المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكايــــــــــــــــــد



صلاح م ع ابوشنب
01/06/2011, 12:21 AM
مكايـــــــــــــــــد


مكايد مهران يافطة كبيرة معلقة فوق متجر كبير، كتبت بالانجليزية .. إنه رجل ممتلىء الجسم ، بشوش الوجه فقط حين يهل عليه الزبون .. له بشرة بيضاء وشعر أشقر وعينين ملونتين ، تلقى تعليمه فى مدارس الليسية .. أكتسب أكثر من لغة .. تخصص فى بيع العاديات والتماثيل الفرعونية وورق البردى .. تفرد ببيع القلادات والأقنعة وتماثيل أخرى لاهوتية.
متجره يحتل ناصية أهم شارع تجارى بالمدينة .. يواجه الباب الرئيسى لأقدم كتدرائية . انحصر زبائنه تحديداً فى السياح الاجانب وبقايا اليونانيين والإيطاليين وروَّاد قداس الأحد من شعب الكتدرائية ..
كانت اللغة الفرنسية التى يجيدها تغلب لسانه العربى حتى انه كاد أن ينسى لغة الضاد ، كم صارع ابنه الوحيد كى يثنيه عن شراء تلك البضاعة ، لكنه كان عنيدا وكثيرا ما كان يؤكد له أن التجارة حرة وليس لها عقيدة ولا ملة.
تعودت سارة ذات الأصول الايطالية أن تزوره صباح كل أحد حاملة بين يديها صندوق التبرعات .. تلقى عليه بالايطالية تحية الصباح:
- بنجورنو سينيورى.
فيجيب بابتسامة:
- بونا ماتينا سينيوريتا.
تمد سارة يدها بالصندوق نحوه وهى تتمتم بكلمات البركة ، فيسارع بدس تبرع سخى داخل الثقب، ترد عليه بتحية مُومِئة رأسها ذو الشعر الاشقر وهى تنصرف مبتسمة.
أربعون عاماً مرت وانت قابع فى هذا الحانوت وهم لا يعرفون أنك مسلم .. أكل هذا من أجل قروش تربحها فى هذه الدنيا ؟ .. هكذا قال له أحد أصدقائه الذى شق عليه أن يراه على هذه الحال طيلة هذه السنين .
حين تقدم به العمر وأنهكه المرض وأصبح بطىء الحركة قصير الخطوة وكثيرا ما ينام وهو جالس فوق مقعده أمام ماكنية الكاشيير العتيقة .
عندما أحس بدنو الأجل .. اشترى سجادة صلاة وبدأ يصلى خلف ساتر خشبى مرتفع.
فى صباح يوم من ايام الأحاد جاءت سارة بصندوقها الخشبى كالعادة فوجدت المتجر مغلقا .. سألت عن مسيو مكايد ...أخبرها بائع الصحف والمجلات الذى يفترش الأرض بجانب المتجر بأنه توفى فجر اليوم.
قالت سارة بكل ثقة:
- لا شك أن الرب يُحبه لانه مات فى هذا اليوم .. لا بد من إبلاغ القس للاسراع فى الإعداد لاستقبال الجِنازة وإقامة القداس الإلهى على روحه الطاهرة.
***