المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استقالة "باراك" هل توسع فرضيات شن حرب ضد إيران أو لبنان ؟!



ثابت العمور
20/01/2011, 09:06 PM
استقالة "باراك" هل توسع فرضيات شن حرب ضد إيران أو لبنان ؟!
ثابت العمور
فجّر وزير الحرب الصهيوني "إيهود باراك" ،هذا الأسبوع، قنبلة سياسية مدوية في الكيان الصهيوني،بعدما قدم استقالته من حزب العمل الذي يرأسه، ليعلن تشكيل حزب جديد تحت اسم "الاستقلال"، في خطوة شاركه فيها أربعة من أعضاء الحزب في "الكنيست"، تلتها استقالة ثلاثة وزراء عماليين من حكومة "بنيامين نتنياهو"، الذي اعتبر أن ما جرى يزيد من قوة ائتلافه الحكومي، فيما أجمع المراقبون على أن انشقاق "باراك" قد كرّس عملياً بداية اضمحلال حزب العمل الذي هيمن على الحياة السياسية على مدى عقود، ويدين له الصهاينة في إقامة كيانهم الغاصب.
الحزب الجديد الذي أعلن عنه "باراك" سيكون صهيوني المذهب ديمقراطي والهوية طبعا،ويعمل بموجب "وثيقة الاستقلال" و"تراث ديفيد بن غوريون"، أول رئيس لوزراء للكيان، ويرفع شعار "الدولة" أولا،والحزب ثانيا، ونحن في النهاية، رغم أن التحليلات والآراء الصهيونية المتابعة لما حدث، تذهب باتجاه معاكس لهذه الشعارات، وهو أن "باراك" أولا، وهذا أحد الأسباب المفسرة لاستقالته وخروجه من العمل وتشكيل حزب جديد، المصلحة الشخصية هي المحدد لانقسامات الأحزاب الصهيونية وخروج بعضها من رحم بعض، فعلى مدار ستين عاما هي عمر الكيان حدث ما يزيد عن ثمانين انقسام حزبي، كان الدافع الرئيسي لها الصراعات الداخلية حول السلطة والنفوذ وقيادة هذه الأحزاب ورسم سياساتها العامة، وهي ما حدث في حزب العمل الذي كان يرأسه "باراك" ولكنه لم يكن يقوده كما تذهب بعض الآراء الصهيونية.
وبالتالي فإن أحد الأسباب "الثانوية" التي أدت لخروج "باراك" من العمل هو وجود فريقين ورؤيتين مختلفتين إن لم يكن متناقضتين داخل حزب العمل،ورغم أن "باراك" يتولى منصب نائب رئيس وزراء الكيان، فإنه على خلاف ظاهر مع وزراء حزبه المشاركين في الحكومة، ويتهمهم "باراك" بأنهم يقفون مع سياسات "نتنياهو" ضد سياسات حزب العمل وتطلعاته ، هذا بالإضافة إلى الخلافات القائمة داخل صفوف الحزب ذاته، إلا أن السبب "الحقيقي" والرئيسي هو أن يسارية العمل لم تعد تجدي في الوقت الذي يذهب فيه الجميع باتجاه مزيدا من اليمين المتطرف، فرغم التاريخ السياسي والرصيد الفعلي لحزب العمل إلا أن هذا لن يشفع له في أي انتخابات صهيونية قد تحدث، وبالتالي أراد "باراك" الخروج وقطع الطريق على بعض الأصوات التي تستدعي السلام في الوقت الذي يذهب فيه الجميع إلى الحرب، وأكذوبة المفاوضات والسلام والتسوية لا تعدوا كونها ورقة يراد التلويح بها فقط لكسب الوقت وكسب بعض الأصدقاء.
خروج "باراك" من العمل وتأسيسه "للاستقلال"، لم يحدث بمعزل عن جملة تطورات داخلية "الاتجاه صوب اليمين"، وخارجية "تراجع الدور الأمريكي ونجاح الجمهوريين في انتخابات الكونجرس"، وإقليمية "تراجع عملية التسوية وفشلها وجمودها"، سبب آخر هو تزايد أعداء حزب العمل، لا سيما جماعات اللوبي الصهيوني" الليكودية المذهب"، وغربية وأمريكية الهوية "الاشكنازيم"، وهو ما يفسر تزايد الضغوط على اليهود الشرقيين "السفرديم" سواء من قبل المؤسسة الدينية أو من قبل القوى السياسية المدعومة من اليهود الغربيين" الاشكنازيم"، وقد تلقى حزب العمل عدة ضربات في جميع الجولات الانتخابية التي خاضها من التسعينات وحتى هذه اللحظة، ويستحضرني هنا ما كتبه "ناحوم برنياع" في "يديعوت" الثلاثاء الماضي، تحت عنوان "ايهود باراك هرب..من شريك إلى عميل"، وكتب فيه " حزب العمل مات في العام 2000، ولكنه دفن أمس فقط".
هذه القنبلة التي فجرها "أيهود باراك"، لا تعدو كونها مسرحية سياسية الهدف منها هو التضليل فقط، فالرجل لم يخرج لأنه غير راضي عن مسار التسوية، ولا لأنه يريد تقديم ما لم يقدمه حليفه وصديقه "نتنياهو"، بل هذا الخروج هو لتقوية ودعم مواقف حزب الليكود لا غير، وقد أفصح "باراك" عن هذه النوايا عندما قال:" بأن حزب العمل انزلق إلى أقصى اليسار، ويتمسك بآراء تمثل ما بعد الحداثة وما بعد الصهيونية، وأنه لم يعد بإمكاننا التوجه إلى العمل فيه كل صباح من دون أن نضطر إلى تقديم تنازلات أو اعتذارات أو أن نبرر أنفسنا باستمرار".
إن أبرز النتائج التي أسفر عنها استقالة "باراك" من العمل، والإعلان عن تشكيل حزب جديد "الاستقلال" يمكن إيجازها في النقاط التالية:
1- وفر "لنتنياهو" مزيدا من الأريحية في توجهاته، لأن استفاقة العمل من قنبلة "باراك" ستقتضي بعضا من الوقت، سيكون كافيا لتمرير "نتنياهو وباراك" لمخططاتهم، وربما تسفر هذه القنبلة عن زوال حزب العمل نهائيا عن الساحة السياسية الصهيونية، ورحيل باقي قياداته لأحزاب أخرى سواء كانت جديدة أو قديمة، الأمر الآخر هو فسح المزيد من المساحة "لنتنياهو" لضبط إيقاع الخارطة الحزبية الجديدة، بعض الآراء تذهب بأنه قد يدعم حزب "باراك" الجديد، وبعضها تذهب بأنه قد يدعم حزب العمل، وبالتالي بات أمام "نتنياهو" مزيدا من الخيارات، في النهاية سيذهب باتجاه من يؤيده ويدعم سياساته.
2- وجود حزب جديد بطابع يميني صهيوني، يقلل خيارات حزب "إسرائيل بيتنا"، ويقطع الطريق عليه، وهو ما يراهن عليه "نتنياهو" وأعلن عنه "باراك"، باستدعائه لتراث "بن غريون"، و"وثيقة الاستقلال"، وهو ما يفتح المجال والخيارات أمام توجهات الرأي العام الصهيوني، أصبح بالإمكان الاختيار ما بين "إسرائيل بيتنا" وما بين "الاستقلال" هذا بالإضافة "لليكود" ،و"كاديما" بالطبع، وهذا حتما يقطع الطريق تمام "ليبرمان" ليصبح زعيم لحزب سياسي كبير ومؤثر، و يريح نتنياهو من إزعاج ليبرمان.
3- تخلص "نتنياهو" من ضغوطات العمل وبقاء "ايهود باراك" وزيرا للحرب، سينتج حكومة يمينية بامتياز، ويوسع فرضيات شن حرب ضد إيران أو لبنان، وهو ما ذهب إليه محللون صهاينة من بينهم "أوف بن" الذي قال:"بأن لنتنياهو وباراك رؤية مشتركة وهي أن كلاهما يعتبران إسرائيل موقع لجبهة الغرب في قلب العالم الإسلامي المعادي وكلاهما لا يصدقان العرب ويعتقدان أنه لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني وكلاهما يعتبران البرنامج النووي الإيراني خطرا كبيرا على إسرائيل ويؤيدان عملية عسكرية ضدها، وأنه من دون وجود باراك إلى جانبه، سيواجه نتنياهو صعوبة في دفع خطوات هجومية في الجبهة الإيرانية"، وهو عين ما ذهب إليه أيضا المحلل العسكري "عاموس هارئيل".
4- الخلاصة التي اختتم بها هو ما كتبه "عريب الرنتاوي" في صحيفة الدستور الأردنية، يوم الثلاثاء الماضي، حينما قال:" ما نشهده من حراك سياسي ـ حزبي خلال السنوات الأخيرة ، يشير إلى تفاقم ظاهرة "الانزياح نحو اليمين"، ويضيف الرنتاوي في مقاله".. باراك جاء ليضع نفسه ورفاقه الأربعة ، في جيب نتنياهو ، بين يديه وعلى مائدته ، فهم لم يعودوا محسوبين على معسكر اليسار ، هم باتوا جزءاً من "التيار الصهيوني المركزي ، الذي يضم بالتصنيفات الإسرائيلية ، كل من الليكود وكاديما". هذا إذن هو ما حدث في المشهد الصهيوني بعد خروج "ايهود باراك" من العمل، وعلى المراهنين على سراب السلام البحث عن بدائل أخرى غير الرهان على تغيير خارطة الأحزاب السياسية الصهيونية، التي بات يسارها يتجه أقصى اليمين.