المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : روزا باركس : خياطة تشعل ثورة السود



مديحة عتيق
04/05/2011, 07:30 PM
روزا باركس : خياطة تشعل ثورة السود
بقلم الدكتورة مديحة عتيق/الجزائر
يذكر التاريخ أسماء الرجال مرتبطة بالحروب ومشاهد التدمير ، ويذكر النساء من موضع الضحية ، ولكن هناك أسماء فرضت نفسها خارج هذا الدور النمطي بما أنجزنه من أدوار فاعلة غيّرت مجرى التاريخ ، ومن هؤلاء امرأة سوداء بسيطة تشتغل خياطة استطاعت ان ترفع الغبن عن نفسها وقومها حين تجرأت على قول "لا" ، إنها :
روزا باركس (بالإنجليزية: Rosa Louise Parks) (عاشت بين 4 فبراير 1913-24 أكتوبر 2005) من الامريكان السود كانت قد أعلنت الاحتجاج في ولاية ألاباما عام 1955 لتبدأ بها حركة المطالبة بالحقوق المدنية التي اجتاحت الولايات المتحدة منذ ذلك الوقت.وكان رفض روزا التخلي عن مقعدها لرجل أبيض أثناء ركوبها إحدى الحافلات الشرارة التي أشعلت حملة ضخمة من مقاطعة السود للحافلات . وكانت الاحتجاجات تلك بداية لإلغاء التمييز بين المواطنين على أساس اللون في وسائل النقل. ووصل الذروة في عام 1964 بصدور قانون الحريات المدنية الذي حرم التمييز على أساس العرق في الولايات المتحدة.
روزا..الخياطة المتمردة:
يروي محمد المكي إبراهيم قصة التمرد بأسلوب سردي جميل ، يقول "امرأة صغيرة تشتغل بالحياكة اسمها روزا بارك.جلست على مقعد في الحافلة وكانت عظامها تئن من تعب يوم العمل الطويل ولكن الرجل العنصري الابيض وقف امامها واشار اليها بظاهر يده المفتوحة ان انهضي واخلي المقعد فلم تنهض ولم ترد عليه وارتكبت بذلك خطيئة مميتة.
فقد جحظت عيون الحافلة وتوقفت في غير مكان وقوفها وجاء السائق ليذكرالراكبة المشاكسة بنصوص القانون الذي يلزم الاسود رجلا او امرأة بالتنازل عن مقعده في الحافلة لأي ابيض يأمره بذلك رجلا كان او امرأة
قالت لهم "انني متعبة جدا..تعبت من التنازل عن مكاني لاناس لايستحقون وليس لديهم اي تبريرلذلك التنازل ولن اتنازل مرة اخرى لأي كان.افعلوا ما تشاؤون
ولكنك تعرفين نتائج عملك هذا قال السائق فاجابته انها تعرف وتعي تماما ما سيحدث ولكن ذلك لن يجعلها تتنازل عن مقعدها لشخص يشير اليها بظاهر يده المفتوحة كالكلب
لتنهض وتترك له مقعدها في الحافلة.
بسبب ذلك الموقف الصغير لامرأة صغيرة منهوكة القوى نشبت واحدة من اروع ثورات التاريخ هي ثورة الحقوق المدنية التي انتزعت للامريكيين السود حقوقهم المدنية من براثن العنصرية وبعد اربعين عاما من انتصارها التاريخي أتت بأول رجل اسود الى البيت الابيض رئيسا للولايات المتحدة الامريكية.
روزا باركس ..تدخل مارتن لوير كينج إلى التاريخ:
تقرر جلب السيدة بارك إلى المحكمة في أول يوم اثنين، هي التي أوقفت في بحر الأسبوع، قبل اثنين المحاكمة ذاك، وخلال عطلة السبت والأحد، بدأت أوساط السود في مدينة مونتغومري تغلي غضباً وتتحضر للدفاع عن رمز الحرية الجديد، روزا باركس.
اجتمع السود في مونتغومري لبحث كيفية التحرك، وقاموا بانتخاب قس شاب في السابعة والعشرين من عمره، هو راعي ابرشية كنيسة ديكستير افنيو المعمدانية التي تنتمي باركس إلى رعيتها، كقائد للتحرك.
القس الشاب بدأ العمل فوراً، معلناً المقاومة المدنية السلمية في خطوة تحرك أولى تلخصت بدعوة رعيته السوداء في مونتغومري إلى مقاطعة حافلات النقل المشترك. القس الشاب ذاك هو مارتن لوثر كينغ جونيور (1929 ـ 1968).

في منتغومري اذن، في شهر كانون الأول من عام 1955، ولدت ثلاث أيقونات سوداء، أيقونتان بشريتان، هما روزا باركس ومارتن لوثر كينع، وأيقونة تحرك ثوري، هي المقاومة المدنية السلمية التي ستلهم السود وحركات التحرر وحقوق الإنسان في الولايات المتحدة بأسرها.
كما في سائر العالم الغربي. وكان ذلك بفعل موقف خالد للسيدة روزا بارك.
حادثة الحافلة..القطرة التي أفاضت الكأس:
أشارت ويكيبديا إلى أنّ باركس ذكرت في سيرتها الذاتية العديد من مظاهر التمييز العنصري الذي واجهته خلال نشأتها، خاصة وأنها قد عاشت في إحدى مناطق الجنوب، والذي كان التمييز العنصري فيه أشد من المناطق الأخرى في الولايات المتحدة. بموجب قوانين جيم كرو، فقد كان المجتمعان الأبيض والأسود منفصلين، يحكمهما قوانين تفضل المجتمع الأبيض على غيره، حتى من ناحية وسائل النقل، فقد كان على الأمريكيين الأفارقة التخلي عن مقاعدهم للبيض، أما عن وسائل النقل المدرسية، فقد كانت غير متوافرة للأمريكيين السود -بحسب ما ذكرته باركس- وكانت تلك المرات الأولى التي تمكنت من خلالها فهم الاختلاف الذي كان يجري بين هذين المجتمعين.
كذلك، فقد كانت جماعة الكو كلوكس كلان تمر بشكل مستمر في الطرقات أمام البيت الذي كانت تعيش فيه، وكانت تذكر بأن جدها كان يحرس البيت وبيده بندقية، ومشاعر الخوف الذي كان يتملكها عندما كانت هذه الجماعة تمر أمام البيت في الليل. إلا أن باركس قد صرحت بأن بعضاً من البيض كانوا يعاملونها بلطف واحترام.
وقد حصلت السيدة باركس على الوسام الرئاسي للحرية عام 1996، والوسام الذهبي للكونجرس، وهو أعلى تكريم مدني في البلاد، بعد ثلاث سنوات.
توفيت زعيمة الحقوق المدنية روزا بارك عن عمر يناهز الثانية والتسعين في 24 أكتوبر 2005 م وقال محامي السيدة باركس إنها توفيت أثناء نومها في منزلها بمدينة ديترويت بولاية ميشيغان.