المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفلسطينيون وإستحقافات أيلول ( 2 ) . عادل عبد الرحمن



فتحي الحمود
17/01/2011, 07:49 PM
الفلسطينيون واستحقاقات ايلول(2)


عادل عبد الرحمن
القراءة الواردة اعلاه لم تغلق نافذة السؤال، لا بل فتحتها على وسعها لاماطة
اللثام او بعضه عن افاق ومستقبل الاستحققات الايلولية. ومما يتوارد للذهن
مباشرة: هل اقطاب الرباعية الدولية ستتحمل مسؤولياتها تجاه عملية التسوية
السياسية؟ هل هي قادرة على التغيير من نمطية سياساتها المتبعة حتى اللحظة في
العلاقةمع دولة الاحتلال والعدوان اسرائيلية؟ وما مدى التزامها بتعهداتها
لتحقيق خيار حل الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟ وهل يمكن
الرهان على تلك الاقطاب بعد التجربة المريرة على مدار السبعة عشر عاما من
المفاوضات؟ وهل لدى اسرائيل استعداد للالتزام باستحقاقات التسوية السياسية؟
ايمكن لحكومة نتنياهو الاقصوية والمغرقة في عنصريتها اعادة نظر في مواقفها
المعادية لخيار التسوية؟ وكيف يمكن الزام اسرائيل بخيار حل الدولتين للشعبين
على حدود الرابع من حزيران 1967؟ وهل يمكن للقيادة الفلسطينية ان تطمئن للحظة
بان اسرائيل العنصرية لن تلجأ مجددا لسياسة تدمير المنجزات الفلسطينية
المتواضعة، كما فعلت في زمن الانتفاضة الثانية 2000-2005؟ مَنْ من القوى
الدولية يضمن عدم تخريب وتدمير حكومة اليمين الصهيوني المتطرف خطة ومشاريع
حكومة الدكتور فياض الشرعية؟ ومَنْ يمكنه من القوى منع اسرائيل من خلط الاوراق
عبر شن حرب هنا او هناك، واعادة المنطقة الى المربع صفر؟
من خلال القراءة الموضوعية، المستندة الى تجربة الاعوام المضية السبعة عشر،
يمكن للمرء ان يستقرىء المستقبل القريب بكثير من الحذر والريبة. لان الاندفاع
نحو المبالغة في التفاؤل وتجاوز العقبات والعراقيل الاسرائيلية الجاثمة على رأس
العملية السياسية فيه جنوح نحو اسقاط الرغبات والتمنيات على الواقع. وهذا ما لا
يتوافق مع البعد الموضوعي للقراءة السياسية.
انطلاقا مما تقدم يمكن للمرء ان يخلص الى الاتي: لا مجال للرهان على اقطاب
الرباية الدولية في تحمل مسؤلياتهم تجاه عملية التسوية السياسية، ما لم تغير
تلك الاقطاب لغة خطابها السياسي، وتعيد النظر في اليات عملها وتعاملها مع دولة
الابرتهايد المغرقة في عنصريتها. وكي تعيد النظر في هذا الجانب، على العرب
والفلسطينيين ان يرتقوا في خطابهم السياسي الى مستوى وطريقة جديدة مغايرة لما
هو قائم. ولعل اول ابجديات تلك اللغة ما شقه الرئيس محمود عباس، حين اوقف
المفاضات مع حكومة نتنياهو ما لم توقف الناء الاستيطاني في المستعمرات
الاسرائيلية المقامة على الاراضي المحتلة عام 1967. او كما اشارفي آخر لقاء ه
مع فضائية الجزيرة قبل يومين، في حال اعترفت الادارة الاميركية بشكل واضح وجلي
بحدود الدولة الفسطينية على الارضي المحتلة في الرابع من حزيران عام 1967 بما
فيها القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية يمكن للقيادة ان تعود للمفوضات على
ان تقرن ادراة اوباما ذلك بسياسات واليات عمل تلزم اسرائيل من خلالها بوقف
انتهاكاتها ضد ابناء الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا في القدس وغيرها من
الاراضي المحتلة.
لكن حتى اللحظة السياسية لا يلحظ المراقب تطور في مواقف اقطاب الرباعيةن
باستثناء بعض الحراك الاوروبي الخجول، الذي لم يرتقِ الى مستوى الفعل الجدي ولا
الى مستوى الشريك الند للولايات المتحدة. وبالتالي الرهان على احداث حراك جدي
في مسيرة التسوية قبل ايلول القادم أمر يحتاج الى تأني وتدقيق. وبالتالي اذا
شاء الاتحاد الاوروبي ووسيا الاتحادية والامم المتحدة ان يلعب كل منها دورا
مؤثرا وايجابيا، عليهم كاقطاب منفردين ومجتمعين ان يعيدوا النظر بموقعهم
ومكانتهم في اللجنة الدولية الرباعية، والارتقاء الى مستوى الشريك للراعي
الاساسي لعملية السلام، الولايات المتحدة. دون ذلك، ومن غير مغادرة مكانة
التابع للادارة الاميركية، واشتقاق اساليب واليات عمل جديدة ونوعية تدفع دولة
الابرتهايد الاسرائيلية لاعادة النظر بسياساتها وجرائمها وانتهاكاتها رغما
عنها. اما المراوحة في ذات المكان، وذات السياسة فلن يغير من واقع الحال البائس
والمزري، لابل سيفاقم الامور نحو الاسوأ، وسيدفع المنطقة نحو شفا الهاوية، لان
حكومة اليمين الاقصوية الاسرائيلية ساعتئذ ستعتقد ان الضوء الاخضر مضاء
لاستمرار جرائمها وتخندقها في خيار الاستيطان الاستعماري على حساب خيار حل
الدولتين للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
اذا المراوحة في ذات المكان والسياسات لاقطاب الرباعية الدولية وخاصة الراعي
الاساسي الاميركي لعملية التسوية يفتح شهية حكومة نتنياهو - ليبرمان - باراك
ويعلون ويشاي الى ارتكاب جرائم اكثر وحشية وتدميرا مما اتبعتة وانتهجتة ضد
مؤسسات ومشاريع السلطة الوطنية وحكومتها الشرعية. ستدمر اسرائيل الاخضر واليابس
لدفع الفلسطينيين للجوء لخيار الترنسفير بعد ان يفقدوا الامل في العملية
السياسية. والمتابع لجرائم وانتهاكات اسرائيل في القدس الشرقية يلمس بوضوح شديد
ان عملية التهويد والتصفية للوجود الفلسطيني السكاني والقثقافي والحضاري فيها
يسير بخطى حثيثة في ظل صمت دولي مريب، باستثناء موقف اوروبي خجول مازال دون
الحد الادنى المطلوب، الذي تمثل بالتقرير الذي رفعه القناصل الاوروبيين لمفوضية
الشؤون الخارجية، والذي يحذر من الانتهاكات الاسرائيلية الخطيرة في القدس،
الهادفة الى اسقاطها من حسابات وملفات التسوية السياسية، وتم تبنيه من قبل
مفوضة السياسة الخارجية العليا للاتحاد الاوروبي، لكن بيانا صادرا على
لسان المتدثة باسم مفوضية الخارجية اشتون، قالت ان التقرير غير ملزم. اذا على
اهميتة (التقرير) الا انه مازال دون الطموح لا نقول الفلسطيني وانما دون الطموح
الاوروبي نفسه. وبالتالي اذا شاءت اوروبا وروسيا الاتحادية والامم المتحدة وفي
مقدمتهم جميعا الولايات المتحدة الوصول للتسوية الساسية وفرض خيار حل الدولتين
للشعبين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، عليها جميعا انتهاج سياسة مغايرة
نوعيا تحول دون تواصل جرائم حكومة اليمين المتطرفة ضد الشعب الفلسطيني ومصالحه
العليا في القدس وكل الاراضي المحتلة عام 1967.
وكما اشارت المعلومات الراشحة والمعلنة من اوساط الرباعية الدولية انها ستعقد
اجتماعا لها في الشهر المقبل، بامكانها ان تجعل منه اجتماعا مختلفا بخطابه
السياسي واليات عملها ضد اسرائيل. عليها ان تلوح بسياسة العقوبات السياسية
والديبلوماسية والاقتصادية والامنية كما فعلت مع جنوب افريقيا قبل الزامها
بخيار الحل الساسي. في حال ارتقى ذلك الاجتماع الى مستويات جديدة فان المرء
عندئذ يمكنه رفع مستوى التفاؤل في تحقيق تقدم على صعيد الاستحقاقات الايلولية.
وان لم يحدث سوى تكرار المكرر، وبقيت الحال على ما هي عليه، فان القيادة
الفسطينية مطالبة بتفعيل خياراتها السياسية والكفاحية لحماية وحدة الارض والشعب
والقضية والاهداف الوطنية والنظام الساسي والتصدي بكل الوسائل والسبل لخيار
اسرائيل العنصري والتصفوي . لان لا شيء مضمون، كما لا يمكن الرهان على احد الا
على الذات الوطنية مدعومة بالاشقاء العرب والاصدقاء الامميين وبالطبع انصار
السلام الاسرائيليين لتغيير موازين القوى واحداث نقلة في مسيرة التسوية
السياسية وبلوغ هدف الحرية والاستقلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على
حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضمان حق العودة
للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي
194