المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 219 ... مبارك لشعبه: أخاصمك آه، أسيبك لا!!.



سماك العبوشي
05/02/2011, 08:09 PM
مسامير وأزاهير 219 ...

مبارك لشعبه: أخاصمك آه، أسيبك لا!!.


كاذب ودعيّ وأفـّاق ذاك الذي لا يقر بحالة الخصام والقطيعة بين الرئيس مبارك وأبناء شعبه في مصر العروبة، سواءً قبل ثورة الشارع المصري أو بعدها!!، كما وأنه تالله لكاذب ودجال وأفـّاك ذاك الذي يهلل لوعود بالإصلاح والتغيير التي بذلها نظام كان قد مارس القطيعة وقمع حريات أبناء شعبه من خلال قانون الطوارئ الذي كتم على أنفاسهم وكتم لهم أصواتهم!!.

لطالما كان النظام المصري يمارس سياسة الاستخفاف بمشاعر ومطالب أبناء شعبه المتمثلة بالحرية والكرامة والعيش الكريم، بإنهاء حالة البطالة، برفضه واستنكاره لحالة التقزم العربي والإقليمي لمصر والانبطاح التام أمام إرادة الولايات المتحدة الأمريكية وتدليسها ومحاباتها للكيان الصهيوني، وبرغم التنازلات التي أضطر لتقديمها الرئيس مبارك (رغم إرادته ورغبته) طيلة الفترة التي تلت انتفاضة الخامس والعشرين من يناير، إلا أن الشارع المصري مازال غاضباً ورافضاً للنظام السياسي ورئيسه مبارك، فما أسباب ذلك الإصرار وما الذي يعنيه!؟.

وللإجابة عن ذاك التساؤل، أقول ورب الكعبة بأنه لدليل دامغ ومؤشر واضح على اتساع الفجوة العظيمة التي بين الرئيس مبارك وبين أبناء شعبه الصابر المحتسب لله، وإنه تالله لمؤشر واضح وبيـّن على انتفاء الثقة بوعود الرئيس مبارك كتحصيل حاصل لممارساته التي امتدت لثلاثين عاماً، تلك الممارسات المتمثلة بقانون الطوارئ وقبضته الحديدية وأزلامه من قوى الأمن المصري وما يفعلونه في الشارع المصري، لحجم التزوير الكبير والخطير بنتائج الانتخابات البرلمانية على طول مشهد تاريخها وأبرزها تلك التي جرت عام 2010، ولما ذاقه الشباب المصري من جوع وبطالة وحرمان!!.

لقد تلذذ الرئيس مبارك طيلة ثلاثين عاماً بحكم مصر، مارس خلالها شتى صنوف القهر لأبناء شعبه، أذاقهم المر والهوان والجوع والحرمان إلا فئة قليلة تمثلت بدائرة ضيقة تحيط به من ساسة ورموز نظام ورجال أعمال وميسوري حال، كان قد جمع وعائلته من ثروات أبناء مصر الجياع ثروة تفوق 70 مليار دولار "حسبما نشر مؤخراً في صحيفة الغارديان" وزعت بين سيولة نقدية في بنوك الغرب وبين استثمارات عقارية وصناعية وتجارية هناك، فتسبب كل ذلك بخلق فجوة واسعة بينه وبين أبناء شعبه، فما أن اهتزت الأرض من تحت أقدامه جراء انتفاضة أبناء مصر مطالبين برحيله عن السلطة، حتى اضطر للخروج إليهم معلناً أنه قد قرف الحكم وأعباء مسئوليات قيادة مصر، غير أنه يخشى تركها الآن مخافة انتشار الفوضى فيها!!!.

إن ما نراه اليوم من أزمة في مصر، مرده أمران:
أولاً ... إدراك أبناء شعب مصر العربي الذي ظل يئن من ممارسات نظام مبارك السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بأنه لن يخدع بتحسينات وإصلاحات جزئية قد أجبر عليها الرئيس بعد ثلاثة عقود، وعود لا يعتد بها لغياب الثقة به وانعدام مصداقيته!!.
ثانياً ... تشبث وعناد الرئيس مبارك برفضه لفكرة التنحي، وما ادعاه من أنه قد سئم الرئاسة وأعباءها كما أعلن في مقابلة مع شبكة ABC الأمريكية، ورغبته بالرحيل لولا خشيته من انتشار الفوضى في مصر، ولسان حاله يردد على مسامع أبناء شعبه تلك الأغنية المصرية "أخاصمك آه، أسيبك لا"، مراهناً بذلك وبما يمارسه من لعبة اللف والمناورة على احتمال حدوث انشقاق في صفوف معارضيه والمعتصمين المطالبين بتنحيه، ليتمكن بالتالي على الانقضاض على المعارضين له وإجهاض ثورة الشباب المصري وضرب أهدافها ومكتسباتها التي تحققت!!.

لقد انتفض شباب مصر فخرج مطالباً بالتغيير لأنه استنكر وأبى أن يتراجع دور مصر القومي!!، وقد خرج شعب مصر العربي غاضباً يسعى للتغيير والإصلاح، بعد أن جاع سوادهم الأعظم فيما شبع وأثرى مترفوها ورموز نظامهم من خيرات مصر وشعبها !!، فلطالما:
1. استخف نظام مبارك بتلك الصيحات من الاحتجاجات ضد صفقة بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني، فلم يأبه لتلك الاعتصامات التي دعا إليها ونفذها نشطاء متهمين حكومتهم المصرية السابقة بالتواطؤ مع الحكومة الصهيونية بعد تقارير عن زيادة كميات الغاز المصري المتدفق على الكيان الصهيوني برغم وجود قضايا عديدة لوقف تصديره تنظر فيها محاكم مصرية آنذاك (ولعل تفجير خط نقل الغاز دليل رفض الشارع المصري لتلك الصفقة المشبوهة)!!.
2. استخف شرفاء مصر من كرم نظام مصر بما يزوده من غاز طبيعي للكيان الصهيوني بأسعار تفضيلية تكاد تساوي أسعار كلفة الإنتاج، فيما يعتمد اقتصاده المنهار والمتهالك (مديونية مصر قد بلغت 47 مليار دولار!!) على المساعدات الأمريكية السنوية البالغة مليارا ونصف المليار دولار!!.
3. تلبس الحزن واعتصر الألم فؤاد شعب مصر ما رآه من اصطفاف لنظامه ورئيسه مع العدو الصهيوني ومناصبته العداء لأبناء جلدتهم في غزة العداء، يحاصرهم ويشدد قبضته عليهم بجداره الفولاذي الفاصل على الحدود بين سيناء وغزة، فخرج عن بكرة أبيه صارخاً مدوياً داعياً إلى التغيير ثأراً ونصرة لجياع غزة!!.
4. قد ضجر شعب مصر العربي الأبي وسأم من هوان نظام مصر وتقاعسه عن حماية أمنه القومي المتمثل بعجزه إزاء النزاع على مياه النيل ودعوات أفريقية بإعادة جدولة توزيع المياه، مما سيؤثر سلباً على واردات مصر المائية من النيل مستقبلاً، فخرج منتفضاً مستنكراً ذاك الهوان الذي تلبس النظام ورئيسه، مطالباً بالتغيير ضماناً لمستقبل حاضر مصر وأجيالها القادمة!!.
تلك لعمري وغيرها، هي أسباب القطيعة والخصام بين أبناء شعب مصر العربي الأبي وبين رئيس نظامه مبارك!!.

كلمة أخيرة للتاريخ لابد منها ...
أي نفاق ذاك الذي يمارسه الغرب معنا، مع أنظمتنا وقادتنا العرب، وعجيب أمر هذا الغرب الذي تحالف نظام مبارك وإياه، ولطالما قد احتضنه، رعاه، مده بمستلزمات بقائه، حاوره، ساعده وآزره وشاوره، لثلاثين عاما من سيطرة الرئيس المصري مبارك على بلاده من خلال فرض الخوف والرعب بعصا الشرطة السرية وقانون الطوارئ وما تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية من أموال دعم سنوي له، فما أن هبّ الشعب العربي في مصر غاضباً رافضاً نظام مبارك، حتى رأينا الغرب - وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية - ينادي بما ينادي به شعب مصر المنتفض من دعوات التغيير وتنحي مبارك، بل وكان الغرب أكثر مصرية من المصريين ذاتهم، فطالب بالإسراع بالتغيير وتداول السلطة بسلاسة، فأي نفاق هذا، وأي مبدأ أخلاقي وإنساني يتشدقون به!!؟.
قد انكشف اغرب على حقيقته، وقد انفرطت حبات مسبحة التغيير، والعقبى بإذن الله لباقي أنظمة العرب التسلطية!!!.
فلتكن لرحيل زين العابدين بن علي وترنح مبارك ونظامه، وتخلي الغرب عنهما، عبرتان لباقي حكام العرب وأنظمته، بألا مصالح دائمة مستمرة مستقرة بين الغرب وبينهم، فهم وأنظمتهم المنبطحة أمام الغرب وإملاءاته برغم إرادة شعوبهم هم لعمري أشبه ما يكونون بقطعة قماش ترمى إلى سلة المهملات ما أن تتسخ!!.
وليعش شعب مصر عربياً حراً أبياً كريماً سيداً على أرضه.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
5 شباط / فبراير 2011