المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصر .. يـا بهية ..؟!



حسن سلامة
29/01/2011, 02:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
مصر .. يـا بهية ..؟!

قالتْ بهية ُ :
{ إمتى تـُفرج يا ابن عمي .؟!
قال : بـُكره يفرجها الكريم ْ ..
- يا كريم .. } (1)

وكان الكريمُ يرى بهية َ ،
وهي تـُدلي جدائلها في نيلـِها
ويرى الكريمُ صبرها ،
وحزنها القديم ،
الذي كاد يودي بها ..

بهية ُ،
حين نضجتْ
وضجّ بها ثوبها الريفي ،
تعلق بها الصـِبية ُ
الذين كانوا يرمقونها ،
بالتياع ..!!
كانت تخبئ شوقـَها
خلف أعواد الذرةِ اليانعة ،
فيرقبها النيل الذي ينساب
كثعبان ماء ٍ
كلما غضبْ ..

بهية ٌ ، بهية
حين قال ابن عمها
بكرة تفرج يا بهية ،
راح يلملم ُ
عوداً فوق عود ٍ
لعش ٍ صغير
زرعا فيه ذاك الحلم ..
وراح بعيداً
بعد أن أفنى أزهاره
وقوت َ أهله ِ
والكثير من أحلامهم ،
ليكون مُعلماً
أو مُـهندساً
أو طبيباً ، لكنه
حط رحالـًه
عند المطاعم البعيدة ،
يغسل بقايا الآكلين ،
أو يلقم المعجنات فم التنور ..
وكل حين ،
يمسح عن جبينه
عـَرقَ المذلة ِ
وهوان نفسه على نفسه
فيصحو ،
ويرى بهية َ
ترنو إليه
من عند نيلِها
والمآذن القديمة ..

بهية ُ قالت :
انا في انتظارك يا ابن عمي،
إمتى يفرجها الكريم .؟!
والكريم يرانا ،
نغسل أحزاننا
بما تبقى في جـِرار الصبر
من صبر ٍ ومن قهر ..

وبهية ،
شاحت عنها الوجوه قليلا ً ..
وقليلا ً شحـّتْ الترعة ُ حولها ،
وقليلاً ً ذبلت ْ أعوادُ الذرة ِ
وقصـًرتْ تيلة ُ القطن كثيراً
وصار النيلُ يرمقـُها
وما فيه شيءٌ يقدمه
من البـُلطيّ
أو البـُنيّ (2)
أو حتى
من حكايات بائع اللبّ الذي
كان يسترق ُ السمع َ
إلى غزلِ العاشقين
عند ذلك الكورنيش
تظلله شجرة ٌ جهنمية ٌ
بأحمرها الصارخ ،
فينامان كانا ،
على أمل ٍ حلوْ ..

بهية تصحو ..
تتحسس جسدهـا
تلملم ُ أطراف َ ثوبها
بهية تصرخ ُ في فضاءاتهـا
الآن يفرجهـا الكريم
يا ابن عمي ..
فتعال
الطميُ يخرج ُ للتو
من جسد النيل الذي
مـل ّ انسيابه العبثي ّ
واليمـامـاتُ على أغصانهـا
باضت ْ
وغردتْ الحساسبن ُ
بين أعواد القصب ْ
جاء الغضب ْ
يا ابن عمي
فتعال ،
فالمخاض مفتاح الولادة
والولادة ُ تمتْ ..
على ( يد أم الغلابه )
بهية ُ قالت
الآن يفرجهـا الكريم
فتعال ،
( الواد كـِبـِرْ )
يا ابن عمي ، فتعال ْ
نزرع الغيط ثانية ً
ونقرأ الفاتحة
على روح أمكْ
وأبيكْ
ونعود ثانية للنيل ،
والكورنيش ، واللب ْ
والورد الجهنمي ،
وابن ( ابو سويلم )
بائع الترمس ،
فقد تزوج قبل يومين ،
ورأيتُ أصحابه
يزفونه على أكتافهم
المخضبة بدمه ..

قالت بهية ُ
الآن يفرجها الكريم ،
فاليمامات قد باضتْ
على أعواد المدن العتيقة
وعند مشارف العتبات
شيئاً يبرق من بعيد ،
مثل فرحة تلك الليلة ،
خلف أعواد القصب ْ ،
أتذكر با ابن عمي ..؟!!
حين كان النيل يضحك ُ
وحين أسبلت الجاموسة جفنيها
ونامت على رطل ٍ من حليبْ ..؟
يا سلام ،
والقمر كان يحاكينا ،
بابتسامات
تأتي وتغيبْ
خلف غيمات الفرح ..

يا ابن عمي ،
بهية قالتْ،
( الواد كبر..
وعيال ابن ابو سويلم
امبارح شالوه ..
شـُفت شي أحمر وراه ،
زي ما تقول خيطان
من شجر النيل ..
قالوا يا ضنايا ،
جـت له رصاصه ..
يمكن يا خويه طايشه .؟
لكني يا ابن عمي
أنا لسه عايشه
ما تخافش ،
انا لسه قبل الأربعين،
مش حبكي .. لأ
وحياة المرحوم أبوك ،
خليك قوي في غربتك ْ
إحنا زي ما احنا يا حبيبي ،
حنروح مرة تانية
للغيطان
والدره
نزرع تحت القمر
خيطان
من دم الولدْ..
يمكن بكره يطلع نسيج
أو ملايه نحطها
فوق سريره ..
أو نعمل منها علم
كبير قوي ،
لمصر أمنا
أم الغلابه ..)
..28 / 1 / 2011

(1) الفقرة مستوحاة من قصيدة للراحل نجيب سرور ..
(2) البلطي والبني ، من أنواع سمك النيل .

الدكتور محمود حمد سليمان
13/02/2011, 11:49 PM
الأستاذ الفاضل حسن سلامة الموقر
يسعدني أن أكون أول من يحط قلمه هنا.. والواقع أنني حططتُ أحاسيسي ومشاعري وأنا أنساب وراء هذا النص الذي انسابت وتلاحقت فيه الصور والتخيلات وما لا حدود له من الطاقات النفسية والإبداعات.. عاشت مصر حرة بهية لا يخطبها إلا عشاق الشهادة منذ فجر تاريخها العربي الوحدوي النابض بالوحدة والحرية والعروبة الحضارية المؤمنة..
من القلب لك تحياتي وأشواقي.. ولمصر كل الأمل والنصر المبين.
محمود حمد سليمان

كرم زعرور
14/02/2011, 10:09 AM
أخي العزيز حسن سلامة
.. ودائماً لا أقرأُ لكَ شعراً فقط ،
ولكني أسمعُ نبضَ قلبكَ في كلِّ حرف ٍ،
أنت تكتبُ بقلبكَ قبلَ يدك ، وقبلَ عقلك ،
للهِ درُّهُ قلبكَ ، ما أجملهُ !
محبّتي واحترامي - كرم زعرور

حسن سلامة
19/02/2011, 10:16 PM
الأستاذ الفاضل حسن سلامة الموقر
يسعدني أن أكون أول من يحط قلمه هنا.. والواقع أنني حططتُ أحاسيسي ومشاعري وأنا أنساب وراء هذا النص الذي انسابت وتلاحقت فيه الصور والتخيلات وما لا حدود له من الطاقات النفسية والإبداعات.. عاشت مصر حرة بهية لا يخطبها إلا عشاق الشهادة منذ فجر تاريخها العربي الوحدوي النابض بالوحدة والحرية والعروبة الحضارية المؤمنة..
من القلب لك تحياتي وأشواقي.. ولمصر كل الأمل والنصر المبين.
محمود حمد سليمان




بسم الله الرحمن الرحيم

أخي العزيز الدكتور محمود

شكراً لحضورك
وشكراً لقلمك الرقيق السبّـاق ..
تعلم يا سيدي أنني بهذا النص سجلت موقفي في حينه ..
وتعلم أنني أقول ما يمليه علي الضمير الذي لا يشوبه التردد .. بفضل من الله سبحانه ، وإيماني بطاقات الناس البسطاء الذين يوقدون شموع الأمل ..
..
أشكرك ايها الصديق
..

حسن سلامة
19/02/2011, 10:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي العزيز كرم

أسعد الله اوقاتك أيها الرجل الكبير ..
أعلم أن كلماتك جاءت من فلبك ..
وأعلم أن كل الكلام لا يرتقي أبداً للفعل الذي حدث في تونس ومصر ..
لكننا لا نملك إلا هذه الكلمات السريعة .. نعبر بها عمـّا يجول بالخاطر ..
لك المجد
وللأمة الصابرة المنتظرة لغد أفضل ..
..
ليتك تقرأ نص ( مسمار الكتابة) الذي أدرجناه قبل الأحداث بأيام ..!!!

http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=82964

أيمن أحمد رؤوف القادري
20/02/2011, 02:48 PM
أخي العزيز حسن سلامة
السلام عليكم
كلام يتنسّم عبير الحرية
ويسبح في مياه النيل الخيّرة.
أحييك.