المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انفصال جنوب السودان يعني قيام دولة إسرائيل الثانية – دراسة تحليلية (1) – كتب د. ناصر



د. ناصر جربوع
09/01/2011, 03:09 PM
انفصال جنوب السودان يعني قيام دولة إسرائيل الثانية – دراسة تحليلية (1) – كتب د. ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي

تتعرض هذه الأيام الأمة العربية لجرح جديد ، يذكرنا بذلك الجرح الذي لم يندمل حتى يومنا هذا ، جرح سقوط فلسطين فريسة للاغتصاب الصهيوني ولازال العرب نائمون في مخادعهم ، وهانحن نشهد اغتصاب لبكر عربية أخري في السودان، تحت وطأة التقسيم حيث سيبدأ الاستفتاء حول جنوب السودان

وبذلك تكون إسرائيل وأميركا قد نفذتا ما تم تخطيطه للسودان الشقيقة ،عبر العقود الماضية من مشروع تقسيمي، وخسر السودانيون أكثر من مليونين ونصف مليون شهيد في سبيل القفز عن هذا المخطط ، وأرهقت هذا البلد العربي اقتصاديا واستنزفته ماديا وبشريا ، بعدما كان سلة الأمن الغذائي العربي .
كم كانت أميركا وإسرائيل وحلفائها تحرص على تنفيذ مخطط تقسيم ألامه العربية إلى دويلات طائفية عشائرية ، بل وتقسيم الدويلات إلى جيتوهات أثنية وعرقية ، للوصول إلى مفهوم جديد أو تطوير سياسي لمفهوم المسألة الشرقية الذي ساد في القرن التاسع عشر ولكن بثوب يسمى الآن (لشرق الأوسط الجديد)
الرؤى الصهيونية لمستقبل السودان :
أموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية قال ان الكيان الصهيوني قام بأعمال عظيمة للغاية في جنوب السودان، وقدم دعما لوجستيا للانفصاليين هناك ، واعترف بقيام شبكة تجسس صهيونية عالية بالمنطقة الجنوبية في السودان ودارفور.


-أشار موشي فرجي في دراسة أعدها لمركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة تل أبيب بعنوان (إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان) نقطة البداية ومرحلة الانطلاق يكشف فيها بوضوح المخطط الإسرائيلي الأميركي لتفتيت السودان على غرار ما طبقوه في العراق، قال فيها بوضوح: يجب التركيز على التباين العرقي الطائفي والمذهبي ليصبح السودان عاجزاً عن القيام بأي عمل ضد إسرائيل، أو تقديمه الدعم لأي دولة أو جهة تناصب إسرائيل العداء، و كشف عن خفايا المساعدات الإسرائيلية للجيش الشعبي لتحرير السودان في الجنوب.
وكأن انفصال جنوب السودان قائم وينتظر ساعة الصفر، أو يبدو أن نتيجة الاستفتاء مضمونة مسبقا كما هو مخطط لها ، وتمثل ذلك في تبني الغرب لهؤلاء الانفصاليين الذي تحدث مندوبهم في واشنطن بقوله إنه لا يجد حرجاً في الإعلان منذ اليوم أن دولته المقبلة، والتي لن تحمل اسم السودان ولا لغته العربية في أن تقيم أول علاقات دبلوماسية لها مع إسرائيل، في حين ذهب أحد ممثلي هؤلاء الانفصاليين للتأكيد بدوره أن دولته الجديدة ستقيم علاقات حيث تجد مصلحتها أكانت المصلحة مع إسرائيل أم مع غيرها.‏

لابد الإشارة أن المحاولات “الإسرائيلية” لاختراق السودان قديمة، منذ تسعينيات القرن الماضي، وممكن اعتبار أن حادثة الفلاشا الشهيرة إبان حكم الرئيس السابق جعفر نميري، وهي القصة المعروفة بترحيل عدد من الإثيوبين “الفلاشا” من معسكرات نزوح شرق السودان إلى الكيان الصهيوني من القصص الشائبة في المنطقة العربية الإفريقية .

، وتلاها علاقة متمردي دارفور ب”إسرائيل” ضمن سياق المكايدات السياسية، وظل الكل يعمل في الخفاء مع الصهاينة في سبيل النيل من أمن واستقرار السودان حتى اكتشف المراقبون أن إسرائيل حقيقة ماثلة في جنوب وغرب السودان، وطالت أياديها الخطوط الحمر والمحظورات في منفستو الحياة السودانية .

اتخذت علاقة الجنوب السوداني بإسرائيل طابعا ضبابيا في البداية ، إلى أن رحب وزير الإعلام بحكومة الجنوب، برنابا بنجامين، صراحة بإقامة علاقات جيدة مع إسرائيل، وقال في حديث سابق لصحيفة الخليج (سيقيم الجنوب المستقل علاقات مع كل دول العالم، ولن نعادي أحداً، وللعلاقات الدولية أجندة على رأسها الاعتراف بالحكومات الناشئة، وأية دولة تعترف بنا سنقيم معها علاقات، ومثلما توجد علاقات دبلوماسية لبعض الدول العربية مع “إسرائيل”، فلماذا نحن لا”؟)
وفي نفس السياق أعلن سلفاكير ميارديت رئيس حكومة الجنوب صراحة، أنه لا يستبعد فتح سفارة ل إسرائيل وإقامة علاقات بعد الانفصال، ويرى أن إسرائيل عدو للفلسطينيين فقط، وليست عدواً للجنوب .
ولتأكيد التغلغل الإسرائيلي في جنوب السودان ،أعلنت تقارير أن عشرات الآلاف من قوات الأمم المتحدة يستخدمون الفنادق بالجنوب التي يسيطر عليها إسرائيليون قدموا مع تدشين اتفاقية سلام الجنوب في 2005 . ووفقاً لبعض الإحصاءات يوجد في كل مدن جنوب السودان قرابة 45 فندقاً، و9 نزل صغيرة، و13 مخيماً، يسيطر على أغلبها بشكل غير مباشر قياديون من الحركة الشعبية ويوفرون لها الحماية . فيما قالت التقارير إن الوجود الإسرائيلي في منطقة حوض النيل وجنوب السودان ليس مجرد صدفة، برغم أنه يدر مئات الملايين من الدولارات على الصهاينة، فمن جهة هو يوفر لهم أداة قوية لرصد كل المعلومات والأحداث التي تدور في المنطقة، ومن جهة أخرى يضع يدهم على منطقة مهمة في مسار مياه نهر النيل .
من هنا باعتقادي تكمن الخطورة على عمق الأمن القومي العربي والمصري ، وقطع شريان مصر الإفريقي عبر التحكم الصهيوني بمفاتيح القوة هناك . تماما مثل الدور الاسرائيلى بعد اغتصاب فلسطين وتربعها في قلب العروبة والسيطرة على مفاتيح إستراتيجية خطيرة من غاز ، ومياه الأردن والحاصبانى والليطانى ..نكمل الرؤية في الحلقة الثانية – د\ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث فلسطيني