المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نور



مبارك الحمود
16/02/2011, 02:02 PM
نور

تسلل الغول بخفةٍ من بين الأحراش حتى وقف خلف شجرة متستراً.. حرك عينيه المظلمتين ككهف جزيرة نائية, وهو ينظر لابنة الحطاب الصغيرة التي تلعب أمام البيت القابع وحيدا بقرب الغابة.. كان يشعر بنهم شديد لأكلها!.. "يا نور.." يسمع الصوت الذي يتشتت في الأرجاء, والطفلة ذات السنوات السبع تركض مجيبة باتجاه الباب, فترف أذناه ويتحرك رأسه برعشة سريعة, ويردد ببحة ذبيحة:"نوووور".
مر أسبوع على مراقبته لها.. سمنتها الشديدة تغريه, وبراءتها المتناهية تزيد من ذلك.. من أجمل اللحظات إليه هي تلك اللحظة التي تأتي فيها بردائها المدرسي مع أبيها, وهي تحمل حقيبتها الثقيلة على ظهرها, أو حين تلعب الحجلة, أو تنط من فوق الحبل.. لقد وقع في عشق وجبته!.
في وسط أحشاء الغابة المظلمة, جلس يفكر بعلو من بين الأشجار العقيمة الهرمة التي انحنت منصتة ً لخطته.. سيخطفها ويبدأ بذراعها المكتنزة شحما, سيلتهمها لمدة شهر يقطع منها كل أسبوع جزءاً وهي حية.. فبمحلول سحري أعطته إياه خالته سيبقى جسد الطفلة نديا طوال تلك المدة كما أخبرته.. مازال يتذكر خالته, حينما زارها في الأسبوع الفائت في مسكنها, الذي كان عبارة عن قبر فخم مرصع بالجواهر لملك ظالم, امتلأت جثته المتعفنة بالدود.. يتذكر تلك الوجبة التي قدمتها, و رائحة مقززة شهية تفوح منها.. طرية غضة أذابته لذتها, فأعلمته أنها لحم لقيط وجدته حيا في وادي الغربان.. تقاطر لعابه على الأرض الزلقة المطحلبة, وهو يتخيل جسد الطفلة في صحن دائري بين يديه, فضحك ضحكة منشار يقد حديدا.. نظر لبقعة ماء طينية قد تأطرت فيها السماء, وبدا له أن شعر لحيته الخضراء مرتب بعض الشيء, ففركه بقوة حتى عاد لشعثته المعتادة كما يحب, الحب فَكّرَ, وسأل ما هو؟, خالته أخبرته أنه نقطة ضعف, ودائما ما تقول كل بحب إن كان في قلبك المجازي حب, وتكركر بعدها بتصاعد سريع عصبي يخيفه.. نفض الذكرى لواقعه, وحدّ بصخرة بجانبه مخالبه الصدئة.. نظر للأفق الذي بدأت ثلاث نجمات بالظهور فيه.. شعر أن مساءه سيكون مليئا بالدم.. والحب..
كانت ريح كئيبة تنتشر بهدوء الغابة التي اصطفت أشجارها تراقب عن بعد.. وبدأ الظلام بجر ردائه الثقيل ببطء حينما وقف الغول أمام بيت الحطاب.. يلبس قبعة من الخيش, ويحمل على ظهره كيسا مملوءا ببعض الحلويات, التي قد حشاها بالسم, معتنيا أكثر بأطرافها.. طرق الباب بأدب جم, وبدت من تحت قبعته ابتسامة جاهد ألا تبدو خبيثة.. "شيخ ضرير يرتزق بعرق جبينه".. قالها مأساة للحطاب الذي قام بإدخاله, ووضعت زوجته أمامه قدحا من الأعشاب الزكية.. فرفضه بإصرار فرائحته تزعجه.. اقترب من النار بشوق ثائر, ناثرا بضاعته للحطاب الذي شعر بأن من واجبه ألا يرد العجوز المسكين خائبا.. "تذوق يا ولدي أنت و امرأتك, وإن لم يعجبكما ما خبزته بناتي فأنتما على حق, فنحن لا نملك كل مقادير الروعة".. كانت نور تقف عند الدرج الصغير بفضول, فاقتربت من والدها, وأسرت له أن يشتري لها قطعة.. وحينها مال الغول لا إراديا لها, وكبح نفسه بسرعة متراجعا للخلف.. "خذي هذه القطعة".. ومد يده بقطعة كان قد ملأها مادة سحرية دسمة تزيد من سمنتها:"هذه معدة خصيصا للأطفال الحلوين".. أخذتها بسعادة ونظرت لوالديها الذين بدآ بالشعور بدوار, وهما يتذوقان الحلوى.. "حبيبتي, ألا تريدين اللعب معي, فأبواك كما ترين متعبان ويريدان النوم".. رمت نور القطعة أمامها بخوف, وركضت لخارج البيت حينما رأت والديها يتهاويان على أرضية البيت, وأن الشيخ الذي انبثق جفناه عن خرزتين ليس ضريرا.. خرجت جارية بثقل على الطريق المؤدي إلى المدينة.. في وقت كان الغول يعيد حاجياته إلى الكيس بهدوء.
الطريق الموحش ينبيء بالأسوأ لها, ونعيق غربانه, وخرفشة أجنحتها تخيفها.. همست بنوح:"ماما, بابا".. الغول يتقافز بين منحنيات الطريق بتمهل, يتبع آثارها الغير بعيدة.. وحينها لاح لنور نور على جانب الطريق.. شخص يتدفأ بنار تحتضر.. لم يعرها اهتماما, فاقتربت تصيح وتطلب النجدة.. حتى أصبح بينها وبينه مقدار متر, أو بينها وبين الدمية التي استبانتها متأخرة, لتهوي في حفرة فغرت فاها فجأة.. وقف على طرفها الغول ينظر لها بثقة طاغية, وبابتسامة شرسة واسعة .. "خطتي تمضي كما أريد, وهاهي الفريسة ذهبت برغبتها لفخي.. لم أجبرها.. لم أجبرها".. كانت نور المرعوبة مصدومة لا تستطيع البكاء أو الصراخ.. و لكن ساقها المصابة لا تتوقف عن ذلك.
"لا تخافي من توسخ ملابسك يا صغيرتي, فقد أحضرت لك رداء مدرستك الجميل".. حمل الطفلة الصغيرة, ووضعها في كيسه متجها بها حيث بيته الخرب, الذي يبدو كمكان قضاء حاجة..
نور تشعر بهدهدات الطريق على ظهره المنحني.. أنفاسها تكتمها الروائح المنتنة من كل اتجاه.. تنظر من ثقب صغير لتلك الأشجار الهرمة الصامتة في مشهد الجريمة, وهي تلتفت بجذوعها إليها.. تنصت إلى صوت البومة النائحة, وإلى تلك الريح المولولة التي لم تفتأ عن التحرك في كل اتجاه.. أحست بظلام شديد يطبق خناقة على مكان تنفس ضوئها.. وبالغول اللاهث يرميها على طاولة مائلة.. تدحرجت عليها فأسندها جدار يبدو أنه أكثر ميلاناً منها.. حينما فتح الغول الكيس, وأطل بوجهه العفن, و شد وثاقها أكثر في زاوية البيت, أحست نور أن عذابها اقترب أكثر من نهايتها التي تمنت قربها.. فوسط هذه الغابة البعيدة عن المدينة ليس هناك إمكانية للنجاة, فوالداها الحنونان قتلهما هذا الشيطان, و لا يوجد أي بشري يعرف عن وجودها هاهنا.. نظرت إلى بيته تتفحصه لعل زاوية قريبة تكون مفرا لها.. كان خاويا تماما بلا نوافذ حتى أنها تسمع لكل حركة أو صرير, صدىً يتردد, لو لا أن هناك صوت قرمشة ظهر فجأة لشبح عنزة سوداء.. عيناها في أذنيها هامدة في مكانها تأكل من القذارة التي قدمها لها الغول بلا إدراك..
اقترب منها الغول يتحسس يديها وجسدها بمخلبيه المتسخة.. ويتنفسها بمنخريه بعمق, فسعلت من رائحته النتنة كخنزير فطيس رشه مطر صيف خانق.. تراجع بردة فعل سريعة, وأمال رأسه الدائرية يمينا و شمالا, وسألها محدقا بعينيه المظلمتين:"لماذا تسعلين؟".. زادت نور في سعالها حينما لاحظت تخوفه, لم تعرف فيه كيف واتتها الشجاعة لتقوم بذلك.. "أأنت مريضة؟!".. وتكوم مرعوبا في الزاوية المواجهة وصرخ, وهو يرمي عليها سكينا :"أخرجي.. أخرجي الآن, ولا تتركي السكين خذيه معك.. خذيه", لم تتحرك نور لبرهة, ولكنها بتردد أمسكت السكين, وبدت في محاولة قطع الحبل المتين, ولكن يديها الصغيرتين المليئتين بالكدمات توجعانها.. وهي تحاول فعل ذلك بأسى سمعت ضحكة المنشار ترتفع, ووجه الغول يظهر متمددا من بين الظلام ثم يفحّ:"ممتع, ممتع.. أنتم البشر فعلا مضحكون بغبائكم الذي تعتقدونه ذكاء".. خطف السكين من يدها, والرعب يستبد بها, وشعرت بدوار يأخذها للإغماء, وهي تراه يقترب بسويقتيه المعقوفتين كقوس, واضعا شفرة السكين المبتلة على ذراعها.. وقبل أن يكون ظلام شديد, كان يتهادى إلى مسمعها صوت طرقات صداها ينبض.. ينبض بعد صمت مطبق, ينبض كقلب بركان تحت البحر.
****
بعد مرور كل تلك السنوات, وقفت نور تتذكر تلك الحادثة, وهي بالكاد تستطيع أن ترى من بين جفنيها المرتخيين في ذلك الوقت رأس الغول المقطوع يتدحرج ككرة أمامها, وهي تحمل إلى هناك حيث الأمان.. وقفت أمام ماتبقى من بيت والديها تخبره بذلك, تخبر بابه المزخرف بصدأ أحمر, وبمقبضه الذي افتقد منذ أزمان بعيدة لمسة يد حانية.. تخبرهما عن كل ألمها في تلك الساعة الكريهة لتلتفت بعدها لولديها الصغيرين وهما يناديانها, ويشيران إلى تلك الغابة التي ازدانت أشجارها بالورود, ليفتر ثغرها عن ابتسامة لطيفة زينت وجهها الصباحي.

اماني مهدية
15/05/2011, 12:21 PM
نور
تسلل الغول بخفةٍ من بين الأحراش حتى وقف خلف شجرة متستراً.. حرك عينيه المظلمتين ككهف جزيرة نائية, وهو ينظر لابنة الحطاب الصغيرة التي تلعب أمام البيت القابع وحيدا بقرب الغابة.. كان يشعر بنهم شديد لأكلها!.. "يا نور.." يسمع الصوت الذي يتشتت في الأرجاء, والطفلة ذات السنوات السبع تركض مجيبة باتجاه الباب, فترف أذناه ويتحرك رأسه برعشة سريعة, ويردد ببحة ذبيحة:"نوووور".
مر أسبوع على مراقبته لها.. سمنتها الشديدة تغريه, وبراءتها المتناهية تزيد من ذلك.. من أجمل اللحظات إليه هي تلك اللحظة التي تأتي فيها بردائها المدرسي مع أبيها, وهي تحمل حقيبتها الثقيلة على ظهرها, أو حين تلعب الحجلة, أو تنط من فوق الحبل.. لقد وقع في عشق وجبته!.
في وسط أحشاء الغابة المظلمة, جلس يفكر بعلو من بين الأشجار العقيمة الهرمة التي انحنت منصتة ً لخطته.. سيخطفها ويبدأ بذراعها المكتنزة شحما, سيلتهمها لمدة شهر يقطع منها كل أسبوع جزءاً وهي حية.. فبمحلول سحري أعطته إياه خالته سيبقى جسد الطفلة نديا طوال تلك المدة كما أخبرته.. مازال يتذكر خالته, حينما زارها في الأسبوع الفائت في مسكنها, الذي كان عبارة عن قبر فخم مرصع بالجواهر لملك ظالم, امتلأت جثته المتعفنة بالدود.. يتذكر تلك الوجبة التي قدمتها, و رائحة مقززة شهية تفوح منها.. طرية غضة أذابته لذتها, فأعلمته أنها لحم لقيط وجدته حيا في وادي الغربان.. تقاطر لعابه على الأرض الزلقة المطحلبة, وهو يتخيل جسد الطفلة في صحن دائري بين يديه, فضحك ضحكة منشار يقد حديدا.. نظر لبقعة ماء طينية قد تأطرت فيها السماء, وبدا له أن شعر لحيته الخضراء مرتب بعض الشيء, ففركه بقوة حتى عاد لشعثته المعتادة كما يحب, الحب فَكّرَ, وسأل ما هو؟, خالته أخبرته أنه نقطة ضعف, ودائما ما تقول كل بحب إن كان في قلبك المجازي حب, وتكركر بعدها بتصاعد سريع عصبي يخيفه.. نفض الذكرى لواقعه, وحدّ بصخرة بجانبه مخالبه الصدئة.. نظر للأفق الذي بدأت ثلاث نجمات بالظهور فيه.. شعر أن مساءه سيكون مليئا بالدم.. والحب..
كانت ريح كئيبة تنتشر بهدوء الغابة التي اصطفت أشجارها تراقب عن بعد.. وبدأ الظلام بجر ردائه الثقيل ببطء حينما وقف الغول أمام بيت الحطاب.. يلبس قبعة من الخيش, ويحمل على ظهره كيسا مملوءا ببعض الحلويات, التي قد حشاها بالسم, معتنيا أكثر بأطرافها.. طرق الباب بأدب جم, وبدت من تحت قبعته ابتسامة جاهد ألا تبدو خبيثة.. "شيخ ضرير يرتزق بعرق جبينه".. قالها مأساة للحطاب الذي قام بإدخاله, ووضعت زوجته أمامه قدحا من الأعشاب الزكية.. فرفضه بإصرار فرائحته تزعجه.. اقترب من النار بشوق ثائر, ناثرا بضاعته للحطاب الذي شعر بأن من واجبه ألا يرد العجوز المسكين خائبا.. "تذوق يا ولدي أنت و امرأتك, وإن لم يعجبكما ما خبزته بناتي فأنتما على حق, فنحن لا نملك كل مقادير الروعة".. كانت نور تقف عند الدرج الصغير بفضول, فاقتربت من والدها, وأسرت له أن يشتري لها قطعة.. وحينها مال الغول لا إراديا لها, وكبح نفسه بسرعة متراجعا للخلف.. "خذي هذه القطعة".. ومد يده بقطعة كان قد ملأها مادة سحرية دسمة تزيد من سمنتها:"هذه معدة خصيصا للأطفال الحلوين".. أخذتها بسعادة ونظرت لوالديها الذين بدآ بالشعور بدوار, وهما يتذوقان الحلوى.. "حبيبتي, ألا تريدين اللعب معي, فأبواك كما ترين متعبان ويريدان النوم".. رمت نور القطعة أمامها بخوف, وركضت لخارج البيت حينما رأت والديها يتهاويان على أرضية البيت, وأن الشيخ الذي انبثق جفناه عن خرزتين ليس ضريرا.. خرجت جارية بثقل على الطريق المؤدي إلى المدينة.. في وقت كان الغول يعيد حاجياته إلى الكيس بهدوء.
الطريق الموحش ينبيء بالأسوأ لها, ونعيق غربانه, وخرفشة أجنحتها تخيفها.. همست بنوح:"ماما, بابا".. الغول يتقافز بين منحنيات الطريق بتمهل, يتبع آثارها الغير بعيدة.. وحينها لاح لنور نور على جانب الطريق.. شخص يتدفأ بنار تحتضر.. لم يعرها اهتماما, فاقتربت تصيح وتطلب النجدة.. حتى أصبح بينها وبينه مقدار متر, أو بينها وبين الدمية التي استبانتها متأخرة, لتهوي في حفرة فغرت فاها فجأة.. وقف على طرفها الغول ينظر لها بثقة طاغية, وبابتسامة شرسة واسعة .. "خطتي تمضي كما أريد, وهاهي الفريسة ذهبت برغبتها لفخي.. لم أجبرها.. لم أجبرها".. كانت نور المرعوبة مصدومة لا تستطيع البكاء أو الصراخ.. و لكن ساقها المصابة لا تتوقف عن ذلك.
"لا تخافي من توسخ ملابسك يا صغيرتي, فقد أحضرت لك رداء مدرستك الجميل".. حمل الطفلة الصغيرة, ووضعها في كيسه متجها بها حيث بيته الخرب, الذي يبدو كمكان قضاء حاجة..
نور تشعر بهدهدات الطريق على ظهره المنحني.. أنفاسها تكتمها الروائح المنتنة من كل اتجاه.. تنظر من ثقب صغير لتلك الأشجار الهرمة الصامتة في مشهد الجريمة, وهي تلتفت بجذوعها إليها.. تنصت إلى صوت البومة النائحة, وإلى تلك الريح المولولة التي لم تفتأ عن التحرك في كل اتجاه.. أحست بظلام شديد يطبق خناقة على مكان تنفس ضوئها.. وبالغول اللاهث يرميها على طاولة مائلة.. تدحرجت عليها فأسندها جدار يبدو أنه أكثر ميلاناً منها.. حينما فتح الغول الكيس, وأطل بوجهه العفن, و شد وثاقها أكثر في زاوية البيت, أحست نور أن عذابها اقترب أكثر من نهايتها التي تمنت قربها.. فوسط هذه الغابة البعيدة عن المدينة ليس هناك إمكانية للنجاة, فوالداها الحنونان قتلهما هذا الشيطان, و لا يوجد أي بشري يعرف عن وجودها هاهنا.. نظرت إلى بيته تتفحصه لعل زاوية قريبة تكون مفرا لها.. كان خاويا تماما بلا نوافذ حتى أنها تسمع لكل حركة أو صرير, صدىً يتردد, لو لا أن هناك صوت قرمشة ظهر فجأة لشبح عنزة سوداء.. عيناها في أذنيها هامدة في مكانها تأكل من القذارة التي قدمها لها الغول بلا إدراك..
اقترب منها الغول يتحسس يديها وجسدها بمخلبيه المتسخة.. ويتنفسها بمنخريه بعمق, فسعلت من رائحته النتنة كخنزير فطيس رشه مطر صيف خانق.. تراجع بردة فعل سريعة, وأمال رأسه الدائرية يمينا و شمالا, وسألها محدقا بعينيه المظلمتين:"لماذا تسعلين؟".. زادت نور في سعالها حينما لاحظت تخوفه, لم تعرف فيه كيف واتتها الشجاعة لتقوم بذلك.. "أأنت مريضة؟!".. وتكوم مرعوبا في الزاوية المواجهة وصرخ, وهو يرمي عليها سكينا :"أخرجي.. أخرجي الآن, ولا تتركي السكين خذيه معك.. خذيه", لم تتحرك نور لبرهة, ولكنها بتردد أمسكت السكين, وبدت في محاولة قطع الحبل المتين, ولكن يديها الصغيرتين المليئتين بالكدمات توجعانها.. وهي تحاول فعل ذلك بأسى سمعت ضحكة المنشار ترتفع, ووجه الغول يظهر متمددا من بين الظلام ثم يفحّ:"ممتع, ممتع.. أنتم البشر فعلا مضحكون بغبائكم الذي تعتقدونه ذكاء".. خطف السكين من يدها, والرعب يستبد بها, وشعرت بدوار يأخذها للإغماء, وهي تراه يقترب بسويقتيه المعقوفتين كقوس, واضعا شفرة السكين المبتلة على ذراعها.. وقبل أن يكون ظلام شديد, كان يتهادى إلى مسمعها صوت طرقات صداها ينبض.. ينبض بعد صمت مطبق, ينبض كقلب بركان تحت البحر.
****
بعد مرور كل تلك السنوات, وقفت نور تتذكر تلك الحادثة, وهي بالكاد تستطيع أن ترى من بين جفنيها المرتخيين في ذلك الوقت رأس الغول المقطوع يتدحرج ككرة أمامها, وهي تحمل إلى هناك حيث الأمان.. وقفت أمام ماتبقى من بيت والديها تخبره بذلك, تخبر بابه المزخرف بصدأ أحمر, وبمقبضه الذي افتقد منذ أزمان بعيدة لمسة يد حانية.. تخبرهما عن كل ألمها في تلك الساعة الكريهة لتلتفت بعدها لولديها الصغيرين وهما يناديانها, ويشيران إلى تلك الغابة التي ازدانت أشجارها بالورود, ليفتر ثغرها عن ابتسامة لطيفة زينت وجهها الصباحي.

اخي مبارك السلام عليك
لقد اقتفيت اثر ابداعاتك.. وما أخالني
الا معجبة بطاقتك السردية الهائلة التي تنبأ
ببزوغ كاتب متمكن ...
ممتنة على الابداع والامتاع سلمت وسلم اليراع
مودتي
اختك اماني

مبارك الحمود
22/07/2011, 05:52 PM
اخي مبارك السلام عليك
لقد اقتفيت اثر ابداعاتك.. وما أخالني
الا معجبة بطاقتك السردية الهائلة التي تنبأ
ببزوغ كاتب متمكن ...
ممتنة على الابداع والامتاع سلمت وسلم اليراع
مودتي
اختك اماني
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أهلا بك مرة أخرى..
ومتابعتك أفرحتني.
شكرا لك.

سميرة رعبوب
22/07/2011, 07:02 PM
الله الله الله

قصة جدا جدا جدا جميلة وتجذب القاريء بتسلسل أحداثها
تفاعل رهيب كأنني أقرأ لسلسلة قصص عالمية
أنت مبدع - ماشاء الله لاقوة إلا بالله -
يارب نقرأ لك المزيد ويسعدني أن أكون ممن ينهل من إبداعك
حفظك الله ورعاك ...

محمد علي الهاني
22/07/2011, 07:10 PM
المبدع الأستاذ مبارك الحمود

سردك جميل يحلق في سماء الإبداع...

أعجابي بقلمك الذهبي.

تحياتي وتقديري.


أبو نضـــــــال

سهام صلاح الدين
22/07/2011, 08:28 PM
الأخ الفاضل مبارك الحمود
قصة رائعة ذهبت بنا الى أيام الأجداد وحكايتهم الجميلة اللتى مازالت
عالقة فى الأذهان الى الأن بل تفوقت عليهم لما فى القصة من تشويق
وأثارة عشنا معها خلال سردك الشيق
لك كل تحية وتقدير على هذا التميز

مبارك الحمود
23/07/2011, 05:53 PM
الله الله الله
قصة جدا جدا جدا جميلة وتجذب القاريء بتسلسل أحداثها
تفاعل رهيب كأنني أقرأ لسلسلة قصص عالمية
أنت مبدع - ماشاء الله لاقوة إلا بالله -
يارب نقرأ لك المزيد ويسعدني أن أكون ممن ينهل من إبداعك
حفظك الله ورعاك ...
وحفظك ربي يا سميرة..
يسرني أن تكوني من المتابعين والله, وردك الجميل أسعدني.
شكرا لك.

مبارك الحمود
23/07/2011, 05:58 PM
المبدع الأستاذ مبارك الحمود
سردك جميل يحلق في سماء الإبداع...
أعجابي بقلمك الذهبي.
تحياتي وتقديري.

أبو نضـــــــال

أهلا ومرحبا بالشاعر أبو نضال..
في اعتقادي أن حضورك شهادة نجاح للقصة.
لك التحايا الهاطلات.

مبارك الحمود
26/07/2011, 05:50 PM
الأخ الفاضل مبارك الحمود
قصة رائعة ذهبت بنا الى أيام الأجداد وحكايتهم الجميلة اللتى مازالت
عالقة فى الأذهان الى الأن بل تفوقت عليهم لما فى القصة من تشويق
وأثارة عشنا معها خلال سردك الشيق
لك كل تحية وتقدير على هذا التميز
بالتأكيد أن لقصص الأجداد طعم جميل أستاذة سهام..
أشكر لك ردك ومتابعتك.