المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على اثار محمد اقربوشن / حتى لا ننسى...



نوارة ناصر
07/12/2010, 09:00 PM
السلام عليكم
و حتى لا ننسى , و حتى لا يعلو الغبار وجوه رجال الجزائر الأفذاذ , و حتى لا يخبو نور كنوز أرضنا المعطاء . لهذا كله ارتأيت أن أقدم لكم نبذة و لو قصيرة في حق العملاق المجهول المايسترو محمد اقربوشن
انه الفنان العملاق محمد اقربوشن ابن سعيد بن علي , المولود 13 نوفمبر سنة 1907 بقرية أيت وشن بولاية تيزي وزو بالجزائر . انه الرجل الذي يحمل الناي كما سماه الكثير , أو الفتى الراعي الذي أثار اهتمام الانجليز و هو في ريعان شبابه , استضافته أهم العواصم و أشهر المؤسسات السينماطوغرافية العالمية , و صاحب أزيد من 590 مؤلفة موسيقية .
انه ابن جبال جرجرة و سواحل أزفون و الذي كان مولعا بالناي منذ نعومة أظافره . و ما كان أحد يدري أن هذا القروي الصغير هو الذي سيلقب بالمايسترو و سيتقن في حياته سبع لغات هي الانجليزية – الالمانية – الايطالية – الاسبانية – الفرنسية الى جانب العربية و الامازيغية بلهجاتها .
كانت أسرته قد غادرت الريف متوجهة الى الجزائر العاصمة حوالي سنة 1870 و تابع دراسته الابتدائية بالقصبة بمدرسة سيدي محمد الشريف .
كان ميله الى الموسيقى منذ سن مبكرة سببا في اكتشاف الكونت ' روث ' له سنة 1919 , و هو أحد النبلاء الانجليز .
بفضل الفنان التشكيلي ' فرازر روث ' الذي كان صاحب ورشة مجاورة لاقامة أسرة اقربوشن بالقصبة فسلفر الى انجلترا مع الكونت بعد موافقة والديه سنة 1932 فكان ذلك حافزا له لمضاعفة جهوده لابراز اسم وطنه , فباشر دراساته في في التلحين و تفوق ببريطانيا و قرر ' روث ' دفعه نحو المجد فقاده الى فيينا بالنمسا حيث عمق دراساته في التلحين مع الأستاذ' ألفريد غرنفيلد '
عاد الى أرض الوطن لزيارة والديه لكنه لم يمكث معهما طويلا حيث تكاثرت عليع الطلبات من مختلف جهات العالم. لتأليف مقطوعات موسيقية و توزيعات لأفلام .
فدم ثلاث ( رابسوديات ) بلندن سنة 1928 بعد أن تحصل على الجائزة الأولى للبيانو في فيينا بالنمسا سنة 1926 كما أنشأ فرقة سمفونية كبيرة ( رابسودية جزائرية ) سنة 1935 وقد اظهر عليها الطابع المغاربي و قد حققت نجاحا كبيرا – اولى سمفونياته 'قبائلية' ' حفلة شرقية ' و ' رقصة امام الموت ' الفها بين 1930 و 1934 كما ألف بالتنسيق مع 'ماكس دوريو ' ( وفاة ابي نواس و زوجته سلمى سنة 1930 .
وضع اقربوشن موسيقى فيلم ' قدور في باريس ' ل 'أندري ساروي ' و كذا العديد من الافلام مثل فيلم 'الجزائر ' و فيلم 'عزيزة ' . و و ضع موسيقى فيلمين للجزائري الطاهر حناش سنة 1941 و هما 'سيرتا ' و ' غطاسو الصحراء '.
و قد ساعد الكثير من الفنانين الجزائريين بفرنسا و بعض مطربي الاغنية القبائلية منهم احسن مزاني – صورية نجيب – محمد حامل – جمال بدري – الشيخ نور الدين و فريد علي الذي كان تلميذا له فالف له 50 أغنية قبائلية أشهرها لحن أيما صبر أورترو' , احتضنته السجون الفرنسية سنة 1944 بسبب انتمائه الى منظمات وطنية و كلفه ذلك كسرا بصدغه و توجه بعد خروجه من السجن نحو الجنوب الجزائري ليستلهم موسيقى فيلم حول التوارق بعنوان ' الرجال الزرق ' – قام بتلحين أشعار' ألف ليلة و ليلة ' ل ' رابند راناث ثاغور ' . وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وضع موسيقى الفيلم الشعبي ' مناعة الوحدة ' ثم ' مدرسة متنقلة ' ل ' جينا مانس ' و ' جاك سيفيراك ' .
بادر بكل جدية بانشاء القناة القبائلية باذاعة باريس حين كلفه بذلك وزير الاعلام الفرنسي .
استقر بالجزائر العاصمة منذ سنة 1956 , و كان رئيس جوق في حصص باللغتين العربية و القبائلية , كما الف بعد الاستقلال عدة الحان للاذاعة و التلفزة الجزائرية .
كان فنانا كاملا تجمعت لديه عدة مواهب , فكان موسيقيا و شاعرا و كاتبا و محاضرا . و كان عضوا دائما بشركة المؤلفين و الملحنين بباريس .
يجهل اغلب الناس أن اغربوشن قد كان أستاذ بمدرسة المعلمين ببوزريعة , و ذلك لنقل المشعل للأجيال الجزائرية الناشئة .
و يكفي تعبيلاا عن غزارة مؤلفاته أن نقول انه وضع بين 1956 و 1961 (165) مؤلفة عصرية جاءت في شكل خلاصة للموسيقى الشرقية و الغربية و الف الحانا اخرى للمطربة 'سهيلة ' ...
عاد بصفة نهائية الى الجزائر سنة 1962 و استمر عطاؤه في مجال الفن و الثقافة و قد تعلم منه الكثيرون و من اشهر اصدقائه الجزائريين : رشيد قسنطيني – محي الدين بشطارزي – جمال بدري – سيد احمد اقومي – كمال حمادي – محبوب اسطمبولي – بودالي سفير – محمد زينات ...
توفي المرحوم محمد اقربوشن في سن التاسعة و الخمسين و كان ذلك يوم اوت 1966 بالجزائر العاصمة و دفن بالقطار , بعد معاناة من مرض السكر .
و في الاخير , هذا جزء يسر من كثير و محاولة متواضعة لا تحيط بكل تفاصيل حياة الفنان و اعماله و لكنها تعيد الى الذاكرة – و لو الى حين – بصفته احد ابناء الجزائر الكبار و احد عمالقة الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية و العالمية و الذي حاول البعض اخفاء جزائريته و كأن هذا الوطن لا يحق له أن ينتسب اليه مثل هؤلاء الكبار.