المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دور المثقف العضوي في الإقلاع الحضاري



خالد أبو هبة
27/03/2007, 12:45 PM
دور المثقف العضوي في الإقلاع الحضاري

الحمد لله العليم الرحمان، خالق الأكوان، الذي كرّم الإنسان، وخصّه بالعقل والفكر والبيان، والصلاة والسلام على أشرف الأنام، وبعد

تُعرف الحضارة - في مفهومها المبسط- بأنها نتاج بشريّ مرتبط بالجهد الإنساني والتراكم المعرفي والزمن التاريخي، وهي تتأسس على مُعطييْن بارزيْن: معطى مادي يتمثل في التكنولوجيا، ومعطى معنوي يتجسد في الثقافة. ولتشييد حضارة ما لابدّ من صيرورة إنتاجية وإبداعية مكثفة ومستمرة عبر التاريخ والزمن لجني التراكمات المادية والمعنوية.

وبناء على ذلك، فالثقافة تعكس بنية معقدة تشمل المعارف والمعتقدات والفن والقانون والأخلاق والتقاليد، وكل الإفرازات والتجليات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع، أو بتعبير آخر، فهي تختزل كلّ ما يُصوّر تجارب الإنسان ويُعبر عن تفاعله مع الطبيعة والمجتمع والحياة - أيّا كان شكل التعبير: شعرا، نثرا، لونا، لحنا، شكلا، صورة... - أيْ كلّ ما من شأنه أن يُخرج أحوال الناس من برجها الذاتي المنغلق إلى ساحة الإدراك والتذوق والتفاعل مع الغير.

وانطلاقا من الأدبيّات الفلسفيّة التي توكل للمثقّف مهمّة قيميّة، وتجعل منه سلطة نقد ورقابة ومساءلة، يمكن القول بأنّ المثقّف هو ذلك المُنتج للرّموز الذي يتّخذ موقفا من التّوجّهات الكبرى للمجتمع والأمة والإنسانية جمعاء، على أساس أنّ من واجب المثقف/ منتج الرّموز، ألاّ يتملّص من إطلاق الحكم المعياريّ عندما يتعلّق الأمر بشروط العيش المشترك، ومن واجبه أن يساهم في التّأثير على دوائر صنع القرار، وفي الرّأي العامّ من أجل المصلحة العامّة التي تعلو على المصالح الخاصّة والحسابات الحزبية والفئوية والولاءات والانتماءات الضّيّقة.

سلطة المثقف ودوره المؤثر في نهضة الأمم لا يحتاج إلى جدال ومحاججة..
المثقفون الأحرار كانوا ولا يزالون صُناع ثورات ثقافية غيرت مجرى التاريخ، وساهمت في ضخّ زخات الحرية والتقدم والرّقي في شرايين الإنسانية، ولقد أثبت تاريخ الشعوب والأمم بأن الحراك الفكري والتنموي والتأسيسي للوعي الاجتماعي ينطلق من دور المثقف العضوي الإيجابي داخل المجتمع الذي يحتضن مشاريعه الفكرية، ذلك أن النخب الثقافية، من باحثين ومخترعين ومفكرين وأدباء وفلاسفة وأكاديميين وفنانين...، هي التي تتولى مسؤولية البناء الحضاري والتنويري والنهضوي، لمَا تمتلك من قوة الفكر الواعي للتحليل والاستنباط واستشراف الآفاق المستقبلية، وممارسة النقد الهادف والبنّاء لتنوير الأمة. لذا كان المثقف العضوي موضع استهداف وعداء من طرف الأنظمة الفاشستية والإمبريالية والشمولية والاستبدادية..

إنّ شروط الإقلاع الحضاري للأمة بأمسّ الحاجة إلى المثقف العضوي الوطني غير الانتهازي، لأنّ مشروعه الفكري يؤسس لثقافة نهضوية ترقى بالإنسان إلى واقع أفضل ومناخ مناسب للعطاء والإبداع، مستلهما تراثه ونتاجه المعرفي ليتلاقح ويتفاعل مع مقومات الحداثة، المستوعبة لمستجدات الحياة المعاصرة في شتى صنوف الإبداع ، لتصبّ في بوتقة واحدة تصنع منه مثقفا شموليا قادرا على فرز الإيجاب من السّلب، ومدافعا صلبا عن قيم حضارته المشرقة، وتوّاقا دائما إلى التقدم والارتقاء دون الاستسلام لانعكاسات الغزو الثقافي والعولمة في سعيها المتجدد لنشر أجندتها من خلال الإباحية تارةً، أو عن طريق محاولة قطع الجذور مع القيم الروحية والفكرية تارة أخرى..

وفي ذلك يتميز ويختلف المثقف العضوي كلّيا عن مثقف السلطة المرهون في برجها العالي، والذي يتحول – بمجرد الضغط على الزّر- إلى بوق لتسويق برامجها وترويج أنشطتها، بينما يصمد المثقف العضوي حرّا شامخا مهْما كان الإغراء أو الترهيب، ليُعبّر عن آلام وآمال شعبه، ويدافعَ عن قضايا أمته، من خلال نتاجه الإبداعي الهادف والملتزم، المنغرس في تربة الوطن، والمتفاعل مع نبض الرأي العام وعمق النسيج الاجتماعي بهدف مقاومة الفساد، والمساهمة في التغيير إلى الأحسن والأفضل.

معاذ أبو الهيجاء
31/03/2007, 12:37 AM
يا ترى هل هذا الموضوع مفتوح للنقاش ؟

الخضير قدوري
29/10/2007, 05:09 PM
لا تزان الاوطان بعمرانها وكثافة سكانها ولكن بنسبة المثقفين فيها ، والمثقفون هم ضمائر الامم وعيونها المبصرة وافئدتها النابضة لكن و ربما ليس في الوطن العربي الذي يعيش المثقفون فيه كارخص المتاع في اسواق النخاسة وكالبراغيث التي تقض مضاجع اصحاب البطون المنتفخة والجماجم الفارغة من يعملون دائما من اجل ابادتهم وابعادهم وتهميشهم وقتلهم ببطء