إلى أمي

[سليمان أبو ستة]

أعرف عمق أحزانك
وقسوة غربة الأبناء في قلبك
وأشعر
بالدموع تسيل في عينيك من عيني
بلوعة شوقك المكبوت والظاهر
وقولك كلما قد طحت : يا ساتر !
أحس بقلبك الراعف
يناجي قلبي الراجف
إذا جاءتك أشعاري تغنيك
عزاؤك أننا نحفظ عهدا كان يرعانا لياليك
بروض حنانك الزاهر
وطيب فؤادك العامر
أيا أمي
سأسقيك
سأسقي قلبك الظمآن من عيني
ومن شفتي أشعاراً
ومن حزني
ولن أغدر
فلن أعثر
على غيرك نهرٍ ظل يسقيني
من الصغر
إلى الكبر
سوى شلال حب الله والوطن
...
يعود فؤادي المنهد من سفر إلى سفر
ليغفو باقي العمر
بظل حنانك المورق
...
سأحمل قلبك الملآن بالحب
شعاعاً في دجى دربي
وفي بعدي وفي قربي
سلمت .. سلمت يا أمي

عمان في 21/ 3 / 1968

[د. جمال مرسي]

سأحمل قلبك الملآن بالحب
شعاعاً في دجى دربي
وفي بعدي وفي قربي
سلمت .. سلمت يا أمي

نعم الابن البار أنت أستاذنا سليمان أبو ستة
و أكرم بك من شاعر نتوق للقراءة له و نسعى لكل أحرفه
و لكنك المقل المقل
و كأنك تتعمد أن تعطشنا حتى إذا سقيتنا ارتوينا و ارتوينا .
قصيدة جميلة في حب الأم
و من أجمل و لا أرق و لا أجدر من الأم نكتب فيه أشعارنا
و نظهر فيها خضوعنا و برنا علنا نحظى بجنات رب العالمين بدعوة صالحة من ست الحبايب .
أستاذي :
أشكل عليَّ قراءة هذا الشطر
عزاؤك أننا نحفظ عهدا كان يرعانا لياليك
وخاصة مع التقارب الشديد بين مجزوء الوافر و الهزج و إن مِلت في قراءتها أكثر إلى مجزوء الوافر و الذي اتضح هنا :
( فلن أعثر
على غيرك نهرٍ ظل يسقيني
من الصغر
إلى الكبر
سوى شلال حب الله والوطن )

فقط أردت التعلم
و تقبل خالص حبي
محبك جمال مرسي

[عادل العاني]

تستحق الأم منا هذه الوقفة التكريمية لها ...

بارك الله فيك أخي الأديب والشاعر سليمان.

وأرى قطعا في المطلع : ( أعرف عمق أحزانك )


تحياتي وتقديري

[سليمان أبو ستة]

أخي الدكتور جمال مرسي حفظه الله
أشكرك على كلماتك الطيبة في هذه الذكرى العطرة، ذكرى عيد الأم، والواقع أن أربعة عقود قد مرت على نظم هذه القصيدة، التي كتبت في ليلة واحدة لأن بعضا من أهلنا كانوا يستعدون للعودة عبر جسر اللنبي إلى الضفة ومنها إلى غزة ، فسهرت ليلتي تلك حتى إذا بزغ ضوء الفجر كنت قد أتممت كتابتها على ظهر صورة شخصية لي من نوع ( الكارت بوستال)، وسلمتها لهؤلاء العائدين لتوصيلها إلى أمي رحمها الله وكان ذلك أول عيد لي أبتعد فيه عن منهل حنانها ورعايتها، وقد صادفت هذه الذكرى في التاريخ موقعة الكرامة التي مثلت علامة فارقة في تاريخ النضال الفلسطيني.
في البيت الذي لفت حسك الإيقاعي تسلل إيقاع بحر الهزج إلى هذه القصيدة ، وهي من الوافر، وذلك في تفعيلة واحدة. ومع أن الخليل يجيز مثل هذا الزحاف في الوافر ويسميه ( النقص ) إلا أنني لم أستسغه حين تعلمت العروض ، وأشرت إلى هذا الامتعاض في كتابي " في نظرية العروض العربي". والدكتور إبراهيم أنيس، رحمه الله، لا يرى في ذلك الزحاف بأسا ، قال في كتابه " موسيقى الشعر" : " والصفة التي تفرق بين الهزج ومجزوء الوافر هي أن ( مفاعيلن) في الهزج يجوز أن تصبح (مفاعيلُ) فقط ، وقد استقبحوا هذا في الوافر ولم يستسيغوه. ولسنا ندري لم استقبح أصحاب العروض تغير (مفاعيلن) إلى (مفاعيلُ) في مجزوء الوافر واستحسنوه في الهزج مع ما نرى بينهما من صلة وثيقة. انظر مثلا إلى تلك الأغنية التي مطلعها :
سليمى أزمعت بينا** فأين تقولها أينا
وقد قالت لأتراب** لها زهر تلاقينا
تعالين فقد طاب ** لنا العيش تعالينا"
أما عن كوني مقلا في النظم فقد كان كان هذا شأني حين فتحت كراسة الشعر عام 1964 وأقفلتها عام 1974 ، أي أنني اعتزلت مبكرا وأنا في قمة لياقتي قبل أن يضطر الشاعر في إلى اجترار صوره ودخوله في دوامة التكرار.

[سليمان أبو ستة]

أخي الأستاذ الشاعر العروضي الجهبذ/ عادل العاني

أشكرك على مرورك الكريم ، وأما القطع الذي لفت نظرك فهو ( الخرم ) ومنه هذا النوع في الوافر الذي يسمى (العضب)، وعليه قول المتنبي :
إنْ تكُ طيّء كانت لئاماً ** فألأمَهم ربيعةُ أو بنوهُ
ولم أكن إذ وقع لي هذا العضب أدرك أثره العروضي ، وإنما مر بي ذلك لأني كنت أنظم الشعر على السليقة.

[عادل العاني]

نعم أخي الأديب والشاعر الكبير سليمان.

صدقت , وبارك الله فيك على التوضيح.

تحياتي وتقديري