المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الريح والرياح ... إعجاز قرآني ...



منذر أبو هواش
19/03/2007, 02:44 AM
من إعجاز القرآن الكريم

الريح والرياح
إن (الريح) تكون ريحا مفردة موحدة معينة حين تأتي أو تذهب في اتجاه مفرد واحد معين، والريح تفيد التوحد والتوجيه والترتيب والانتظام، وقد تفيد ذهاب الشيء في اتجاه واحد من غير عودة. وإن (الرياح) تكون رياحا متعددة مختلفة متفرقة حين تأتي أو تذهب في اتجاهات متعددة مختلفة متفرقة، والرياح تفيد التعدد والتنوع والتشتت والعشوائية وعدم الانتظام.

{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ } إبراهيم 18

قال (الريح) فهي في اتجاه واحد، تذهب بأعمالهم، فلا يقدرون مما كسبوا شيئا، إذ أن الريح تذهب بالشيء من عندهم، فلا تعود إليهم أبدا. ولم يقل (الرياح) لأن هذا الحال غير وارد وغير مضمون في حال (الرياح) المتعددة المختلفة الاتجاهات، إذ قد تعيد رياح ما ذهبت به رياح أخرى.

{أَمْ أَمِنتُمْ أَن يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفا مِّنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُم بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لاَ تَجِدُواْ لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً } الإسراء 69

قال (قاصفا من الريح) للتعبير عن التماسك والشدة والتركيز. ولم يقل الرياح المختلفة الاتجاهات لأن الاتجاه الواحد شرط من شروط القوة في قوانين الفيزياء.

{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } الأنبياء 81

الحديث هنا عن ريح مأمورة بالجري باتجاه واحد من منطقة سليمان إلى الأرض المباركة، وواضح هنا أن الرياح المختلفة الاتجاهات ليس لها شأن بهذه الرحلة ذات الاتجاه الواحد.

{حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } الحج 31

هنا أيضا الريح ذات الاتجاه الواحد ضرورية من أجل دفع المشرك في اتجاه معين نحو المكان السحيق المقصود، لأن اتجاها آخر ليس موضوع بحث، ولأن العودة من ذلك المكان غير واردة.

{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } الذاريات

الحديث هنا عن قوم عاد وعن أخذهم بالريح القوية الشديدة التي من شروطها التماسك والتركيز ووحدة الاتجاه كما أسلفنا.

{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ } سبأ 12

رحلة الريح السليمانية هنا مربوطة بجدول زمني، وعندما يكون الوقت موضوع بحث، فلا بد من الريح المرتبة المنظمة الأحادية الاتجاه لتنفيذ البرنامج الموضوع للرحلة، فلا مكان هنا لعشوائية أو فوضى الرياح المختلفة والمتعددة الاتجاهات.

{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ } ص 36.

هنا الآمر المعين يأمر الريح المعينة، بالجري في اتجاه معين، نظام وتنظيم والتزام لا يتناسبان مع طبيعة الرياح العشوائية التي لا تعرف إلا الفوضى والانطلاق في كل اتجاه.

قال تعالى :((...أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } البقرة 164

{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } الأعراف 57

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ } الحجر 22

{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِراً } الكهف 45

{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً } الفرقان 48

{أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } النمل 63

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } الروم 46

{اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } الروم 48

{وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ } فاطر 9

{وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } الجاثية 5

الآيات الأخيرة كلها تتحدث عن السحاب والمطر والماء الذي يستبشر ويتفائل به الناس، وعليه تعتمد حياتهم، ارجع إلى المراجع العلمية لترى كيف أن المطر لا يتكون من السحاب إلا بواسطة الرياح المتعددة الاتجاهات وبوجودها. وفي عملية تكون المطر لا مكان لريح واحدة متجهة في اتجاه واحد.

إن للرياح المختلفة الاتجاهات (وليس للريح الأحادية الاتجاه) دورا هاما في عملية تكون المطر من السحاب من الناحية العلمية الفيزيائية، ولعل هذه الخاصية أو هذه الحقيقة العلمية هي السبب في استخدام لفظة (الرياح) في كافة الآيات التي تتعرض لذكر السحاب والمطر، ونظرا لارتباط السحاب والمطر بالرحمة من جانب، وبالرياح من جانب آخر، وفي كثير من الآيات، فقد كان هذا سببا قويا للربط الاستنباطي الاستنتاجي بين الرياح والرحمة.

هذا اجتهاد ورأي شخصي لغوي، والله أعلم

منذر أبو هواش

http://www.55a.net/firas/photo/40314albrd.jpg

تكون المطر والبرد من السحاب ودور الرياح (http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=80&select_page=11)

وحيد فرج
19/03/2007, 07:11 AM
. ورد ذكر كلمة (رياح) في القرآن الكريم عشر مرات وذكر لفظة (ريح) أربع عشرة مرة, ولفظ (ريحًا) أربع مرات. وجاء ذكر الرياح مجموعة دائما مع الرحمة ( تصحيح ) (مبشرات, حاملات, مرسلات, ناشرات, ذاريات, لواقح).
وإن كل مرة ذكر فيها الريح مفردة تكون مقترنة بالعذاب (عاصف, قاصف, عقيم, صرصر). إلا في سورة يونس في قوله تعالى: {جرين بهم بريح طيبة} (الآية 22), وسورة يوسف في قوله تعالى:{ لما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون}(الآية 94).
نخلص من النقاش الجميل بالآتي:
فورود كلمة الرياح مع الجمع تعني أن الرياح بهذه الصفة المقرونة بها قد يحدث في نفس الوقت على أماكن أخرى من الكرة الأرضية مثل تصريف الرياح أو يرسل الرياح فهي كمرسلات هنا وهناك ناشرات في نصف الكرة الشمالي والجنوبي في نفس الوقت.
وقد ذكر القرآن الكريم أن هناك توزيعًا تامًّا ومحكمًا للرياح, وذلك في قوله تعالى: { إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون }سورة البقرة الآية 164 فهنا تصريف الرياح معطوف على كل من الآيات الكونية الكبيرة التي تخضع لنظام ثابت وبذلك تكون {تصريف الرياح} تعني المعنى الشامل التام لحركة الرياح وارتباطها بهذه الآيات, الليل والنهار والسحاب.

وفي سورة الجاثية: { واختلاف الليل والنهار وما أنزل من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون }آية 5.

وتبين هاتان الآيتان ما يلي:

1- أن هناك توزيعًا تامًّا للرياح(2).

2- أن هناك قوانين تحكم حركة الرياح.

وهذه الرياح لا يدركها الرجل العادي بسهولة, وفي الأزمنة الحديثة يعرفها الذين يتلقون تعليمًا خاصًّا, ولديهم إدراك أو تفكير متعمق. ( د. أحمد عبد الله مكي - جامعة الملك عبد العزيز)

أما الإفراد فإنها تأتي بمواصفات خاصة كجسد واحد يؤدي غرضا محدودًا, فريح العذاب شديدة ملتئمة الأجزاء تؤدي غرضاً بعينه, وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدعو إن هبت الريح: "اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحا"
لمزيد من الفائدة
http://www.nooran.org/O/5/5O2.htm

منذر أبو هواش
19/03/2007, 09:13 AM
أخي وحيد،

جزاك الله خيرا على هذه الإضافة.

يبدو لي أن الفروق المميزة الأساسية المشار إليها بين الخصائص اللغوية لكلمتي الريح والرياح شيء، والسياقات التي وردت فيها هاتان الكلمتان في القرآن الكريم والسنة المطهرة شيء آخر.

ويبدو لي أيضا أن من المفيد أن نستحضر هذه الخصائص اللغوية المتباينة بين الريح والرياح كلما نظرنا في سياق من السياقات لكي يسهل علينا فهمه وبيانه.

ومن المفيد أن نفهم وأن نضع في اعتبارنا دائما أن ارتباط لفظة الرياح بالرحمة في أكثر من سياق لم يكن ليحدث لولا ارتباط هذه اللفظة الوثيق بالعملية الطبيعية لتكون المطر، ولولا ضرورة تعدديتها واختلاف اتجاهاتها لحدوث هذه العملية المباركة.

كما ينبغي أن نضع في اعتبارنا أن (طيابة) أو ايجابية لفظة الريح في بعض السياقات أو قسوتها وسلبيتها في بعض السياقات الأخرى مرتبطة ارتباطا منطقيا ولغويا وثيقا بخصائصها الفيزيائية وذلك تبعا للسياقات سلبا أو ايجابا.

فالريح في قوله تعالى في الآية 94 من سورة يوسف:{ لما فصلت العير قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} ربما كانت تعني الرائحة مجازا لكون الريح أداة حملها وسبب نشرها، لكن اللفظة وردت في الآية لكي تعني الإفراد لأن الحديث كان عن يوسف وهو فرد واحد، له ريح واحدة، لا عدة رياح.

وحتى سياق التصريف والتوزيع في قوله تعالى في الآية 164 من سورة البقرة: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون } لا يصلح معه إلا لفظة الرياح لأن تعددية الرياح ضرورية من أجل إمكانية القيام بعملية النشر والتوزيع والتصريف.

وكلما ذكرت ريح العذاب التي ذكرها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم – في قوله: "اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحا" أرجو أن تتذكر (ريح الجنة) التي يجدها الشهداء على الأرض حتى قبل استشهادهم، جعلنا الله وإياكم من رفاق الجنة، وممن يستنشقون ريحها وعبيرها إنه سميع مجيب.

ودمتم بكل خير.

منذر أبو هواش

وحيد فرج
19/03/2007, 09:49 AM
فتح الله لك وعليك وأفاض عليك من علمه على هذه الإشارات الدقيقة والمهمةوالشكر موصول للأستاذ غالب ياسين.:fl:

غالب ياسين
19/03/2007, 10:01 AM
استاذي الفاضل واخي د. منذر اثابكم الله:fl:
سيدي الفاضل استاذ وحيد جزاكم الله كل خير:fl: