المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رقصة على حافة الضوء



مالكة عسال
22/12/2010, 12:54 AM
رقصة على حافة الضوء
حين غرس الزمن أنخاب الأتعاب في جسدها ،حملت حقائب الغبن،وآخر ريشة من ضباب الماضي ،وغادرت عرينها ،بمفردها تشق عباب الكون ،في جرابها عبق من الألم ،وروحا اعتادت على لعق الجراح ،وجسدا على سرير النكبات يطفو ..في يدها اليمنى حفنة من السراب ،وفي اليسرى غصن التمرد ،غاصت في مدارات التيه ،بين دروب مقفلة ،وأغوار بسحب داكنة مفعمة ،بسحنة تتقزز من وضع مشلول يشتعل بالفراغ ، مازال على حصير الحبو يخطو ،شقت الممرات الطويلة في أقاصي النفس ..تركض خلف صليلها في هذا المحج الفسيح ،تجتاح الأركان الراكضة ،والأمكنة المنسية ، تبحث عن ركن في مرمى ،عالق بأحواض الرغبة المغتالة لايلين.. تُعَرج على المقطوف من الأيام ....فترميها غيمات عاتية إلى قلعة مهجورة، لاتدري ماسر إحراق وردها الأبيض ،ولاإفراغ كنهها من عسل الخيزران ؟؟ ..تسللت من براثنها ومضت ،لاتلوي على الأودية المرشومة في صدرها ،تقفز على القمم المنتصبة أمام عينيها ،تواجه الحصى المقذوف من مقاليع الطيور المهاجرة ..بحيرتها هادئة يزخرف حواشيها زهر بري ،وإن تسكنها يرقات هائمة مدربة على النهش في اللحم المالح ...سارت تنتزع من دمها أولى اللبنات ،لبناء حصن مدهش يرتاده المهووسون والمكويون بجمر الخسارات ، تجوب الفيافي محملة بلواء النور ،لتنصبه في الحقول المحاصرَة بالظمأ ،المفروشة بالأذهان المشردة الضائعة،التي تتجاذب قماش الانشطار .. تدهس الحواجز المتناوبة ،وفي دروب الصمت تجلجل الأجراس لتوقظ المشاعر من سباتها العميق ،تَتْلو وثائقها المحزومة بقيود الانتكاس والانعكاس والارتكاس ،فتكسرها بالتوحد والذوبان على صخرة التعثر ،لكن وهي تمشي على نواتئ تدمي، باغتتها طحالب مزقت تلابيبَها ،وامتدت إلى غصون القلب ،فخدشت نبضه الفائر ،لم تستوقفها حركة خشخاش ولاتمزيق قماش ،ولاثغاء خفاش ،ولاحفيف ورق ذابل ،ولاحين اختلط الحابل بالنابل ..سارت على سِكّتها المألوفة تنط بين ذؤابات الامتداد ،تحفر في جدار العطش المترامي الأطراف أحواضا بلون البرتقال ،وكلما داهمها النور من شقوق النفس تغسله بكفها ..تملأ منه سللها وتتابع،تحصد أكاليل تنبت على الجبين ،تهمس للخيبات أن تتأبط متاعها وترحل ..حين لامست شروق التعب ..أفسح الفضاء متسعه مُرحّبا ..ولِجَته مبتسمة فابتلع واختفى...أطبقت جفنيها فرأت نفسها ملفوفة في دمقس الفرح ،متربعة على عرش المماليك ، تحوطها حقول من الرعشات الساحرة ، وخيول الحلم مسروجة، مستعدة لحمل جثمانها إلى العبث اللانهائي،استسلمت لحقنة الموت طائعة وفي قبضتها سيرة الوطن ..انتظروها انتظروا شلالها الدافق .سينبع على الواجهة الأخرى من رئتيها ..
مالكة عسال
بتاريخ 09/12/2010