المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تدجين السياسيين العراقيين



احمد عبد الواحد السامرائي
17/05/2011, 04:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


بقلم: ابو الحسن





لقد عانى العراقيون الكثير خلال الثمانين سنة الماضية,ففي نهايات العهد العثماني كان الشعب يعاني من الفقر والجهل بالكامل,بل كان العراق برمته خارج التاريخ.ومع قدوم الانكليز وقيام الدولة العراقية الحديثة بفعل رفض العراقيين لهم ومن ثم ثورتهم في عام 1920 دخل العراق في عهد جديد اتسم بتولي أمره حكام ارتموا باحضان الانكليز بالكامل ووجود ملك له صلاحيات رمزية حائر بيت تراثه الفكري الثوري والنضالي وبين واقع فرض نفسه على الدولة بوجود القوة العسكرية الانكليزية ,ودول جوار قوية وطامعة في الشمال والشرق,وفي صبيحة الرابع عشر من تموز عام 1958 خرج الشعب مباركا لثورة قام بها عسكريون من تنظيم الضباط الاحرار وبدات الجمهورية الاولى ودخل معها العراق في عهد جديد اتسم بصراعات داخلية عقيمة تغذيها اجندات خارجية وتاه الشعب بين محاور الشيوعيين الشعوبيين والقوميين المغامرين والرجعية التي تحن للماضي ودخلنا في مرحلة حمامات دم وتصفيات سياسية اكلت الاخضر واليابس,وجاء الرابع عشر من رمضان يوم جمعة من عام 1963 ليصحوا العراقيون على ثورة جديدة يقودها بعثيون مدنيون وعسكريون ويدخلوا العراق في فوضى جديدة وحمامات دم جديدة بسبب اختلاف قادتهم وقلة خبرتهم السياسية ومنح ثقتهم لرجل عسكري من العهدالقاسمي لم ينتظر طويلا حتى استغل فرقتهم واختلافهم وسيئات حكمهم وانقلب عليهم يوم الثامن عشر من تشرين من نفس العام ليدخل العراق في صراع اقليمي هذه المرة مع دول الجوار اثر محاولة توحيد يتيمة مع مصر التي ما مر على فك توحدها مع سوريا سوى القليل ودخلنا من جديد في فوضى وصراعات سياسية انتهت بمقتل عبد السلام عارف في الجو وتولي رئيس اركان جيشه وشقيقة عبد الرحمن زمام الامور ليدخل العراق هذه المرة في سبات سياسي استمر ثلاث سنوات تقريبا وكان العراق طيلة تلك الفترة لم يعرف تنمية او تنفيذ مشاريع حيوية سوى البسيط الذي لا يذكر.وفي صبيحة السابع عشر من تموز من عام 1968 فجر البعثيون ثورتهم البيضاء,كانت بيضاء بمعنى الكلمة فلم تراق فيها قطرة دم وقد حرص قادتها على ذلك بعد الوجه القبيح الذي عكسته ثورتهم السابقة عام 1963 فارادوا ان يثبتوا للشعب ان ما جرى في عام 1963 كان خارج عن ارادتهم رغم تورط عدد من كوادر الصف الثاني فيه.كانت القيادة هذه المرة واعية بمايكفي للوضع السياسي الداخلي والخارجي وتملك خبرة لا باس بها سياسيا واداريا وعسكريا من خلال نخبة القادة الذي شاركوا بالثورة والمؤيدين لها,وكانت حازمة بما يكفي ومرتبطة بوثاق صميمي مع القواعد البعثية لتتمكن من السيطرة على كل مفاصل الدولة بسهولة,عدى جسم غريب دخل في جسدها بحكم ظروف الثورة وارتباطات بعض المشاركين فيها واستطاعوا استئصال هذا الجسم سريعا بعملية جراحية سياسية بالغة الدقة يوم الثلاثين من نفس شهر الثورة من نفس العام,فانطلق العراق يحث الخطى في ترتيب اوضاعه الداخلية وقامت حكومة مشاركة تضم العديد من الشخصيات السياسية من باقي الاحزاب بقيادة بعثية وتاسست الجبهة الوطنية والقومية التي تتالف من احزاب سياسية عريقة واتخذت القيادة السياسية قرارات سياسية واقتصادية تاريخية ادخلت العراق في عزلة دولية وازمة مالية سرعان ما تجاوزها بسبب تماسك القيادة والتفاف الشعب حولها .وانطلق مشاريع التنمية العملاقة في خطة خمسية جريئة جعلت العراق يقفز بعيدا عن دول العالم الثالث ويقع تحت انظار ومراقبة الدول الكبرى التي دبرت له الكثير من المكائد الداخلية والخارجية حتى اوقعته في حرب طاحنة مع دولة جارة طامعة,حرب ضروس اكلت كل مدخرات العراق المرصودة للتنمية والاعمار ,لكن العراق خرج منها منتصرا سياسيا وعسكريا لكنه متعب اقتصاديا واجتماعيا بسبب نزيف الدم والمال الذي رافق الحرب.ولم يهدا للغرب بال حتى كادوا للعراق ثانية لكن هذه المرة كانت المكيدة قاتلة فقد حيكت في غرف مظلمة اشرف عليها اميركان وصهاينة وساعدهم بعض العرب الذين اغتاضوا من نهضة العراق فاتخذ العراق قرارا خاطئا ,يصل لدرجة الخطيئة في تقييمه السياسي ,فكان مقتله فيه حين دخلت القوات العراقية لتستعيد الكويت في الوقت الذي كانت اميركا والغرب عموما ينتهز الفرصة المناسبة ليدمر العراق ويعود به الى عصر ما قبل الصناعة.وهكذا جرى الذي جرى ودخل العراق في ازمة كبرى رافقها حصار ظالم طال حتى اقلام الرصاص تخللته عدوانات اربعة كانت تدمر كل ما يحاول العراق ان يعيد بنائه,لتمر 13 عاما اضعفت البلد بكل النواحي واصبح جاهزا لعملية احتلال جبانة يشارك بها العرب علنا هذه المرة, ويخضع العراق في القرن الحادي والعشرين لاحتلال عسكري مباشر من قبل امريكا التي جلبت معها كل ازبال واوساخ العالم وادخلتهم للعراق وتطلق يد ايران التي سبق ان اعانتها على الاحتلال ,لتعيث فسادا وقتلا وتشبع رغبتها الانتقامية الطائفية وتثار للسنوات الثمانية التي اذاقها العراق فيها السم الزعاف وتمحو الذاكرة الوطنية من ارشيفها الثمين وتدمر كل شيء جميل في العراق ,بعد ان فككت بناه التحتية والمؤسساتية,لكن العراقيين لم يستكينوا بل بادروا ببديء مقاومتهم التي كانت بحق اسرع مقاومة منظمة تقوم ضد محتل منذ ان عرفت الشعوب الاحتال وعانت منه ......هنا كان امام العراقيين الذين لم يحملوا الساح امرين لا ثالث لهم,اما حمل السلاح او الرضوخ للواقع السياسي الجديد وركب الموجة رغما عنهم وعنها ,وهكذا بدات اللعبة السياسية الجديدة التي اسموها بالديمقراطية والتعددية والاحتكام لصناديق الاقتراع.......طيلة العهود السابقة لم يعرف العراقيون سياسيين مرتبطين بالخارج وعملاء لاجنادات معروفة تاريخيا بعداوتها للعراق الا فترة الحكم الملكي التي حاول بعض العراقيين ان يجدوا لها ما يبررها سياسيا وعذروا ساسة تلك المرحلة ,واغلب العراقيين تناسوها بسبب بعدها الزمني عن الذاكرة الحية وبسبب حالة الفوران الوطني والقومي والاحساس بالزهو الذي اعقب تلك الفترة وشب وشاب عليها اغلب العراقيين.اما الان فالامر غريب عليهم وعلى الطبقة المثقفة بالذات والنخب السياسية فكان ركوب الموجة امر لابد منه للخروج مما هم فيه الان ,فقرروا تدجين اولئك السياسيين الذين جلبتهم امريكا من كل مزابل العالم معها,نعم تدجينهم ,رغم ان تدجين الوحوش امر يصعب حتى على محترفي السيرك الا ان العراقيين قرروا هذا لعبور المرحلة,ومثلما لكل صاحب مدجن الحق في تقرير مصير دواجنه فان للشعب العراقي الحق في تقرير وحوشه الداجنة حينما تحين الفرصة ويكونون اصحاب قرارهم بعيدا عن ضغوطات امريكا وايران....ترى هل هذا بعيد؟...قد يراه البعض بعيدا,لكني مثل ملايين غيري اراه قريبا ان شاء الله.....والايام القادمة حبلى بالكثير...والسلام