المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمصلحة من تخترق الأجهزة الأمنية في غزة والضفة الغربية؟!



ثابت العمور
03/01/2011, 01:46 PM
لمصلحة من تخترق الأجهزة الأمنية في غزة والضفة الغربية؟!
ثابت العمور
مضت أربع عجاف من الانقسام الذي أتي فيه الفرقاء الأشقاء على الأخضر واليابس من مقدرات ومكونات حبى الله بها الشعب الفلسطيني، واليوم يرقب هذا الشعب المكلوم ما تسفر عنه أخر محطات لقاء المصالحة المرتقب،ذاك اللقاء الذي بات معلقا على الملف الأمني وكأن الحياة أجهزة أمنية فقط، رغم أن هذه الأجهزة يفترض ألا تدخل ضمن مواضيع الانقسام والاقتسام أو حتى المحاصصة، ويفترض أن تكون وطنية بامتياز والمقصود بالوطنية هنا أنها ملك للوطن والمواطن وليس لتنظيم بعينه أو فصيل معين، بعض الدول تشهد انقلابات عسكرية أو بوضاوية أو حتى برتقالية لكن يبقي الجميع الأجهزة الأمنية التي هي فرع من فروع المؤسسة العسكرية بعيدا عن عمليات الشد والجذب التي تحدث نتيجة افتراق أو اختلاف أو حتى تغليب سياسات وأيديولوجيات معينة، بل المتبع في غالبية النظم السياسية المختلفة بما فيها العالمثالثية هو تحييد المؤسسة العسكرية والأمنية قدر الممكن والمستطاع، إلا في الحالة الفلسطينية ، يصر البعض على إقحام الأجهزة الأمنية في كل كبيرة وصغيرة.
ليس المقصود في هذا الموضوع التعرض لماهية وتعريف ووظيفة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، والمواد والنصوص القانونية التي تعالج هيكليتها وتقنين عملها، أو تقييمها أو دورها السياسي والاجتماعي هذا موضوع مختلف وإن كان مطلوب، ولا نقصد المراهنة على دورها في إنجاح المصالحة أم لا!، ولكن المستهدف من الموضوع هو إقحام أو قل حرق هذه الأجهزة الأمنية الوطنية عبر صفحات الانترنت والملتقيات، أن تتعرض لبعض الممارسات الخاطئة وغير المهنية والمتعارضة مع أبسط حقوق الإنسان ممكن وربما متاح أن تستشهد أو تستحضر بعض الحالات والتجارب فأجهزتنا الأمنية جزء من منظومة عربية كاملة تعشش فيها مثل تلك الممارسات ولا تعقيب على ذلك، ولكن أن يأخذ البعض على عاتقه هتك عرض هذه الأجهزة، وتقديم كشوفات كاملة شاملة بالأسماء وأرقام الهويات وتواريخ الميلاد وتاريخ الالتحاق والمهام الموكلة لكافة ضباط وعناصر هذه الأجهزة الأمنية الوطنية أمر يحتاج للتعقيب وللتوقف كثيرا وطويلا، لو قام الكيان الصهيوني بهذه الفعلة لقنا أجهزتنا الأمنية مخترقة ومحترقة وعندها نحتاج لوقفة طويلة جدا، لو قام جهاز أمني أو مخابراتي في شرق أو غرب أفريقيا أو أمريكا اللاتينية لحسب الأمر كأنه جزء من لعبة مخابراتية ومن المعلوم أن هذه أحد وظائف تلك الأجهزة. ولكن غير المعقول وغير الممكن هو أن يقوم مواطن عادي هكذا يعرف نفسه في المنتديات بهذه الفعلة وبهذه الجريمة.
منذ أسبوع شرع موقع الكوفية برس بنشر قائمة على أربعة حلقات لهذه اللحظة، لأسماء وأرقام هويات مواطنين فلسطينيين - للمواطنة واجباتها ومقتضياتها القانونية والأدبية والأخلاقية والوطنية -، يعملون ومنتمون لجهاز الأمن الداخلي في قطاع غزة، وحدث أن ردت شبكة فلسطين للحوار بكشف أسماء وأرقام هويات وتواريخ ميلاد وتواريخ الالتحاق لمواطنين فلسطينيين هم ضباط وعناصر في جهاز الأمن الوقائي في الضفة الغربية القائمة تزيد عن مئة اسم أقلهم رتبة مقدم، وسواء كنا نتفق أو نختلف في التسميات أو المرجعيات أو الخلفيات ففي النهاية هذه أجهزة أمنية فلسطينية ملك لكل فلسطيني العمل بها وبأدائها محكوم بنصوص قانونية واضحة ومحددة سلفا.
السؤال لمصلحة من يتم الكشف عن هذه الأسماء وتلك المعلومات؟، ولماذا تنشر عبر الانترنت؟، إذا كان الهدف عرض العضلات فهناك مليون وسيلة غير النشر عبر الملتقيات والشبكات، ثم أي أجهزة أمنية مهنية ومحترفة يفترض بها حماية الوطن والمواطن تلك التي تخترق بهذه الطريقة؟، إذا كانت هذه المعلومات الهامة والحساسة محروقة ومكشوفة للمواطن العادي فما بالنا بالمعلوم والمتاح لدى الآخرين؟، هل هي أجهزة وظيفية وبالتالي لا يهمها البعد الأمني والاستخباراتي الخارجي والداخلي؟، هذان الجهازين الرئيسيين وهما العمود الفقري لأمن الدولة الفلسطينية المرتقبة فلماذا تم اختيارهما تحديدا ؟، وأتحدث هنا بالبعد الوطني لا البعد الفصائلي، لماذا تم الكشف في هذا التوقيت بالذات الذي نقترب منه من المصالحة وتجاوز الخلافات خاصة ما يتعلق بالملف الأمني؟، هل هذا الكشف يخدم المصلحة الوطنية ويقربنا من المصالحة ومن بناء الدولة الفلسطينية؟، ألا يوجد رجل عاقل واحد بييننا يتنبه لخطورة ما حدث وما يحدث ويوقف هذا العرض السخي والمجاني؟، ألا يوجد عقلاء أو حكماء قائمين على هذه المواقع ؟، هل يعطينا الانقسام والاختلاف أو حتى الاقتتال الحق في الإقدام على مثل هذه الخطوة غير المحسوبة العواقب والتبعات؟.
فلتختلف حماس وفتح كيفما وأينما قدر لهما، فلنختلف جميعا لا ضرر في الاختلاف، ولنكتب ما شئنا ولنردح ونطبل ونهلل، وليقول كل منا قصائد هجاء في الآخر فهذا نوع من الشعر له قراءه ورواده، فلنفخر بأمجادنا بانجازاتنا بوطننا بفلسطين، دون قذف أو سب أو تشهير أو تجريح أو تعرض للأعراض، فلنختلف بأدب بإنسانية بتحضر بأخلاقية وبمهنية وبعقلانية، علنا نوظف هذا الاختلاف قدر المستطاع بما يخدمنا كشعب محاصر ومحتل ومذبوح وقد دارت له الدنيا ظهرها وتنكر لنا الأقربون، ألا يفترض برواد الانترنت أن يكون قد توفر لهم أحد أدني من التعليم وبالتالي لديهم قدر كافي من التفكير في تبعات الأشياء ، ألا يمكن تصنيفهم ضمن النخبة الكبيرة أو الصفوة الواسعة، ألا يمكن اعتبارهم أحد أهم مقدرات ومكونات هذا الشعب وهذا المجتمع، فلماذا النزول إذن لهذا الحد وذاك المستوى؟، هل هم عينة من الحالة التي وصلنا إليها.
يؤلمني جدا ويحزنني ما حدث وما قد يحدث وما وصلنا إليه...! ورغم ذلك لا يمكننا ولا يسعنا السكوت والصمت حتى وإن ارتد الصدى بالصدى من قعر البئر ومجرى الوادي.