المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتح بين سلطة رام الله وسلطة غزة



سميح خلف
06/12/2010, 11:25 PM
فتح بين سلطة رام الله وسلطة غزة

بلا شك أن حركة فتح حركة الكفاح المسلح وحركة بداية الستينات لن تعود مرة أخرى بالزخم الذي أخذته من كل بيت وشارع فلسطيني وعربي، وربما لأن فتح في الستينات كانت قد أشفت غليل كل من هو متشوق أو يشعر بالجوع الوطني والقومي ولذلك فتح بسطت جناحيها على الخريطة العربية وبدون منازع إلى بداية السبعينات من القرن الماضي وبرغم وجود قوى قومية حزبية وقوى تقدمية شيوعية ماركسية وليننية وكان الإتحاد السوفيتي في ذاك الوقت يستطيع أن يدافع عن مساحات واسعة من مصالحه في منطقة الشرق الأوسط برغم الخلل الداخلي الذي أصيبت به المؤسسة الروسية بالمنظور الإقتصادي والإداري.
تجربة فتح في الستينات والسبعينات وبقدر الزخم الذي أخذته هذه الحركة من الجماهير الفلسطينية والعربية حتى انخراطها في العمل الثوري المباشر من خلال صفوف وأطر حركة فتح بهذا القدر توجهت الرماح والأسهم والإختراقات لهذه الحركة التي كانت يمكن أن تبشر بنتائج حاسمة في الصراع العربي الصهيوني.
اختراقات روعي فيها المدى الطويل مع تصفيات للقيادات الثورية التي أتت بشكل مرحلي يتناسب مع المرحلة في الصراع.
لا أريد هنا أن أدخل في انحراف البرنامج السياسي والنضالي لهذه الحركة بقدر ما نريد أن نوضح آنية الوجود الحركي الراهن ووقوعه تحت فكي كماشة:
1- الإختراق في داخل حركة فتح عبر عن نفسه في ظهور برنامج توج بأوسلو وخارطة الطريق وهو قبول ونسيج لبرنامج أثبت فشله وطنيا، بل صنف من نوع التآمر على برنامج حركة فتح والقضية الوطنية والقومية أيضا، ولا أريد أن أدخل في المؤشر الإسلامي الذي كان يمكن أن يتطور في داخل حركة فتح، والذي عبرت عنه في النهاسة كتائب شهداء الأقصى بأجنحتها القتالية التي رفضت المساومة والإستسلام، هذا التيار نضج مع نضوج انحرافي للبرنامج العربي حيث أصبحت سلطة أوسلو هي ممثل قزمي بل كرسي ضعيف الأرجل لبرنامج عربي ولنظام عربي مسيطر على أقدار منظمة التحرير الفلسطينية من خلال مسؤوليها وممثليها، وليس غريبا أن يكون الولاء فقط للنظام العربي بل هو ولاء مزدوج يتحكم فيه المال السياسي سواء كان عربي أو أميركي أو أوروبي.
2- نمو التيار الإسلامي الذي ظهر على نكسات ونكبات حركة فتح وأهم العوامل التي أظهرت تلك النكسات والنكبات كانت ذو بعد برمجي نضالي مغاير للأسس التي انطلقت عليها حركة فتح واهدارها للطاقة البشرية واعتبارها طاقة مرحلية لا تخلو من صفة الإستغلال بتشبيه بليغ مثل حركة رأس المال واستغلال الأجراء، لا أكثر ولا أقل، ابتعدت حركة فتح عن السلوك الثوري بما يمليه من أدبيات وأخلاقيات بالتأكيد هي العامل الأساسي في قناعة الجماهير والتصاقها بحركة فتح من عدمه وتفشي الإستزلام والفئوية والإقليمية في داخل مؤسسات حركة فتح، كل ذلك كان على حساب البرنامج لهذه الحركة بآثار سلبية بالتأكيد والعكس بآثار إيجابية على نمو الحركة الإسلامية التي تصدرتها حركة الإخوان المسلمين وبشكل سريع من خلال الجمعيات في لبناتها الأولى إلى الدخول كمنافس في الإنتفاضة الأولى عام 87 مع القوى الوطنية.
لم يخلو صراع الحركة الإسلامية مع حركة فتح والعكس صحيح أيضا من استخدام كافة الأساليب كل منهما لإجهاض الآخر في حين أن المطلب الوطني في مرحلة التحرر كان يجب أن يكون موحدا والتنافس من أجل صناعة موقف وطني صلب لصياغة معادلة وطنية قادرة على كسر المعادلة الإسرائيلية وقادرة على اجهاض معادلات إقليمية هدفها التخلص من القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة العربية على قاعدة ما طرحته تلك القوى الإقليمية من حلول، بالتأكيد هي مكملة لوعد بلفور وخاصة في الشق الأمني والوجودي للكيان الصهيوني والجغرافي أيضا.
فتح لم تعد فتح في ظل الإتهامات المباشرة والغير مباشرة بين الحركة الإسلامية وحركة فتح وباقي الفصائل العلمانية كما تصفها حماس، فتح النضال والكفاح المسلح والشهداء اختفت من القاموس الوجودي لحركة فتح ولم يبقى لها إلا التاريخ، وهذه ثغرة أخرى جعلت من المنافس والند لحركة فتح يلبس ثوب المقاومة بأجود الألوان والأنواع في حين أن خطوطه السياسية المعلنة على الأقل هي في فحواها لا تقل تنازلا عن برنامج حركة فتح التي يقودها البرنامج الإختراقي من قبول دولة على أراضي 67 والتلويح بالإعتراف بدولة الكيان الصهيوني وحلول مؤقتة من خلال هدنة طويلة المدى كما أوضح مستشار رئيس الوزراء في حكومة حماس في غزة.
سلطة رام الله التي لعبت دورا مهما في انهاء حركة فتح وتشريد مناضليها بكافة الوسائل وهو خط موازي ومكمل للتصفيات التي تمت في حركة فتح والتي قام بها العدو الصهيوني وجهات حركية أيضا في بعض الأحيان لبعض الشخصيات الحركية.
التيار الذي يتقمص المانشيت العريض اللغوي لحركة فتح هو التيار الذي صفى التنظيم وقضى على ما تبقى من دوائر منظمة التحرير خارج الوطن وهو الذي جعل الإنتماء لحركة فتح ولجناحها العسكري هو استئجار مؤقت لنفوس بشرية لا يربطها مع طبقة الإقطاع والبيروقراطية والرأسمالية في حركة فتح إلا شعارات مرحلة، ولا يوجد عقد وطني بين تلك القيادة ومناضلي حركة فتح الذين تم استبعادهم أو احالتهم على المعاش أو غيره.
بالمنظور السياسي البرنامج الذي اعتمدت عليه سلطة رام الله والذي يتحدث باسم فتح هو الذي أتى بالتنازلات رويدا رويدا من خلال تفاعلات داخلية في داخل حركة فتح واجهاض حركات رافضة في داخل الحركة منذ أواسط السبعينات، تتويجا بمدرسة التنسيق الأمني ومركزية بيت لحم وحصار عرفات والقضاء على تيار عرفات كما تم القضاء على تيار أبو جهاد الوزير في عهد عرفات نفسه.
تفاعلات في داخل الجسم الحركي كان اللاعب الأساسي فيها هو لاعب اختراقي اقليمي دولي، إذا إلى أين تذهب حركة فتح الآن؟، وإلى أين يذهب مناضليها؟
كثير من التفاعلات فرزت كيانات محدودة لهذه الحركة بالوجه النضالي والمقاوم، هذه الأطر والكيانيات لم تلتقي على مائدة واحدة للآن، ولم تلقى ممولا، أي هي في حصار سواء كان في الإطار العام أو في الإطار الشخصي، فعلى سبيل المثال قد مولت الدول الإقليمية البرنامج التنازلي في داخل حركة فتح والذي تقوده تلك القيادة الحالية للسيطرة على حركة فتح وليس لتصعيد الكفاح المسلح وتعزيز البنية النضالية وبالمقابل وراء حركة حماس حركة جبارة وقوية تمتلك رأس المال الخاص وهي حركة الإخوان المسلمين العالمية، بالإضافة إلى التوافق المرحلي بين إيران وحماس على قاعدة الصراع على النفوذ بين أميركا وإسرائيل من ناحية وإيران من ناحية على المنطقة العربية، وطموح إيران لتغيير قواعد سايكس بيكو.
بالتأكيد أن حماس قد التقت في التوجه على إنهاء حركة فتح مع سلطة رام الله وان كان هناك خلاف على النفوذ والمؤسسات والبرنامج فكلاهما لا يريد لشرفاء حركة فتح قيادة العمل الحركي في حين كان من المفروض أن تلعب حماس ومن خلال قوتها المادية والوجودية على لعب دور أساسي في استنهاض ودعم شرفاء حركة فتح أمام تسلط وخداع سلطة رام الله وتعاونها الأمني سواء كان في الضفة الغربية أو من خلال مؤسساتها في الدول العربية وهي وظائف معلوماتية بالدرجة الأولى تخدم العدو الصهيوني وأعداء حركة النضال الوطني الفلسطيني، وكما عبر عنها قادة الأمن في السلطة في اجتماعهم مع قادة العدو الصهيوني أنهم جميعا أمام عدو واحد وهي المقاومة وحركة حماس وكتائب شهداء الأقصى والجهاد وشرفاء فتح.
إذا أين سيتوجه شرفاء فتح لينتصروا في توجهاتهم على قوى التنازل والإنحراف والفساد في داخل هذه الحركة، في السابق لعبت حركة فتح في سنواتها الأولى كرافد وداعم لحركات المقاومة سواء كانت فلسطينية أو عربية وهي في موقع الريادة، إذا أين حماس من هذا الموقف؟، أوضح بعض قادة حماس أن ياسر عرفات قد دعم كتائب القسام عسكريا وماديا، أليس من الأجدر أن يرد هذا الجميل لشرفاء حركة فتح الذين يحملون البندقية ويحملون الكلمة الشجاعة التي تعبر عن رصاصة شجاعة خالية من التبعية وهي مستقلة في ظل زحمة التآمر الإقليمي على من كل هو شريف ويريد فلسطين من النهر إلى البحر، بالإضافة إلى كوكتيل الأجهزة الأمنية المختلفة ببرامجها المختلفة التي تحاول أن تدب الإنهزام واليأس في الثقافة الشخصية والعامة للإنسان الفلسطيني.
بقلم/سميح خلف