المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نموذج فكري رائد : إقرأ للمى خاطر ..



صهيب الحسن
23/10/2010, 04:37 PM
إنه زمن السكون يا أباعاصف!
لمى خاطر / كاتبة من الخليل
http://moheet.com/image/70/225-300/704999.jpg
لم تكن صرخة احتجاج عبثية تلك التي أطلقها عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال (نائل البرغوثي) تضامناً مع شقيقه عمر (أبو عاصف) المعتقل في سجون السلطة منذ نحو أسبوعين، ولم يكن تهديداً في غير مكانه ذاك الذي أعلنه من سجنه حول نيته الإضراب عن الطعام في حال بقي شقيقه (أبو عاصف) معتقلاً لدى الأجهزة الأمنية!

قد لا يبدو الربط بين الموقفين منطقياً في عرف من يرون الاعتقال لدى الاحتلال يقع في خانة معاكسة لنظيره لدى أجهزة السلطة، وعند من ألفوا تمجيد الأسير البطل المعتقل في سجون الاحتلال واستحضار معاناته في كل لقاء إعلامي أو جماهيري، بينما تراهم يكفون عن ذكره أو تذكّره حين ينتقل للزنزانة المقابلة التي تحرسها بنادق فلسطينية!

لكنّ نائل البرغوثي؛ عميد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والذي أمضى فيها 32 عاماً يدرك دون شك أبعاد مسألة الاعتقال السياسي في الضفة، ويعي أكثر من أي وقت سابق أنها ليست اعتقالات سياسية مردّها خصومة عابرة بين فصيلين، أو نهجاً اضطرارياً يقتضيه شذوذ المرحلة الحالية، بل إنه الآن يعي تماماً أنها خدمات مجانية تقدمها سلطة فتح للاحتلال، وتعاقب خلالها أصحاب القامات السامقة والبصمات العميقة في سفر المقاومة الفلسطينية بالقهر والملاحقة، وتنفذ بحقهم عملية تيئيس ممنهجة بهدف إجلاء المشهد الفلسطيني في الضفة من أي أثر للمقاومة، فكراً وممارسة وحتى إرثاً قديما، لأن اجتماع السلطة مع المقاومة في ساحة الضفة ما عاد ممكناً!

عمر البرغوثي (أبو عاصف) شقيق عميد الأسرى نائل، ووالد الأسير عاصف، وابن عم الأسير فخري البرغوثي، وابن العائلة التي خرجت المجاهد عبد الله البرغوثي وغيره عشرات الأبطال، لم تشفع له أعوام سجنه الخمسة والعشرين التي أمضاها في سجون الاحتلال لأجل منحه الصفة الوطنية الاعتبارية التي تجعله خارج حسابات الاعتقال السياسي، ولكي تدفع القيادات السياسية والأمنية في السلطة لاحترام تاريخه والإحجام عن استهدافه.

وقبل أن يحتج ناطقو السلطة بألا أحد فوق القانون، عليهم أن يعلنوا الحقيقة دون مواربة ويذكروا سبب وخلفية اعتقال المجاهد (أبو عاصف)، وهي بكل تأكيد ليست خلفية جنائية ولا تهمة (تبييض أموال) أو تحريض على الانقلاب على السلطة!

لعلّه قدر هذه العائلة منجبة الأبطال والمجاهدين أن تكون سباقة في كل ميدان، فأبناؤها فخري ونائل وعمر كانوا من أوائل من حملوا سلاح المقاومة في الضفة عقب نكسة 1967، وكانت سباقة لتقديم الشهداء مطلع الانتفاضة الأولى، وقادة المقاومة في الانتفاضة الثانية، ثم كانت الأولى التي يقضي لها شهيد في سجون السلطة تحت التعذيب، وهو المجاهد مجد البرغوثي قبل نحو ثلاثة أعوام، وها هي اليوم تعيش صدمة اعتقال أحد عمداء أسرى فلسطين لدى سلطة فتح!

اليوم يعلن عباس استعداده للتنازل عن المطالب التاريخية للشعب الفلسطيني في حال حصل الفلسطينيون على دولتهم المنتظرة! فهل سيكون من بين تلك المطالب التي سيجري التنازل عنها الإفراج عن ذوي المحكوميات العالية في سجون الاحتلال، على اعتبار أنهم بمثابة قنابل موقوتة قد تهدد بتفجير حالة السكون التي تناسب مقاسات الدولة القادمة منزوعة السلاح والكرامة؟ وهل ستكون المطالبة بإدامة احتجازهم لدى الاحتلال حاجة وطنية تقتضيها المصلحة العليا لتلك الدولة، أم أن سجون سلطتها ستتكفل بهم إن خرجوا، بعد أن غدا تحولهم إلى مدانين ومجرمين مسألة في غاية البساطة تحدث دون ضجيج ولا تثير زوبعة إعلامية أو سياسية، وتمضي وكأن شيئاً لم يكن؟!

هذا الزمان ليس لكم يا أبا عاصف، فمرحلتكم الجليلة الجميلة انقضت، ولكن إلى رجعة نسأل الله ألا تطول، قبل أن يُحكم منطق التأرنب والتخاذل طوقه حول أعناقنا ويستبيح ما تبقى من كرامتنا!

لك في سجنك تحية إكبار أيها المجاهد الصنديد، ولا يحزنك أن تترك فيه وحيداً منسيا، كحال المئات مثلك ممن لا زالت فيهم بقية الإباء والثورة، وما زالت قبضاتهم تجالد زمن السكون والعتمة ،وترفض التسليم بمعطيات الواقع البائس المفروض بقوة البساطير المتأمركة والبنادق الضالة!