المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 195 ... لنسأل أنفسنا!!!.



سماك العبوشي
06/11/2010, 10:09 AM
مسامير وأزاهير 195 ...

لنسأل أنفسنا!!!.


لنقف هنيهة ونسأل أنفسنا...
أنحن حقاً كفء لمجاراة مؤامرات الغرب وصنيعته "إسرائيل"!!؟، أنحن - في ظل أوضاعنا هذه – أهل للتصدي للمخططات الصهيوغربية وما يُبـَيـّتُ لنا!!؟.
أسئلة طالما راودتنا طويلاً، وأقضت مضجع كل عربي ومسلم غيور صاحب ضمير حي ووجدان، لست بخجل لو تساءلت هكذا، ولا أراه بالأمر المشين إذا ما اعترفنا بحقيقة مأساتنا وضعفنا وقلة حيلتنا من جانب، كما ولا أراه عاراً إن اعترفنا بحقيقة قوة عدونا وحسن تخطيطه وإدارته لدفة صراعه معنا من جانب آخر، بل الأمر المشين والعار كل العار يتمثل في أننا نعرف ما بنا من داء إلا أننا ورغم ذلك نضحك على أنفسنا حين نراوح في مكاننا ونأبى إلا أن نتسربل بعارنا ولا نسعى حثيثاً من أجل رفع معاناتنا ومأساتنا وتغيير واقعنا!!.

هي حقيقة يأبى الكثير من قادتنا وأولي أمرنا وساستنا أن يعترفوا بها، تأخذهم العزة بالإثم كلما حاولنا أن نتذكر ما كنا قد نسيناه وما نمتلكه من طاقات روحية هائلة، أن نذكر بسالف مجد تليد تناسيناه يوم تناسينا تاريخنا وعظمة حضارتنا وما قدمه لنا سلفنا الصالح زمناً طويلاً، فتسربلنا "نحن وقادتنا معاً" بعارنا وغرقنا بتخلفنا، وتركنا المجال فسيحاً لأعدائنا كي يزدادوا قوة في مجتمعاتهم ليعودوا إلينا من جديد كي يأخذوا بثأرهم منا يوم هزموا في حروب تحرير بيت المقدس "الحروب الصليبية" حيث حوصروا يوماً – أيام جهلهم وظلامهم - بحضارة الإسلام وقوة وشكيمة وعزم رجاله، فصرنا اليوم كما وصفنا الرسول الكريم محمد "صلى الله عليه وسلم" حيث قال: " يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها، قالوا: أومن قلة يارسول الله؟ قال (صلى الله عليه وسلم): بل انتم كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من قلوب أعدائكم منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وسلم) : حب الدنيا وكراهية الموت"!!.

"إذا انهارت إسرائيل انهار الغرب" ... تلكم عبارة صريحة واضحة لا لبس فيها توجز وإلى حد كبير حقيقة العلاقة المتينة بين الغرب والكيان الصهيوني وتميط اللثام عن حقيقة ما يجمعهما معاً، كانت قد وردت في مقال خوسيه ماريا إثنار، رئيس وزراء إسبانيا السابق وأحد عتاة اليمين المتطرف وأحد أعمدة دعاة الحرب على العراق عام 2003، والذي كانت قد نشرته صحيفة التايمز البريطانية خلال شهر حزيران 2010!!.

لا أرى والله في تلك العبارة التي قالها "إثنار" أمراً مبالغاً فيه، فهي لعمري الحقيقة الناصعة الساطعة، فالرجل ما نطق بغير الصدق والحقيقة، فالترابط بينهما عضوي متين كما وأن العلاقة التي تجمعهما مصيرية حميمية، هذا يُكـَمـّل ذاك، وذاك يـَحـْمي هذا، فساسة الغرب ومنذ عقود خلت ينظرون إلى الكيان الصهيوني باعتباره خط المواجهة الأول ضد الإسلام الذي يعتبرونه عدوهم القديم الجديد، ولا يقتصر الأمر عند "إثنار" هذا، فلقد جاء على لسان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق بوش الابن عشية ضرب العراق واحتلاله واصفاً حربه العدوانية تلك على أنها حرب صليبية، كما ووصف الإسلام بـ "الفاشية"، وها هو النائب الهولندي جيرت فيلدرز المعادي للإسلام والمؤيد للكيان الصهيوني جهاراً نهاراً يعلن موقفه ذاك صراحة فيقول وأقتبس نصاً "إن إسرائيل يجب أن يكون لها موقع خاص ومميز فى العلاقات الهولندية الدولية لأنها تقاتل نيابة عنا في القدس والتي ما إذا سقطت في يد المسلمين سيأتي الدور على أثينا وروما، لذلك فإن إسرائيل هي الجبهة المركزية في الدفاع عن الغرب"... انتهى الاقتباس.

هكذا يفلسف قادة وساسة الغرب أمر مصالحهم في منطقتنا على اعتبار أن دولة يهود هي قلعتهم الصامدة وخط دفاعهم الأول التي تُقاتل نيابة عن دولهم الغربية ومصالحها ضد ما أسموه "تطرف" العالم الإسلامي، ومن هذا المنطلق فهم – قادة َالغرب- يرون بضرورة وحتمية استمرار دعمهم لذاك الكيان الغاصب فيما أسموه بـ "صراع الحضارات" ضد العرب والمسلمين، ومن هنا جاءت مصداقية عبارة "إثنار" في أن انهيار الغرب آت لا محالة لو تحقق انهيار الكيان الصهيوني أولاً!!.
لله در المفكرة الروسية "أولغا تشتفيريكوفا" الأستاذة في معهد موسكو للعلاقات الدولية، التي تطرقت إلى حيثيات ذاك التكالب الغربي علينا، فبينت في محاضرة لها بأن ذاك العداء الأمريكي تحديداً للعرب والمسلمين إنما هو جزء لا يتجزأ من الإستراتيجية الأمريكية المستندة إلى نظرية صراع الحضارات الذي تؤمن بها وتسير على نهجها، هذا كما وفضحت تلك الباحثة الروسية الدور الخبيث التي تلعبه الصهيونية المسيحية في التحريض ضد الإسلام ومعاداته وتصنيفه المستمر كخصم رئيسي للحضارة الغربية، ولقد خلصت المفكرة الروسية الكريمة إلى حقيقة كذب ما تدعيه الإدارة الأمريكية من حيادية موقف تجاه الصراع العربي الصهيوني والتزامها الزائف بتبني العملية السلمية التي ترعاها وسعيها الزائف والكاذب لإقامة دولة فلسطينية في آخر المطاف!!.

لقد مارس الغرب معنا ومع الرأي العام الدولي على الدوام الكذب والتدليس والخداع، تماماً كإثنار هذا حين حاول جاهداً أن يستبعد أن تكون للكيان الصهيوني أي علاقة بعدم استقرار منطقتنا العربية، في الوقت الذي نوه بأن السبب في عدم استقرار منطقتنا العربية لما وصفه "تطرفاً إسلامياً" في إشارة واضحة لما نستند إليه من مشروعية مقاومة المحتل التي تنادي بها نصوص الأمم المتحدة وأقرتها الشرائع السماوية قاطبة، متناسياً في الوقت ذاته وضارباً عرض الحائط حقيقة ما ألم بنا من مآس ونكبات مذ زرع هذا الكيان الدخيل في منطقتنا قبل عقود منصرمة، ومتجاهلاً حقيقة أننا ما ابتدأنا عداءنا للغرب، حتى تلك الحروب الصليبية كانت نتيجة أطماعهم وجشعهم حين غزوا أراضينا بجيوشهم، وأن ما يوصف بتطرفنا إنما هو ردة فعل طبيعية لأبنائنا وأحرارنا تأتي على ضوء ممارسات الغرب تجاهنا وكيله المستمر لصالح العدو الصهيوني!!.

لاشك في إن ما يحدد سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه المنطقة العربية إنما يتمثل بأمرين اثنين، أولهما المصالح الأمريكية في منطقتنا والمتمثلة بالثروات الطبيعية الغنية، وثانيهما إحساسها بالمسؤولية الكاملة تجاه الكيان الصهيوني وما يعنيه ذلك من دفاع عنه وحماية أمنه ومصالحه، وما يترتب عن ذلك كتحصيل حاصل من ضرورة احتواء الأنظمة العربية والإسلامية المناوئة لهذا الكيان الدخيل والغاصب، واعتبار مناهضتهم لذاك الكيان ومن يسانده من دول غربية بأنه تطرف وإرهاب!!.

وعودة لبدء، حين تساءلنا في مستهل مقالنا إن كنا كفءً لمجاراة مؤامرات الغرب وصنيعتها "إسرائيل"!!؟، فأقول، لا والله، لسنا كفءً لمجاراتهم، كما وليس بمستطاعنا أن نجاري ما يخطط العدو لنا وما يرسم من أهداف مادمنا على ترهلنا وخذلاننا وتخلفنا وانعدام الرؤية الصحيحة لدينا، إنما نحن – العربَ والمسلمين - محشورون ضمن نفق أزمات قد صنعه لنا ساستنا وولاة أمرنا ومن يتسلط على رقابنا، وكي نتجاوز محنتنا أولاً، وكي نكون أهلاً للتصدي للمؤامرات والخطط الغربية ثانيا،ً فما علينا والحالة هذه إلا أن نسعى جاهدين للخروج من نفَقِ الأزمات الخانقة ذاك فتنتصر إرادة شعوبنا لذاتها ولكرامتها وتتحرر من هيمنة قياداتها المترهلة الخانعة التي تسعى لحماية أطماعها وامتيازاتها وكراسيها، أن يقول أبناؤنا كلمتهم التي ظلت حبيسة صدورهم بعيداً عن أجواء الفساد والاستبداد والقهر وتكميم الأفواه، أن يمتلك أبناؤنا قيادة أنفسهم للمضي قدماً نحو غد مشرق أكثر حرية ونهضة بعيدًا عن مشاهد الفساد وأجواء الاستبداد الذي نَخَرَ في جسد الأمَّة فجعلها لقمة سائغة وعُرضةً لأي غازٍ وطامعٍ فيها!!.

نحن بأمس الحاجة لاستنهاض الهمم من جديد، لانقلاب فكري واجتماعي وسياسي كبير على مجمل واقعنا المر والمزري، وما انقلابنا ذاك ليتم إلا من خلال استحضار شواهد تاريخنا وسلفنا الصالح الذي ضحى وجاهد من أجل رفعة مجد الأمة وعلو شأنها يوم كان الغرب حينها محاصراً بأجواء من الظلام والتخلف، أن ننصر الله من خلال إصلاح حالنا، فيصلح الله حالنا وينصرنا تماماً كما نصر سلفنا الصالح، هكذا سيكون الرد المنطقي لحالة ضعفنا وهواننا وخذلاننا، وهكذا سيكون بوسعنا وبمقدورنا أن نتصدى لمخططات العدو وأن نجهض له أهدافه وأحلامه، ورحم الله امرؤ قد عرف قدر نفسه، ورحم الله مَنْ سعى حثيثاً وهيأ الأسباب من أجل إصلاح أمره وشأنه!!.
يقول الله تعالى في محكم آياته:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم"... ( محمد:7( .
"قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً" ... (الكهف:103-104).
"وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ"... (يوسف :21).

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
5 / 11 / 2010