بنت الشهباء
03/04/2007, 11:35 PM
النكتة المصرية .. الدبح برة السلخانة
عماد رجب
المصدر: الركن الأخضر
تختلف النكتة من مكان لآخر وتتنوع أشكالها ومعانيها إلا أنها في النهاية تظل هلامية المصادر غنية في المعاني والرموز التي قد تحتاج إلى علماء كي يصنفوها ويفسروها
وهي تارة تستعمل لإدخال السرور عن طريق حدوتة صغيرة تقال لتضحك المستمعين أو أنها موقف غريب تتبعه كلمات اغرب فيدخل السرور علي القلوب المهمومة المتعبة من أحمال وأعباء الحياة اليومية
وقد يلجا إليها رجال الاستخبارات كي يبثوا الأخبار دون أن يظهر ادني صلة لهم بها وقد يستخدمها الأعداء ليبثوا في نفوس الناس اليأس أو الثورة علي أنظمتهم المستبدة كما حدث مع الأمثال الشعبية التي استحدثها علماء الاجتماع القادمون مع الاحتلال الانجليزي لمصر
وقد تلجا إليها بعض التنظيمات السياسية لتضع بها إشارة علي بعض مواطن الخلل والضعف في أنظمة الحكم إلا إن جميعها يجتمع علي شيء واحد إلا وهو البسمة وهي وسلة دفاعية لا شعورية كما يقول فرويد وقد تكون أيضا وسيلة هجومية الغرض منها الإيقاع بالخصوم و التقليل من شانهم
وإذا كان المصريون ملوك النكتة الذين لم يسلم من نكاتهم حتي الملوك والزعماء فان الجنوبيون " الصعادية " أمرائها وسادتها الحاصلون علي اعلى الدرجات العلمية في الارتجال المتقن لها فهم مرتجلوها الأشهر وفنانوها الأول والحق أنهم لا يضاهيهم فيها احد علي وجه البسيطة ويكفيك كلمتين من احدهم حتي تقع علي الأرض من فرط الضحك وقتها يتركك وحدك تفكر فى معانيها وحدك بعد أن يظهر لك كم هي قاسية في معانيها ورموزها الهيروغليفية تلك النكتة
ويستخدم المصريون النكتة في أغراض شتى فهي وسيلتهم المثلي للتعبير عن السخط , والحب والكره والفرح , وهي وسيلة احترافية للتعبير عن المشاكل والقضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة هي أشبه للهب الحريق السريع الاشتعال والانتشار فما أن تخرج نكتة من احد ساكني مقابر السيدة حتى تصل في نفس اليوم إلى بدو الصحراء كيف ومتى وأين لا يعرف احد لكنها في النهاية تصل
ولا يحتاج المصري لموقف كي تجد النكتة علي شفتيه فهو بالسليقة مبدعها وقد يقولها علي مواطن آخر في دولة موزمبيق دون أن يعرفه أو يسمع عنه
وقد لاحظ علماء الاجتماع في الفترة الأخيرة تراجع نسبة الإضحاك وإطلاق النكات لدي المصريين بصورة ملموسة ليست بالكبيرة لكنها ملموسة فما السبب؟
لقد كانت النكتة في العصور القديمة أشبه ما تكون بالقتل بدون سلاح فهي من جعلت الإمبراطورية الرومانية تمنع المحامين المصرين من المرافعة أمام القضاة نظرا لنكاتهم العفوية التي تهين القضاة ولدي مصر العديد من الأسماء والشخصيات التي كان لنكاتها اثر في الناس مثل سيبويه , حجا المصري , أبو العربي , الفلاح الفصيح وغيره من أساتذة الأدب الساخر المنتشرون في ربوع مصر علي المقاهي وفي النوادي والمنازل والتجمعات البشرية أمثال كلمات احمد فؤاد نجم ومعظم أدباء العامية ومن السهل أن تجد بين العمال من تخصص في إطلاق النكات العفوية بسلاسة ويسر دون أن يمت للأدب والكتابة بأي صلة
وإذا تتبعنا التاريخ سنجد أن النكات تشتد قسوة مع تدهور الأحوال السياسية والاجتماعية وتقل كما خوفا من البطش وكلما زادت قسوتها قرب موعد الحساب وتنتقل من كلمات العامة المباشرة إلى معاريض الكلام للمثقفين والكتاب فتجدها بين السطور وفى عيونهم خوفا من البطش والتعذيب لكنهم في النهاية يولدون وفي أوردتهم فن النكتة فإذا ما قلت كما فإنها تعوضها بشدة قسوتها
ولقد فتن كثير من مشاهير الساخرين بها وبأحوالها المتقلبة فما من أديب ساخر إلا وكان له نصيب من الحبس والضرب وما منهم إلا وقد أغري بالمال إذا ما اشتهر فمنهم من باع قلمه لخدمة فاسد فازبل في مزابل التاريخ ومنهم من كان مثل سيبويه يقلب حماره ويلقي النكات علي الحاكم إذا فسد فبقي اسمه حتى يومنا هذا
وصلني على الايميل
عماد رجب
المصدر: الركن الأخضر
تختلف النكتة من مكان لآخر وتتنوع أشكالها ومعانيها إلا أنها في النهاية تظل هلامية المصادر غنية في المعاني والرموز التي قد تحتاج إلى علماء كي يصنفوها ويفسروها
وهي تارة تستعمل لإدخال السرور عن طريق حدوتة صغيرة تقال لتضحك المستمعين أو أنها موقف غريب تتبعه كلمات اغرب فيدخل السرور علي القلوب المهمومة المتعبة من أحمال وأعباء الحياة اليومية
وقد يلجا إليها رجال الاستخبارات كي يبثوا الأخبار دون أن يظهر ادني صلة لهم بها وقد يستخدمها الأعداء ليبثوا في نفوس الناس اليأس أو الثورة علي أنظمتهم المستبدة كما حدث مع الأمثال الشعبية التي استحدثها علماء الاجتماع القادمون مع الاحتلال الانجليزي لمصر
وقد تلجا إليها بعض التنظيمات السياسية لتضع بها إشارة علي بعض مواطن الخلل والضعف في أنظمة الحكم إلا إن جميعها يجتمع علي شيء واحد إلا وهو البسمة وهي وسلة دفاعية لا شعورية كما يقول فرويد وقد تكون أيضا وسيلة هجومية الغرض منها الإيقاع بالخصوم و التقليل من شانهم
وإذا كان المصريون ملوك النكتة الذين لم يسلم من نكاتهم حتي الملوك والزعماء فان الجنوبيون " الصعادية " أمرائها وسادتها الحاصلون علي اعلى الدرجات العلمية في الارتجال المتقن لها فهم مرتجلوها الأشهر وفنانوها الأول والحق أنهم لا يضاهيهم فيها احد علي وجه البسيطة ويكفيك كلمتين من احدهم حتي تقع علي الأرض من فرط الضحك وقتها يتركك وحدك تفكر فى معانيها وحدك بعد أن يظهر لك كم هي قاسية في معانيها ورموزها الهيروغليفية تلك النكتة
ويستخدم المصريون النكتة في أغراض شتى فهي وسيلتهم المثلي للتعبير عن السخط , والحب والكره والفرح , وهي وسيلة احترافية للتعبير عن المشاكل والقضايا الاجتماعية والسياسية بطريقة هي أشبه للهب الحريق السريع الاشتعال والانتشار فما أن تخرج نكتة من احد ساكني مقابر السيدة حتى تصل في نفس اليوم إلى بدو الصحراء كيف ومتى وأين لا يعرف احد لكنها في النهاية تصل
ولا يحتاج المصري لموقف كي تجد النكتة علي شفتيه فهو بالسليقة مبدعها وقد يقولها علي مواطن آخر في دولة موزمبيق دون أن يعرفه أو يسمع عنه
وقد لاحظ علماء الاجتماع في الفترة الأخيرة تراجع نسبة الإضحاك وإطلاق النكات لدي المصريين بصورة ملموسة ليست بالكبيرة لكنها ملموسة فما السبب؟
لقد كانت النكتة في العصور القديمة أشبه ما تكون بالقتل بدون سلاح فهي من جعلت الإمبراطورية الرومانية تمنع المحامين المصرين من المرافعة أمام القضاة نظرا لنكاتهم العفوية التي تهين القضاة ولدي مصر العديد من الأسماء والشخصيات التي كان لنكاتها اثر في الناس مثل سيبويه , حجا المصري , أبو العربي , الفلاح الفصيح وغيره من أساتذة الأدب الساخر المنتشرون في ربوع مصر علي المقاهي وفي النوادي والمنازل والتجمعات البشرية أمثال كلمات احمد فؤاد نجم ومعظم أدباء العامية ومن السهل أن تجد بين العمال من تخصص في إطلاق النكات العفوية بسلاسة ويسر دون أن يمت للأدب والكتابة بأي صلة
وإذا تتبعنا التاريخ سنجد أن النكات تشتد قسوة مع تدهور الأحوال السياسية والاجتماعية وتقل كما خوفا من البطش وكلما زادت قسوتها قرب موعد الحساب وتنتقل من كلمات العامة المباشرة إلى معاريض الكلام للمثقفين والكتاب فتجدها بين السطور وفى عيونهم خوفا من البطش والتعذيب لكنهم في النهاية يولدون وفي أوردتهم فن النكتة فإذا ما قلت كما فإنها تعوضها بشدة قسوتها
ولقد فتن كثير من مشاهير الساخرين بها وبأحوالها المتقلبة فما من أديب ساخر إلا وكان له نصيب من الحبس والضرب وما منهم إلا وقد أغري بالمال إذا ما اشتهر فمنهم من باع قلمه لخدمة فاسد فازبل في مزابل التاريخ ومنهم من كان مثل سيبويه يقلب حماره ويلقي النكات علي الحاكم إذا فسد فبقي اسمه حتى يومنا هذا
وصلني على الايميل