المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عاجل:انتفاضة الشعب التونسي..الى اين؟!



سميح خلف
16/01/2011, 01:34 PM
انتفاضة الشعب التونسي..الى اين؟!

بلا شك ان الجميع قد تناول حالة التمرد التي مارسها الشعب العربي التونسي في متجه عاطفي تقوده المشاعر الجياشة نحو ماضٍ من حركات التحرر منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي وخاصة ثورة عبد الناصر التي هزت اركان الرجعية والدكتاتورية في العالم العربي.
للثورات وجه سياسي ووجه امني ووجه عسكري،تلك المكونات توضع في بوتقة المفهوم الوطني للثورة والمفهوم القومي ومن هنا هل نستطيع ان نقول ان انتفاضة الشعب التونسي هي ثورة بكل المقاييس السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ام هي ردة فعل محدودة لأحداث تناولها الشارع التونسي بالعاطفة التي تصاعدت حدتها لتصبح مواجهة مع النظام التونسي بقيادة زين العابدين؟
مضى الشعب التونسي في طريقه وهرب زين العابدين مثل اللصوص الذين ليس لهم أي شرعية وكما اتوا رحلوا بلا شرعية وبماضي لا يمكن تصوره الا ماضي من الظلم وكبت الحريات ونمو طبقة وهي طبقة الحكم على حساب كل الشعب التونسي.
نهاية الدكتاتوريات وعلى مر التاريخ هي نهاية مليودرامية تقترب من التراجيديا وان كانت التراجيديا التي حدثت لزين العابدين وعلى ايدي الشعب التونسي لم تكتمل لحتى الآن ولم تكتمل حلقاتها،فمن اخطر ما تواجهه انتفاضات الشعوب هي سيطرة القوى المضادة للثورة على مقدرات الشعوب وعملية احتيال على النتائج التي كانت ترغب فيها الشعوب ان تصل اليها.
انتفض الشعب التونسي ولكن لا يوجد وعاء جامع لتلك الانتفاضة وذهب زين العابدين ومازالت الطبقة الحاكمة هي التي تسير الامور وهي التي اخدت بما يسمى بالدستور للحفاظ على مصالحها في عملية احتواء للموقف ومطالب الجماهير ولمدة شهرين الى ان يقوم هذا التيار بترتيب اوراقه اقليمياً ودولياً.
ويبدو ان الغرب وفي مقدمتهم فرنسا وامريكا قد ركبوا موجة الشعب التونسي عندما عرفوا ان لا رجعة ولا يمكن استخدام أي قوة لكبت رغبات الشعب التونسي ولذلك كان مصير زين العابدين كمصير ما قبله من العملاء والاجراء والخاضعين للسياسة الغربية على حساب القيم الوطنية والقيم القومية وكانت نهايته بأن تخلت تلك القوى عنه كما تخلت عن شاه ايران والسادات،بل حضرت تلك القوى سيناريوهات متعددة لاحتواء الموقف وربمابتقديم وجوه لتتقدم نحو السلطة على غرار ما حدث سابقاً من اسقاط بعض الانظمة الموالية للغرب والاتيان بوجوه تقود مرحلة جديدة ربما تكون هي مرحلة لتنازلات اكبر نحو التطبيع مع اسرائيل وتنفيذ البرنامج الصهيوني على الواقع العربي ومن هنا تأتي الخطورة في المعركة التي لم يحسمها الشعب التونسي مع القوى المضادة لحتى الآن.
انتفاضة الشعب التونسي ينقصها البرنامج السياسي والبعد السياسي ومنذ خروج زين العابدين فاراً الى عدة عواصم ثم يستقر في بلدالحرمين الشريفين لم يصدر أي بيان سياسي عن الانتفاضة التي حققت نصف النصر وليس النصر كله،من المعروف ان أي انتفاضة ناجحة تطرح برنامجها السياسي والوطني مبكراً،فمثلا على الصعيد الاقليمي والصعيد الدولي وبالأخص ما يخص العلاقات مع العدو الصهيوني وكما فعل الموريتانيون حينما طردوا السفارة الصهيونية من بلادهم،فمازالت في تونس مؤسسات صهيونية تعمل من تحت الأرض ومازال هناك تعاون بين المؤسسات الصهيونية وما يسمى اليهود التونسيون،وذكرت الآنباء ان اسرائيل استطاعت ان تنقذ 20 صهيونياً وتؤمن عودتهم الى فلسطين المحتلة.
من عمليات النضوج للثورة وانتصاراتها ان تحدد بالبنط العريض اتجاهاتها السياسية الوطنية والقومية بالاضافة الى برنامجها الداخلي من اصلاح على المستوى الاقتصادي والبنية الاساسية للمجتمع وهذه نقطة نقص تهدد بالخطورة لأي نتائج يمكن ان تحدث للتضحيات التي قدمها الشعب التونسي دون الوصول الى اهدافه.
الشعوب العربية بأكملها تحالفت مع الشعب التونسي ولأنها راغبة في ان يرفد التيار القومي بمقومات جديدة لصموده من خلال انظمة قومية تقوم بتعديل المعادلة أي معادلة الصراع مع العدو الصهيوني اولاً ومع الغرب ثانياً،من المحير جداً وكما افاد بعض ضباط الجيش التونسي ويصر ان لديه وثائق بذلك ان امريكا قد اوعزت لرئيس الاركان التونسي بعد 4 ايام من الفراغ السلطوي في تونس بأن يتولى زمام الامور في تونس وان ينزل الجيش للسيطرة على مقاليد السلطة والمؤسسات في تونس،مؤشر يدعو للقلق ويدعو الى محاولات امريكية لاجهاظ تحرك الشعب التونسي نحو الحرية والانتماء القومي لخريطته الجغرافية والسياسية في الوطن العربي،مازال الطريق مجهول امام انتفاضة الشعب التونسي وسيبقى سائراً نحو المجهول واكثر الاحتماليات ان تسيطر القوى المضادة مدعومة بالتدخل الامريكي والفرنسي على مقاليد السلطة "وكأنك يا ابو زيد ما غزيت"وهذا ناتج عن افتقار التحرك الجماهيري لقيادات ميدانية وتنظيرية ناضجة لقيادة حركة الجماهير.
اذاً انتفاضة الشعب التونسي الى اين؟وهل ستكون رصيد اضافي للقومية العربية وللصراع العربي الصهيوني؟ام ستكون وبالاً على مصالح الشعب التونسي وعلى واقع الامة على كافة الاصعدة القادمة والرياح المتغيرة في المنطقة.
بقلم/ سميح خلف