المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفلسطينيون وإستحقاقات أيلول (1 ) . عادل عبد الرحمن



فتحي الحمود
16/01/2011, 11:31 PM
الفلسطينيون واستحقاقات ايلول (1)

عادل عبد الرحمن

تصطدم العملية السياسية بالعقبة الاسرائيلية حتى يكاد المراقب يصل لاستنتاج
مفاده، انسداد الافق امام اية بادرة لاعادة الروح فيها. مع ذلك يخطىء المرء،
إذا فقد الامل بالمستقبل. لاسيما وان القيادة السياسية الفلسطينية تعمل بكل
الوسائل المتاحة السياسية والديبلوماسية والكفاحية لابقاء جذوة الامل مشعة.
لايمانها بان العالم بات اكثر تفهما لاهمية التسوية السياسية، ومنح الشعب
العربي الفلسطيني حقه في تقرير المصير واقامة دولتة الوطنية المستقلة على حدود
الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. واخراج شعوب المنطقة من
دائرة الفوضى والعنف، وترسيخ الاستقرار والسلم بما يؤمن مصالحها وتطورها في
اتساق وتناغم مع منظومة العلاقات الدولية.
بصيص التفاؤل والامل من المفترض ان يبقى بمثابة السراج المضيء للحراك السياسي
الوطني والقومي والاممي، خاصة وان العام الحالي يحمل ثلاثة استحقاقات رئيسية في
ايلول القام:
اولا، في ايلول / سبتمبر القادم تنتهي المدة الزمنية المحددة للمفاوضات، التي
حددتها الولايات المتحدة الاميركية بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي للوصول
الى اتفاق اطار لملفات الحل النهائي السبع: الاستيطان الاستعماري، الحدود،
القدس، الامن، المياة،اللاجئين، اسرى الحرية. وادارة الظهر الاسرائيلية
للمفاوضات المباشرة وغير المباشرة نتيجة رفضها المبدئي لوقف البناء في
المستعمرات المقامة على الارضي الفلسطينية المحتلة عم 1967، لا يلغي او يسقط
الاستحقاق لان القيادة الفلسطينية وبلسان الرئيس محمود عباس، اكدت انه لا حاجة
لمفاوضات جديدة لا مباشرة او غير مباشرة، لان كافة ملفات الحل النهائي اشبعت
بحثا، وباتت المواقف معروفة. واللحظة لحظة قرارات لتنفيذ التسيوية السياسية
واخراج خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 67 ليرى
النور على ارض الواقع. وبالتالي المسؤولية تقع على عاتق اقطاب الرباعية الدولية
وتحديدا الراعي الاساسي الولايات المتحدة لفرض الحل السياسي على دولة
الابرتهايد العنصرية .
ثانيا، حددت اقطاب الرباعية الدولية في نهاية لقاءهافي ايلول/ سبتمبر 2009 مدة
عامين لبلوغ التسوية مآلها وقطاف ثمارها باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة
وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 67. الامر الذي يلقي على
اقطاب اللجنة الدولية اعباء ومسؤوليات لدفع عربة التسوية الى الامام بفعل اليات
عمل وسياسات مغايرة للتي استخدمتها خلال السنوات المنصرمة من تاريخ العملية
السياسية. ولا سمح الله في حال حدوث نكوص او تراجع من قبل الاقطاب الدولية عن
مهمها ومسؤولياتها،يعني انهيار الحل السياسي، واغلاق نافذة الامل، وبالتالي
إعادة المنطقة الى المربع صفر. وهو ما لا تريده الاقطاب الرباعية . لا سيما وان
الرئيس باراك اوباما أشار الى رغبتة، في كلمتة امام الامم المتحدة في دورتها
السابقة،ان تشهد الدورة القادمة للجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول/
سبتمبر القادم ولادة دولة جديدة، وكان يشير بوضوح لولادة الدولة الفلسطينية
المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران 67 جنبا الى جنب مع دولة
اسرائيل. دولتان تتعايشان بسلام.
ثالثا، في ايلول تصل خطة حكومة الدكتور سلام فياض، ومدتها عامين الى منتهاها.
وهي الخطة التي عملت، ومازالت تعمل الحكومة الشرعية على استكمالها في تطوير
واعادة تأهيل البنية الحتية وهيكلة مؤوسسات السلطة الوطنية. والمراقب لعمل
الحكومة يستطيع تلمس الهمة والمثابرة في كافة الوزارات والمؤوسسات
الحكومية لتنفيذ الالفي مشروع، التي اعدتها الحكومة.
ولا يضيف المرء جديدا حين يؤكد، ان الحكومة لن تتوقف عند حدود الالفين مشروع،
بل ستعمل على مواصلة البناء والتطوير للارتقاء بالدوائر والوزارات، لتنهض
بدورها في خدمة المواطن الفلسطيني ومصالحه المختلفة .
هذه الاستحقاقات الرئيسية الثلاث حصادها في ايلول القادم. لكن القيادة السياسية
لن تقف تنتظر دون حراك. لان المصلحة الوطنية تحتم عليها التحرك على كافة الصعد
والمستويات لقطع الطريق على الانتهاكات الاسرائيلية المدمرة لعملية التسوية
الساسية. لذا عملت ومازالت القيادة السياسية برئاسة الرئيس ابو مازن تعمل بلا
كلل او ملل لتحقيق انجازات مهمة على صعيد توسيع دائرة الاعتراف بالدولة
الفلسطينية على حدود العام 1967، وحصار وعزل الحكومة الاسرائيلية المتطرفة. وفي
الساق تعميق عملية التنسيق مع الدول العربية لمواجهة التحديات المطروحة على
الفلسطينيين والعرب. وستتابع العمل المشترك لانتزاع قرارات دولية جديدة من مجلس
الامن والجمعية العامة والمنظمات الاممية التابعة للامم المتحدة المؤيدة للحقوق
الفلسطينية الثابتة. وكما هو معروف يجري في هذه الايام بلورةصيغة مشروع قرار
دولي سيصدر عن مجلس الامن مطلع الشهر القادم، إن لم تتخذ الولايات المتحدة
موقفا رافضا لذلك من خلال استخدامها حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار، القاضي
بالتأكيد على على عدم شرعية الاستيطان الاستعماري في الاراضي الفلسطينية
المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية. وهذا بدوره يعمق عملية عزل دولة
الابرتهايد الاسرائيلية، ويحشرها في الزاوية مجددا، لان انتزاع مثل هذا القرار
يعيد التأكيد على المؤكد، ولكن في اللحظة السياسة الراهنة لذلك دلالات سياسية
هامة لها عميق الصلة بحدود الدولة الفسطينية على حدود الرابع من حزيران عام
1967 وعلى رأسها القدس الشرقية.
ومما لاشك فيه، ان التحرك الاوروبي الاخير، الذي عكسه تقرير القناصل الاوروبيين
للمفوضية الاوروبية بشأن الانتهاكات الاسرائيلية الخطيرة، التي تمس بمكانة
القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، وتبني المفوضة لذلك، والاعداد لسياسة وتوجهات
واليات عمل جديدة للتعامل مع القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة من قبل
دول الاتحاد، يعطي العملية السياسية في قادم الايام مصداقية اعلى، ويفتح قوس
الامل في اوساط الفلسطينيين والعرب.
لكن لا يكفي التحرك الاوروبي لوحده على اهميتة وضرورتة، بل من المفترض ان تتحرك
الادارة الاميركية بسرعة لانقاذ اسرائيل من غرقها في متاهة العنصرية والنزعات
الفاشية لحماية المنطقة وشعوبها والمصالح الحيوية الاميركية من الخطر
الاسرائيلي، واحداث حراك نوعي وضخ الدم في شرايين واوردة التسوية
السياسية لبلوغ مراميها واهدافها.
كما ان القيادة الشرعية لن تدخر جهدا في سبيل تحقيق المصالحة الوطنية،
واعادة الاعتبار للوحدة الوطنية، وتجسير الهوة مع القوى السياسية المختلفة
وخاصة قيادة حركة حماس في حال وقعت تلك الحركة الانقلابية على ورقة المصالحة
المصرية. لان وحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي الديمقراطي التعددي
مصلحة وطنية عليا. ولا يمكن للمشروع الوطني النهوض والتقدم نحو الاهداف الوطنية
دون ركيزة الوحدة الوطنية.
في سياق العملية السياسية والديبلوماسية على جبهات العمل المحلية والعربية
والاقليميةوالدولية، ستعمل القيادة على تعزيز المقاومة الشعبية السلمية لتشكل
رافعة اضافية للجهود المذكورة انفا، ولتؤكد للقاصي والداني ان الشعب الفلسطيني
لن يستسلم لمشيئة الاستعمار الاستيطاني ولا لانتهاكات وجرائم حكومة اليمين
الصهيوني المتطرفة، وسيلجأ لكل الخيارات واشكال النضال الممكنة لحماية المصالح
الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني، وتحقيق اهدافة في الحرية والاستقلال
وتقرير المصير وضمان حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.