المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فصل (الحمام المغربي ) من روايتي ( حريم إبليس )



مها أبوالنجا
13/11/2010, 09:34 PM
ساعدتها إحدى العاملات في الحمام البلدي على خلع ثيابها والاكتفاء بلباسها الداخلي .. وسارت ممشوقة القوام بين عدة غرف كبيرة وفي يدها سلة مليئة بلوازم الحمام : الصابون البلدي المغربي، الليفة الخشنة ، الليفة اللينة الخاصة بالصابون، الحناء المطحونة، عصير الحامض، الحجر الخاص بالأقدام، الصابون المعطر (صابون الطاووس برائحة الخزامى) الغسول (طين مغربي)، ماء الورد، زيت اللوز... اختارت إحدى الغرف وافترشت أرضها بسجادة بلاستيكية، ثم تراخت بكسل عليها وبدأت تشعر بتخدير ممتع يدب في أوصالها بعد أن فعلت صنابير المياه مهمتها بتدفقها الساخن وتطاير البخار في الغرفة حجب عنها رؤية السيدات العاريات اللاتي يشاركنها هذه المتعة الجسدية .. لازمتها عاملتان منذ دخولها الحمام... خاصة بعد البقشيش الذي قدمته لهما إضافة لتوصية السعدية لصاحبة الحمام بالاعتناء بها فقد وفت السعدية بوعدها وأعطتها أموالا لتشتري كل احتياجاتها ،ومبلغا محترما لجابر ليغلق فمه عن الاحتجاج بسفرها القادم أرادت أن يسيل لُعابه لمرأى النقود وأفلحت في غايتها ؛ لكن غايتها كانت دنيئة انفعلت في وجهها بعدما صارحتها بالمهمة المعدة لها :
ـ أنا يالسعدية أفعل ذلك مستحيل، أنا لن أكون م................
ـ ششششششششش .. لا تصرخي ولا ترفعي صوتك ... فكري سنصبح غنيتين ولن تحتاجي لجابر ولا غيره .
ـ سأكون عبدة لغيره ... سأتخلص من جابر وأقع فريسة لآخر .. كفاية علي تعدد الأزواج لو قبضت علي السلطة لن أنجو من العقاب ..
اقتربت منها وهزتها من كتفيها ك
ـ اسمعي ياباهية أنا وأنت على نفس الطريق ... هذا الطريق لم نختره القدر هيأه لنا ، لو بيدنا لاخترنا أن نكون بنات بشاوات وأنجبنا أطفالا في أفواههم معالق من ذهب .
ـ لا ، ياسعدية ... لا أستطيع .. لا أستطيع .. لا
اقتربت منها إحدى العاملتين وخاطبتها .
ـ سيدتي ماالذي تحتجين عليه ..أهناك خطأ ما .
حركت رأسها رفضا فلم تقو على إخراج صوتها لأنها لوفعلت ستصرخ .. ستقول أنها وافقت على الدناءة والرذيلة لترضي أنانيتها .. ستُشمت فيها ولاء وقراءها .. لم وافقت ؟
سؤال دق على رأسها بمطارق من فولاذ .. لكنها لم توبخ نفسها إلا بعدما ضاقت من نفس الكأس ..
ـ سيدتي رجاء ثبتي نفسك لأنتهي من تمسيد الحناء وزيت اللوز على شعرك .
وبدأتا بخلط الحناء مع الزيوت وتمسيدها على شعرها ، تسربت رائحة الحناء المخلوطة بالزيوت المعطرة إلى مساحة الغرفة الساخنة وبعد انتهاء العاملة من مهمتها استلقت على بطنها ،وشعرت بنعاس يتغلب على عينيها الساهدتين وأغلقتهما دون شعور منها ، فهي لم تذق للنوم طعما منذ عودتها إلى المغرب وتوجهها فورا من المطار إلى بيت السعدية فقد لاحظت البذخ في تصميمه وأثاثه .. شكت فيها عندما نفحتها مبلغا كبيرا ووجدت حقيبة ملأى بالألعاب والملابس المستوردة كهدايا لأولادها.. منحتها أياما مع أسرتها لم تقضها بسعادة غامرة ؛ لأنها كانت تعرف السعدية لن تصرف بكرم إلا لسبب خطير .. لكن أن
تطلب منها أن تكون وسيطة .....
ـ وسيطة لم يالسعدية ؟
ـ لجلب الفتيات المغربيات .
ـ إلى أين ؟
ـ إلى الخليج .
ـ زوجات أو خادمات .
ـ لا ، أنتِ تزوجتِ منهم ولم تستفيدي .... الزواج تجارة خاسرة .
ـ ماذا تقصدين نساء للمتعة ؟
ـ نعم ، نجلبهن للخليج بعقود عمل وهمية ثم ......
ـ لحظة .. أريد أن استوعب هل سنغرر بهن ونخدعهن .. ولا يعرفن ماذا سيحصل بهن ؟!
ـ نعم .
ـ تريدين مني أن أكون وسيطة دعااااااااااااارة .
ـ نعم ، ياباهية مابلك غبية أنا أعرف أنك ذكية تفهمينها وهي طايرة !!
ـ دعارة .. دعارة .. يالسعدية هذا آخر شيء أفكر فيه .
ـ فكري جيدا .. ستتزوجين من محجوب .
ـ زواج آخر .. لا
ـ بل ستتزوجين منه زواجا صوريا لزوم الشغل حتى تدخلي البحرين ومن ثم ....
صرخت بانفعال .
ـ لا ، لن أتزوج .. لن أكون وسيطة دعارة .
سيدتي مرت نصف ساعة يجب أن تفيقي لأغسل شعرك .
فتحت عيناها بصعوبة ولمحت الفتاتان فوق رأسها والعرق يتصبب بغزارة من جسدها تذكرت أنها في الحمام وأتت لتمنح عقلها تفكيرا وجسدها نقاهة .. لكن هل سمعت الفتاتان والسيدات اللاتي في الغرفة إنكارها الأخير؟ تأملت ملامحهما ولم تلحظ ما ينبئ بسماع ماقالته في حلمها اليقظ .. لكن ألا يتعلم الخدم التغاضي عم يسمعون حتى لو كان شائنا
أليست هي كذلك ؟ّ! فجأة أحست بماء دافئ يسكب فوق شعرها ويرطب جسدها وأصابع متمرسة تفرك فروة رأسها لتنظيفها من بقايا الحناء ثم أحضرت إحداهن إناء وخلطت فيه الصابون المغربي (وهو على شكل كريم متماسك ولونه أسود) مع الحناء وعصير الليمون الحامض وتُرك الصابون على جسمها عشرة دقائق ، بعدها شطفتا جسمها بعناية بالماء الساخن وقامتا بفركها بالليفة المغربية الخشنة بشكل دائري من الأعلى باتجاه القلب إلى الأسفل بظهرها وردفيها وقدميها فشعرت بنشاط يدب في دورتها الدموية ، بعدها ركزتا على المناطق الخشنة في جسمها مثل الكوعين والركبتين، ثم شطفتاها بالماء.البارد ومررتا قطعة قطن مغموسة بماء الورد على جسدها لغلق المسام .
مرورها بخطوات حارة لفتح مسامها ثم باردة لغلقها جعلها مخدرة ومهتاجة في آن واحد ولو اقترب منها شخص لحظتها سيأخذ منها ما يريد دون أدنى مقاومة منها ـ ربما لذلك يحب معظم الرجال النساء المغربيات ، ويحرصون على الزواج منهن..، وكأنها عدوى نقلها الأسلاف القدامى الذين كانوا أكثر انفتاحاً على الحظايا والجواري البربريات ، وهذا يفسر الملامح البربرية لأجدادنا العباسيين وعلى ما يبدو سيساهم هذا الجيل في إحياء الجينات البريرة من جديد ـ ز
هذا الخدر الذي مرت به جعلها تفعل أكثر من مجرد تجربة منتشية وعابرة .. جعلها تتراجع عن رفضها .. وتذعن للسعدية في خنوع :
ـ أنا طوع بنانك .
ـ عين العقل ياباهية .. توقعت منك العودة لرشدك . فأنت راجحة العقل تزنين الأمور، وتعرفين مدى حاجتك للعمل .. وحماية أولادك من الفقر حتى لا يعيدوا مأساتك.ستفتح لك طاقة القدر..ستحصلين على أموال طائلة.. تستغني بها عن جابر وأبي حمد وغيره... ستعلمين أولادك أحسن تعليم في مدارس أجنبية محترمة ..وتربي ابنتك "المزيونة" مليكة على الغالي وتزوجيها زيجة لائقة ليس مثل زيجتكِ " المنحوسة" .
مليكة ... لم أتت هذه المرأة الحيزبون على طاري ابنتها ..هزت رأسها وأمسكت بالسعدية من كتفها حتى آلمتها وقالت بانفعال :
ـ لا دخل لك بابنتي مليكة .. لا دخل لك بها .. ابتعدي عنها .
ابتسمت السعدية بخباثة .. وتمتمت بشرر :
ـ ابنتك ، وأنت حرة بها ياباهية .
وأزاحت يدها عن كتفها، وآثار ابتسامتها باقيًا على وجهها .
عرفت باهية سر تلك الابتسامة اللعينة ..عرفت سر الفخ الذي نصبته لها السعدية .. لكن بعد فوات الأوان .. بعد اقتراب فصول روايتها من النهاية .. كان وقتها لا ينفع الندم !!
لا أحد يستطيع منع ولاء من نشر التفاصيل بعدما أصبحت في متناول يدها ..
ـ اللعنة عليك .. ياولاء .. تستحقين عقاب إبراهيم لكِ .. وجنونك الشيطاني !!