احمد زهدي شقور
19/11/2010, 11:10 PM
لِمَ لا يُفاوض العرب سارة نتنياهو؟
محمد صالح مجيّد
كاتب تونسي
'عزيزي رئيس الوزراء، زوجتي لا تُعين المقربين منها في مناصب قيادية بالحكومة وخارجها'، هكذا خاطب رئيس الكنيست رؤوبين ريبلين ـ غاضبا- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ملمحا إلى الدور الكبير الذي تلعبه زوجة رئيس الوزراء سارة نتنياهو في تسمية مُعاوني زوجها ومستشاريه والتحكم، عن بعد، في سياسة الحكومة وبرامجها. ولئن كان خطاب رئيس 'الكنيست' عنيفا ومباشرا يعكس الصراع الدائر بين الرجلين الذي احتدم، خاصّة عند مناقشة ميزانية الدولة، رغم انتمائهما إلى الحزب نفسه، فإنّ مضمونه لم يعد سرّا. ذلك أنّ تعاظم دور سارّة نتنياهو قد تجاوز الدوائر الضيقة، والفضاءات المغلقة إلى صفحات الجرائد. فقد أشارت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' إلى ما أسمته أدوارا خفيّة لعقيلة رئيس الوزراء القادرة على التدخل في أيّ قرار سياسي يمكن أن يتخذه زوجها. وأكدت ذات الصحيفة زرع هذه المرأة لجواسيس في إدارة زوجها ينقلون لها كلّ ما يدور في غيابها. ومما تؤكد به الجريدة نفوذ سارة نتنياهو خبر حرصها على تعيين صديقتها في ديوان زوجها، ونجاحها في إقناعه بتخصيص سيارة لها لترافقه في زياراته.
وإذا ثبت هذا الأمر فإن العرب جميعا من محمود عبّاس إلى الجامعة العربية، ضلوا الطريق، وسلكوا المسار الخاطئ عندما ذهبوا إلى نتنياهو يفاوضونه،
ويطلبون إليه أن يُوقف الاستيطان. لقد ضيعوا وقتا طويلا يحاورون مَن لا يملك لهم نفعا أو ضرّا إلا بمقدار ما تسمح به الزوجة، وتؤشّر الى صلاحيته. لقد بات أكيدا ـ وإن بصفة متأخرّة عند المفاوض العربي- أنّ سارّة هي التي تملك القَول الفصل، وهي التي تُوجه زوجها، وترتب له القرارات التي لا يملك إلا أن ينطق بها مزهوا وهو يرتدي احدى بدلاته الجميلة التي تنتقيها له من أفخر المحلات في باريس ولندن. وقد تناقلت وسائل الإعلام أنّ نتنياهو كان، مع الفريق المفاوض الذي رافقه إلى أمريكا، يرفع جلسة المفاوضات لمزيد التنسيق والتشاور. فهل كان يُعلّق هذه المفاوضات التي يتابعها الكثيرون في العالم ليعود إلى التّشاور مع زوجته التي تكون في الغالب مرافقة له أم مع مستشاريه وقد بلّغتهم زوجة رئيس الوزراء، بعد بما يجب عليهم فعله؟ ولا عجب أن تكون زوجة رئيس الوزراء وراء إلغاء زيارة له إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومحمود عبّاس في قمّة ثلاثيّة لأنّ موعدها لا يتزامن مع موسم التخفيضات في فرنسا.
إذن على الجامعة العربية أن تُعدّل أوتار تفاوضها بإيقاف الحوار مع بنيامين نتنياهو، والسعي إلى ترويض المرأة الحديديّة سارة. إذ لم يعد غريبا أن يفوق تأثيرها في سير المفاوضات دور رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة باراك أوباما.
إنّ 'خارطة الطريق' الجديدة التي يجب أن يُهرول في اتجاهها العرب، هي الوصول إلى قلب سارة لأنّ النجاح في تليين رأيها كفيل بأن يدفع نتنياهو إلى تقديم تنازلات مؤلمة تتمثّل في تأجيل الاستيطان أشهرا معدودات.. وما عليهم إلا أن يحرّفوا مثلا سائرا عندهم يشي بالنهم يقول 'أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته' ويحوّلونه الى 'أقرب طريق إلى نتنياهو زوجته'.
وأين الغرابة في ذلك وقد تمرس العرب بالتفاوض مع النساء، وخبروا طرقهنّ في الشدّة واللين؟ وبما أنّ العرب لا يميلون ـ بالفطرة- إلى التغيير، ويعتبرونه 'أنفلونزا سياسيّة' يجب التصدّي لها بشتى أنواع المضادّات الحيويّة، فاوض الفريق نفسه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يمينا ويسارا بابتسامة تعلو محيا أعضائه، ودخل مع مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس والسيّدة كلينتون وتسيبي ليفنيّ في مفاوضات ماراثونيّة. ولن يُضير هذا المفاوض العربي الذي يبغي السلام والأمن استجابة إلى طبيعة المرحلة، أن يُضيف إلى القائمة زوجة رئيس الوزراء باعتبارها طرفا رئيسا في ما يجري الآن وغدا بأرض فلسطين.
إذن، في زمن العجائب والغرائب، ليس مستبعدا أن يكون وصول المفاوض العربي إلى قلب سارة نتنياهو ومنه إلى عقلها سبيلا لدفع مسيرة السلام وإنعاشها بعد أن نامت طويلا في غرفة الإنعاش.
18/11/2010
محمد صالح مجيّد
كاتب تونسي
'عزيزي رئيس الوزراء، زوجتي لا تُعين المقربين منها في مناصب قيادية بالحكومة وخارجها'، هكذا خاطب رئيس الكنيست رؤوبين ريبلين ـ غاضبا- رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ملمحا إلى الدور الكبير الذي تلعبه زوجة رئيس الوزراء سارة نتنياهو في تسمية مُعاوني زوجها ومستشاريه والتحكم، عن بعد، في سياسة الحكومة وبرامجها. ولئن كان خطاب رئيس 'الكنيست' عنيفا ومباشرا يعكس الصراع الدائر بين الرجلين الذي احتدم، خاصّة عند مناقشة ميزانية الدولة، رغم انتمائهما إلى الحزب نفسه، فإنّ مضمونه لم يعد سرّا. ذلك أنّ تعاظم دور سارّة نتنياهو قد تجاوز الدوائر الضيقة، والفضاءات المغلقة إلى صفحات الجرائد. فقد أشارت صحيفة 'يديعوت أحرونوت' إلى ما أسمته أدوارا خفيّة لعقيلة رئيس الوزراء القادرة على التدخل في أيّ قرار سياسي يمكن أن يتخذه زوجها. وأكدت ذات الصحيفة زرع هذه المرأة لجواسيس في إدارة زوجها ينقلون لها كلّ ما يدور في غيابها. ومما تؤكد به الجريدة نفوذ سارة نتنياهو خبر حرصها على تعيين صديقتها في ديوان زوجها، ونجاحها في إقناعه بتخصيص سيارة لها لترافقه في زياراته.
وإذا ثبت هذا الأمر فإن العرب جميعا من محمود عبّاس إلى الجامعة العربية، ضلوا الطريق، وسلكوا المسار الخاطئ عندما ذهبوا إلى نتنياهو يفاوضونه،
ويطلبون إليه أن يُوقف الاستيطان. لقد ضيعوا وقتا طويلا يحاورون مَن لا يملك لهم نفعا أو ضرّا إلا بمقدار ما تسمح به الزوجة، وتؤشّر الى صلاحيته. لقد بات أكيدا ـ وإن بصفة متأخرّة عند المفاوض العربي- أنّ سارّة هي التي تملك القَول الفصل، وهي التي تُوجه زوجها، وترتب له القرارات التي لا يملك إلا أن ينطق بها مزهوا وهو يرتدي احدى بدلاته الجميلة التي تنتقيها له من أفخر المحلات في باريس ولندن. وقد تناقلت وسائل الإعلام أنّ نتنياهو كان، مع الفريق المفاوض الذي رافقه إلى أمريكا، يرفع جلسة المفاوضات لمزيد التنسيق والتشاور. فهل كان يُعلّق هذه المفاوضات التي يتابعها الكثيرون في العالم ليعود إلى التّشاور مع زوجته التي تكون في الغالب مرافقة له أم مع مستشاريه وقد بلّغتهم زوجة رئيس الوزراء، بعد بما يجب عليهم فعله؟ ولا عجب أن تكون زوجة رئيس الوزراء وراء إلغاء زيارة له إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ومحمود عبّاس في قمّة ثلاثيّة لأنّ موعدها لا يتزامن مع موسم التخفيضات في فرنسا.
إذن على الجامعة العربية أن تُعدّل أوتار تفاوضها بإيقاف الحوار مع بنيامين نتنياهو، والسعي إلى ترويض المرأة الحديديّة سارة. إذ لم يعد غريبا أن يفوق تأثيرها في سير المفاوضات دور رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة باراك أوباما.
إنّ 'خارطة الطريق' الجديدة التي يجب أن يُهرول في اتجاهها العرب، هي الوصول إلى قلب سارة لأنّ النجاح في تليين رأيها كفيل بأن يدفع نتنياهو إلى تقديم تنازلات مؤلمة تتمثّل في تأجيل الاستيطان أشهرا معدودات.. وما عليهم إلا أن يحرّفوا مثلا سائرا عندهم يشي بالنهم يقول 'أقرب طريق إلى قلب الرجل معدته' ويحوّلونه الى 'أقرب طريق إلى نتنياهو زوجته'.
وأين الغرابة في ذلك وقد تمرس العرب بالتفاوض مع النساء، وخبروا طرقهنّ في الشدّة واللين؟ وبما أنّ العرب لا يميلون ـ بالفطرة- إلى التغيير، ويعتبرونه 'أنفلونزا سياسيّة' يجب التصدّي لها بشتى أنواع المضادّات الحيويّة، فاوض الفريق نفسه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة يمينا ويسارا بابتسامة تعلو محيا أعضائه، ودخل مع مادلين أولبرايت وكوندوليزا رايس والسيّدة كلينتون وتسيبي ليفنيّ في مفاوضات ماراثونيّة. ولن يُضير هذا المفاوض العربي الذي يبغي السلام والأمن استجابة إلى طبيعة المرحلة، أن يُضيف إلى القائمة زوجة رئيس الوزراء باعتبارها طرفا رئيسا في ما يجري الآن وغدا بأرض فلسطين.
إذن، في زمن العجائب والغرائب، ليس مستبعدا أن يكون وصول المفاوض العربي إلى قلب سارة نتنياهو ومنه إلى عقلها سبيلا لدفع مسيرة السلام وإنعاشها بعد أن نامت طويلا في غرفة الإنعاش.
18/11/2010