محمد علي الهاني
24/11/2010, 03:40 PM
ورقات من كتاب الرعد الممسوخ
الورقة الأولى :
تحملني في عينيْها امرأةٌ عمياءُ وحُبلى بالقحطِ المُزْمنِ ، تصلبني فوق عمودِ من لهبٍ... تَعِبَتْ عيناها الْبَيْضَاوَانِ وكفّاها السَّوْدَاوَانِ وأَتْعَبْتُ عمودَ الصَّلَبِ وما أتعبني تعبِي .
تحملني وتصلِّي للرّعْدِ الممسوخِ صلاةَ الاستسقاءِِ ؛ فأقرأُ أسفارَ الرّيحِ المنفيَّةِ ،أكتبُ بالنارِ على صفحاتِ الرّعدِ المقبورِ سطورَ الغضبِ.
وأجيءُ إليكِ على فرسِ الأوجاعِ مع الرّيحِ الصَّرْصَرِ من جُزُرِ الغربةِ أمضغُ فاكهةَ الأحزانِ ... و رأسي ميدانٌ لجيادِ الوَحْشَةِ والعطبِِ .
وأجيءُ إليكِ -جنازةَ وردٍ- في الزمنِ المتعبِ... ضُمِّينِي ، وأَنِيمِينِي كي أحلمَ بالأمطارِ... أنا لم أحلمْ منذُ زمانٍ بعروسِ البحرِ تضمِّدُ جرحي في زورقِ ضوءٍ يمخرُ أمواجَ السُّحُبِ .
ضُمِّينِي - يا أُمُّ - أَعيدينِي للصَّدرِ الدّافئِ والثّدي الدّافقِ ...إنِّي الطّفلُ الغاضبُ والمغضوبُ عليه الرافضُ أقمارَ الحبِّ الكَذِبِ.
الورقة الثانية :
هذا زمنُ النَّكسةِ ... هذا زمنُ اللَّعنةِ. . هذا زمنُ الرِّدَّةِ .. . هذا زمنُ المَسْخِ يُحاصرني بالوجعِ اليوميِّ وبالسّهدِ اللّيليِّ وبالرعبِ الدّمويِّ ، وينخُرُنِي كالسّوسِ بأعماقِ الخشبِ.
ضُمِّينِي... ضُمِّينِي أَسْتَرْجِعْ بعد الضّمِّ رمالَ الصحراءِ وسيفَ البرقِ وعرسَ الرّعدِ وعيدَ الرّيحِ ، و أَسْتَرْجِعْ مِنْ أيْدِي النّخّاسِين دمي وملامحَ وجهي العربِي .
الورقة الثالثة :
عربيًّا كان الرّعدُ و كانت زوجتُه الأولى صاعقةً حبلى بالشُّهُبِ .
عربيًّا كان الرّعدُ و كان أبَا الغضبِ .
عربيًّا كان... فَمَنْ قد غَيَّرَ موطنَه ؟! من قصّ شواربَه ؟ من مزّق خيمتَه المطروزةَ بالخزِّ و بالفضّةِ و الذّهبِ؟!
و الصاعقةُ الحبلى مَنْ قَلَّمَ أظفارَ أناملِها الخضراءَ ؟! ومن باللونِ الأحمرِ - يا قوْمُ- طلى شفتَيْها اللَّعْساوَيْنِ وقصَّ ضفائرَها السّودَ و واراها في كتبِ الأدبِ ؟!.
الورقة الرابعة:
اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! فقد كنّا قبل البترولِ نسبِّح بِاسْمِ اللهِ الواحدِ ، نُؤْمنُ بالبعثِ، ونُقسِمُ بالتّينِ وبالزَّيتونِ وبالعنبِ .
شدّي بترولَك... صَيَّرَنَا البترولُ نسبِّح بِاسْمِ البيْتِ الأسودِ، نُؤْمنُ بالدّولارِ، و نُقسِمُ بالمَرْسِيدِسِ والكُنْكُرْدِ وناطحةِ السُّحبِ.
الورقة الخامسة:
شدّي اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! فقد أَفْقَدَنَا البترولُ هُوِيَّتَنَا ؛ فاغتالتْ أيْدِينا سفنَ الصحراءِ وأحرقنا الخيمةَ و السيفَ... نَسِينَا الصَّلواتِ الخمسَ وصلّينا لتماثيلِ الشَّمعِ وأنصابِ الحطبِ.
الورقة السادسة:
اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! سَيَأْتِينَا البترولُ مِن السُّحُبِ .
الورقة السابعة:
يا لغةَ الضَّادِ افْتَكِّي مِنَّا أحرفَك الخضراءَ ...! فنحن تَفَرْنَسْنَا وتَأَمْرَكْنَا ونسينا رسم الهمزة والتاء نَسِينَا الأفعالَ الخمسةَ والأسماءَ الخمسةَ... آهٍ! ما أتَعسنا ! أخرجنا البترولُ مِنَ الفردوسِ العُلويِّ إلى السِّردابِ الخَرَبِ. .
الورقة الأخيرة :
لِتُعِيدُوا الخيمةَ و السَّيفَ إلينا . . . لِتُعِيدُوا سُفُنَ الصحراءِ الموؤودةِ ... هذا زمنُ البرقِِ الخُلَّبِ .... زَمْجِرْ . . زَمْجِرْ . . زَمْجِرْ يا رعدَ العربِ .... واضْرِبْ بِعصاك الأرضَ فأنتَ نَبِي .
شعر: محمد علي الهاني
( تونس الخضراء)
الورقة الأولى :
تحملني في عينيْها امرأةٌ عمياءُ وحُبلى بالقحطِ المُزْمنِ ، تصلبني فوق عمودِ من لهبٍ... تَعِبَتْ عيناها الْبَيْضَاوَانِ وكفّاها السَّوْدَاوَانِ وأَتْعَبْتُ عمودَ الصَّلَبِ وما أتعبني تعبِي .
تحملني وتصلِّي للرّعْدِ الممسوخِ صلاةَ الاستسقاءِِ ؛ فأقرأُ أسفارَ الرّيحِ المنفيَّةِ ،أكتبُ بالنارِ على صفحاتِ الرّعدِ المقبورِ سطورَ الغضبِ.
وأجيءُ إليكِ على فرسِ الأوجاعِ مع الرّيحِ الصَّرْصَرِ من جُزُرِ الغربةِ أمضغُ فاكهةَ الأحزانِ ... و رأسي ميدانٌ لجيادِ الوَحْشَةِ والعطبِِ .
وأجيءُ إليكِ -جنازةَ وردٍ- في الزمنِ المتعبِ... ضُمِّينِي ، وأَنِيمِينِي كي أحلمَ بالأمطارِ... أنا لم أحلمْ منذُ زمانٍ بعروسِ البحرِ تضمِّدُ جرحي في زورقِ ضوءٍ يمخرُ أمواجَ السُّحُبِ .
ضُمِّينِي - يا أُمُّ - أَعيدينِي للصَّدرِ الدّافئِ والثّدي الدّافقِ ...إنِّي الطّفلُ الغاضبُ والمغضوبُ عليه الرافضُ أقمارَ الحبِّ الكَذِبِ.
الورقة الثانية :
هذا زمنُ النَّكسةِ ... هذا زمنُ اللَّعنةِ. . هذا زمنُ الرِّدَّةِ .. . هذا زمنُ المَسْخِ يُحاصرني بالوجعِ اليوميِّ وبالسّهدِ اللّيليِّ وبالرعبِ الدّمويِّ ، وينخُرُنِي كالسّوسِ بأعماقِ الخشبِ.
ضُمِّينِي... ضُمِّينِي أَسْتَرْجِعْ بعد الضّمِّ رمالَ الصحراءِ وسيفَ البرقِ وعرسَ الرّعدِ وعيدَ الرّيحِ ، و أَسْتَرْجِعْ مِنْ أيْدِي النّخّاسِين دمي وملامحَ وجهي العربِي .
الورقة الثالثة :
عربيًّا كان الرّعدُ و كانت زوجتُه الأولى صاعقةً حبلى بالشُّهُبِ .
عربيًّا كان الرّعدُ و كان أبَا الغضبِ .
عربيًّا كان... فَمَنْ قد غَيَّرَ موطنَه ؟! من قصّ شواربَه ؟ من مزّق خيمتَه المطروزةَ بالخزِّ و بالفضّةِ و الذّهبِ؟!
و الصاعقةُ الحبلى مَنْ قَلَّمَ أظفارَ أناملِها الخضراءَ ؟! ومن باللونِ الأحمرِ - يا قوْمُ- طلى شفتَيْها اللَّعْساوَيْنِ وقصَّ ضفائرَها السّودَ و واراها في كتبِ الأدبِ ؟!.
الورقة الرابعة:
اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! فقد كنّا قبل البترولِ نسبِّح بِاسْمِ اللهِ الواحدِ ، نُؤْمنُ بالبعثِ، ونُقسِمُ بالتّينِ وبالزَّيتونِ وبالعنبِ .
شدّي بترولَك... صَيَّرَنَا البترولُ نسبِّح بِاسْمِ البيْتِ الأسودِ، نُؤْمنُ بالدّولارِ، و نُقسِمُ بالمَرْسِيدِسِ والكُنْكُرْدِ وناطحةِ السُّحبِ.
الورقة الخامسة:
شدّي اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! فقد أَفْقَدَنَا البترولُ هُوِيَّتَنَا ؛ فاغتالتْ أيْدِينا سفنَ الصحراءِ وأحرقنا الخيمةَ و السيفَ... نَسِينَا الصَّلواتِ الخمسَ وصلّينا لتماثيلِ الشَّمعِ وأنصابِ الحطبِ.
الورقة السادسة:
اِمْتَصِّي بترولَك يا أرضُ...! سَيَأْتِينَا البترولُ مِن السُّحُبِ .
الورقة السابعة:
يا لغةَ الضَّادِ افْتَكِّي مِنَّا أحرفَك الخضراءَ ...! فنحن تَفَرْنَسْنَا وتَأَمْرَكْنَا ونسينا رسم الهمزة والتاء نَسِينَا الأفعالَ الخمسةَ والأسماءَ الخمسةَ... آهٍ! ما أتَعسنا ! أخرجنا البترولُ مِنَ الفردوسِ العُلويِّ إلى السِّردابِ الخَرَبِ. .
الورقة الأخيرة :
لِتُعِيدُوا الخيمةَ و السَّيفَ إلينا . . . لِتُعِيدُوا سُفُنَ الصحراءِ الموؤودةِ ... هذا زمنُ البرقِِ الخُلَّبِ .... زَمْجِرْ . . زَمْجِرْ . . زَمْجِرْ يا رعدَ العربِ .... واضْرِبْ بِعصاك الأرضَ فأنتَ نَبِي .
شعر: محمد علي الهاني
( تونس الخضراء)