المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رائحة الضربان



ماجد الكعبي
22/03/2007, 11:30 AM
رائحة الضربان



بقلم - ماجد الكعبي



في عمقِ الصحراء المترامية تتنازع الوحوش لحوم فرائسها لا لكي تملئ بطونها الخاوية بل لكي تؤكد بطشها وشراستها.

وفي جحرٍ صغير مظلم ومتعفن يكتفي الضربان بجُبنهِ بعيداً عن تلك الوحوش مكتفيا برائحةٍ كريهةٍ يطلقها من قفاه ليبعد عنه أعين المتطفلين والمتجاسرين على هدوءِ مملكته المتعفنة.

وفي لحظةٍ وبسخريةٍ مرة من فعل القدر يتحول ذلك الضربان إلى ذئب شرس يطال لحوم أبناء جلدته ليثبت للآخرين ظلال شجاعته المزورة فيعبث بالضمائر ويقتات على صفاء النفوس وفرحها بصدقها وتألقها وليس هذا فحسب. بل يمنعها من إثبات جدوى صدقها وبراءتها فمن يكون ذلك الحيوان ليكبر بسحر العدسات المكبرة التي تمنحه إشعاعاً مزوراً وضخامة ملفقة ليعيث كما يشاء في ظل تلك الإشعاعات وينبري ليطلق الاتهامات ويمنع سواقي الإبداع من الوصول لمائها العذب إلى روح المبدع ومثابرته لإيصال صوته للأخر المتلقي لإبداعه وكلماته النابضة بالصدق والحياة . أقول لهذا الشيء الذي نطلق عليه صفة إنسان عبثاً دون إكتمال صفاته الإبداعية بل وحتى الإنسانية بحيث يصبح دائرة مغلقة على نفسه ونزواته وحاجاته الشخصية التي هي في الأصل ملك لمن يتلقى دعمه وحياة إبداعه من تلك الدائرة ومتى كانت الثقافة العراقية محطة تناوش بالبنادق والخناجر والدخان ! حتى يأتي اليوم من يبرمج مسار الثقافة العراقية وفقا لصياغاته الشخصية ونزواته الكريهة حتى لمن لا يتعاطى في دائرة الثقافة فهو يمنع ذاك من مد يده لانتشال واقع الثقافة العراقية من بؤسها العميق ويعيق أخر من إيصال إمداد الحياة بالكلمة والتشجيع والمؤاساة وهل المنصب الذي يحتله ذلك الشخص يبيح له أن يستخدم عكازات السير لأنه أعرج ؟ ! ويأمر الآخرين أن يستخدمونها وهم يسيرون على أقدامٍ صحيحة غير ذي عاهة إي يتبع سياسة التقليد الأعمى مع الآخرين برغماً عنهم دون ما وازع أو فهم بمجريات واقع المثقف العراقي والفروق الفردية ومحفزات الإبداع واعتقد بان ذلك الشخص إذا لم يجد من يحرق أصابعه ويشعل دخان كلماته في وجهه سيقوم في يوم ما بتحويل الوزارة إلى مذخر للبنادق والقاذفات والرمانات اليدوية وليس بعيد أن يسمي وزارته وزارة الثقافة والدفاع العراقية وبذلك يكمل دورة ذيهانه المريض ووسوسته من تجاوز الآخرين حدودهم الرسمية معه كوزير كما يسمونه وتتحول ساحة الإبداع والفن إلى ساحة للتقاتل والتربص والهتك حتى على من يحاولون إفهامه بان وزارته مختصة بالثقافة والفن والأدب وليست وزارة مفخخات أو اغتيالات أو قتل متعمد لجذور الثقافة العراقية المسكينة التي طالها من القهر والتنكيل والصق والاستبداد ما لم تنله حتى الثقافة الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي . لا ادري كيف تسلل هذا النموذج المريض الباخلي بعطائه الإنساني إلى دكه يتلقى من خلالها المبدع العراقي اللكمات والصفعات والمفاجآت الهستيرية بدلا عن الروح التي تفترش الأرض لتتلقى زهور المبدع العراقي وتألقه لتكتمل صورة العطاء بأبهى صوره ومرة قال الكاتب المصري يوسف إدريس أذا ولد عندنا كاتب روائي أو مسرحي أو شاعر أو صحفي لامع فيجب أن نعمل له احتفالاً كبيراً ابتهاجاً بولادته وعطفاً على هذه المقولة اذكر أيضا مقولة للكاتب الكبير نجيب محفوظ بان الإنسان الجاهل اخطر من القنبلة النووية .

وبكل أسف تحققت مقول نجيب محفوظ من إنسان جاهل ليس من الذين يرتادون المقاهي أو من الذين لم تلنه فرص التعليم لسبب أو لأخر ولكن من شخص تسلل خلسة بمرسوم جمهوري وعلى رؤوس الإشهاد ليصبح دبوسا بصفة وزير يشك الأجساد الغضة المتألقة التي تنتظر منه المساندة والدعم والحب. بودي أن أقول أن المناصب الوزارية ليست أرثاً مادياً وليست كنزاً شخصياً لمن هب ودب من الذين بزغوا فجاءة ليلمعوا بضوء شاحب يشوبه الكثير من الغبار ويلم حوله العناكب الخبيثة التي تستخدم كجدار يحمي ذلك الشخص من بزوغ ضوء آخر يحمل سمات الصدق والعفة والنزاهة واه على تلك الأيام الغابرة في صدر الإسلام عندما كان الصدق منبرا والخسة بئر تهرب منه الأنفس الطاهرة الصادقة والعفة مئزرا وفراشا والحب غذاء يملى صحون العافية. هل سمعتم في يوم ما وفي إي دولة أن وزبرا يضطهد وكيله ويعرقل بوادر سعيه لإثبات نجاح وزارته وقدرتها على التواصل مع الآخر وهل سمعتم بوزير يأخذ دور العجوز في علاقتها مع كنتها ( وهذا مثل استدلالي مع الاعتذار لأمهاتنا الفاضلات ولشخص السيد جابر الجابري ) ومتى ستدور ماكنة الوزارة أذا كان من يديرها هو الذي يعبث بمفاتيح حركتها إنني ادع المثقفين العراقيين الشرفاء إلى قول كلمة الحق وإنقاذ وزارتهم من الهرم والعبث والتسكع وإعلان مواقفهم الجريئة الصادقة بدل الانزواء والتشكي مثلما يفعل الضعفاء مع من يسط على حقوقهم ومسارات إبداعهم وبكل صراحة أقول هاهو صدام حسين آخر يتأهب للنهوض ومصادرة مابناه مثقفونا بعرقهم وجهدهم وصبرهم وإذا لم تقفوا في وجه هذا الساحر فانه سيحمل عصاه الشريرة النزقة ليهدم كل ما يجده إمامه فالبطولة كل البطولة هي في فضح وتأويل الأفعال والأقوال المتلبدة بغيوم الحقد والكره لكل ما هو جميل وناصع في نفس هذا الساحر الذي نصب وزيراً واختم كلمتي بمثل بسيط ماذا يساوي بنظركم مبلغ مائة ألف دينــار( 100,000) لجهد إبداعي يمتد لحفنة طويلة من الأرق والسهر والعرق فهو نظير حضور تواصل من الكتابة والمبادرات والمؤتمرات وقيادة زمر إبداعية لزمن يمتد إلى ثلاثين عاما ومع ذلك حجبت وغلفت بغلاف من التكاسل والمناورة كان أثرها علي مراجعات طويلة وسفر شاق من الجنوب إلى بغداد حافل بالمخاطر وكان النجاح في حجب هذه المائة ألف دينار يمثل بطولة وعبرة للمثقفين الآخرين ولسان حالهم يقول افعلوا ماشئتم لإبداعكم وأنشطتكم ومؤتمراتكم الثقافية والشعرية فلن تحصلوا على شي وبذلك أصبح هذا المبلغ دبوسا آخر يضاف إلى الدبابيس الأخرى التي يكور بها هذا الشخص جسده هل تعرفون بأنني صرفت واستندت ضعف هذا المبلغ بكذا عدد من المرات مضروبا في عشر مرات من السفر والمشقة مقسوما على مئات من الأعذار والمحاججة والمساومة وكأنني بهذا المبلغ أتجاوز على نفسي وعلى الأخر لأضيف نجمة رابعة إلى العلم العراقي أو أطالب الوزارة بقطعة مضيئة من القمر انظروا كم أصبحت الأشياء البسيطة مستحيلة وكم أصبح الزمن كرة يتلاقفها القائمون على إدارة وزارة مختصة بالثقافة والإبداع فماذا بقي أذن للمثقف العراقي إذا فسد ملح القائمين على بحر عطائه وجهده وأتذكر نكتة لشخص أراد أن يشتري سمكة من شارع أبي نؤاس فوجد أن رأسها يفوح بالتفسخ والعفونة ولكن بائع السمكة أراد أن يقنع المشتري فقال له بان جسدها غير متعفن فرد عليه المشتري ما الفائدة منها أذا كان الرأس متعفن. أيها المثقفون ثقافتكم دس لها السم فهل ستحملون ذلك السم في أوعية لبنكم لتسقوها السم بأيديكم وصدق من قال أن لم تستحي فا فعل ما شئت والحليم تكفيه الإشارة .



Majid_alkabi@yahoo.com