اماني مهدية
29/05/2011, 07:50 PM
رشف
من قهوته رشفة اولى
،احتفظ بها في فمه للحظة ،تمضمض كما يفعلً الذواقون ًقبل ان يحررها لتنزلق عبر بلعومه وتستقر على فطوره المنزلي،مصمص وتلمظ مستلذا ،عرف من تقلص حبيبات لسانه انها ًًديبوا ًكما يحبها ،امتدت يده الى الجريدة و بقيت معلقة في الهواء،لفت انتباهه متسولة لم يرها من قبل ،تفرد فرشتها المهترئة على بقايا كرتون حليب اطفال ،حاول ان يصرف انتباهه عنها فلم يستطع ،يصله صوتها الخافت المتذلل مستدرا عطف المارة في تكرار اسطوانة مشروخة ،قلة منهم تنفحها بصدقة صباحية..وشاحها الاسود تلمع بقع الاوساخ عليه ملتقطة ضوء النهار ،من تحت خرقة رأسها تتدلى خصل شعر اشيب باهث ..محياها يحمل كل تجاعيد الدنيا وهمومها ..بروز اسنانها الامامية اكمل الصورة البئيسة المزرية.
نسيها في خضم ما زخرت به الجريدة من أحداث ومصائب ومثالب ،تساءل للمرة الالف لِمَ يكلف نفسه وجيبه عناء شرائها ؟..مر الى صفحة الكلمات المتقاطعة ، اعتصر ذهنه عله يكمل حلها في زمن قياسي كما يفعل دوما ،استعصت عليه.. طواها في نرفزة ، واستراح منها....سيعود اليها حتما ،اليوم يوم عطلة ، ولا احد ينتظر عودته ببيته البارد الفارغ في هذه المدينة العملاقة الملوثة ، زفر أكسيدها وفي صدره حسرة على بلدته الصغيرة الرابضة بين جبال الاطلس الشاهقة ،حن الى خبز امه وقهوتها المعطرة بالزعتر الجبلي الفواح ،تذكر كم كان يحب ان يستلقي على ظهره لعد الرزم المدلاة من سقف منزلهم الطيني البسيط لتجف في منأى عن أشعة الشمس ،تاقت نفسه الى قصعة ثريد من صنع يدها الكريمة ،فعافت نفسه أكل المقاهي الشعبية المشكوك في نظافتها.مسح على وجهه في محاولة لنفض هذه الذكريات..سفره الذهني المكوكي هذا عبر الزمن يجعل حياته هنا اشد وطأة..نادى النادل لطلبية اخرى..لن يكون زبونا ثقيلا يمرر يوما كاملا بكأس قهوة يتيم، شعر براحة ضمير .. مد ساقيه تحت النضد ، اسند ظهره بحرية ،وترك بصره يجوب الشارع المقابل، استقر على المتسولة مرة اخرى ولم يزغ عنها، الوقت يمر عليه ..وحوله دون ان يفكر في ايقافه او استغلاله ،أسلم له نفسه فقط.
زال النهار ..أضيئت الشوارع واكتظت بالآوبين لبيوتهم ومحبي الليل والاوكار،طوت المرأة فرشتها وزجتها في كيس بلاستيكى اسود ، استجمعت وقفتها بجهد جهيد ومشت..تأبط جريدته ..وضع ما بذمته على الطاولة ،واقتفى أثرها ...شيء ما ايقظ فضوله ،ظن في باديء الامر انها تلجأ الى العمارة التي دلفت اليها لتبيت في بعض مكامنها ،تسلقت السلالم ..تبعها ..توقفت أمام شقة ,وعلى ضوء ولاعة ادخلت مفتاحا في خرم الباب واختفت ..تسمر في مكانه من شدة الدهشة و الاستغراب ،شعر بخُوار في جسده ، استند على الدرابزين
وانتظر.
فتح الباب بعد حين ..هلت طلعة صبية في غاية الاناقة والشباب ،لم يبد انها لاحظت وجوده ..اطفأت نور بيتها، صفقت الباب وراءها ونزلت بخفة وثقة في الظلام ،تتبع عبق عطرها الأخاذ..توارى وراء باب العمارة ،اتجهت هي صوب سيارة فارهة مركونة غير بعيد ،امتطتها برشاقة وأنوثة اثارتا اعجابه ،وضعت حقيبتها بجانبها ، ; وعلى ضوء سقفها ..سوت خصلات شعرها الاسود الكثيف باصابع صبغت اظافرها بعناية ،صهلت خيول عدة تحت ضغط حذائها الإيطالي،
وانطلقت..
من قهوته رشفة اولى
،احتفظ بها في فمه للحظة ،تمضمض كما يفعلً الذواقون ًقبل ان يحررها لتنزلق عبر بلعومه وتستقر على فطوره المنزلي،مصمص وتلمظ مستلذا ،عرف من تقلص حبيبات لسانه انها ًًديبوا ًكما يحبها ،امتدت يده الى الجريدة و بقيت معلقة في الهواء،لفت انتباهه متسولة لم يرها من قبل ،تفرد فرشتها المهترئة على بقايا كرتون حليب اطفال ،حاول ان يصرف انتباهه عنها فلم يستطع ،يصله صوتها الخافت المتذلل مستدرا عطف المارة في تكرار اسطوانة مشروخة ،قلة منهم تنفحها بصدقة صباحية..وشاحها الاسود تلمع بقع الاوساخ عليه ملتقطة ضوء النهار ،من تحت خرقة رأسها تتدلى خصل شعر اشيب باهث ..محياها يحمل كل تجاعيد الدنيا وهمومها ..بروز اسنانها الامامية اكمل الصورة البئيسة المزرية.
نسيها في خضم ما زخرت به الجريدة من أحداث ومصائب ومثالب ،تساءل للمرة الالف لِمَ يكلف نفسه وجيبه عناء شرائها ؟..مر الى صفحة الكلمات المتقاطعة ، اعتصر ذهنه عله يكمل حلها في زمن قياسي كما يفعل دوما ،استعصت عليه.. طواها في نرفزة ، واستراح منها....سيعود اليها حتما ،اليوم يوم عطلة ، ولا احد ينتظر عودته ببيته البارد الفارغ في هذه المدينة العملاقة الملوثة ، زفر أكسيدها وفي صدره حسرة على بلدته الصغيرة الرابضة بين جبال الاطلس الشاهقة ،حن الى خبز امه وقهوتها المعطرة بالزعتر الجبلي الفواح ،تذكر كم كان يحب ان يستلقي على ظهره لعد الرزم المدلاة من سقف منزلهم الطيني البسيط لتجف في منأى عن أشعة الشمس ،تاقت نفسه الى قصعة ثريد من صنع يدها الكريمة ،فعافت نفسه أكل المقاهي الشعبية المشكوك في نظافتها.مسح على وجهه في محاولة لنفض هذه الذكريات..سفره الذهني المكوكي هذا عبر الزمن يجعل حياته هنا اشد وطأة..نادى النادل لطلبية اخرى..لن يكون زبونا ثقيلا يمرر يوما كاملا بكأس قهوة يتيم، شعر براحة ضمير .. مد ساقيه تحت النضد ، اسند ظهره بحرية ،وترك بصره يجوب الشارع المقابل، استقر على المتسولة مرة اخرى ولم يزغ عنها، الوقت يمر عليه ..وحوله دون ان يفكر في ايقافه او استغلاله ،أسلم له نفسه فقط.
زال النهار ..أضيئت الشوارع واكتظت بالآوبين لبيوتهم ومحبي الليل والاوكار،طوت المرأة فرشتها وزجتها في كيس بلاستيكى اسود ، استجمعت وقفتها بجهد جهيد ومشت..تأبط جريدته ..وضع ما بذمته على الطاولة ،واقتفى أثرها ...شيء ما ايقظ فضوله ،ظن في باديء الامر انها تلجأ الى العمارة التي دلفت اليها لتبيت في بعض مكامنها ،تسلقت السلالم ..تبعها ..توقفت أمام شقة ,وعلى ضوء ولاعة ادخلت مفتاحا في خرم الباب واختفت ..تسمر في مكانه من شدة الدهشة و الاستغراب ،شعر بخُوار في جسده ، استند على الدرابزين
وانتظر.
فتح الباب بعد حين ..هلت طلعة صبية في غاية الاناقة والشباب ،لم يبد انها لاحظت وجوده ..اطفأت نور بيتها، صفقت الباب وراءها ونزلت بخفة وثقة في الظلام ،تتبع عبق عطرها الأخاذ..توارى وراء باب العمارة ،اتجهت هي صوب سيارة فارهة مركونة غير بعيد ،امتطتها برشاقة وأنوثة اثارتا اعجابه ،وضعت حقيبتها بجانبها ، ; وعلى ضوء سقفها ..سوت خصلات شعرها الاسود الكثيف باصابع صبغت اظافرها بعناية ،صهلت خيول عدة تحت ضغط حذائها الإيطالي،
وانطلقت..