المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمازيغية تكرار للاستيلاب



فؤاد بوعلي
27/09/2006, 08:26 PM
ساهمت التحولات الجذرية التي عاشها العالم في نهاية الثمانينات وسقوط المعسكر الشيوعي في بروز العديد من التيارات القومية . فمن أعماق آسيا مرورا بدول الشرق الأوسط وصولا إلى شمال إفريقيا بدأ الدفاع عن هوية "القوميات و"الشعوب الأصيلة " مطلبا عولميا جديدا . فالحقوق الثقافية للشعوب وأحيانا السياسية بدأت تبرز في أجندة الحركات الاجتماعية المختلفة . ولم يكن المغرب استثناء من هذا الكل . فقد برز إلى الوجود تيار يدعو إلى اعادة الاعتبار للأمازيغية وإحياء تراثها ، بل وصل الأمر إلى المطالبة بدسترتها وأحيانا بجعلها اللغة الرسمية الأولى للشعب المغربي . فإلي أي حد يمكن القول أن الأمازيغية احتياط ثقافي للتربية على الكونية كما يزعم الأستاذ حبيبي ؟
1 ـ في تحليل المقال يبدو أن صاحبه يحاول إقناع المتلقي بالدور الحداثي لمطلب الأمازيغية . وإذا كنا نؤمن بأن اللغة ـ كيفما كانت تشكيلتها ـ هي أكبر من مجرد آلية للتواصل وتبليغ الأفكار ، فإن اللغات تختلف وفق قدرتها لاستيعاب الحضارات المختلفة . وكما قال فيخته : " إن الحدود الأساسية التي تستحق التسمية باسم الطبيعة هي الحدود الداخلية التي ترسمها اللغات ، فإن الذين يتكلمون اللغة الواحدة يرتبط بعضهم ببعض بحكم نواميس الطبيعة بروابط عديدة فيكونون كلا لا يقبل الانفصام ". وبهذا ينبغي الاعتراف بأن الأمازيغية قد تشكلت في ظروف الانتماء إلى الأرض ببساطتها ووضوحها وقرتها على الوجود . لكن هذا لا ينفي عجزها الذاتي الذي مهما تعددت أسبابه ورؤيتنا لعوامله عن مواكبة التطورات الحضارية . لأن اللغة ليست فقط نطقا بل هي جملة من القواعد التي لا تكفي الحماسة ولا التسهيلات الإدارية ولا إنشاء معهد خاص لتكوينها . ومهما تعددت المحاولات فإن الإشكال الأكبر يبقى في الانحسار الذي عانته الأمازيغية وبقائها في دائرة ضيقة من التداول ، زيادة على ضيقها المعجمي في مواكبة التطورات الحضارية .
2 ـ المقال الذي بين أيدينا هو تكرار لرهان طالما ردده الفاعلون الأمازيغيون ألا وهو الربط الجدلي بين الحداثة والأمازيغية أو تمزيغ الحداثة . ويقول صاحبنا :" من هنا نفهم أنه ليس صدفة أن يتبنى الخطاب الأمازيغي قيم ومبادئ المشروع الديموقراطي الحداثي ببلادنا. إنه اختيار طبيعي لا تبرره حسابات سياسية ضيقة أو اعتبارات تكتيكية عابرة. إنه قيمة ثقافية وتاريخية تجاهد لكي تحقق الوعي بالذات لدى الفاعلين في السياسة والاجتماع والثقافة والتربية. " . والواقع أن تبني الفاعلين للتصور الحداثي لا ينطلق من رؤية عميقة للفهم الحداثي المبني على اللتعددية والحرية بل هي محاولة للوقوف في مقابل التيار العام في الوطن والقائم على حضور الهوية الإسلامية كمكون أساسي في برامج مختلف الهيئات السياسية والجمعوية حتى التي تدعي الانتماء اليساري أو القومي ."فالأمازيغية هي التي نجدها تشكل منظومة إيديولوجية متكاملة، وذات مطالب محددة تبتدئ من "دسترة" اللغة الأمازيغية وتنتهي بإقرار الجهوية مرورا من العلمانية وسمو المعاهدات الدولية من خلال جعلها جزءا من القانون الوطني وإحياء الأعراف كمصدر من مصادر التشريع." . لكن الحداثة التي يريدها الأمازيغيون هي حداثة قومية مؤسسة على الانفصال التاريخي عن الامتدادات الخارجية .
3 ـ الأمازيغية في المغرب حالة مواجهة وليست حالة بناء للوعي. فظهورها على الساحة اصطدم بنمو الحركات الإسلامية بمختلف تصنيفاتها . وهذا ما جعلها تؤسس كل مشاريعها على هذه المواجهة . لذلك تمتلئ الساحة الثقافية بهذه المواجهات المفتوحة على كل الاحتمالات . والكاتب لم يكن استثناء عن هذا . بل إنه افتتح مقالته بمحاولة نقد "العسكرة الذهنية للفرد تبدأ بفصله عن ثقافته الطبيعية والعضوية أي تلك الحمولة الرمزية من التصورات والمعتقدات والعادات التي تنتقل بالقدوة والممارسة الاجتماعية من جيل إلى جيل دون حضور فعلي لخطاب أخلاقي ماكر أو تدبيج بلاغي ساحر" .وهذا ما جعل الأمازيغة هي مطلب مواجهة وليس مطلب تحديث أو ونهضة .
4 ـ الأمازيغية محاولة لفصل المجتمع المغربي عن امتداداته العربية . هذه حقيقة واضحة ولا يمكن أن يجادل فيها أحد . فأحد رموز الحركة في المغرب (أحمد الدغرني) يطالب في لقاءاته بإزالة العربية والإسلام من الساحة . والأستاذ حبيبي في مقاله يؤكد على أن المغربة دخلوا في معارك غيرهم وليست معاركهم :" لأن دولة
الاستقلال لم تبنى بالمعطيات السوسيو-ثقافية المغربية، بل حضر فيها الشرق
والغرب وغاب عنها المغرب." . وكان أحد الفاعلين الأمازيغيين أكثر وضوحا حين قوله : " تنادي الحركة الأمازيغية بالقطع مع الإيديولوجيا العربو ـ إسلامية، وهي مجموع الأفكار المبنية على أساس العرقية العربية، وتسخير الإسلام لدعمها وتخدير الشعوب بها. فالمغرب بلد أمازيغي أسلم منذ أربعة عشر قرنا، وهو في غنى عن إيديولوجية عرقية متجاوزة، ساهمت في تخلف صانعيها الذين وضعوها لغايات في أنفسهم، بتشجيع ومباركة من الدول الإمبريالية." .وهذا يبرز البهد التجزيئي في الحركة الأمازيغية .
وأخيرا هل يمكن للأمازيغية أن تحل إشكال الهوية المغربية ؟
صحيح أنه لا أحد ينكر ما عانته الثقافة الأمازيغية من تهميش وإقصاء نتيجة الفهم الخاص لبعض رواد الحركة الوطنية ودفاعهم المستميت عن الهوية العربية للمغرب في وجه الاستعمار . وفي عهد الاستقلال كان تبني بعض رموز القبلية للانقلابات العسكرية سببا رئيسا في التهميش المخزني للمطلب الأمازيغي . لكن هذا لا يعني أن الأمازيغية يمكنها أن تدخل في مسار التربية على الكونية إلا بصورتها العولمية المتوحشة . بل إن الأمازيغية بشكلها المعبر عنه هي دعوة صريحة للتجزئ ومناهضة القومية العربية التي ندافع عنها بكل جرأة . وفشل السياسات الحكومية لا يعني فشل الانتماء العربي .بل إن الانتماء العربي هو رهان وجودنا وليس عمقنا الإفريقي أو ما يحب أحدهم أن يوهمنا به كما تعبر عنه القصيدة التالية المنشورة في أحد المواقع الأمازيغية :
لسنا شرقيين و لا غربيين
إننا أوسطيون...
لسنا عروبيين ولا أوروبيين
إننا أمازيغيون .....
لسنا بدويين
و إنما نحن حضريون
لسنا شرقيين و لا غربيين
إنما نحن إفريقيون....
لا نستطيع النطق بــ....
حرف الضاد... أو الحاء.. او العين..
إذن فكيف نكون من العروبيين ؟
لا نستطيع العيش في الخيمة
هي رمز البداوة
البداوة تنبت في البشر الشهامة
إنما هم تعلموا منها فن الغارة
واغتيال الشرف و الكرامة
كما قال مؤرخنا أبن خلدون
( إذا عرّبت خرّبت )..
هذا ما عرفناه قديماً .. و ما لمسناه اللحظة..
لا نستطيع أن ننسى.. لا... لا... لا
فذاكرتنا عمرها طويل
لسنا شرقيين و لا غربيين
فبعد ما فعله أهل الشرق
هاهم من بعدهم أهل الغرب
يدعون أنهم أصحاب الحضارة
بعد ما غزونا
تارةً بإسم الدين ..
وأخرى من أجل التجارة
بعدما اجتاحونا.. سرقونا..
سرقوا ثراتنا..
بالكاد سرقوا لغتنا...
يعتقدون .. أننا فقدنا الذاكرة
منذ ألاف السنين
بعد ألان.. سنخرج عن صمتنا
فلساننا طويل..
الويل كل الويل
لمن يقف في هذا السبيل
لذلك فالأمازيغية هي محاولة لتكرار نموذج العنف المرتبط بالمعتقد . وما انتقده الأستاذ حبيبي هو في طريقه للتكرار على يد الجمعيات الأمازيغية والحالة في الحركة الطلابية خير مثال على ذلك .

سعيد بودبوز
17/06/2010, 12:03 AM
الأمازيغية لها قواعد يا صاحبي وهي بقيت في الحضيض بسبب العنصرية المدقعة والاستبعاد الكامل لكل ما يمت للأمازيغ بصلة..وبالتالي فإن مقالك في واد والأمازيغية في واد آخر، لا انت منها ولا هي منك. ولكن لها أهلها هم الذين سيبلورونها ويخرجونها من المقبرة التي وضعها فيها نخبة من البدو والهمج فلا تقلق
تحيتي