المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 197... صح النوم يا جماعة!!!.



سماك العبوشي
18/11/2010, 07:19 AM
مسامير وأزاهير 197...

صح النوم يا جماعة!!!.


هل تبقت لنا "رماح عوال" حتى نسألها عن "معالينا"!؟، وهل يحق لنا أن نستشهد بـ"البيض" إذا ما تساءلنا يوماً إن كان "الرجا" قد خاب فينا أم لا!؟، تلك الرماح والبيض التي وردت بالقصيدة الشهيرة للشاعر العراقي " عبدالعزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم السنبسي الطائي 1267- 1349 م/675- 750 هـ ." المعروف على الساحة الأدبية العربية باسم "صفي الدين الحلي" والتي مطلعها "سَلِ الرّماحَ العَوالـي عـن معالينـا ....واستشهدِ البيضَ هل خابَ الرّجا فينا"!؟.
لا والله أيها الكرام، فإننا نخادع أنفسنا لو قلنا بأن الرجا ما خاب فينا!!، ولا ورب الكعبة، فإننا نكون كمن يضحك على نفسه لو تساءلنا عن معالينا!!، الأجدر من هذا وذاك أن نتحدث عن انحطاطنا وذلنا ومهانتنا بين شعوب الأرض!!.
لربما اعتقدنا - واهمين ساذجين - بأن الرجاء ما خاب فينا يوم اكتفينا بأن اقتبسنا ألوان أعلام بعض دولنا العربية "الأحمر والأخضر والأبيض والأسود" من البيت الشعري القائل " بِيـضٌ صَنائِعُنـا سـودٌ وقائِعُـنـا .... خضـرٌ مَرابعُنـا حُمـرٌ مَواضِيـنـا" من نفس القصيدة آنفاً، مع تغيير "طفيف" في أماكن تلك الألوان، فـ "صنائعنا البيض" قد صارت سوداء كالحة مقيتة مقززة بلون مستقبلنا ومصيرنا المجهول وذلك لسوء تدبيرنا وقلة حيلتنا وتقاعسنا عن حماية سيادتنا وكرامة شعوبنا العربية، أما "مواضينا" التي طالما تفاخرنا بها وتراقصت في أكفنا أيام زهونا فإنها قد صدئت وتكلست داخل أغمدتها ثم ما لبثنا أن رميناها بعيداً خارج الزمن والتاريخ، ولم تكن "مرابعنا" التي كانت يوماً "خضراء" بمنأى عن التغيير، فلقد انقلب لونها هي الأخرى لتتضرج بدماء شهدائنا الذين تساقطوا على مذبح نيل الكرامة والسيادة وتحرير الإرادة والقرار السياسي!!.
لا أدعي بأنني مفكر لا يُشـَقُ له غبار أو باحث ضليع في شؤون الأمة ومصائبها، إنما أنا مواطن عربي مسلم بسيط لي وجهة نظر قد اكتوت بجحيم ما أحاط بنا من مهازل ومآس ونكبات، ونالني ما نالني جراء ذلك من أمراض نفسية وإخفاق بعمل القلب وتصلب الشرايين، فجئت كي أدلي بدلوي وأفرّجُ عن كـُرَبِ نفسي بما أصابني من هم وغم وحزن، لا أبتغي إلا مرضاة الله سبحانه وتعالى ووجهه الكريم أولاً ومصلحة أمتي ثانياً وراحة الضمير المثقل أخيراً ... والله المستعان.
لا أدري كيف أفسر الأمر وأتدبره، فإما أن يكون قادتنا "العربَ " وأولو أمرنا لا يفقهون في السياسة شيئاً ولا يدرون بالتالي ما يجري من حولهم، أو أنهم يدركون تداعيات ما يجري إلا أنهم غير معنيين بما يجري من حولهم وذلك لقلة حيلتهم أو لانشغالهم بأمور تمس مصالحهم وارتباطاتهم!!، فإن كان الأمر يتعلق بعدم إدراكهم لما يجري من حولهم فتلك مصيبة بحد ذاتها وطامة على رؤوس أبناء شعبهم، وإن كانوا غير مكترثين لما يجري من حولهم حيث لا هـَمّ لهم غير الحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم، تاركين مصير شعوبهم في مهب رياح التغيير وتداعيات ما ينفذ من أجندات، فالمصيبة تالله لأعظم!!. وفي كلا الاحتمالين يكون موشي دايان قد صدق الوصف يوماً حيث قال: " العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإن فهموا فإنهم لا يفعلون شيئاً"!!.
وأزيد من الشعر بيتاً فأقول ...
قد كان مخادعاً أو مخدوعاً، واهماً ساذجاً، ذاك الذي قد راهن "أو مازال يراهن" على مواقف أدارة البيت الأبيض الأمريكي وسياساتها تجاه منطقتنا العربية عموماً وقضية فلسطين خاصة، فتلك الإدارة تنفذ استراتيجتها الموضوعة وما تؤمن بها من مخططات من أجل تحقيق مصالحها، وليس العتب على الولايات المتحدة الأمريكية ولا على إداراتها إن سعت جاهدة لتركيعنا والهيمنة على مقدراتنا بالتوافق والتنسيق مع الكيان الصهيوني، إنما العتب كله على قياداتنا وساستنا وأحزابنا ومنظمات مجتمعنا المدني وحتى شعوبنا، فمعظم قادتنا وولاة أمرنا قد انشغلوا طويلاً وعلى مر السنين عن مخططات العدو بشؤون كراسيهم وعروشهم وامتيازاتهم، فتقاعسوا عن دراسة واقعنا وإيجاد السبل الكفيلة لوقف تداعيات مشهدنا العربي على صورته اليوم، كما وأخفق ساستنا وقادة أحزابنا المعارضة ومنظمات مجتمعنا المدني في أداء دورهم الوطني كما وفشلوا بالإمساك بزمام المبادرة وإجبار قيادات بلداننا العربية على إجراء التغيير الجذري المطلوب لواقعنا المنتكس، أما شعوبنا العربية فقد استكانت ونامت وارتضت حالة الخنوع والاستسلام لإرادات قادة أنظمتها!!.
لقد ظن بعض قادتنا العرب بأن الأمر سينتهي باحتلال فلسطين وأنهم سيحافظون على استقرار بلدانهم ، وفات عليهم أن اغتصاب فلسطين ما كانت إلا حلقة أولى من حلقات التآمر والهيمنة الغربية على مقدرات الأمة العربية والإسلامية منذ اتفاقية سايكس بيكو ، وأن احتلال فلسطين وقيام الكيان الصهيوني ما هو إلا مرحلة في تفتيت الأمة والهيمنة على مقدراتها، ولعل احتلال فلسطين بحد ذاته وتشريد شعبها هي عقدة أليمة وجرح نازف في التاريخ العربي، إلا أن الغريب في الأمر انشغال أحزابنا وفصائلنا وحركاتنا السياسية على عموم الرقعة الجغرافية العربية بلغة التهميش والإقصاء وما يخدم توجهاتها تاركة الهم الوطني والقومي دون اهتمام يذكر، والنتيجة ما نراه من انحطاط وترهل وعهر سياسي يكتنف أداء قيادات أنظمتنا العربية وعدم جديتها في مجاراة مخططات الغرب وقاعدته في المنطقة – الكيان الصهيوني-!!!.
قد شغلنا دائماً وأبداً بإحياء المناسبات الوطنية والذكريات القومية الأليمة، كتقسيم أمتنا العربية في معاهدة سايكس بيكو ووعد بلفور وقرار تقسيم فلسطين ونكبة فلسطين في 48 ونكستنا عام 67، ورددنا الشعارات والخطابات والكلمات الثورية، كما ورحنا نعدد مآثر شهدائنا ورموزنا الوطنية والقومية والتاريخية فيما تناسينا تماماً تخلفنا في جميع مناحي الحياة، وتقاعسنا عن البحث والتقصي في السبل الكفيلة لمعالجة أزماتنا ونكباتنا كما ولم نضع الحلول ولا الدراسات لانتشالنا نحن العرب جميعاً من واقعنا المترهل على خلاف ما تصنعه دوائر الغرب في سباقها المحموم مع الزمن بتنفيذ ما كان قد اجتهده خبراؤها ومستشاروها ومنظرو فكرها من استراتيجيات تخدم مصالحها وبما يحقق أحلامها وتطلعاتها، حتى صارت الفجوة شاسعة بيننا نحن العربَ وبينهم!!.
تمسكنا في صراعنا مع العدو بالخيار القومي العربي طويلاً دون أن نضع الستراتيجيات والدراسات الكفيلة بمجابهة مخططات العدو، وكانت النتيجة كما نتلمسها اليوم، إجهاضاً وفشلاً وتراجعاً ونكوصاً بالفكر القومي العربي!!، غياب الإرادة الشعبية العربية وارتهان القرار الرسمي العربي ومصادرته أمريكياً!!، وانتشاراً للقواعد الأمريكية هنا وهناك!!، تشرذماً وصراعاً عربياً واحتراباً طائفياً وعرقياً على طول الرقعة الجغرافية لوطننا العربي الكبير، حتى إنك لن تجد قطرين عربيين متجاورين إلا والصراع وسوء الظن و"نظرية المؤامرة" قائم بينهما!!.
وفي خضم هذا المستنقع السياسي الآسن الذي نعيشه نحن العرب، فإنني أتساءل بجرأة وتحد، كم من قادتنا وولاة أمرنا ومستشاريهم وساستنا وقادة أحزابنا الوطنية - على امتداد رقعتنا الجغرافية العربية - كان قد أبحر مركبه في بحار فكر ما كتبه منظرو السياسة الأمريكية الصهيونية كروبرت ساتلوف واليوت كوهين و ناتان شارانسكي وبرنارد لويس وفؤاد عجمي على سبيل المثال لا الحصر!؟، وكم من كتابنا وأصحاب الفكر القومي والإسلامي قد تجشموا عناء الجلوس إلى الشبكة العنكبوتية وراحوا يبحثون في استراتيجيات وسياسات الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية كي يتسلحوا بالمعرفة وبما يردون به كيد أعدائنا وينيرون درب أبناء شعبهم بمقالاتهم وآرائهم ليعرفوا حقيقة ما يرسم لهم من "فوضى خلاقة" و "شرق أوسط جديد" ومشاريع تفتيت لمجتمعاتهم!!؟.
وأعود للتساؤل ثانية وثالثة، الأ تتفقون معي أن الغرب - بفضل تنظيرات مفكريهم وبغياب فعل عربي مقتدر- قد تمكن من قطع أشواط بعيدة في مسعاهم للوصول لموت أمتنا العربية ككيان سياسي وسعيهم الحثيث لإقامة كيان بديل لأمتنا تحت مسمى "الشرق الأوسط الكبير" يكون الكيان الصهيوني مهيمناً على مقدرات العرب السياسية والاقتصادية!!.
علينا أن نعرف على أقل تقدير معنى مصطلح "الفوضى الخلاقة" التي أستحدثها المحافظون الجدد، وما سيترتب عن تلك المفردة الخبيثة من إغراق للجماهير بالفوضى وذلك كيّ تتمكن الصفوة الغربية وعلى رأسها كيانهم الصهيوني من ضمان استقرار وضعها وسيطرتها على مقدراتنا.
علينا أن نعي مخططات الغرب الرامية إلى أنهم يتجاوزون مرحلة احتلال فلسطين باستبدال دولنا العربية القائمة بدويلات أصغر حجماً وأقل شأناً تتسم بأحادية الطابع العرقي، وما تفتيت تلك الدول ومن ثم تحييد هذه الدويلات إلا بهدف جعل كل دويلة عربية تصارع شقيقتها العربية الأخرى على نحو مستمر كي يضعف الجميع ويسهل توجيهها والتلاعب بها وبمقدراتها وبثرواتها!!.
علينا أن ندرك بأن أيديولوجية المحافظين الجدد تلك وما تسعى لأجله إنما تنطلق من مبدأ أساسي يتمثل بتطابق مصالح أمريكا مع الكيان الصهيوني ، وما يعنيه ذلك من محاربتنا أمريكياً لصالح ذاك الكيان الغاصب!!.
أيدرك الجميع الرؤية الصهيونية التي رددها "تيودور هرتزل" وأعلنها صراحة عام 1904 من أنهم يتطلعون إلى ما هو أكبر وأوسع من حدود فلسطين حيث قال: "لقد تحدثنا في الأمر، نريدها من النيل الى الفرات. ان ما يلزمنا ليس الجزيرة العربية الموحدة، وانما الجزيرة العربية الضعيفة المشتتة المقسمة المحرومة من إمكان الاتحاد ضدنا" !!.
وإذا أدرك الجميع ذلك فما هم فاعلون إذن!؟.
أم أننا سنكتفي باجترار الماضي "التليد" وإقامة مؤتمرات ومهرجانات استنكار وشجب لمعاهدة سايكس بيكو ووعد بلفور ونكبة العرب ونكستهم في 48 و 67 غير آبهين لمخططات الغرب وكيانه الصهيوني في تفتيت أمتنا وإجهاض قدرات أبنائها الخلاقة!!.
أم أننا كما وصفنا دايان يوماً حين قال " العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا فهم لا يفعلون شيئاً"!!.
لا أشك والله وتالله وبالله في دقة وصحة ما وصفنا به دايان!!.
سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
17 / 11 / 2010