المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبح "الباشبوزوك العثماني" و"الفوضى البناءة" الاميركية يجول من جديد في البلقان



جورج حداد
27/05/2011, 07:16 AM
في مطلع التسعينات، وبالتزامن مع بداية انهيار المنظومة السوفياتية ونهاية خرافة "البعبع الشيوعي"، اطلق المرحوم علي عزت بيكوفيتش شعار "ننتظر محمد الفاتح على حصان ابيض". (ومحمد الفاتح هو السلطان العثماني فاتح القسطنطينية والبلقان). ورد الصربيون على ذلك برفع شعار "500 سنة تكفي!". واندلعت الحروب التي اسفرت عن ولادة مجموعة من الدول "الدينية ـ الاتنية" الشوفينية، المتعادية والمضرجة بالدماء، على انقاض الدولة اليوغوسلافية الفيديرالية السابقة. وكان آخر تلك الحروب الحرب الاميركية ـ الاطلسية على صربيا، التي اسفرت عن فصل و"استقلال" اقليم كوسوفو عن جمهورية الصرب.
ولأخذ فكرة عن طبيعة جمهورية "كوسوفوستان"، او الاصح اخذ فكرة عما تريده مافيا الادارة الاميركية من هذه "الجمهورية"، نشير الى انه منذ حوالى ستة اشهر، في كانون الاول 2010، تسربت الى الرأي العام الانباء الاولى عن التقرير الذي اعده ديك مارتي عن تجارة الاعضاء البشرية في كوسوفو. وقد اثارت تلك الانباء في حينه ضجة كبيرة شبيهة بالضجة التي سبق واثارها التقرير السابق لمارتي نفسه عن وجود سجون سرية للمخابرات الاميركية في بلدان اجنبية مختلفة حيث يتم اعتقال من يسمون "العناصر الارهابية" واخضاعهم للتعذيب بدون اي قرارات او مراجع او رقابة قضائية او مدنية. وديك مارتي هو نائب سويسري مدافع عن حقوق الانسان، وعضو في الجمعية البرلمانية لمجلس الاتحاد الاوروبي، وقد كلفته الجمعية باعداد هذا التقرير عن تجارة الاعضاء البشرية في كوسوفو. ولكنه منذ ذلك الحين لم يتم اي تقدم على صعيد التحقيق في محتويات التقرير. وقد ورد في تقرير ديك مارتي المقدم للجمعية البرلمانية الاوروبية اتهام صريح لرئيس الوزراء الكوسوفي هاشم تاجي بأنه يتزعم مجموعة للجريمة المنظمة، التي تمارس تهريب وتجارة المخدرات، والقتل والمتاجرة بالاعضاء البشرية. ويتهم التقرير رئيس الوزراء الكوسوفي وما كان يسمى "جيش تحرير كوسوفو" انهم خلال سنة 1999، اي اثناء الحرب الاطلسية على صربيا، قاموا بنقل اعداد كبيرة من الصربيين الى البانيا، حيث كان يتم قتلهم في اماكن معدة سلفا وانتزاع اعضائهم البشرية وبيعها في الخارج. وكانت عمليات القتل تجري "تحت الطلب".
ونحن نضيف ان صربيا كلها وكوسوفو والبانيا كانت في تلك الاوقات العصيبة جدا تحت الرقابة التامة والمشددة لاجهزة التجسس الاميركية والاوروبية والاطلسية كلها. ولم يكن بامكان اي واحد من عصابة هاشم تاجي و"جيش تحرير كوسوفو" ان يحك رأسه دون اذن وموافقة دهاقنة المخابرات المركزية الاميركية "الحارس الامين" للامن القومي الاميركي وحقوق الانسان والدمقراطية في العالم.
ولنعد الى السيد ديك مارتي ونسأل: ما هو مصير تقريره؟
في 20 كانون الثاني 2011 اعلن ان بعثة الاتحاد الاوروبي في كوسوفو المسماة "ويليكس" قد شرعت في التحقيق في التهم الموجهة الى هاشم تاجي.
وفي 21 نيسان 2011 ادلت ناطقة باسم المسؤولة عن السياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي كاترين أشتون، بتصريح لجريدة "فيتشيرني نوفوستي" الصربية، قالت فيه ان بعثة الاتحاد الاوروبي في كوسوفو "ويليكس" هي مؤهلة تماما للقيام بهذا التحقيق. وانه لا حاجة لتدخل الامم المتحدة.
ولكن في الوقت نفسه فإن وزارة الخارجية الصربية بعثت برسالة الى السكرتير العام للامم المتحدة بان كي مون تقترح فيها ان تتولى الامم المتحدة التحقيق في التقرير. وارسلت نسخة عن الاقتراح الى الدول الاعضاء في مجلس الامن كي تستطيع الدولة التي تترأس دوريا مجلس الامن (في شهر ايار 2011 هي فرنسا) ان تشرع في مشاورات رسمية حول الاقتراح الصربي. واشارت وكالة ريا نوفوستي الروسية ان التقرير الذي اعده بان كي مون لتوجيهه الى مجلس الامن الدولي يتضمن التأكيد ان بعثة الامم المتحدة في كوسوفو المسماة "يومنيك" هي على استعداد للمشاركة في التحقيق المقترح.
وفي 25 كانون الثاني اصدرت الجمعية البرلمانية للمجلس الاوروبي قرارا ينص على ضرورة اجراء تحقيق مستقل في التهم التي وجهها تقرير ديك مارتي.
وخلال الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف الى صربيا في نيسان الماضي صرح بأن روسيا سوف تؤيد طلب صربيا اجراء تحقيق في مجلس الامن في ما يتعلق بالاتهامات الموجهة الى الجهات الكوسوفية. وحسبما جاء في وكالة ريا نوفوستي قال لافروف "اننا نتفهم تماما الطموح الى انتصار العدالة وسوف ندعم المبادرات التي تقوم بها صربيا". واضاف انه لا يجوز ان تكون هناك "معايير مزدوجة" بخصوص تقرير ديك مارتي. ففي الكثير من الاحيان، وفي جرائم اقل اهمية يجري تحقيق دولي. والان لا ينبغي ان توجد "معايير مزدوجة".
ولكن خلال زيارة الوزير الروسي لصربيا، صرح الرئيس الدوري للجمعية البرلمانية الاوروبية مولود تشاووشأوغلو بأن الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا، المانيا وفرنسا هي ضد ان يتم اجراء التحقيق برعاية مجلس الامن التابع للامم المتحدة. وبدلا عن ذلك تم اقتراح بعثة الاتحاد الاوروبي "ويليكس" لتشرف على تطبيق القانون.
والى الان لا يزال التحقيق في تقرير ديك مارتي ضائعا بين "الويليكس" و"اليومنيك"، ومجلس الامن الدولي والاتحاد الاوروبي.
ولكن اخيرا وردت انباء ان النائب السويسري ديك مارتي ربما يعتزل الحياة السياسية، لانه بموجب القانون لا يجوز له ان يترشح لدورة نيابية خامسة، حيث انه كان نائبا لاربع دورات متتالية وهي اقصى ما يسمح به القانون. وطبعا ان الادارة الاميركية هي حريصة جدا على تطبيق القوانين السويسرية. وربما يكون اعتزال ديك مارتي العمل السياسي خطوة على طريق وضع تقريره طي النسيان، وعدم وضع العراقيل امام مشروع المافيا الاميركية ـ الدولية الرسمية لتحويل "جمهورية كوسوفو الدمقراطية" الجديدة الى مركز عالمي لتجارة المخدرات ومسلخ لتجارة الاعضاء البشرية للصربيين وغيرهم من المغضوب عليهم من قبل الحلف الاطلسي والبنتاغون. وما يسمى "الارهابيين" (العرب والمسلمين) الذين يتم اخفاؤهم في السجون السرية الاميركية سيكونون في طليعة المهددين بتحويلهم الى المسلخ الكوسوفي ـ الالباني لسحب دمائهم وانتزاع اعضائهم البشرية والمتاجرة بها، دون ان يكون هناك من يطالب بهم، ولا حتى دولهم او هيئات المجتمع المدني في بلدانهم.
وفي هذه الاثناء حدث تطور هام جديد، اذ نشرت جريدة "ملييت" التركية، نقلا عن جريدة "دنيفني أفاز" البوسنية، خبرا مفاده ان الولايات المتحدة الاميركية تستعد لان تقدم لتركيا قاعدتها العسكرية المسماة "بوندستيل" في كوسوفو (على بعد 40 كيلومترا من العاصمة بريشتينا). وذكرت الجريدة انه في نهاية شهر اذار الماضي صرح السفير الاميركي في بريشتينا كريستوفر ديل انه بسبب النفقات المالية الكبيرة لاميركا فإنها سوف تتخلى عن القاعدة العسكرية "بوندستيل". (وهذا "سبب وجيه!" جدا، لان تركيا هي طبعا اغنى من اميركا بكثير). ونقلت الجريدة التركية عن احد القادة السابقين لقوات الامن الصربية ويدعى نينوسلاف كرستيتش قوله ان سيناريو تسليم القاعدة الى تركيا هو غير مقبول بتاتا لدى صربيا. كما عبر مومير ستويانوفيتش، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية الصربية، عن المخاوف من امكانية قدوم قوات تركية الى هذه القاعدة العسكرية في كوسوفو. اما في الجانب الكوسوفي فقد استقبل هذا النبأ بارتياح كبير.
وقاعدة "بوندستيل" هي اكبر قاعدة عسكرية تم بناؤها خارج الاراضي الاميركية بعد حرب فيتنام. وقد أنشئت القاعدة مباشرة بعد الحرب الاميركية ـ الاطلسية على صربيا في حزيران 1999، بدون اي قرار دولي وبدون اي اتفاق مع الجمهورية الصربية التي هي جمهورية ذات سيادة وعضو مؤسس في الامم المتحدة. وكانت خطط وتصاميم انشاء القاعدة جاهزة مسبقا قبل شن الحرب على صربيا. وفي مجرى الحرب ذاتها كانت الطائرات الاميركية الضخمة ذات الاختصاص تهبط تباعا في كوسوفو، ناقلة الطواقم الهندسية والعمال المختصين، الى جانب الآليات والاجهزة الضرورية، وشرعوا فورا في بناء القاعدة، بدون اذن من اي مرجعية كانت غير المرجعية الاميركية. وكان انشاء القاعدة خطوة "امر واقع" لكسر السيادة الصربية على كوسوفو، تمهيدا لفصل الاقليم عن صربيا، وهو ما تم رسميا في شباط 2008.
والان يبدو انه من المؤكد ان تسليم القاعدة الى تركيا لن يكون خطوة يتيمة، بل ستتبعه خطوات تالية على طريق "تتريك" او "اعادة عثمنة" البلقان واعادة رسم خريطته السياسية و"الاتنية" و"القومية". وتتسع القاعدة لـ 7000 عنصر في القوات المسلحة الاميركية من مختلف الاسلحة البرية والجوية والصاروخية والتجسسية. وعدا شتى انواع المعدات العسكرية الضرورية، فهي تشتمل على التجهيزات والمنشآت الضرورية للحياة اليومية للعسكريين، كمخازن بيع الحاجيات، ومطعم، وناد رياضي، ومستشفى، ومدرسة وقاعة سينما. والارجح ان يتم تقديم القاعدة كهبة مجانية لتركيا، تشجيعا لها على السير في الخط السياسي الاميركي، وكنقلة نوعية في المخطط الستراتيجي الاميركي لفرض الهيمنة التركية على البلقان باسم "الاسلام الانكشاري!!!" ذي التقاليد التاريخية العريقة في البلقان، كرد على اي تحرك تحرري لشعوب البلقان، من جهة، وكرد على اي شكل من اشكال "الاسلام الثوري" المعادي لاميركا، من جهة ثانية.
ويوم الجمعة في 20 ايار 2011، وبحجة الاحتجاج على الصوت العالي لمكبر الصوت الخاص بالجامع المركزي في وسط مدينة صوفيا، قام بعض العنصريين البلغاريين الرعاع بمهاجمة المصلين في جامع صوفيا، ووقع اشتباك بالايدي بين الطرفين، وتدخلت الشرطة لفك الاشتباك واعتقلت عددا من المعتدين، ووقع اكثر من 15 جريحا بينهم بعض رجال الشرطة. وقد استنكر رئيس الوزراء البلغاري وغالبية القوى السياسية البلغارية هذا الحادث، وتساءل البعض عن الاهداف الحقيقية الكامنة وراءه.
ماذا نستنتج من هذه الوقائع؟
يقول بعض المراقبين المطلعين:
ـ1ـ ان الجنرال داني ياطوم، الرئيس السابق للموساد الاسرائيلي قد أنشأ "غرفة عمليات" في بلغاريا. ومن المؤكد ان "غرفة عمليات داني ياطوم" قد بدأت شغلها، بالتنسيق مع المخابرات الاميركية بطبيعة الحال.
ـ2ـ بعد فشلها في اخذ تفويض شرعي بالسيطرة على افغانستان والعراق، تحت شكل معاهدات مع السلطات المنتخبة "دمقراطيا"، تحاول الادارة الاميركية نشر وتوسيع خطة "الفوضى البناءة" التي تطبقها حاليا في الشرق الاوسط ونقلها الى البلقان، لمنع التقارب الروسي مع دول البلقان بما فيها تركيا، ومنع تحويل البلقان الى جسر تواصل روسي ـ اوروبي غربي وخصوصا منع مد انابيب النفط والغاز من روسيا الى دول اوروبا الغربية عبر بلغاريا وتركيا وصربيا واليونان وغيرها من الدول البلقانية.
ـ3ـ وتسعى الادارة الاميركية والصهيونية العالمية بشكل حثيث لتوريط تركيا في مخططاتها، وإغرائها بتوسيع نفوذها (اي تركيا) في البلدان البلقانية والقوقاز واسيا الوسطى والمنطقة العربية، عن طريق استغلال "الوجه الاسلامي!" لتركيا اردوغان، ولو اقتضى ذلك اتخاذ تركيا بعض المواقف "المسرحية" المعادية شكلا لاسرائيل.
ـ4ـ بعد نجاح السياسة العدوانية الاميركية في فرض "استقلال" كوسوفو، ووضع عصابة من القتلة والمجرمين بقيادة المافيوز هاشم تاجي على رأس "الجمهورية الجديدة"، العمل بشكل حثيث لتحويل هذه الجمهورية "الدمقراطية على الطريقة الاميركية"، الى مركز دولي لنقل المخدرات من "المزرعة الافغانية" ونشرها وتوزيعها في كافة الدول الاوروبية بواسطة المافيا الالبانية "الشبترية". بالاضافة الى كونها مركز لتجميع البنات الروسيات والاوروبيات الشرقيات وغيرهن اللواتي يتم اختطافهن، و"معالجتهن" بالمخدرات والتعذيب والتجويع لتحويلهن الى عاهرات وتزويد "اسواق" اوروبا واميركا بهن.
ـ5ـ ويكشف تقرير ديك مارتي ايضا انه يجري العمل لتحويل كوسوفو الى مركز لتجارة الاعضاء البشرية، التي تدر ارباحا تفوق ارباح تجارة المخدرات "الافغانية" ذاتها.
ـ6ـ وللتهرب من المسؤولية الدولية، السياسية والقانونية، امام مؤسسات المجتمع الدولي، وامام الرأي العام الاوروبي، وامام الشعب الاميركي المخدوع و"المستهبـَل" ذاته، تعمل السوبر ـ مافيا الدولية الجديدة، اي الادارة الاميركية، للاختباء خلف القيادة "الاسلامية!" لتركيا، ورشوتها بحصة كبيرة من المداخيل التي تؤمنها تجارة المخدرات والعاهرات والاعضاء البشرية، مما يساعد القيادة التركية على العمل لافساد الجاليات التركية الكبيرة المنتشرة في كافة بلدان اوروبا والعمل لتطوير "مافيا تركية" كبيرة في البلدان الاوروبية تعمل جنبا الى جنب المافيا الالبانية "الشبترية". كما ان هناك خطر كبير لافساد اوساط واسعة من الجاليات العربية والاسلامية الاخرى، غير التركية والالبانية، بواسطة الاموال الطائلة التي تجنيها التجارة والنشاطات المافياوية، وتقديم الرشاوى لمختلف الاوساط تحت ستار العمل "الخيري!" و"الدعوة الدينية!" و"الاخاء الاسلامي!".
ـ7ـ طوال العقد الماضي بذلت الادارة الاميركية جهودا مستميتة لوصم العرب والمسلمين بـ"الارهاب" لشق هوة واسعة بين المجتمعات الاوروبية والغربية وبين الجاليات العربية ـ الاسلامية. ولكن هذه الحملة "الصليبية" المسعورة لم تؤت النتائج المرجوة منها، بسبب غلبة الوجه العربي على الجاليات المستهدفة. واقصى ما توصلت اليه تلك الحملة هو استنكار حجاب المرأة وبناء الجوامع والمآذن، وهي كلها امور شخصية ومدنية لا علاقة لها بالارهاب. والان، عبر "تعظيم" الدور التركي والالباني ـ الشبتري، بالاعتماد الاميركي الزائد على المافيات الالبانية والتركية، تريد الادارة الاميركية والصهيونية العالمية تلطيخ سمعة الجاليات العربية والاسلامية، عن طريق تلطيخ سمعة العرب والمسلمين ووصمهم بالاعمال المافياوية: خطف البنات، السرقات، تجارة المخدرات، القتل وتجارة الاعضاء البشرية، وغيرها من الاعمال القذرة الخاصة بالمافيا التركية ـ الالبانية الشبترية. ومثل هذه الخطة الجهنمية هي مرشحة للنجاح، فقط فيما اذا انزلقت المجتمعات العربية والاسلامية الى تأييد كل ما يصدر عن "العثمانيين الجدد" والالبان، المافياويين، على طريقة الفهم السطحي، المبتور والخاطئ لعبارة "انصر اخاك ظالما او مظلوما".
هل ستستطيع المافيا الاميركية ـ العثمانية الجديدة ـ الالبانية و"غرفة عمليات داني ياطوم" تحقيق مخططاتها الجهنمية في البلقان وتفجير برميل البارود البلقاني من جديد، وتفجير صراعات عنصرية بين الجاليات العربية والاسلامية والمجتمعات الاوروبية، يكون فيها العرب والمسلمون متهمين بـ"المافياوية" بدلا عن تهمة "الارهاب" الفاشلة؟؟
هذا ما ستكشفه لنا الايام القادمة!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل

مصطفى عودة
27/05/2011, 08:37 AM
الاستاذ جورج
لا عدمنا نفسك وآرائك .

تركيا تبحث عن مستقبلها ومصالحها المالية والسيادية. هذا صحيح، وقد بدى جليا في موقفها المتلكيء من نظام القذافي والثورة المصرية.
نعم انها تسير في فلك امريكا وحليفتها اسرائيل لان القاعدة الان: ان ناصرت امريكا فانت في قبضة اليد الاسرائيلية.

في المقابل: ماذا نعادي في امريكا ونجيش له؟ وهل امريكا واوروبا كلها شر، وانه " لا ياتي من الغرب ما يسر القلب" و" ان الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا".
التخوف والتحذير قائم في: [ هل ستستطيع المافيا الاميركية ـ العثمانية الجديدة ـ الالبانية و"غرفة عمليات داني ياطوم" تحقيق مخططاتها الجهنمية في البلقان وتفجير برميل البارود البلقاني من جديد، وتفجير صراعات عنصرية بين الجاليات العربية والاسلامية والمجتمعات الاوروبية، يكون فيها العرب والمسلمون متهمين بـ"المافياوية" بدلا عن تهمة "الارهاب" الفاشلة؟؟
هذا ما ستكشفه لنا الايام القادمة! ]

هل تقبل تركيا الشعب ان تقوم بهذا الدور ، ام انها المحاولة للتقدم وتحسين المواقع دون الانزلاق في ما تخوف منه؟

جورج حداد
28/05/2011, 10:47 AM
الاستاذ مصطفى عودة المحترم
أنت تعلم تماما انه حينما نتحدث عن تركيا او اميركا او اي دولة، بصفة اطلاقية، فهذا يعني الدولة والنظام والسلطة والطبقة السائدة؛
وطبعا ان الشعب التركي، كأي شعب اخر، لا يتحمل مسؤولية مساوئ نظامه وسلطته، بل هو الضحية الاولى لتلك المساوئ؛
والنظام التركي (سواء اتخذ الشكل العسكري ـ العلماني المزيف، او الشكل الديني ـ الاسلامي المزيف) هو معاد تاريخيا لكل شعوب المنطقة وعلى رأسها العرب، اولا لغنى المنطقة العربية وكونها هدفا تاريخيا للنهب والسلب والاستغلال من ايام قياصرة روما الى ايام باراك اوباما؛ وثانيا بسبب خوف كل قوى الاستبداد العالمية من العرب، لما يمتلكون من حضارة تاريخية ورسالة حضارية ـ انسانية تدعو الى تحرير البشرية من الجهل والفقر والظلم والاستبداد، بدءا باكتشاف الابجدية وامهات العلوم الانسانية مرورا بالكفاح المسيحي ضد روما الذي استمر مئات السنين، قبل ظهور السيد المسيح وبعده، وانتهاء بظهور الرسالة المحمدية العظيمة التي قلبت نهائيا صفحة الامبراطورية الرومانية ـ البيزنطية؛
ولكن حينما بدأت السلطة الاسلامية بالفساد، استغلت الطبقات الاقطاعية ـ العسكرية التركية الظرف التاريخي، ونهشت الدولة العربية ـ الاسلامية من داخلها كالسرطان، وصولا الى قيام الامبراطورية العثمانية على حساب نهب وخراب وتجويع واذلال الامة العربية العظيمة؛
وحينما سقطت الامبراطورية العثمانية، بفعل تغير موازين القوى العالمية، وخروج العرب من قبضة الاستبداد التركي، فإن الطبقة المتسلطة التركية ظلت متحكمة برقاب الشعب التركي المظلوم، ولكن اتاتورك استبدل الطربوش بالبرنيطة، الا ان الرأس "التركي" ظل على ما هو عليه؛
والان، مع تصاعد الدور الثوري التحريري للتيارات الاسلامية الصادقة، على حساب التيار الاسلامي السلطوي المرتبط بالغرب الاستعماري و"المضمخ" بالنفط، تقوم السلطة التركية باستعادة لعبة العمامة الاسلامية جنبا الى جنب البرنيطة الفرنجية؛
هل ستنجح السلطة التركية الموالية حتى النخاع الشوكي للامبريالية الغربية والصهيونية العالمية، في خداع الشعب التركي مرة ثانية، وخداع الامة العربية، وخداع الشعوب الاسلامية الشقيقة المظلومة؟؟؟
هذا ما ستكشفه لنا الايام؛
تقول الحكمة "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"!
وسترينا الايام كم هو "مؤمن" وكم هو "واع" هذا المؤمن!!