محمّد العرفيّ ـ تونس
11/12/2010, 04:44 PM
عنوسة
فتحتْ شبّاكها و أطلّتْ – ككلّ أمسية – تعرض نفسها على العزّاب أو حتّى الكهول و المطلّقين.
تحاول جاهدة – وهي تعرض بضاعتها بشكل لائق و جذّاب – أن تطمر عيوبها، فتشدّ صدرها بحمّالتين تبرزان النّهدين متوثّبين كقطّ نافر. تسدل شعرها على كتفيها، و لا تنسى أن تترك خصلة منه تتهاوى من فوق جبينها على الحاجب الأيسر و ما تحته. تغمس رموشها بالكحل شديد السّواد، وترسم شفتين بالأحمر القاني أكبر من شفتيها. تورّد خدّها بقرصات طوال قبل العرض، ولا تنسى ككلّ مرّة أن يكون جيدها برّاقا أمام العيون بقلائد ذهبيّة تحرص دائما أن تعلّق في إحداها "خمسة" تطيّر عيون الحاسدات في الشّرفات المقابلة. و أخيرا ترمي بنظراتها هنا و هناك... إلى أن تعلق عين بعين متلصّصة فتعرف أنّها لمتصابٍ، أو بعين وقحة فتعرف أنّها لمخادع، أو بعين تقف عند الجيد فتعرف أنّها لطمّاع، أو بعين بارقة مرتدّة لا تثبت فتعرف أنّها لخائف من زنا العيون، أو بعين متردّدة فتعرف أنّها لغرّ، أو بعين متوثّبة متحيّرة فتعرف أنّها لنمّام أو شيخ...
خبرتها الطّويلة علّمتها كيف تمنع نفسها من التّمادي في العرض أكثر أمام كلّ هذه العيون الخائبة.
تبحث دائما عن عين ناعسة، ظمأى، ترشق عينها مباشرة و تذبل كشعلة هدهدتها ريح خفيفة.. ثمّ تعاود اشتعالها.
مرارا توهّمت أنّ هذه عين ناعسة فتعرض نفسها بأكثر همّة، لكنّها سرعان ما تكتشف خيبتها، إنّها عين غريبة أو وقحة أو هازئة أو فضوليّة أو متحرّشة... فترتدّ عيناها خاسئتين!.
اليوم تعرض بضاعتها الكاسدة للمرّة الأخيرة – هكذا قرّرت – ثلاثون عاما أو تزيد وهي تنتظر رجلا تكون عكّازه ويكون سندها، رجلا لمّا تغلق بابها تشعر أنّها آمنة، رجلا يحرثها و تكون زرعه، رجلا تتذوّق معه الحياة، رجلا ليس كأحد من أزواج جاراتها المغبونات، رجلا.. "رجلا"...!
اليوم قرّرت أن تعرض نفسها كما هي، بنهديها الضّامرين المتراخين، بحولها الخفيف، بشفتيها الصّغيرتين، بلا أساور أو قلائد أو خدود مورّدة !!.
هالها أنّ أعناقا كثيرة اشرأبّت و تفتّحت العيون المتثائبة والمتوثـّبة... عيون بلا نعس، بلا خجل تقضمها قطعة قطعة... أوصدت آمالها، زمّت شفتيها الصّغيرتين وجمّعت ما في فيها من ريق واستدارت...
تناثر رذاذ البصاق فوق العيون...
فتحتْ شبّاكها و أطلّتْ – ككلّ أمسية – تعرض نفسها على العزّاب أو حتّى الكهول و المطلّقين.
تحاول جاهدة – وهي تعرض بضاعتها بشكل لائق و جذّاب – أن تطمر عيوبها، فتشدّ صدرها بحمّالتين تبرزان النّهدين متوثّبين كقطّ نافر. تسدل شعرها على كتفيها، و لا تنسى أن تترك خصلة منه تتهاوى من فوق جبينها على الحاجب الأيسر و ما تحته. تغمس رموشها بالكحل شديد السّواد، وترسم شفتين بالأحمر القاني أكبر من شفتيها. تورّد خدّها بقرصات طوال قبل العرض، ولا تنسى ككلّ مرّة أن يكون جيدها برّاقا أمام العيون بقلائد ذهبيّة تحرص دائما أن تعلّق في إحداها "خمسة" تطيّر عيون الحاسدات في الشّرفات المقابلة. و أخيرا ترمي بنظراتها هنا و هناك... إلى أن تعلق عين بعين متلصّصة فتعرف أنّها لمتصابٍ، أو بعين وقحة فتعرف أنّها لمخادع، أو بعين تقف عند الجيد فتعرف أنّها لطمّاع، أو بعين بارقة مرتدّة لا تثبت فتعرف أنّها لخائف من زنا العيون، أو بعين متردّدة فتعرف أنّها لغرّ، أو بعين متوثّبة متحيّرة فتعرف أنّها لنمّام أو شيخ...
خبرتها الطّويلة علّمتها كيف تمنع نفسها من التّمادي في العرض أكثر أمام كلّ هذه العيون الخائبة.
تبحث دائما عن عين ناعسة، ظمأى، ترشق عينها مباشرة و تذبل كشعلة هدهدتها ريح خفيفة.. ثمّ تعاود اشتعالها.
مرارا توهّمت أنّ هذه عين ناعسة فتعرض نفسها بأكثر همّة، لكنّها سرعان ما تكتشف خيبتها، إنّها عين غريبة أو وقحة أو هازئة أو فضوليّة أو متحرّشة... فترتدّ عيناها خاسئتين!.
اليوم تعرض بضاعتها الكاسدة للمرّة الأخيرة – هكذا قرّرت – ثلاثون عاما أو تزيد وهي تنتظر رجلا تكون عكّازه ويكون سندها، رجلا لمّا تغلق بابها تشعر أنّها آمنة، رجلا يحرثها و تكون زرعه، رجلا تتذوّق معه الحياة، رجلا ليس كأحد من أزواج جاراتها المغبونات، رجلا.. "رجلا"...!
اليوم قرّرت أن تعرض نفسها كما هي، بنهديها الضّامرين المتراخين، بحولها الخفيف، بشفتيها الصّغيرتين، بلا أساور أو قلائد أو خدود مورّدة !!.
هالها أنّ أعناقا كثيرة اشرأبّت و تفتّحت العيون المتثائبة والمتوثـّبة... عيون بلا نعس، بلا خجل تقضمها قطعة قطعة... أوصدت آمالها، زمّت شفتيها الصّغيرتين وجمّعت ما في فيها من ريق واستدارت...
تناثر رذاذ البصاق فوق العيون...