المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهجاء



عامرحريز
27/03/2007, 01:46 PM
الهجاء فن ادبي اصيل يختلف عن معظم فنون الشعر الاخرى في كونه يصدر عن الذات الشاعرة غير متأثر باعتبارات المصانعة او المصلحة. وغالبا ما يكون ثمرة لمعاناة شخصية تتحدد في معزل عن عوامل الضغط في المجتمع او المعشر او الدولة، مما قد يعني في حد ذاته قدرا من المجابهة يضاعف في ذاتيته، وبالتالي من حيويته بوصف فنا. ويمكن ان يكتسب الهجاء من هذه الجهة مضمونا اجتماعيا او سياسيا يضعه على ملاك الادب الملتزم!.

من كتاب : ديوان الهجاء للمؤلف هادي العلوي

اشتهر بالهجاء العديد من الشعراء أمثال المتنبي وخالد المريخي وابن الرومي والحطيئة الذي حبسه أمير المؤمنين عمر لخوضه في أعراض المسلمين

وللحديث بقية

عامرحريز
27/03/2007, 02:08 PM
الحُطَيئَة
? - 45 هـ / ? - 665 م
جرول بن أوس بن مالك العبسي، أبو ملكية.
شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. كان هجاءاً عنيفاً، لم يكد يسلم من لسانه أحد، وهجا أمه وأباه ونفسه. وأكثر من هجاء الزبرقان بن بدر، فشكاه إلى عمر بن الخطاب، فسجنه عمر بالمدينة، فاستعطفه بأبيات، فأخرجه ونهاه عن هجاء الناس ....1

يقول عنه الدكتور شوقي ضيف إن اسمه جرول، ولقب بالحطيئة لقصره أو دمامته، وقد ولد لأم اسمها الضراءو كانت لأوس بن مالك العبسي، ونشأ في حجره مغموزا في نسبه، وجعله ذلك قلقا مضطربا منذ أخذ يحس الحياة من حوله. وزاد في اضطرابه وقلقه ضعف جسمه وقبح وجهه، اذ كانت تقتحمه العيون، ولم يكن فيه فضل شجاعة يستطيع أن يتلافي به هوان شأنه في (عبس) علي نحو ما صنع عنترة من قبله، ومن ثم نشأ يشعر بغير قليل من المرارة، ولعل هذا هو السبب في غلبة الهجاء عليه.
ولما تيقظت في نفسه موهبة الشعر لزم زهير بن أبي سلمي يعلمه إحكام صنعه علي نحو ما كان يعلم ابنه كعبا ويقول عنه أيضا:
ويضيء الاسلام في الجزيرة، فلا يسارع إليه، ومن هنا اختلف الرواة. هل قدم علي الرسول صلي الله عليه وسلم بعد فتح مكة فأعلن اسلامه علي شاكلة كعب، أو أنه تأخر في اعتناق الاسلام، حتي توفي الرسول الكريم،؟ ونراه يسارع إلي الردة، معينا بشعره المرتد ضد أبي بكر وخلافته، حتي ليقول:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا فيا لعباد الله ما لأبي بكر
أيورثها بكرا، اذا مات، بعده
فتلك وبيت الله قاصمة الظهر
علي أن من الرواة من نسب هذين البيتين إلي غيره، وقد عاد مع المرتدين إلي الاسلام'.

***********

ويري الدكتور طه حسين في كتابه (حديث الأربعاء).... ومهما يكن من شيء، فقد كان الحطيئة أضحل ذكرا، وأهون شأنا من أن يظهر له خطر في الاسلام أيام النبي، ولكنه اضطر حين انهزم المرتدون إلي أن يذعن إلي ما أذعنت له العرب، ويدخل فيما دخل فيه الناس، فاتخذ لنفسه من الاسلام رداء، لم يشك الرواة في أنه كان رقيقا جدا يشف عما تحته من حب الجاهلية وإيثارها والحزن الشديد عليها، رداء لما يحمد الله عليه كما حمد لبيد حيث يقول:
الحمد لله ان لم يأتني أجلي حتي اكتسيت من الاسلام سربالا
ويقول الدكتور طه حسين أيضا، وهو يحلل شخصية هذا الشاعر:
وأكاد اعتقد أن الحطيئة لم يكد يظهر الاذعان والطاعة والدخول في دين الله حتي حدثته نفسه أن ينفض هذا كله، وأن يهرب إلي حيث يستطيع أن يعيش عيشته تلك التي كان يحبها ويهواها.
فالرواة يحدثوننا بأنه قصد إلي علقمة بن علاثة، ذلك الذي اتصل به في الجاهلية، ولم يكن ولاء علقمة للاسلام ظاهرا ولا صادقا ولامقطوعا به.
ومن الرواة من يزعم أنه لم يسلم، أو أنه أعان الروم علي المسلمين علي أن الحطيئة لم يكن موفقا، فقد اصطلحت الظروف كلها علي أن تمكر به وتناله بما لاتحب، فلم يكد علقمة حتي بلغه أنه مات، فعاد محزونا آسفا، وقال قصيدته المشهورة التي يقول فيها
وما كان يبني لو لقيتك سالما وبين الغني الا ليال قلائل.

***********

وربما لأن هذا الشاعر كان دميم الوجه، شديد القصر، يعيش مع عواطف الجاهلية رغم أنه أعلن اسلامه وربما أيضا لضيق ذات يده، كل هذه العوامل دفعته أن يهجو الناس وأن يكون هجاء، حتي قيل إن أمير المؤمنين عمربن الخطاب اشتري منه أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم.
وهناك قصة يرويها الرواة وهي هجاء الحطيئة للزيرقان بن بدر، عندما قال فيه قصيدة هجاء، والذي جاء فيها: دع المكارم لاترحل لبغيتها
واقعد فأنت الطاعم الكاس.
واشتكاه الرجل لعمربن الخطاب، وطلب ابن الخطاب من شاعر الرسول حسان بن ثابت أن يقول رأيه في هذه القصيدة، وهل يهجو بها الزيرقان، وكانت شهادة حسان بأن هذه القصيدة من قصائد الهجاء، ومن هنا فقد أمر أمير المؤمنين بحبس الحطيئة.
وشعر الحطيئة وهو سجين بالأسي والحزن والندم، واشتاقت نفسه لرؤية زوجته وأبنائه الصغار، وأراد أن يخرج من هذا السجن!
انه يعرف قوة عمربن الخطاب وشخصيته العظيمة الآسرة.
ويعرف أن ابن الخطاب عادل إلي أقصي حدود العدل، بل إنه ليحاكم نفسه في كثير من الأحيان عندما يظن أنه ظلم انسانا أو قصر في حق أحد.
ويعرف في نفس الوقت أن لابن الخطاب قلبا شديد الحب لله، شديد الرقة، وأن الرحمة تملأ قلب الفاروق العظيم، فأرسل إليه يحثه علي أن يطلق سراحه رحمة بأطفاله الصغار.. وكان يعلم تماما أن ابن الخطاب سوف يستجيب له لما فطر عليه من رحمة، فأرسل إليه يقول:
ماذا تقول لأفرخ بذي مرخ زغب الحواصل لاماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة
فاغفر عليك سلام الله يا عمر
أنت الامام الذي من بعد صاحبه
ألقي إليه مقاليد النهي البشر
ما آثروك بها اذ قدموك لها
لكن لأنفسهم كانت بك الإثر
وما كاد يسمع عمر بهذه الأبيات، حتي رق قلبه ولان، وأطلق سراحه.

***********

ونعود إلي عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي يلتمس الغدر للشاعر الذي يريد أن يجد له دورا في المجتمع الاسلامي، فيري أنه لا غرابة اذن في أن يكون الحطيئة شيئا مخوفا مرهوبا، مادامت ظروف الحياة قد اضطرته إلي ما رأينا من سوء الحال، ولاغرابة في أن تشيع عنه الشائعات، وتكثر من حوله الأساطير، ويصوره الرواة في هذه الصورة البشعة التي نجدها في الأغاني وطبقات الشعراء لابن قتيبة وفي طبقات الشعراء لابن سلام، ولست أستبعد أن تكون ظروف الحياة هذه قد غيرت نفس الحطيئة تغييرا، فجعلته كما يقول الرواة جشعا سئولا ملحفا في السؤال، طويل اللسان، مسرفا في الاعتداء علي الناس، ولكن لا إلي الحد الذي صوره الرواة، فهم يزعمون أنه هجا أمه وأخاه وأباه، وانتهي به الأمر إلي هجاء نفسه، وهم يروون له في ذلك كله شعرا، وليس من شك عندي، في أن المبالغة قد أثرت في هذه الاحاديث آثارها، ولكنها علي كل حال تعطي من الحطيئة صورة كان القدماء ينفرون منها أشد النفور، ولكني أعطف عليها أشد العطف، فهي لاتدل الا علي أن الحطيئة كان بائسا شقيا، غريبا في الطور الجديد من أطوار الحياة العربية، كأنما ارتحل العصر الجاهلي ونسيه وحيدا في العصر الاسلامي، فهو ضائع الرشد، ضائع الصواب.. قد فقد محور ان صح هذا التعبير...'. .... 2


1- من موقع www.adab.com
2- من مفال "الشاعر الحجطيئة في السجن حبسه أمير المؤمنين عمربن الخطاب لخوضه في أعراض المسلمين بشعره!" للكاتب مأمون غريب

عامرحريز
27/03/2007, 02:13 PM
من قصائده في الهجاء:


ولقد رأيتُكِ في النساءِ فسُؤْتِني = وأبا بنيك فساءني في المجلس
إنّ الذليلَ لمن تزور ركابه = رهط ابن جحشٍ في الخطوب الحوّس
قَبَحَ الإلهُ قَبِيلَة ً لَمْ يَمْنَعُو =ا يَوْمَ المُجَيْمِر جَارَهُمْ من فَقْعَسِ
أبلغ بني جحشٍ بأنّ نجارهم = لؤمٌ وأنّ أباهمُ كالهجرس

عامرحريز
27/03/2007, 02:29 PM
لا تجمعا مالي وعرضي باطلا = لا لعمر أبيكما حباق
وكلاكما جرت جعار برجله = شبين بين مشيمة وملاقي

وقال في هجاء والده


لحاك الله ثم لحاك حقا = أبا ولحاك من عم وخال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي = وبئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللؤم لا حياك ربي = وأبواب السفاهة والضلال



وقال في هجاء والدته

جزاك الله شرا من عجوز = ولقاك العقوق من البنينا
فقد سوست أمر بنيك حتى = تركتهم أدق من الطحينا
لسانك مبرد لم يبق شيئا = ودرك در جاذبة دهينا
وإن تخلي وأمرك لا تصوني = بمشتد قواه ولا متينا
تنحي فاجلسي منا بعيدا = أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سرا = وكانونا على المتحدثينا
ألم أوضح لك البغضاء مني = ولكن لا إخالك تعقلينا
حياتك ما علمت حياة سوء = وموتك قد يسر الصالحينا



وهجى نفسه قائلاً

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما = بشر فما أدري لمن أنا قائله
أرى لي وجها شوه الله خلقه = فقبح من وجه وقبح حامله

د. جمال مرسي
27/03/2007, 08:14 PM
بارك الله بك أخي عامر
موضوع طريف و جميل من أن تطرحه في هذا المنتدى
أتابع باهتمام رغم كراهيتي لشعر الهجاء و شعرائه
لكن لي ملحوظة
فبعض الأبيات التي نقلتها من الشعر لم تكن موزونة و أظن أنه كان خللاً من المصدر أو في النقل
فلولا راجعت هذا و لك الشكر
مودتي و تقديري

عامرحريز
27/03/2007, 08:34 PM
السلام عليكم أخي الفاضل


أرجو تحديد الأبيات لمراجعتها ، أنا أكتبها مما أحفظه ، وسأقوم بالمراجعة حال تحديد الأخطاء

د. حسان الشناوي
27/03/2007, 08:41 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محق أنت أخي الحبيب أبا رامي فيما ذهبت إليه من كراهية فن الهجاء .
ورائع ما عرضه أخونا الكريم عامر .
بيد أن الهجاء من الناحية الفنية الخالصة قد يكون دليلا على تمكن الشاعر من أدواته أ ومظهرا لاستكمال وسائل براعته واقتداره .
ولست بهذا ممن يدعون إلى الهجاء لمجرد استعراض عضلات شعرية من هاج نحو مهجو ؛ فحاش لله أن يمم القلم صوب ما يؤذي المشاعر ، ويغيظ القلوب .
إنما المقياس في الحكم على الجودة بالهجاء يكون من زاوية فنية لا تصطدم بالمضمون ، بل ربما يكون الشكل والمضمون معا مما يعين على صحة الحكم بالجودة أو الرداءة .
وممن كتب في الهجاء أستاذنا الجليل أ. د. محمد محمد حسين ( رحمه الله وغفر له ) ،
فله " الهجاء والجاءون " في جزئين : يتناول في الأول شعراء الجاهلية ، وفي الثاني شعراء صدر الإسلام ومن جاء بعدهم .
ويعد هذا المصدر من أروع ما كتب في هذا الفن الشعري .
ومحمد محمد حسين من خيرة العلماء الذين نحسبهم " ممن دعا إلى الله وعمل صالحا " ،
ومواقفه في التصدي لمن ودوا لو هدموا حصون العرب والمسلمين تجعله من هؤلاء الغير على الدين واللغة والوطن .
أفمن الممكن أن نحظى بهجاء فني موضوعي ، لا يحدد أشخاصا بأعينهم ، ويصبح كأنما هو لون من النقد الفني لأوضاع كثيرة تحتاج تقويما ؟
تساؤل أطرحه ، معتذرا عما به من هذيان فكري .
ومزجيا تقديري وإكباري إلى الكريمن : عامر ، وأبي رامي.

عادل العاني
27/03/2007, 10:08 PM
رائع جدا أخي عامر , عرض موفق ,
ويمكن الرجوع إلى موقع :
www.adab.com
حيث يعرض دواوين الشعراء العرب من عصر الجاهلية حتى عصرنا هذا , وربما تجد فيه القصائد وتتأكد من صحة البيات التي أشار لها الأخ د. جمال.

وربما أشهر شاعرين عرفا به هما الفرزدق وجرير وما تبادلاه من هجاء.
حتى إننا حاولنا ذات مرة أن نستذكر هجاءهما لبعضهما البعض وفتحنا في موقع آخر سجالا شعريا ليظهر الشعراء مهارتهم في عصرنا هذا , مع استذكار بعض قصائدهما.

ويبقى كما تفضل الأخ د. حسان فنا من فنون الشعر إن أجيد استخدامه وتوظيف مقاصده لمعان أكبر من الهجاء بحد ذاته.

تحياتي لكم جميعا

عامرحريز
28/03/2007, 12:28 PM
الشكر للجميع على ما تفضلوا به من آراء، غير أني أحببت أن ألقي الضوء على عدد من الشعراء الذين اشتهروا بالهجاء مع أمثلة من قصائدهم.

لكن حتى الآن لم يتم تحديد الأبيات التي فيها خطأ وزني ، أرجو تحديدها حتى يتم تصحيحها من قبل المشرفين.

عامرحريز
28/03/2007, 12:30 PM
البحتري..
هو الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري.
شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري.
وأفاد مرجوليوث في دائرة المعارف أن النقاد الغربيين يرون البحتري أقل فطنة من المتنبي و أوفر شاعرية من أبي تمام.
ولد بنمنبج بين حلب والفرات ورحل إلى العراق فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي وتوفي بمنبج.
له كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام...1

اشتهر بالمدح والهجاء ، وله عدد كبير من القصائد


1- من موقع أدب adab.com

عامرحريز
28/03/2007, 12:52 PM
من هجاء البحتري

قال يهجو الأحول كاتب أبي الصقر


دجالنا أحول من شؤمه = والناس دجالهم أعور
كلفه حاجاتك يقعد بها = مكلف بالبخل مستهتر
يعلو غريب القبح في وجهه = فيستوي المخبر والمنظر

وقال في ضرطة وهب

أنبل بوهب أنبل بضرطته = إذ صير الناس ذكرها سمرا
فكرما الذي ابتلاه بها = فكان مسكا فصيرته خرا
فاتفق القول من جميعهم = والفحص يبدي لأهله الخبرا
إن الذي حل عقد فقحته = إيداعها طول ليله الكمرا


وقال في صاحب الخراج بحلب


اعجب لظلم زماننا المتواتر = ولأول مما يريك وآخر
تالله أوخذ بالخراج وضيعتي = لحم يطرح في مخالب طائر
ويغلها قوم وأعطي خرجها = حكم لعمرك غير عدل ظاهر
صلى الإله على سدوم فلم يكن = في جنب قصتنا سدوم بجائر
أبلغ أبا العباس حيث أحل من = حلب مكان الغيث فينا الماطر
أتجور عن نظر لنا من بعد ما = سميت من نظر لنا بالناظر
ومنعتني الإنصاف منك ولم تكن = تأباه في بر ولا في فاجر


وقال يهجو الخزاز


الحمد لله على ما أرى = من قدر الله الذي يجري
ما كان ذا العالم من عالمي = يوما ولا ذا الدهر من دهري
يعترض الحرمان في مطلبي = ويحكم الخزار في شعري



وقال يهجو الحسن بن سهل



مجانيق شؤمك منصوبة = على آل وهب تثير الغبارا
صحبتهم حين نالوا الغنى = فكنت الهلاك وكنت الدمارا
إذا ما دلفت إلى نعمة = عصفت برونقها فاستطارا
يبيت عدوك مستأنسا = ويأبى صديقك إلا عثارا
نثرت الأخلاء نثر الجما = ن وأنفقتهم حين تموا بدارا
بلغت بأحمد أقصى الدجيـ = ـل فأمست مغانيه منه قفارا
وهرثمة مات لما رآك = من الخوف تبني عليه المنارا
كفيت الهلالي حرب العبا = د فقر وما كان يرجو قرارا
وجدناك أنبل منه صريعا = لدينا وأبعد منه مغارا
أخي من بني قطن لا يزا = ل يمير القبور ويخلي الديارا
إذا نعم القوم عاينه = تولين يهربن منه فرارا





وقال يهجو أحمد بن صالح وولده


نفقت نفوق الحمار الذكر = وبان ضراطك منا فمر
يقول الطبيب به فالج = فقلت كذبت ولكن قصر
وقد يتوقع موت الحما = ر إلا ببعض منايا الحمر
فقدنا يهودي قطربل = وما فقدناه بإحدى الكبر
عليج يدين بأن لا إلـ = ـه وأن لا قضاء وأن لا قدر
وشتامة لصحاب النبيـ = ـي يزجر عنهم فما ينزجر
إذا جحد الله والمرسليـ = ـن فكيف نعاتبه في عمر
وساور دجلة لولا الحيا = ء ليقطع جريتها بالبدر
فأين الخليفة عما أعد = وعما أفاد وعما ادخر
أيترك ما كان مستخفيا = فكيف بترك الذي قد ظهر
له خلف مثل غرز الجرا = د بعيدون من كل أمر يسر
أيعقوب أختار أم صالحا = وما فيهما من خيار لحر
وكنت وكانا كما قيل للـ = ـعبادي أي حماريك شر
على أن أدناهما سنخة = صغيرهما الفاحش المحتقر
هل ابن القماشية اليوم لي = مقيم على الذنب أم يعتذر
وهل يذكرن سرى أمه = بليل ودلجتها في السحر
وهل يعلمن بأني امرؤ = على ما يسوؤهم مقتدر
عصابة سوء تمادى بها = ضراط الحمير وخضم البقر
وما ساءني أنهم أصبحوا = من الخزي في دار شر وعر
وإن ابن عزرة مستعبر = يبكى على خلل قد دثر
فأهون علي بتلك الدمو = ع ترقرق في الخد أو تنحدر
لعل أبا الصقر يجلو بنا = ظلام الخطوب بيوم أغر
فتى رفعت بيته وائل = إلى حيث ترقى النجوم الزهر

عامرحريز
28/03/2007, 04:17 PM
المتنبي

303 - 354 هـ / 915 - 965 م


أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب. ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.1 وإنما سمي المتنبي لأنه على ما قيل ادعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب وغيرهم. فخرج إليه لؤلؤ أمير حمص نائب الإخشيدية فأسره وتفرق أصحابه وحبسه طويلا ثم استتابه وأطلقه وكان قد قرأ على البوادي كلاما ذكر أنه قرآن أنزل عليه، ومن ذلك: والنجم السيار، والفلك الدوار، والليل والنهار، أن الكافر لفي أخطار، امض على سنتك، واقف أثر من كان قبلك من المرسلين، فإن اللّه قامع بك زيغ من ألحد في الدين وضل عن السبيل.
وكان إذا جلس في مجلس سيف الدولة وأخبروه عن هذا الكلام أنكره وجحده. ولما أطلق من السجن التحق بالأمير سيف الدولة بن حمدان ثم فارقه ودخل مصر سنة ست وأربعين وثلاثمائة ومدح كافور الأخشيدي وأنوجور بن الأخشيد وكان يقف بين يدي كافور وفي رجليه خفان وفي وسطه سيف ومنطقة ويركب بحاجبين من مماليكه وهما بالسيوف والمناطق، ولما لم يرضه هجاه وفارقه ليلة عيد النحر سنة خمسين وثلثمائة فوجه كافور خلفه عدة رواحل فلم تلحقه وقصد بلاد فارس ومدح عضد الدولة بن بويه الديلمي فأجزل صلته. ولما رجع من عنده عرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في عدة من أصحابه فقاتله فقتل المتنبي وابنه مجسد وغلامه مفلح بالقرب من النعمانية في موضع يقال له الصافية من الجانب الغربي من سواد بغداد. 2

وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.1

قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي...1



شاعر العرب، الذي تجسدت في شخصيته صفات العرب، وفي شعره تجسدت مزايا الشعر الأصيل، ويقول نفر من المؤرخين لولا سيف الدولة لما كان المتنبي، ويقول آخرون لولا المتنبي لم يكن سيف الدولة، لُقّب بمالئ الدنيا وشاغل الناس، حتى قبل أنه لم يحز شاعر شهرة المتنبي، فقد كان أوسع شعراء العرب شهرة على الإطلاق وأعظمهم في رأي كبار النقاد والأدباء، ترجمت بعض أشعاره وآرائه في الحياة إلى اللغة الإنكليزية بعنوان رباعيات أبي الطيب المتنبي، هو أحمد بن الحسين أبو الطيب ، ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة كان أبوه سقاء فيها، رافق أباه إلى بلاد الشام، ثم تنقّل في البادية وأخذ عن أهلها فصاحة اللفظ وبلاغة العبارة، حفظ الكثير من شعر العرب، فاق معاصريه على الإطلاق منذ نشئته كبير النفس عالي الهمة طموحا، حتى بلغ من كبر نفسه أن دعى إلى بيعته بالخلافة، وهو حديث السن، بل أدعى النبّوة، وقبل أن يستحفل أمره خرج لؤلؤ أمير حمص ونائب الأخشيد فسجنه حتى تاب عن دعوته فأطلقه ، لكن لقب المتنبي ظل لصيقا به، ومنذ ذلك الحين، سعى إلى طلب الثروة، والمقام الرفيع بشِعره، متقربا من ذي النفوذ والسلطان، ناظما فيهم المدائح، مترددا عليهم في مختلف المناطق، ولزم سيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب تسع سنوات، غادرها إلى مصر، وحاكمها آنذاك كان كافور الأخشيدي، وكان المتنبي يطمح في ولاية، فلم يوله كافور، فزوى عنه وجه، فهجئه هجاء لاذعا، قصد بغداد ولم يمدّح الوزير المهلّبي لأنه كان يترفع عن مدح الملوك، غضب عليه عضد الدولة فأرسل إليه فاتك بن أبي جهل الأسدي مع جماعته وهو في طريقة للكوفة كان مع المتنبي جماعته أيضا، فتقاتل الفريقان فلما رأى أبو الطيب الدائرة عليه هم بالفرار، ويقال أن غلامه قال له : يا أبا الطيب أما أنت القائل الخيل والليل والبيداء تعرفني، والسيف والرمح والقرطاس والقلم، فقال له المتنبي : قتلتني قتلك اللَّه، فرجع وقاتل حتى قُتل هو وإبنه مُحسَد وغُلامه مُفلح، دارت هذه المعركة التي قُتل فيها المتنبي بالنعمانية ، وكان عند مقتله في الحادية والخمسين من عمره .2


1 من موقع أدب www.adab.com

2- من موقع يا بيروت http://www.yabeyrouth.com/pages/index801.htm

عامرحريز
28/03/2007, 04:40 PM
من أشهر قصائد الهجاء لدى المتنبي قوله في كافور الإخشيدي:


عيد بأية حال عدت يا عيد = بما مضى أم لأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم = فليت دونك بيداً دونها بيد
لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها = وجناء حرف ولا جرداء قيدود
وكان أطيب من سيفي معانقة = أشباه رونقه الغيد الأماليد
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي = شيئاً تتيمه عين ولا جيد
يا ساقيي أخمر في كؤوسكما = أم في كؤوسكما هم وتسهيد
أصخرة أنا ما لي لا تحركني = هذي المدام ولا هذي الأغاريد
إذا أردت كميت اللون صافية = وجدتها وحبيب النفس مفقود
ماذا لقيت من الدنيا وأعجبه = أني بما أنا شاك منه محسود
أمسيت أروح مثر خازنا ويداً = أنا الغني وأموالي المواعيد
إني نزلت بكذابين ضيفهم = عن القرى وعن الترحال محدود
جود الرجال من الأيدي وجودهم = من اللسان فلا كانوا ولا الجود
ما يقبض الموت نفساً من نفوسهم = إلا وفي يده من نتنها عود
أكلما اغتال عبد السوء سيده = أو خانه فله في مصر تمهيد
صار الخصي إمام الآبقين بها = فالحر مستعبد والعبد معبود
نامت نواطير مصر عن ثعالبها = فقد بشمن وما تفنى العناقيد
العبد ليس لحر صالح بأخ = لو أنه في ثياب الحر مولود
لا تشتر العبد إلا والعصا معه = إن العبيد لأنجاس مناكيد
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن = يسيء بي فيه عبد وهو محمود
ولا توهمت أن الناس قد فقدوا = وأن مثل أبي البيضاء موجود
وأن ذا الأسود المثقوب مشفره = تطيعه ذي العضاريط الرعاديد
جوعان يأكل من زادي ويمسكني = لكي يقال عظيم القدر مقصود
ويلمها خطة ويلم قابلها = لمثلها خلق المهرية القود
وعندها لذ طعم الموت شاربه = إن المنية عند الذل قنديد
من علم الأسود المخصي مكرمة = أقومه البيض أم آباؤه الصيد
أم أذنه في يد النخاس دامية = أم قدره وهو بالفلسين مردود
أولى اللئام كويفير بمعذرة = في كل لؤم وبعض العذر تفنيد
وذاك أن الفحول البيض عاجزة = عن الجميل فكيف الخصيةالسود
من موقع ويكي سورس http://ar.wikisource.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%86%D8%A8%D9%8A_-_%D9%87%D8%AC%D8%A7%D8%A1_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE %D8%B4%D9%8A%D8%AF%D9%8A

عامرحريز
29/03/2007, 08:35 PM
قال المتنبي يهجو قوما توعدوه


أَماتَكُمُ مِن قَبلِ مَوتِكُمُ الجَهلُ = وَجَرَّكُمُ مِن خِفَّةٍ بِكُمُ النَملُ
وُلَيدَ أُبَيِّ الطَيِّبِ الكَلبِ ما لَكُمْ = فَطِنتُم إِلى الدَعوى وَمالَكُمُ عَقلُ
وَلَو ضَرَبَتكُمْ مَنجَنِيقي وَأَصلُكُمْ = قَوِيٌّ لَهَدَّتكُمْ فَكَيفَ وَلا أَصلُ
وَلَو كُنتُمُ مِمَّن يُدَبِّرُ أَمرَهُ = لَما كُنتُمُ نَسلَ الَّذي ما لَهُ نَسلُ

وقال يهحو الذهبي

لما نسبت فكنت ابنا لغير أب = ثم امتحنت فلم ترجع إلى أدب
سميت بالذهبي اليوم تسمية = مشتقة من ذهاب العقل لا الذهب
ملقب بك ما لقبت ويك به = يا أيها اللقب الملقى على اللقب




قالوا لنا مات إسحاق فقلت لهم = هذا الدواء الذي يشفي من الحمق
إن مات مات بلا فقد ولا أسف = أو عاش عاش بلا خلق ولا خلق
منه تعلم عبد شق هامته = خون الصديق ودس الغدر في الملق
وحلف ألف يمين غير صادقة = مطرودة ككعوب الرمح في نسق
ما زلت أعرفه قردا بلا ذنب = صفرا من البأس مملوءا من النزق
كريشة بمهب الريح ساقطة = لا تستقر على حال من القلق
تستغرق الكف فوديه ومنكبه = وتكتسي منه ريح الجورب العرق
فسائلوا قاتليه كيف مات لهم = موتا من الضرب أو موتا من الفرق
وأين موقع حد السيف من شبح = بغير رأس ولا جسم ولا عنق
لولا اللئام وشيء من مشابهة = لكان ألأم طفل لف في خرق
كلام أكثر من تلقى ومنظره = مما يشق على الآذان والحدق

عامرحريز
29/03/2007, 08:39 PM
توجد لديه أيضا بعض القصائد التي لمقامكم لن أذكرها ، ففيها من البذاءة ما لا يمكن وصفه..

عامرحريز
31/03/2007, 11:53 AM
بَشّارِ بنِ بُرد
95 - 167 هـ / 713 - 783 م

هو بشار بن برد بن يرجوخ ، فارسي الأصل ، ينتهي نسبه إلى يستاسب بن لهراسف الملك ، وكان يرجوخ من طخارستان فسباه المهلب بن أبي صفرة ، وجاء به إلى البصرة ، وجعله من قن امرأته خيرة القشيرية فولد عندها بردا ، فلما كبر برد زوجته خيرة ، ووهبته لامرأة من عقيل من قيس عيلان ، كانت متصلة بها ، فولدت له امرأته بشارا ، فأعتقته العقيلية ، فانتسب إلى بني عقيل بالولاء .
وكان يكنى بأبي معاذ ويلقب بالمرعث لأنه كان في أذنه وهو صغير رعاث شأن غلمان وهي الحلى التي تعلق بالآذان ، وهي عادة قديمة عندهم .


بشار في صباه :

نشأ بشار في بني عقيل نشأة عربية خالصة ، فاستوى لسانه على الكلام الفصيح. وكان برد والدُه طيانا ، وولد بشار مكفوفا ، فكان برد يقول : ((ما رأيت مولودا أعظم بركة منه ، ولقد ولد لي وما عندي درهم ، فما حال الحول حتى جمعت مائتي درهم)) .
وقال بشار الشعر وهو ابن عشر سنين ، ونزعت نفسه إلى الهجاء ، فلقي الناس منه شرا ، ولم يحجم عن التعريض لجرير ، فاستصغره جرير ولم يرد عليه .
وكان إذا هجا قوما ، جاؤوا أبيه فشكوه ، فيضربه ضربا شديدا ، فكانت أمه تقول : ((كم تضرب هذا الصبي الضرير ، أما ترحمه!)) ، فيقول : ((بلى والله إني لأرحمه ، ولكنه يتعرض للناس فيشكونه إلي)) ، فسمعه بشار فطمع فيه فقال له : ((يا أبتِ إن هذا الذي يشكونه مني إليك هو قول الشعر ، وإني إن ألممت عليه ، أغنيتك وسائر أهلي ، فإن شكوني إليك ، فقل لهم : أليس الله يقول : ليس على الأعمى حرج)) ، فلما عاودوه شكواه قال لهم ما قاله بشار ، فانصرفوا وهم يقولون : ((فقه برد أغيظ لنا من شعر بشار)) .
وكان طبع بشار في الشعر الهجاء والشر وحب التكسب والسخر بالدين والناس.
فقد عرف بذكائه الفطري ، فعبث بوالده الساذج الجاهل لينجو من عقابه ، فعبث بتفسير آية القرآن ، فأولها إلى غير معناها ، وجعل الأعمى بريئا من الإثم إذا اقترفه ، والآية لا تقصد إلا إعفاءه من التكاليف التي لا قبل له بها كالجهاد .

بشار في العصر الأموي :

أدرك بشار بني أمية وبني العباس ، فهو من مخضرمي شعراء الدولتين ، ويقول صاحب الأغاني : ((إنه شهر في العصرين ، ومدح وهجا ، وأخذ سني الجوائز)) ، ولكن لم يصل إلينا من شعره ما يدلنا على اتصاله بالخلفاء الأمويين ، ولو اتصل بهم ومدحهم لذكر ذلك أبو الفرج ، وغيره من مؤرخي الأدب الأقدمين ، ولا نخالهم يغفلون هذا الأمر ، وقد عنوا بتدوين أتفه الأخبار عنه .
وروي أن الوليد بن يزيد كان يطرب لشعر قاله بشار متغزلا ، ويرويه ويبكي ، وهو الذي أوله : ((أيها الساقيان صبا شرابي)) ، ولكن بشارا لم يتصل بالوليد بل لبث في البصرة لا يبرحها .

وجملة القول أن بشارا لم يحظ عند خلفاء بني أمية ، وإنما لبث في البصرة يمدح الولاة والقواد ، ويشبب بالنساء ، وله فيهم صواحب أشهرهن عبدة أو عبيدة .
وكان إلى ذلك شديد الاتصال برجال العلم والدين ، وكانت البصرة حافلة بهم في ذلك العهد ، فصاحب واصل بن عطاء شيخ المعتزلة ، ووصال بن عبدالقدوس ، وعمرو بن عبيد وغيرهم من أصحاب الكلام ، ولكن واصلا لم يلبث أن جافاه وهتف به لما بلغه من إلحاده ، وحرض الناس على قتله .
وجافاه أيضا عمرو بن عبيد ، فناصر واصلا على الهتف به والتشنيع عليه ، وشد أزرهما جلة من علماء الدين كالحسن البصري قاضي البصرة وكبير فقهائها ، ومالك بن دينار العالم الزاهد ، فما زالوا حتى نفوه من البصرة حوالي 127 هـ ، فقصد إلى مدينة حران وافدا على سليمان بن هشام بن عبدالملك ، فمدحه بقصيدة بائية ، وكان سليمان بخيلا ، فلم يعطه شيئا ، وخرج من عنده ساخطا وهجاه ، وربما كانت له وفادة على مروان بن محمد ، فلم يعطه .أو أن مروان وعده بشيء ، وأخلف وعده ، فهجاه بأبيات لم يصلنا منها غير بيت واحد يقول فيه :
لمروان مواعد كاذبات كما **** برق الحياء وما استهلا
وانصرف عنه مغاضبا ، فاستدعاه أمير العراقين يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري ، فأقام الكوفة بمدحه ، ويمدح قيس عيلان حتى سقطت الدولة الأموية ، وقتل يزيد بواسط سنة 132 هـ ، فرجع إلى البصرة ، وقد مات واصل بن عطاء ، على أن عمرو بن عبيد لم يتركه يطمئن في أرضه بل سعى في نفيه ثانية ، فظل يتنقل من بلد إلى بلد حتى توفي عمرو بن عبيد سنة 145 هـ ، فأفرخ روعه وأنست به البصرة زمنا ، فأقام يمدح ولاتها حتى ارتحل إلى بغداد واتصل بالعباسيين .

بشار في العصر العباسي :

كان بشار مبعدا عن البصرة لما انتقلت الخلافة إلى بني العباس ، ومات السفاح ولم يتصل به شاعرنا ، ولا تمكن من العودة إلى البصرة ، وما كاد يستخلف أبو جعفر المنصور حتى هب الحزب العلوي من رقدته يطالب بالإمامة بعد أن رضي بالصمت على عهد السفاح لأنه قرب الطالبيين ، وأما أبو جعفر فكان بخيلا لا يدر دره ، وعاتيا ظلاما يضطهدهم ويسيء معاملتهم ، فخرج عليه الأخوان محمد وإبراهيم ابنا عبدالله بن حسن بن الحسن بن علي ، فثار محمد في المدينة فبايع أهلها ، وأفتى بصحة البيعة الإمام مالك بن أنس ، وثار إبراهيم بالبصرة وكان بشار منفيا عنها ، فأرسل إليه من الكوفة بقصيدته الميمية الشهيرة ، يحرضه بها على المنصور ، ويمدحه ويشير عليه ، ولكن الأخوين لم يوفقا في ثورتهما ، وظفر بهما المنصور وقتلهما .
وأبى الله تعالى أن تصل قصيدة الشاعر الضرير إلى إبراهيم ، أو أنها وصلت إليه وضاعت ، فلم يروها رواية ، لأن المنصور لم يطلع عليها إلا بعد أن قلبها بشار وجعل التحريض فيها على أبي مسلم الخراساني ، والمدح والنصر للمنصور .
ولو رويت لأبي جعفر على حالها الأول لما سلمت عنق بشار ، ولعل هذه القصيدة بعد تغييرها ، كانت السبب في اتصال الشاعر بالمنصور والحظوة عنده ، على أننا لا نعتقد أنه عاش منعما في كنفه ، أو أنه أكثر من مدحه ، وقد عرف هذا الخليفة ببخله وجفاف يده حتى لقب بالدوانيقي لإلحافه في محاسبة العمال والصناع على الحبة والدانق .

هلاك بشار :

ولما ولي المهدي الخلافة اتصل به بشار اتصالا وثيقا ، وأخذ يفد إليه ويأخذ جوائزه ، وكان شعره قد طار وتناقله الناس ، وكان المهدي شديد الحب للنساء ، غيورا عليهن ، فبلغته أبيات لبشار فيها مجون وتعهر ، فلما قدم عليه استنشده الشعر فأنشده إياه ، فغضب الخليفة وقال : ((ويلك أتحض الناس على الفجور ، وتقذف المحصنات المخبآت ، والله لئن قلت بعد هذا بيتا واحدا في نسيب لآتين على روحك)) .
فلما ألح على بشار في ترك الغزل ، شرع يمدحه ويقول أنه قد ترك الغزل ، وودع الغواني ، ثم يأخذ في قص حوادثه الماضية ، فيتأسف عليها ويصف النساء اللواتي صاحبهن فلا يخلو كلامه من الغزل ، ولم يكن خبثه في هذا الأسلوب ليخفي على المهدي ، فأظهر له جفوة وحبس عنه عطاياه ، فكان يمدحه فلا يحظى منه بشيء ، ولو جعل مدحه بغير تشبيب .
وحاول أن يتقرب من وزيره يعقوب بن داود فلم يحفل به ولا أذن له ولا أعطاه ، فرحل إلى البصرة غاضبا ، وأخذ يهجو المهدي ووزيره ، فكان طول لسانه سببا في هلاكه ، لأن الخليفة سخط عليه وأراد أذيته ، فاتفق أن رآه مرة في البصرة يؤذن وهو سكران في غير وقت صلاة ، فنسبه إلى الزندقة ، وأمر بضربه فضرب سبعين سوطا حتى مات ، ولما نعي إلى أهل البصرة ، تباشروا وتصدقوا لما كانوا منوا به من لسانه .
وجاء في معاهد التنصيص أنه دفن مع حماد عجرد الشاعر الخليع ، فكأن الأقدار شاءت أن تجمع بين هذين الشاعرين في قبر واحد ، بعد أن تنافرا شطرا من حياتهما وتقارضا أقذع الهجاء .


صفاته وأخلاقه :

قال الأصمعي : ((كان بشار ضخما عظيم الخلق والوجه مجدورا ، طويلا جاحظ المقلتين ، قد تغشاهما لحم أحمر ، فكان أقبح الناس عمى وأفظعه منظرا ، وكان إذا أراد أن ينشد يصفق بيديه ، وتنحنح وبصق عن يمينه وشماله ، وكان أشد الناس تبرما بالناس ، وكان يقول : ((الحمد لله الذي ذهب ببصري لئلا أرى من أبغض))
وكان فاسقا شديد التعهر محبا للهو ، مدمنا للخمرة ، يلتمس اللذة ويجد في طلبها ويهوى النساء لأجلها ، لا شغفا بالجمال وهو لا يراه ، ولم يخلص في حبه لإمرأة لأن عاطفته الحيوانية كانت تحمله على الإسراف في الاستمتاع وطلب الجديد منه ، فيستخدم شعره في إفساد النساء ، وحضهن على الفحش ليتاح له التنقل من صاحبة إلى صاحبة .
وكان متكبرا كثير الاعتداد بنفسه ، لا يرى فوقه شاعرا ولا عالما ، وتكبره جعله شديد الافتخار بنسبه ، حتى لا يجد له معادلا غير قريش وكسرى ، وجعله يشبب بجمال صورته على ما فيها من دمامة وقبح فيقول :

وإني لأغني مقام الفتى **** وأصبي الفتاة فما تعتصم

ويرد على أبي دلامة عندما عيره القبح ، فيقول في وصف نفسه : ((إني لطويل القامة ، عظيم الهامة ، تام الألواح ، أسجع الخدين)) .
وهذا الكبر ولد فيه احتقارا للناس ، كما ولد فيه العمى كرها لهم ، فكان شديد النقمة عليهم لتمتعهم بالنظر دونه وهو يرى أنه خيرهم ، وكل ذي عاهة جبار ، وبغضه للناس جعله كثير التهكم بهم ، قليل الأدب في مجالستهم ،والسخرية صفة لازمة لبشار ، فإنه يستهزئ بكل شيء .
وهو على بغضه للناس يحب أبناءه ويرأف بهم ، وقد مات له ولد فجزع عليه جزعا شديدا ، ويحب أخوته ويعطف عليهم ، وكان له أخوان قصابان ، أحدهما يقال له بشر والآخر بشير ، فكانا يستعيران ثيابه فيوسخانها ، فأراد منعهما فلم يمتنعا ، فإذا أعياه الأمر خرج إلى الناس في تلك الثياب على وسخها فيقال له : ((ما هذا يا أبا معاذ ؟)) ، فيقول : ((هذه ثمرة صلة الرحم)) .
ويحب أصدقاءه ويبرهم ، ويحفظ لهم الوداد بعد موتهم فيرثيهم ، وكان إلى ذلك حاد الذهن ، شديد الذكاء ، نير البصيرة ، سريع التنبه ، دقيق الحس ، ذرب اللسان ، حاضر البديهة .


منزلته :

أجمع الرواة أو كادوا على أن بشار زعيم الشعراء المحدثين ، وكان الأصمعي شديد الإعجاب به ، فإذا سئل عنه قال : ((بشار خاتمة الشعراء ، والله لولا أن أيامه تأخرت لفضلته على كثير منهم)) ، وقد فهم بشار عقلية النقاد في عصره فقال : ((أزرى بشعر الاذان)) .
وقال ابن شرف القيرواني : ((شعره ينفق عند ربات الحجال ، وعند فحول الرجال ، فهو يلين حتى يستعطف ، ويقوى حتى يستنكف)) ، وسئل بشار : ((بم فقت أهل دهرك ، وسبقت رجال عصرك؟)) ، فقال : ((لأني لم أقبل كل ما تورده علي قريحتي ، ويناجيني به طبعي)) .
ولكنه على عنايته بتنخل شعره لم يخرج به عن طبعه ، وإنما أضاف إليه براعة الفن فصقله وهذبه ، وتصرف فيه تصرف المالك في ملكه ، وكان لأصله الفارسي أثر في شاعريته فعنت له أغراض لم تخطر لشعراء العرب الخلص .

تلونه في نسبه :

كان بشار شعوبيا متعصبا للفرس ، ينكر الولاء ويتبرأ منه ، ويحض الموالي على رفضه ، ولكنه كان مع ذلك يفتخر ببني عقيل وقيس عيلان ويدافع عنهم ويهجو أعداءهم ، فإذا انتسب إلى الفرس جعل أسرته في مستوى أسرة كسرى :

ورُب ذي تاج كريم الجد **** كآل كسرى أو كآل برد

وإذا انتسب إلى عقيل جعل أصله في الرأس منهم :

إنني من بني عقيل بن كعب **** موضع السيف من طلى الأعناق

وسأله المهدي يوما : ((فيمن تعتد يا بشار؟)) ، فقال : ((أما اللسان والزي فعربيان ، وأما الأصل فأعجمي)) وأنشد :

ألا أيها السائلي جاهدا **** ليعرفني أنا أنف الكرم
نمت في الكرام بني عامر **** فروعي وأصلي قريش العجم



علومه :

كان بشار عالما فقيها متكلما ، ولولا زندقته لعد من كبار أئمة الدين ، وعرف بطول باعه في معرفة الغريب ، والوقوف على أساليب العرب الصرحاء ، وبنقد الشعر ، وتمييز صحيحه من منحوله ، وصدق ظنه في تقدير الجوائز ، فقد كان يزنه بمعيار تأثيره في نفس الممدوح ، وموقعه من سياسته وهواه .


آثاره :

قيل : إن أكثر الناس شعرا في الجاهلية والإسلام ثلاثة : بشار وأبو العتاهية والسيد الحميري ، وتحدث بشار عن نفسه فقال : ((إن لي اثني عشر ألف قصيدة)) ، ولكن لم يبق لنا من هذا القدر الكبير إلا نزر يسير .
وظل شعر بشار متداولا إلى عهد ابن خلكان ، فقد جاء في كتابه وفيات الأعيان في الكلام على بشار : ((وشعر بشار كثير سائر فنقتصر منه على هذا القدر)) ، وأورد بعض مقطعات منه .
على أن هذا الشعر قد ضاع أكثره ، ولم يخلص إلينا إلا أقله ، ولولا صاحب الأغاني ، وما دون من أشعار بشار ، وأخباره لما وصل إلينا منها ما يستحق الذكر.



من عدة مواقع

عامرحريز
31/03/2007, 01:44 PM
نماذج من هجاء ابن برد


وأعــرج يأتيـنـا كـظـل نـعـامـة = يقومُ على الأَبْوابِ فِي السبراتِ


وقال أيضاً :


إن عمراً فاعرفـوه = عربي مـن زجـاجِ
مظلـم النِّسْـبَـة ِ لا = يعرفُ إِلاَّ بالسراجَ


وقال:


كثُر الْحميرُ وقدْ أرى في صُحْبتـي = منـهـنَّ أقـمــر منـعـجـاً بـالـراكـب
يعـدو فيضـرطُ مـن نـشـاطٍ عــارم = سبعين أو مائة ً حسـابَ الحاسـب
وإِذا تـمــرَّغ عــــدَّ ألْــفــاً كــامــلاً = يـدعُ الْمراغـة مثْـلَ أمْـسِ الذَّاهـبِ
أشــرٌ بِبِطْنَـتِـه يُـرامـحُ مَــنْ دَنَـــا = ضخْمُ الْمَقَدِّ شديدُ شغْـب الشَّاغـبِ
يلـقـاك إن لـقـيَ اللـجـام بسـحـرة = يكفيك مـن حـزم الأجيـر الحاطـب
إن قــام يسـرجـهُ الـغـلامُ زجـرتـه = لـزيــادة ٍ مـنْــهُ وحــــقٍّ واجــــب
خليـتُ مركـبـهُ ورحــتُ لحاجـتـي = مشـيـاً يكلفـنـي لـغــوبَ الـلاغــب
وأرى الصَّحابة شيعتَيْـن: فَمِنْهُمَـا = أنْـسٌ وبعْضُـهُـمُ غُـبُـورة ُ حـالِـب
ولقـد مشيـتُ عـن الحمـار تكرمـاً = والْمشْيُ أكْرمُ منْ رُكُوب الصَّاحب


وقال أيضاً:


لا تحمدنَّ أبا حربٍ بأسرته = قدْ يثْبُتُ اللَّيْثُ والْخنْزيرُ في الْغاب
مُحمَّدٌ تائهٌ منْ فرْط جِنَّتِهِ = مفتاحُ غيٍّ لقومٍ أهلِ أحساب
قد كان سبني من جنبهِ أسداً = على المهلَّب صفاياً بأنياب
أفٍّ لهُ والياً ما كان أحْمقهُ = يوم استخف بإخواني وأصحابي
لا نبوتي رشدهُ إلا تخونه = غِمْداً لأَيْر غَويٍّ باسْت مُنْجاب
يحب أزواج منجابٍ ويكرمهم = ولا يجازوهم باباً إلى باب
كأنه ضمنٌ من داء صاحبه = ومُشْتَهٍ بعْضَ ما يأتي من الْعاب
قل للضغيط أبي حربٍ مجاهرة ً= قول امرئٍ مغربٍ بالذمِّ أغرابِ:
إِنْ كُنْتَ جانَبْت مهْدِيًّا فإنَّ لَنَا = فما بالنا نخفى على النابِ
يسعى بنا زوجُ منجابٍ فنعتبهُ = ولا يهمُّ لنا يوماً بإعتابِ
قال الخبيرُ بمنجابس وسوءتهِ = لما رأى دَأَبِي سرًّا وإِدْآبي:
إذا طلبت إلى المنجاب نافلة ً = فاطْلُبْ بأيْرِك لاَ تطْلُبْ بِكَرَّاب
وقائلٍ في الغواني جلُّ حاجته = يلقى .... من شوقٍ وأتعاب:
يا ليت جردان منجابٍ وخصيتهُ = كَانَا حِراً فاشْتَفَيْنا منْ حِرٍ راب
فخْمٌ غليظٌ يُطيفُ الْمُنْعِظُونِ به = إذا تجمَّر من حادٍ ومنتاب
نِعْمَ الشَّفِيعُ اسْتُ مُنْجابٍ إِذا غُسِلَتْ = لمنعظٍ غيرَ معتلٍّ ولا آب

عامرحريز
31/03/2007, 04:56 PM
وقال أيضا:


لَعَمْرِي لَقَدْ أزْرَى سُهَيْلٌ بِصهْرِهِ = وَوَلاَّهُمُو في شرْكِهِ غَيْرُ صَالِح
أزوَّجتم العلجَ اللَّئيمَ ابنَ سالمٍ = وما زائنٌ زوَّجتموه بفاضح
ألاَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ إِنْ كَان خارِجاً = وهذا سُهَيْلٌ صِهْرُ مُوسى بْن صالح
فما أمَّلَتْ هذا له نفْسُ صالحٍ = ولا كان يرجوها له في المناكحِ
وَلاَ خَافَ هذَا صَالحٌ عِنْدَ مَوْتِهِ = عَلَى عَقْبِهِ في نَادِيَاتِ الْفَضَائح


وقال:


تَنَحَّ لَحَاكَ اللّه لَسْتَ مِنَ العَدَدْ = وليسَ أُبوكَ الوَغْلُ بالسِّيدِ السَّنَد
مقامك مغمور وأنت مدفَّعٌ = وبَيتُكَ بَيتُ الْعَنْكَبُوتِ على الْعَمَد
نزلت بجيلٍ من ربيعة واسطٍ = وقد كنت ملقى ً بالعراء لمن ورد
فلمّا رأيت البحر دونك زاخراً = وَفَارَقْتَ أقْرَاطَ المُلَيْحَة ِ وَالثَّمَد
فَجَرْتَ وَلَمْ تَشْكُرْ لِمَوْلاَكَ نِعْمَة ً = وجَلَّلَك النُّعْمَى وَأنْتَ مَعَ النَّقَد
أَراكَ تُجَارِي الغُرَّ مِنْ آلِ عَامِرٍ = وأنت بهيم الَّلون حسبكَ من فند
دَعِ الفَخْر لِلأَحْرَارِ إِنَّكَ تَارِك = لأَفْعَالِهِمْ كلُّ امرىء رَهْنُ مَا مَهَدْ

عامرحريز
01/04/2007, 04:07 PM
الفرزدق
38 - 110 هـ / 658 - 728 م

هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي الدارمي أبو فراس, لقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه، والفرزدق كلمة فارسية تعني الرغيف أو قطعة العجين. شاعر من النبلاء نشأ بالبصرة. مدح الخلفاء الأمويين بالشام ولا سيما عبد الملك بن مروان فوصلوه, ولكنه لم يبق له يد عندهم لتشيعه لآل علي بن أبي طالب فقد نشأ على حب آل البيت وعلى الاعتقاد بأنهم أحق في الخلافة. مال إلى بني أمية بعد أن خسر العلويون جاههم السياسي وأموالهم. كان معاصرا لجرير, وكان بينهما تحاسد وتنافس, فكان الهجاء رونقههما ، وعلى رأس لسانيهما.
كانت له مواقف محمودة في الذود عن آل علي, تجلت فيها صراحته وشجاعته. كان شريفا في قومة عزيز الجانب, يحمي المستجير بقبر أبيه، وكان أبوه من الأجواد الأشراف, وكذلك كان جده صعصعة, فقد عرف أنه محيي الموؤدات في الجاهلية. كان ينشد بين أيدي الخلفاء قاعدا, وهو شيء يتميز به من دون الشعراء. كان شعره في الفخر وذكر أيام العرب, لذلك أعجب الرواة به وفضله النحاة وقالوا: لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث العربية. كان مقدما في الهجاء, هجا هشام بن عبد الملك فحبسه ثم أطلقه.

توفي في بادية البصرة وقد قارب المئة

عامرحريز
01/04/2007, 04:36 PM
من هجاء الفرزدق

قال يهجو عمرو بن يربوع وقومه:


إني لأُبْغصُ سَعْداً أنْ أُجَاورَهُ، = ولا أُحِبّ بَني عَمْرِو بنِ يَرْبُوعِ
قَوْمٌ إذا حارَبوا لمْ يَخشَهُمْ أحَدٌ، = وَالجارُ فيهِمْ ذَليلٌ غَيرُ مَمْنُوعِ


وقال:



لَوْ كُنتُ مِنْ سَعْدِ بنِ ضَبّةَ لم أُبَلْ = مَقالاً وَلَوْ أحْفَظْتَني بالقَوارِصِ
وَكَيْفَ بصَفحي عَنْ لَئيمٍ تلاحقَتْ = إلَيْهِ بِأخْلاقِ الدَّنَاءَةِ نَاقِصِ
نَهَيْتُكَ أنْ تَجْرِي وَلَيسَ بلاحِقٍ = مَشُوبُ الفِلاءِ بالجِيادِ الخَوَالِصِ


وقال:


يا ابن الحِمَارَةِ للحِمَارِ، وَإنّمَا تَلِدُ الحِمَارَةُ وَالحِمَارُ حِمَارَا
وَلَوْ أنّ ألأمَ مَنْ مَشَى يُكْسَى غداً ثَوْباً لرُحْتَ وَقَدْ كُسِيتَ إزَارَا
كَلَمَتْ مُرُوءتُكَ الّتي تُعْنى بهَا، لَوْ جَادَ سَرْجُكَ وَاسْتَجَدّ عِذارَا

وقال يهجو جرير.


جَرّ المُخْزِياتِ عَلى كُلَيْبٍ = جَرِيرٌ ثمّ مَا مَنَعَ الذِّمَارَا
وَكَانَ لَهُمْ كَبَكْرِ ثَمودَ لمّا = رَغَا ظُهْراً، فَدَمّرَهمْ دَمَارَا
عَوَى فَأثَارَ أغْلَبَ ضَيْغَمِيّاً،= فَوَيْلَ ابنِ المَرَاغَةِ ما اسْتَثَارَا
مِنَ اللاّئي يَظَلّ الألْفُ مِنْهُ = مُنِيخاً مِنْ مَخَافَتِهِ نَهَارَا
تَظَلّ المُخْدِرَاتُ لَهُ سُجُوداً، = حَمَى الطّرُقَ المَقانِبَ والتِّجارَا
كَأنّ بساعِدَيْهِ سَوَادَ وَرْسٍ، = إذا هُوَ فَوْقَ أيْدي القَوْمِ سارَا
وَإنّ بَني المَرَاغَةِ لَمْ يُصِيبُوا = إذا اخْتارُوا مَشاتَمَتي اخْتِيَارَا
هَجَوْني حَائِنِينَ وَكَانَ شَتْمي = عَلى أكْبَادِهِمْ سَلَعاً وَقَارَا
سَتَعْلَمُ مَنْ تَنَاوَلُهُ المَخَازِي = إذا يَجْرِي وَيَدّرِعُ الغُبَارَا
وَنَامَ ابنُ المَرَاغَةِ عَنْ كُلَيْبٍ = فَجَلّلَهَا المَخَازِي وَالشَّنَارَا
وَإنّ بَني كُلَيْبٍ، إذْ هَجَوْني، = لَكَالجِعْلانِ إذْ يَغْشَينَ نَارَا
وَإنّ مُجَاشِعاً قَدْ حَمّلَتْني = أُمُورَاً لَنْ أُضَيِّعَهَا كِبَارَا
قِرَى الأضْيَافِ، لَيلَةَ كلّ رِيحٍ = وَقَدْماً كُنْتُ للأضْيافِ جَارَا
إذا احْتَرَقَتْ مَآشِرُهَا أشَالَتْ = أكَارِعَ في جَوَاشِنِهَا قِصَارَا
تَلُومُ عَلى هِجَاءِ بَني كُلَيْبٍ، = فَيا لَكَ للمَلامَةِ مِنْ نَوَارَا
فَقُلْتُ لهَا: ألَمّا تَعْرِفِيني، = إذا شَدّتْ مَحَافَلَتي الإزَارَا
فَلَوْ غَيرُ الوِبَارِ بَني كُلَيْبٍ = هَجَوْني ما أرَدْتُ لَهُمْ حِوَارَا
ولَكِنّ اللّئَامَ إذا هَجَوْني = غَضْبتُ فكانَ نُصْرَتي الجِهَارَا
وَقَالَتْ عِنْدَ آخِرِ مَا نَهَتْني:= أتَهْجُو بِالخَضَارِمَةِ الوِبَارَا
أتَهْجُو بِالأقَارِعِ وَابنِ لَيْلى = وَصَعْصَعَةَ الّذِي غَمَرَ البِحَارَا
وَنَاجِيَةَ الّذِي كَانَتْ تَمِيمٌ = تَعِيشُ بِحَزْمِهِ أنّى أشَارَا
بِهِ رَكَز الرِّمَاحَ بَنُو تَمِيمٍ = عَشِيّةَ حَلّتِ الظُّعُنُ النِّسَارَا
وَأنْتَ تَسُوقُ بَهْمَ بَني كُلَيْبٍ = تُطَرْطِبُ قائِماً تُشلي الحُوَارَا
فكَيْفَ ترُدّ نَفْسَكَ يا ابن ليلى = إلى ظِرْبَى تَحَفّرَتِ المَغَارَا
أجِعْلانَ الرَّغَامِ بَني كُلَيْبٍ، = شِرَارَ النّاس أحْسَاباً وَدَارَا
فَرَافِعْهُمْ، فَإنّ أبَاكَ يَنْمَى = إلى العُلْيا إذا احتقروا النقارا
وإنَّ أباكَ أكرمُ منْ كليبٍ = إذا العِيدانُ تُعْتَصَرُ اعْتِصَارَا
إذا جُعَلُ الرَّغَامِ أبُو جَرِيرٍ = تَرَدّدَ دُونَ حُفْرَتِهِ فَحَارَا
مِنَ السُّودِ السّرَاعِفِ ما يُبَالي = ألَيْلاً مَا تَلَطّخَ أمْ نَهَارَا
لَهُ دُهْدِيّةٌ إنْ خَافَ شَيْئاً = مِنَ الجِعْلانِ أحْرَزَها احتِفارَا
وَإنْ نَقِدَتْ يَدَاهُ فَزلّ عَنْهَا = أطافَ بِهِ عَطِيّةُ فَاسْتَدَارَا
رَأيْتُ ابنَ المَرَاغَةِ حِينَ ذَكّى = تَحَوّلَ، غَيرَ لحيَتِهِ، حِمَارَا
هَلمّ نُوَافِ مَكّةَ ثُمّ نَسْألْ = بِنَا وَبِكُمْ قُضَاعَةَ أوْ نِزَارَا
وَرَهطَ ابنِ الحُصَينِ فلا تَدَعْهُمْ = ذَوِي يَمَنٍ وَعَاظِمْني خِطَارَا
هُنَالِكَ لَوْ نَسَبْتَ بَني كُلَيْبٍ = وَجَدْتَهُمُ الأدِقَاءَ الصِّغَارَا
وَمَا غَرّ الوِبَارَ بَني كُلَيْبٍ، = بِغَيْثي حِينَ أنْجَدَ وَاسْتَطَارَا
وَبَاراً بِالفَضَاءِ سَمِعْنَ رَعْداً، = فَحاذَرْنَ الصّوَاعِقَ، حينَ ثارَا
هَرَبْنَ إلى مَدَاخِلِهِنّ مِنْهُ، = وَجَاءَ يُقَلِّعُ الصّخْرَ انْحِدارَا
فَأدْرَكهُنّ مُنْبَعِقٌ ثُعَابٌ، = بحَتْفِ الحَينِ إذْ غَلَبَ الحِذارَا
هَجَوْتُ صِغَارَ يَرْبُوعٍ بُيُوتاً،= وَأعْظَمَهُمْ مِنَ المَخْزَاةِ عَارَا
فإنّكَ وَالرِّهَانَ عَلى كُلَيْبٍ = لَكَالمُجْرِي مَعَ الفَرَسِ الحِمارَا

عامرحريز
01/04/2007, 04:42 PM
وفي هذه هجا جرير:


وَدّ جَرِيرُ اللّؤمِ لَوْ كَانَ عانِياً، = ولَمْ يَدنُ منْ زَأرِ الأسودِ الضّرَاغمِ
فإنْ كُنتُما قَدْ هِجتُماني عَلَيكْمَا= فلا تَجَزَعَا وَاسْتَسمِعا للمُرَاجِمِ
لمِرْدَى حُرُوبٍ مِنْ لَدُنْ شدَّ أزْرَهُ =مُحامٍ عن الأحسابِ صعَبِ المَظالِمِ
غَمُوسٍ إلى الغاياتِ يُلْفَى عَزِيمُهُ،= إذا سَئِمَتْ أقْرَانُهُ، غَيرَ سَائِمِ
تَسُورُ بِهِ عِنْدَ المَكَارِمِ دارِمٌ، =إلى غايَةِ المُسَتَصْعَباتِ الشّداقِمِ
رَأتْنَا مَعدُّ، يَوْمَ شَالَتْ قُرُومُها، =قِياماً على أقْتَارِ إحْدَى العَظائِمِ
رَأوْنَا أحَقَّ ابْنيْ نِزَارٍ وَغَيْرِهِمْ، =بإصْلاحِ صَدْعٍ بَيْنَهُمْ مُتَفاقِمِ
حَقَنّا دِمَاءَ المُسلِمينَ، فأصْبَحَتْ = لَنَا نِعْمَةٌ بُثْنى بهَا في المَواسِمِ
عَشِيّةَ أعْطَتْنَا عُمَان أُمُورَهَا، = وَقُدْنَا مَعدّاً عَنْوَةً بِالخَزَائِمِ
وَمِنّا الّذِي أعْطَى يَدَيْهِ رَهينَةً =لغارَيْ مَعَدٍّ يَوْمَ ضَرْبِ الجَماجمِ
كَفَى كُلَّ أُمٍّ ما تَخافُ على ابْنِها،= وَهُنّ قِيَامٌ رَافِعاتُ المَعاصِمِ
عَشِيّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُمَا =عَجاجَةَ مَوْتٍ بالسّيُوفِ الصّوَارِمِ
هُنالِكَ لَوْ تَبغي كُلَيباً وَجْدْتَهَا =بِمَنْزِلَةِ القِرْدانِ تَحْتَ المَناسِمِ
وَمَا تَجعَلُ الظِّرْبَى القِصَارَ أُنُوفُها = إلى الطِّمّ من مَوْجِ البحارِ الخَضَارِمِ
لهَامِيمُ، لا يَسطِيعُ أحمالَ مثلِهمْ = أنُوحٌ وَلا جاذٍ قَصِيرُ القَوائِمِ
يَقولُ كِرَامُ النّاسِ إذْ جَدّ جِدُّنا، = وَبَيّنَ عَنْ أحْسَابِنَا كُلُّ عالِمِ
عَلامَ تَعَنّى يا جَرِيرُ، وَلمْ تَجِدْ = كُلَيْباً لهَا عَادِيّةٌ في المَكَارِمِ
وَلَسْتَ وَإنْ فَقَّأتَ عَيْنَيكَ وَاجداً = أباً لَكَ، إذْ عُدّ المَساعي، كدارِمِ
هوَ الشّيخُ وَابنُ الشّيخِ لا شَيخَ مثلَه، = أبُو كُلّ ذِي بَيْتٍ رَفِيعِ الدّعَائِمِ
تَعنّى مِنَ المَرّوتِ يَرْجُو أرُومَتي = جَرِيرٌ على أُمّ الجِحاشِ التّوَائِمِ
وَنِحْياكَ بالمَرّوتِ أهوَنُ ضَيْعةً، = وَجَحشاكَ من ذي المأزِقِ المُتَلاحِم
فَلَوْ كُنتَ ذا عَقْلٍ تَبَيّنْتَ أنّما = تَصُولُ بِأيْدِي الأعجَزِينَ الألائِمِ
نَماني بَنُو سَعْدِ بنِ ضَبّةَ فانتَسِبْ = إلى مِثْلِهِمْ أخوَالِ هاجٍ مُرَاجِمِ
وَضَبّةُ أخْوَالي هُمُ الهَامَةُ الّتي = بهَا مُضَرٌ دَمَاغَةٌ للجَمَاجِمِ
وهَلْ مِثْلُنا يا ابنَ المَرَاغَةِ إذْ دَعَا = إلى البَأسِ داعٍ أوْ عِظامِ المَلاحِمِ
فَما مِنْ مَعَدّيٍّ كِفَاءً تَعُدُّهُ لَنا = غَيرَ بَيْتَيْ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
وَما لَكَ مِنْ دَلْوٍ تُواضِخُني بهَا، = ولا مُعِلِمٍ حَامٍ عَنِ الحيّ صَارِمِ
وَعِنْدَ رَسُولِ الله قام ابنُ حابسٍ = بُخطّةِ سَوّارٍ إلى المَجْدِ حازِمِ
لَهُ أطْلَقَ الأسْرَى الّتي في حِبَالِهِ = مُغَلَّلَةً أعْنَاقُهَا في الأداهِمِ
كَفَى أُمّهَاتِ الخائفِينَ عَلَيْهِمُ = غَلاءَ المُفادِي أوْ سِهَامَ المُسَاهِمِ
فَإنّكَ وَالقَوْمَ الّذِينَ ذَكَرتَهُمْ =رَبِيعَةَ أهْلَ المُقْرَباتِ الصّلادِمِ
بَناتُ ابنِ حَلاّبٍ يَرُحْنَ عَلَيْهِمُ =إلى أجَمِ الغابِ الطّوَالِ الغَوَاشِمِ
فعلا وَأبِيكَ الكَلْبِ ما مِنْ مَخافَةٍ =إلى الشّأمِ أدّوْا خالِداً لمْ يُسالِمِ
وَلكِنْ ثَوَى فيهِمْ عَزِيزاً مكَانُهُ =على أنْفِ رَاضٍ من مَعَدٍّ ورَاغِمِ
وَما سَيّرَتْ جاراً لهَا من مَخافَةٍ،= إذا حَلّ من بَكْرٍ رُؤوسَ الغَلاصِمِ
بِأيّ رِشَاءٍ، يا جَرِيرُ، وَمَاتِحٍ =تَدَلّيْتَ في حَوْماتِ تِلْكَ القَماقِمِ
وَما لكَ بَيْتُ الزَّبَرْقَانِ وَظِلّهُ؛ =وَما لكَ بَيْتٌ عِندَ قَيسِ بنِ عاصِمِ
وَلكِنْ بَدا للذّلِّ رَأسُكَ قاعِداً، =بِقَرْقَرَةٍ بَينَ الجِداءِ التّوَائِمِ
تَلُوذُ بأحقَيْ نَهشَلٍ من مُجاشِعٍ = عِيَاذَ ذَليلٍ عارِفٍ للمَظالِمِ
وَلا نَقتُلُ الأسرَى وَلكنْ نَفُكُّهمْ = إذا أثْقَلَ الأعناقَ حَمْلُ المَغارِمِ
فَهَلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَةٌ لكمْ = أبا عَنْ كُلَيْبٍ أوْ أباً مِثلَ دارِمِ
فَإنّكَ كَلْبٌ مِنْ كُلَيْبٍ لكَلْبَةٍ = غَذَتْكَ كُلَيبٌ في خَبيثِ المَطاعِمِ

عامرحريز
01/04/2007, 04:44 PM
وفي هذه هجا جرير:


وَدّ جَرِيرُ اللّؤمِ لَوْ كَانَ عانِياً، = ولَمْ يَدنُ منْ زَأرِ الأسودِ الضّرَاغمِ
فإنْ كُنتُما قَدْ هِجتُماني عَلَيكْمَا= فلا تَجَزَعَا وَاسْتَسمِعا للمُرَاجِمِ
لمِرْدَى حُرُوبٍ مِنْ لَدُنْ شدَّ أزْرَهُ =مُحامٍ عن الأحسابِ صعَبِ المَظالِمِ
غَمُوسٍ إلى الغاياتِ يُلْفَى عَزِيمُهُ،= إذا سَئِمَتْ أقْرَانُهُ، غَيرَ سَائِمِ
تَسُورُ بِهِ عِنْدَ المَكَارِمِ دارِمٌ، =إلى غايَةِ المُسَتَصْعَباتِ الشّداقِمِ
رَأتْنَا مَعدُّ، يَوْمَ شَالَتْ قُرُومُها، =قِياماً على أقْتَارِ إحْدَى العَظائِمِ
رَأوْنَا أحَقَّ ابْنيْ نِزَارٍ وَغَيْرِهِمْ، =بإصْلاحِ صَدْعٍ بَيْنَهُمْ مُتَفاقِمِ
حَقَنّا دِمَاءَ المُسلِمينَ، فأصْبَحَتْ = لَنَا نِعْمَةٌ بُثْنى بهَا في المَواسِمِ
عَشِيّةَ أعْطَتْنَا عُمَان أُمُورَهَا، = وَقُدْنَا مَعدّاً عَنْوَةً بِالخَزَائِمِ
وَمِنّا الّذِي أعْطَى يَدَيْهِ رَهينَةً =لغارَيْ مَعَدٍّ يَوْمَ ضَرْبِ الجَماجمِ
كَفَى كُلَّ أُمٍّ ما تَخافُ على ابْنِها،= وَهُنّ قِيَامٌ رَافِعاتُ المَعاصِمِ
عَشِيّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُمَا =عَجاجَةَ مَوْتٍ بالسّيُوفِ الصّوَارِمِ
هُنالِكَ لَوْ تَبغي كُلَيباً وَجْدْتَهَا =بِمَنْزِلَةِ القِرْدانِ تَحْتَ المَناسِمِ
وَمَا تَجعَلُ الظِّرْبَى القِصَارَ أُنُوفُها = إلى الطِّمّ من مَوْجِ البحارِ الخَضَارِمِ
لهَامِيمُ، لا يَسطِيعُ أحمالَ مثلِهمْ = أنُوحٌ وَلا جاذٍ قَصِيرُ القَوائِمِ
يَقولُ كِرَامُ النّاسِ إذْ جَدّ جِدُّنا، = وَبَيّنَ عَنْ أحْسَابِنَا كُلُّ عالِمِ
عَلامَ تَعَنّى يا جَرِيرُ، وَلمْ تَجِدْ = كُلَيْباً لهَا عَادِيّةٌ في المَكَارِمِ
وَلَسْتَ وَإنْ فَقَّأتَ عَيْنَيكَ وَاجداً = أباً لَكَ، إذْ عُدّ المَساعي، كدارِمِ
هوَ الشّيخُ وَابنُ الشّيخِ لا شَيخَ مثلَه، = أبُو كُلّ ذِي بَيْتٍ رَفِيعِ الدّعَائِمِ
تَعنّى مِنَ المَرّوتِ يَرْجُو أرُومَتي = جَرِيرٌ على أُمّ الجِحاشِ التّوَائِمِ
وَنِحْياكَ بالمَرّوتِ أهوَنُ ضَيْعةً، = وَجَحشاكَ من ذي المأزِقِ المُتَلاحِم
فَلَوْ كُنتَ ذا عَقْلٍ تَبَيّنْتَ أنّما = تَصُولُ بِأيْدِي الأعجَزِينَ الألائِمِ
نَماني بَنُو سَعْدِ بنِ ضَبّةَ فانتَسِبْ = إلى مِثْلِهِمْ أخوَالِ هاجٍ مُرَاجِمِ
وَضَبّةُ أخْوَالي هُمُ الهَامَةُ الّتي = بهَا مُضَرٌ دَمَاغَةٌ للجَمَاجِمِ
وهَلْ مِثْلُنا يا ابنَ المَرَاغَةِ إذْ دَعَا = إلى البَأسِ داعٍ أوْ عِظامِ المَلاحِمِ
فَما مِنْ مَعَدّيٍّ كِفَاءً تَعُدُّهُ لَنا = غَيرَ بَيْتَيْ عَبدِ شَمسٍ وَهاشِمِ
وَما لَكَ مِنْ دَلْوٍ تُواضِخُني بهَا، = ولا مُعِلِمٍ حَامٍ عَنِ الحيّ صَارِمِ
وَعِنْدَ رَسُولِ الله قام ابنُ حابسٍ = بُخطّةِ سَوّارٍ إلى المَجْدِ حازِمِ
لَهُ أطْلَقَ الأسْرَى الّتي في حِبَالِهِ = مُغَلَّلَةً أعْنَاقُهَا في الأداهِمِ
كَفَى أُمّهَاتِ الخائفِينَ عَلَيْهِمُ = غَلاءَ المُفادِي أوْ سِهَامَ المُسَاهِمِ
فَإنّكَ وَالقَوْمَ الّذِينَ ذَكَرتَهُمْ =رَبِيعَةَ أهْلَ المُقْرَباتِ الصّلادِمِ
بَناتُ ابنِ حَلاّبٍ يَرُحْنَ عَلَيْهِمُ =إلى أجَمِ الغابِ الطّوَالِ الغَوَاشِمِ
فعلا وَأبِيكَ الكَلْبِ ما مِنْ مَخافَةٍ =إلى الشّأمِ أدّوْا خالِداً لمْ يُسالِمِ
وَلكِنْ ثَوَى فيهِمْ عَزِيزاً مكَانُهُ =على أنْفِ رَاضٍ من مَعَدٍّ ورَاغِمِ
وَما سَيّرَتْ جاراً لهَا من مَخافَةٍ،= إذا حَلّ من بَكْرٍ رُؤوسَ الغَلاصِمِ
بِأيّ رِشَاءٍ، يا جَرِيرُ، وَمَاتِحٍ =تَدَلّيْتَ في حَوْماتِ تِلْكَ القَماقِمِ
وَما لكَ بَيْتُ الزَّبَرْقَانِ وَظِلّهُ؛ =وَما لكَ بَيْتٌ عِندَ قَيسِ بنِ عاصِمِ
وَلكِنْ بَدا للذّلِّ رَأسُكَ قاعِداً، =بِقَرْقَرَةٍ بَينَ الجِداءِ التّوَائِمِ
تَلُوذُ بأحقَيْ نَهشَلٍ من مُجاشِعٍ = عِيَاذَ ذَليلٍ عارِفٍ للمَظالِمِ
وَلا نَقتُلُ الأسرَى وَلكنْ نَفُكُّهمْ = إذا أثْقَلَ الأعناقَ حَمْلُ المَغارِمِ
فَهَلْ ضَرْبَةُ الرّوميّ جاعِلَةٌ لكمْ = أبا عَنْ كُلَيْبٍ أوْ أباً مِثلَ دارِمِ
فَإنّكَ كَلْبٌ مِنْ كُلَيْبٍ لكَلْبَةٍ = غَذَتْكَ كُلَيبٌ في خَبيثِ المَطاعِمِ

عامرحريز
01/04/2007, 04:50 PM
جَرير
28 - 110 هـ / 648 - 728 م
جرير بن عطية بن حذيفة الخطفي بن بدر الكلبي اليربوعي، أبو حزرة، من تميم.
أشعر أهل عصره، ولد ومات في اليمامة، وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفردق والأخطل.
كان عفيفاً، وهو من أغزل الناس شعراً.

عامرحريز
01/04/2007, 04:53 PM
نكتفي بقصيدة واحدة لجرير يهجو فيها الفرزدق

إنَّ الفرزدقَ أخزتهُ مثالبهُ عبدُ النهارِ وزاني الليلِ دبابُ
لا تهجُ قيساً ولكنْ لوْ شكرتهمْ إنَّ اللئيمَ لأهلِ السروِ عيابُ
قيسَ الطعانِ فلا تهجو فوارسهمْ لحاجِبٍ وَأبي القَعقاعِ أرْبَابُ
هُمُ أطْلَقُوا بَعدَما عَضّ الحديدُ به عَمرَو بنَ عَمْرٍو وبالسّاقَينِ أندابُ
أدوا أسيدة َ في جلبابِ أمكمُ غصباً فكانَ لها درعٌ وجلبابُ
مُجاشِعٌ لا حَيَاءٌ في شَبيبَتِهِمْ و لا يثوبُ لهمْ حلمٌ إذا شابوا
شَرُّ القُيُونِ حَديثاً عِنْدَ رَبّتِهِ قَيْنا قُفَيرَة َ: مَسْروحٌ وَزَعّابُ
لا تتركوا الحدَّ في ليلى فكلكمُ من شأنِ ليلى وشأنِ القينِ مرتابُ
فاسألْ غمامة َ بالخيلِ التي شهدتْ كأنّهُمْ يَوْمَ تَيْمِ اللاّتِ غُيّابُ
لكِنْ غَمَامَة ُ لَوْ تَدْعو فَوَارِسَنا يومَ الوقيطِ لما ولوا ولا هابوا
مجاشعٌ قد أقرُّ كلَّ مخزية َ لا مَنْ يَعيبُونَ لا بلْ فيهمُ العابُ
قالَتْ قُرَيْشٌ وَقَد أبلَيتُم خَوَراً: ليستْ لكمْ يا بني رغوان ألبابُ
هَلاّ مَنَعتُمْ مِنَ السّعديّ جارَكُمُ بالعرقِ يومَ التقى بازٍ وأخرابُ
أقْصِرْ فإنّكَ ما لمْ تُؤنِسُوا فَزَعاً عِندَ المِرَاءِ خَسيفُ النُّوكِ قَبقابُ
فاسألْ أقومكَ أم قومي هم ضربوا هامَ الملوكِ وَ أهلُ الشركِ أحزابُ
الضّارِبِينَ زُحُوفاً يَوْمَ ذي نَجَبٍ، فيها الدروعُ وفيها البيضُ والغابُ
منا عتيبة ُ فانظر منْ تعدلهُ و الحارثانِ ومنا الردف عتابُ
منا فوارسُ يومِ الصمدِ كان لهمْ قتلى وأسرى وأسلابٌ وأسلابُ
فاسألْ تَميماً مَنِ الحامُونَ ثَغرَهُمُ وَالوَالجُونَ إذا ما قُعْقِعَ البَابُ

عامرحريز
01/04/2007, 06:16 PM
الأَخطَل
19 - 90 هـ / 640 - 708 م
غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمرو، أبو مالك، من بني تغلب.
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.

عامرحريز
01/04/2007, 06:23 PM
من هجائه:

يا كعبُ لا تهجونَّ العامَ معترضاً = فإنَّ شِعْرَكَ، إنْ لاقيْتني، غَرَرُ
إنّي أنا اللّيثُ في عِرِّيسَة ٍ أَشِبٍ = فَوَرِّعِ السَّرْحَ، حتى يَفْسَحَ البصَرُ
قد جئتَ تحمل رأساً، غيرَ ملتئمٍ = كما تحامل فوقَ القنة ِ الأمرُ
إن اللهازمَ لنْ تنفكَ تابعة ً = همُ الذُّنابى وشِرْبُ التّابعِ الكدَرُ
قبيلة ٌ كشراكِ النعلِ دراجة ٌ = إن يهبطوا العفو لا يوجدْ لهم أثرُ
محَلَّهُمْ مِنْ بني تَيْمٍ وإخوَتَهُمْ = حيثُ يكونُ من الحمارة ِ الثفرُ


وقال أيضاَ

لزَيدِ اللاتِ أَقْدامٌ قِصارٌ = قليلٌ أخذهنَ منَ النعالِ
هنيئة ُ في الضلالِ وعبدُ بكرٍ = ومنجابٌ كراعية ِ الخيالِ
تخَلَّوا في الحوادثِ مِن أبيهِمْ = ونادَوْا خُفْرَة ً دعْوَى ضَلالِ