الفلسطينية، وظهر لها جلياً عبث ما انساقت إليه في أوسلو وخارطة طريقها اجتهاداً منها لتحقيق أحلام شعب فلسطين، ولقد آن الأوان لها أن تعيد حساباتها مجدداً فتعزف عن خيارها ذاك الذي سارت به، لتطرق أبواب خيارات أخرى كإطلاق يد أبناء شعب فلسطين ليعبروا عن إرادتهم الحرة أولاً، ورص الصف وتوحيد الكلمة ثانياً، وطرق باب الأمم المتحدة ثالثاً وأخيراً!!.

هكذا هي أمريكا دوماً، وتلك هي حقيقة "إسرائيل"، تماماً كما جاء ذكرهما في القرآن الكريم حيث قال الله في محكم آياته " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ" ( البقرة: 120).

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
13 / 10 / 2010