المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (9) الاصرار على الاشتراكية، اصرار على بناء الانسان - عبد الله اوجلان



shiyar
06/04/2007, 02:14 AM
عبد الله أوج آلان
الإصرار على
الاشتـراكيــــة
إصرار على
"بنـــاء الإنســـــان"

PKK مرحلة عظيمة في الاشتراكية


PKK، حزب الإصرار على الاشتراكية والتفوق فيها أكثر من أي وقت مضى.
أهم خاصية يتوجب التوقف عليها اليوم ونحن نحتفل بعيد الكادحين، هي وضع الاشتراكية التي تعد نظرة الطبقة العاملة إلى العالم، وبالتالي التقييم مجدداً بشأن التطورات المعنية بالبشرية على هذا الأساس. والأهم من ذلك هو تسليط الضوء على مكانة PKK ومنزلته ضمن هذا الواقع.
تتفاقم مخاطر تطور الهيمنة والاستعمار الأحادي الجانب للامبريالية على العالم مع حلول أعوام الألفين. نخص بالذكر هنا استمرار العجز عن الفصل بين الصواب والخطأ حين الرد على الأسئلة المتراكمة المنبثقة عن انهيار الاشتراكية المشيدة، وما يجلب ذلك معه من ضبابية وفوضوية ويأس وإنكار مريع لدى الطبقات الكادحة.
تضطر شعوب العالم لقبول الرأسمالية المائعة المتفسخة والرثة، وكأنها سبيل الحياة والنجاة. وتواجه الطبيعةُ على وجه البسيطة اليوم تلوثاً خطيراً ومهوّلاً، إضافة إلى تلوث المجتمع أيضاً. أما النظام الرأسمالي – الامبريالي الذي يعد المسؤول الأول في ذلك، فلا يدّخر جهداً في فرض نفوذه اللامحدود، والذي لا يأبه بأي شيء يعترض طريقه، على الإنسانية جمعاء، وعلى نحو همجي متهور وأعمى.


إما الاشتراكية، وإلا فلا!

مثلما هي الحال في الكثير من مراحل التاريخ البشري، تشهد البشرية مخاطر واسعة الأبعاد نتيجة الاستعمار المهيمن والمتنامي، محتضناً في جنباته تدمير الطبيعة أيضاً، ومكتسباً شمولية أكثر مما كانت عليه الرجعية التي ظهرت في مراحل تجاوز الأنظمة العبودية – الإقطاعية، التي تشارف على نهايتها وتلتقط أنفاسها الأخيرة وهي تعيش أشد مراحلها تهوراً وتفسخاً. لذا، إذا لم تتحصن الاشتراكية جيداً تجاه النظام الرأسمالي – الامبريالي، وعلى نحو لا مثيل له في السابق، فإن ذلك يعني نهاية الإنسانية والعالم أجمع، وليس العمال – الكادحين فقط. ويمكننا اليوم القول أكثر من أي وقت مضى؛ إما الاشتراكية، وإلا فلا، تجاه هذه التخريبات الرأسمالية – الامبريالية.
ظهرت على الدوام العديد من الأيديولوجيات المعنية بتحرير الإنسانية. وبدأت النضالات الاجتماعية مع التاريخ البشري لتستمر حتى يومنا الراهن. وبالأخص، لكل نظام نضالاته الاجتماعية الخاصة به. والتاريخ شاهد على الآلاف منها.
ما يعنينا اليوم بالأرجح هو الوضع الذي تمر منه الاشتراكية المتشكلة كنظرة الكادحين للعالم. لقد أبدت الايديولوجية الاشتراكية تطورات كبرى في القرن الماضي لدرجة تكاد تظهر فيها إمكانيات تطبيقها في قسم يقارب ثلث العالم. لكن، وبسبب ما احتضنته بين طياتها من طراز الحياة القديمة، والتأثيرات الغالبة للخصائص الاجتماعية الاستعمارية والقمعية، والمواقف الدوغمائية البارزة؛ نرى أن هذه التجربة شارفت في بعض الأحيان على الانهيار أيضاً. أي أنها عاشت تطوراً متأرجحاً ومتذبذباً.
أظهرت العديد من التجارب المخاضة في القرن الماضي، كذلك التجارب الحربية للكادحين خلال قرنين من الزمن بما يمكن تسميته بمناهضة الرأسمالية، وخاصة العلمية منها وما أسفرت عنه من نتائج وخيمة أو فشل ذريع؛ أنه لا يمكن التخلي قط عن الاشتراكية. ولكن يتوجب بالمقابل إبداء المواقف الخلاقة والمميزة في سبيل تطويرها وجعلها تعبيراً علمياً بمعنى الكلمة عن المجتمع.
شهدت الاشتراكية مراحل جد هامة. وتتواجد الاشتراكية في كل مراحل التاريخية على وجه التقريب، ولو بنسب متفاوتة. فالعهد المشاعي البدائي يعبر في نفس الوقت عن الاشتراكية البدائية. وكذلك حركة سبارتاكوس العصيانية في العهد العبودي، وحركة الخراجين في الثورة الإسلامية، بل وحتى الحركة العلوية؛ كلها تسودها الخصائص الاشتراكية. حتى في الثورة البورجوازية الفرنسية يعلن بافور عن نفسه ونزعته كحركة شيوعية، وبالطبع نشهد تعاقب المستجدات التي تتقرب أكثر من الاشتراكية العلمية بعد هذه الثورة. وقد أُعلِن عن البيان الشيوعي في مرحلة الثورات البورجوازية، كما طرح بيان الاستقلال للطبقة العاملة نفسه إلى الوسط وصار كالكابوس المزعج يقض مضاجع البورجوازية. والأهم من كل ذلك، تَبَيَّنَت السياسة التي يتوجب على الكادحين ممارستها، من خلال الأممية الشيوعية وولادة أحزاب الطبقات العاملة على أساس الحدود القومية مع مضي الزمن.
بالإمكان القول أن الطبقة العمالية، وقبل قرن بأكمله، أنشأت أحزابها في أحضان كل البلدان الرأسمالية التقدمية. وكلنا نعرف وجود الليغا للكادحين، والتي لا تأبه بالحدود الفاصلة في الأممية الأولى. كما نعلم أن الطبقة العمالية قد حولت أيديولوجيتها إلى شكل تنظيمي تغلب فيه الجمعيات، وشرعت بتنفيذ ذلك مع كمونة باريس.
كما ندرك جيداً أن الأممية الثانية طورت النضال السياسي بالأرجح، وخطت خطواتها من الجمعيات إلى الأحزاب، وقامت بتطبيقات هامة مع نضال حقوق الكادحين النقاباتية – الديمقراطية. وهكذا دخلت الطبقة العمالية - وبالأخص ثورة أكتوبر باعتبارها قامت بطليعة الطبقة العمالية - تاريخَ النضالات الاجتماعية عندما طرحت مشكلة الكادحين في السلطة في أولى مراحل الراسمالية – الامبريالية. إذن، إننا ندرك أيضاً أن ذلك حقق قفزة عظيمة باسم الكادحين في التاريخ، بحيث مزق كيان الدولة القديمة وأبرز نموذج الدولة الجديدة عوضاً عنه. وهذا ما بث الرعب في نفوس كل الطبقات القمعية والاستعمارية والحكام، بالتالي تكاتفت القوى الرجعية في العالم لتتحامل عليها وتستهدفها.
تعبِّر ثورة أكتوبر بقيادتها البلشفية عن انطلاقة تاريخية بارزة الأهمية، وتعد خطوة عظمى في تاريخ النضال الاجتماعي. لكن، وكما هي الحال في كل ثورة، ظهرت فيها أمراض الطفولة. بمعنى آخر، حصل هذا التطور في هذه الثورة العظيمة.
إلى جانب كون ثورة أكتوبر تعبر عن ولادة سليمة باسم الطبقة العمالية وكل الشعوب الكادحة. إلا أن آثار المجتمع القديم التي احتوتها في أحضانها، وما برز فيها من ضعف التجربة بسبب كونها التجربة الأولى من نوعها، والأهم من ذلك الحصار الكبير والشديد الذي طوقتها به الرجعية العالمية، والبقايا الاجتماعية البالية والراسخة جداً في روسيا؛ كل ذلك جعلها تواجه ضوائق حرجة وحساسة.
أريدَ لها أن تقطع أشواطاً كبيرة مبكراً، ولو كلفها ذلك ثمناً باهظاً، مع الرجعية الدولية المتواجدة لأجل حل المشاكل. ولم تستطع أن تكون خلاقة في الداخل، وبالأخص لم تبدع ديمقراطية اشتراكية بديلة لتلك الموجودة داخل النظام الرأسمالي.
أما الحزب القائم بالثورة فقد حلّ ذاته داخل الدولة في غضون مرحلة التدوّل، ليتحول تدريجياً إلى أداة بسيطة لسياسة الدولة الداخلية والخارجية. وهذه الدولة بدورها، غلبت عليها بالتدريج التأثيرات الشوفينية الروسية القوية المتحركة بموجب المخاوف الوطنية بالأرجح. بالتالي عجزت عن إبداء مواقف سليمة في داخلها، سواء تجاه القضية الوطنية أو القضايا التحررية الوطنية والثورية للشعوب على الصعيد الدولي. بل وحتى لم تستطع إبداء المواقف السليمة الواجب اتباعها تجاه الثورات الاشتراكية للطبقة العمالية.
ومع حلول التسعينات تجلى بكل سطوع أنها دخلت انحرافات يمينية متزايدة مع الأيام، لتواجه في أيامنا هذه انهياراً ثقيل الوطأة، ظهرت علاماته كلياً حينها. وسادت أجواء، قيّم فيها الأيديولوجيون وممثلو السياسة الرأسماليون دون استثناء أن هذه المرحلة تعني نهاية الاشتراكية، وصفقوا لذلك وكأنه ميلاد يوم جديد لهم، وأحسوا بارتياح شديد، واعتقدوا أنه فتحت لهم أبواب مرحلة العيش المرفّه اللاطبقي مجدداً.
وضاق طوق الحصار المرسوم حول بعض القلاع التي تعيش الاشتراكية وإن كانت متداخلة بجوانب ناقصة. وتكثفت الحصارات الاقتصادية إلى جانب الهجمات الأيديولوجية - السياسية المذهلة. ولوحظ بكل ذهول خلال السنوات العشرة المليئة بالانقلابات في الأمور، أن حماس الرأسمالية - الإمبريالية ذاك، وثقتها بذاتها، ذهبا هباء، وأصبحت تئن تحت وطأة مشاكل لا يمكن التخصل من عبئها.
واليوم يدرك الجميع على نحو أفضل أن الإنسانية الخاوية من الاشتراكية لا تبعث على الأمل، ولا تستطيع إيجاد أي حل لأية مشكلة كانت؛ وتبدأ بحوثهم المعمقة عن سبل الحل اللازمة.
كيل التوبيخات والتشهير بالاشتراكية في الربع الأخير من هذا القرن، يفرض الآن ضرورة التحلي بروح المسؤولية للبحث عن الحلول الجديدة اللازمة.
الرأسمالية الرثة المعتمدة كلياً على ألاعيب البورصة، ورغم افتقادها لمزية الإبداع تماماً، لا تكتفي فقط بتشويه وتخريب الديناميكيات الداخلية وهوية المجتمع الإنسانية، ولا تتوقف عند حد إظهار تأثيرها وفاعليتها الباعثة على التقسيخ وتفشي الأخطار على نحو أشد تخلفاً بألف مرة مما كانت عليه الحال في المراحل الأخيرة لكل الأنظمة البالية المهترئة؛ بل وتدمر الطبيعة أيضاً بتلويث البيئة التي تشكل شرطاً لا غنى عنه بالنسبة للبشرية. إنها تحول هذا الكوكب العظيم إلى مكان لا يطاق العيش فيه. هذا هو الخطر الأكبر والذنب الأكبر، للنظام الرأسمالي- الإمبريالي. وإذا لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة سيتحول كوكبنا هذا في مدة جد وجيزة إلى مجرّة لا يمكن العيش فيها. أما تحول كوكبنا إلى مزبلة لرمي الأوساخ، فهو أمر لا يُحسَد عليه. ورغم ظهور بعض الأصوات المحتجة الهزيلة والواهنة، إلا أن أكبر تمرد هو الاشتراكية. إنها، وعبر ثورة راديكالية، ستنير درب الخلاص وتسلط الضوء ثانية على الوجه الداخلي للمجتمع، والمصاب بالتلوث لدرجة لا نظير لها.
أهم مشكلة تعني الإنسانية هي عرقلة دمار الطبيعة وإيقاف التلوث الاجتماعي الداخلي. وتشير النقاشات والجدالات البارزة منذ الآن، وإن كانت إصلاحية، إلى هذه النقاط.
ستظهر التقييمات الأكثر جذرية، وستتبدى سبل الحل في المرحلة المقبلة كأهداف ثورية ستحدّد بدورها أشكالها النضالية الاجتماعية والسياسية، ومختلف تكتيكاتها. وسيبدو بكل جلاء أن هذا الخطر لا يمكن إيقافه أو الحد منه عبر رسم أطر عامة فحسب، بل يستلزم تطوير النظريات والمخططات والبرامج والتكتيكات الهامة على التوالي لأجل إيجاد الحلول الجذرية. بل ويشير منذ الآن إلى أنه لا مناص من تداول البحوثات والبدء بالدراسات اللازمة. وإذا كانت القيم الإنسانية يُعمَل بها، فالأيديولوجية الاشتراكية حينئذ مضطرة لبلوغ مستوى أكثر تقدماً وصياغة إرشادات وتوجيهات أكثر عمقاً ووضع أسس تنفيذية وطيدة.

الاشتراكية خيال وعلم في آن معاً

مثلما لا يمكن قطع الأمل من الإنسانية، كذلك هي الحال بالنسبة لتطور الاشتراكية. ومثلما بدأت النشاطات الاجتماعية وكفاحاتها مع بدء البشرية، فإنها ستبقى ما دامت البشرية باقية. ومثلما أنه من المستحيل للبشرية أن تتطور بدون نضال اجتماعي، كذلك لا يمكن التفكير بمستقبل بشرية خاوية من النضال الاشتراكي.
بهذا المعنى، سيطرح النضال الاشتراكي نفسه على الدوام كخيار وحيد لخلاص البشرية. ويجب عدم تداوله بشكل دوغمائي منحصر في إطار ثورة تحققت في مرحلة معينة من التاريخ فقط. بل من الصواب تقييمه على أنه الفكر التحرري العام للبشرية وخيالها وحلها وعلمها أيضاً.
إنها خيال وعلم في آن معاً.
ولا شك في أنه سيتم بلوغ الواقع الملموس لأنها علم. ولكن لا يمكن غض النظر عن جانبها الخيالي الذي لا يمكن حصره في قرون.
التقرب العلمي الضيق هو تطبيق مادي بحت، وقد رأينا بأم أعيننا كيف ذهب نحو الانهيار والانحلال في الاشتراكية المشيدة. الاشتراكية التي تهمل الخيال والمعنويات والإدارة والفلسفة، لا مفر من تحولها إلى مادية بحتة خطيرة. لقد برز هذا الخطر في الاشتراكية لتواجه اليوم الانهيار ويتم تخطيها. وستظهر مستجدات سياسية واقتصادية وديمقراطية عديدة مشابهة لذلك.
يشكل التحرر السياسي والاقتصادي عائقاً جدياً أمام الأيديولوجية الاشتراكية.
كما تنتظر الديمقراطية حلها كمشكلة هامة. هذا ويتطلب سلوك موقف مبرمج حاسم فيما يخص مشكلة البيئة - وهي الأهم في كل ذلك - وصياغة برنامج دقيق ومفصل وتطبيقه بشكل مطلق.
هذه هي المشاكل البرامجية التي ستعنى بها الاشتراكية المرحلية الجديدة. ولا جدال في ضرورة التحلي بالمبادئ والأسس الفلسفية والخيالية والمعنوياتية والأخلاقية. إذ لا يمكن التفكير في اشتراكية خاوية من الفلسفة والمعنويات. المادية البحتة خطيرة بقدر الرأسمالية على الأقل. وهنا تكتسب مشكلة التحول الحزبي والتنظيمي والتكتيكات النضالية، أهمية بارزة.
إذن، لم تعد تكفي النظريات الاشتراكية القديمة. وهذا لوحده لا يكفي إذا لم يتم غض النظر كلياً عن التمردات والحروب التحررية الشعبية طويلة الأمد. هذا بالإضافة إلى أن وضع الدول القومية المتنامية ووضع المستوى الاجتماعي الرفيع والاتفاقات، يفرض ضرورة وجود أشكال نضالية مغايرة.
خاصة وأن التكنولوجيا التي ترتبط بالكفاحات والنضالات بروابط متينة وهامة، تطورت كثيراً. إذن، فالأحزاب والتكتيكات النضالية الجديدة، عليها وضع هذه المستجدات نصب عينيها لتطور أساليب نضالية أخرى، مختلفة بدءاً من الحركات الاشتراكية إلى الحركات العنفية.
لا شك في أنه سيطرأ التطور على الأممية أيضاً بموجب ذلك. ومن الواضح للعيان أنه لم يعد بالإمكان حبس البلدان ضمن حدود ضيقة، وأنه على الاشتراكية أيضاً أن تتعولم في زمن زادت فيه العولمة لهذه الدرجة، على حد تعبير الإمبريالية.
سيفرض التقرب الأممي الجديد ذاته مع الزمن، وستبرز أهمية الحدود الكونية بقدر الحدود الوطنية الملموسة. كما تعد الأممية الاشتراكية، التي سترسم إطار العلاقات بين المجتمع والطبيعة، احتياجاً ضرورياً وهاماً. ولربما سيكون من الصواب والضروري استقبال القرن الجديد تحت لواء أممية كهذه.
يعمل الكثيرون على تقييم حركة PKK، والتي انتهلت منبعها من أوساط سادتها تأثيرات الاشتراكية المشيدة ولكنها تتميز إلى جانب ذلك بجوانبها الخاصة بها، مع راهننا باهتمام بالغ. وتدور النقاشات للرد على سؤال "أي اشتراكية؟" وربطه بالماضي والجديد الذي سيتأسس.
كل ما قمنا به يجعل من PKK حديث الساعة كحزب لازم لمرحلة اشتراكية خاصة.
وقد نجحنا في ذلك بنسبة هامة. فالجانب البارز الملاحظ في PKK هو كونه قوة طليعية تحررية وطنية كردية. لكن الجانب الأصلي الهام فيه هو المعنى الذي يمثله ضمن النضال الاشتراكي الدولي. وهذا هو الجانب الواجب إبرازه إلى المقدمة تصاعدياً. فإصرار PKK على الاشتراكية وتفوقه فيها وتواصل نجاحه، يعتبر موضوعاً يستحق الدراسة والتدقيق في مرحلة تم تجاوز الاشتراكية المشيدة، ووصل فيها النفوذ الرأسمالي _ الإمبريالي أوجه في الربع الأخير من هذا القرن. بيد أنه إذا ما ألقينا نظرة خاطفة على الإعلام اليومي، سنرى أن تقييم أمريكا _ الرأس المدبر للإمبريالية _ لـPKK على أنه "أخطر تنظيم إرهابي في العالم" ليس هباء أو هراء. ما يتوجب فهمه من ذلك هو أن أمريكا المناهضة للنظام الاشتراكي، تنظر إلى PKK كأكبر خطر يهددها منذ الآن لما يحتله من مكانة هامة لا غنى عنها في الاشتراكية. وهذا هو الصحيح.
القوى الرجعية الدولية أيضاً قامت في مرحلة من المراحل بتقييم كل من ماركس وأنجلز، ومن ثم البلشفيين، على أنهم خطرون وغريبو الأطوار. أما الآن فتقوم القوى الرجعية الدولية بعقد الاتفاقات، بل وحتى إبرام القمم الخاصة بشأن PKK، وتقيِّمه على أنه خطر كبير، وتقوم بالاستقصاء وجمع معلومات مختلفة عنه في الساحة الدولية.
لكلٍ من أمريكا "ممثلة الإمبريالية الدولية" وحليفتاها ألمانيا وإنكلترا وغيرهما، تجاربهم السابقة في هذا الخصوص. ما يعنيهم في الأمر ليس التحرر الوطني الكردي بالمعنى الضيق، بل حتى إنهم يدعمون ذلك أيضاً، ولا يدخرون وسعاً لتحقيقه. ما يعنيهم وما يواجهونه هو تشكيل PKK وطليعته في القضية الكردية بمواقفها الأيديولوجية _ الاجتماعية، خطراً جدياً لأبعد الحدود يهدد أنظمتهم وكياناتهم. وليس بعيداً أن يكون PKK بمحتواه الأيديولوجي، حزباً بلشفياً جديداً. إن طليعة PKK، التي تتطور وتتنامى في أضعف حلقة من حلقات النظام الرأسمالي_ الإمبريالي في الشرق الأوسط، تشكل خطراً كبيراً. واستمرار PKK في وجوده، بل وتناميه، في زمن التقطب المتشكل نتيجة الضوائق الحرجة التي دخلها الشرق الأوسط منذ التسعينات بسبب بعض المستجدات المتشابكة والمعقدة؛ يعتبر خاصية أشد لفتاً للنظر بالنسبة لذاك النظام، وتستحق التمعن والتدقيق فيها. وليس هباء قول أمريكا بين الفينة والأخرى فيما يخص توازنات الشرق الأوسط "لن نسمح لـPKK أن يتمتع بحق الكلام، لن نتركه ينشط". إنها تود بالتأكيد القضاء على هذه الواقعة البارزة، والتي لم تكن في الحسبان في كفة التوازن. وفي السنوات الأخيرة تتمثل سياساتها التعسفية في تدجين PKK إن أمكن، وإلا فالقضاء عليه.
لا ريب في أننا ركزنا ضمن نضالنا على سياساتنا الخاصة بنا تجاه تكتيكات الإمبريالية في الخنق أو شل التأثير. ولم يكن هباء قيام قيادة PKK بالتركيز على الخواص التكتيكية. ذلك أن PKK، الذي يُراد خنقه وكتم أنفاس تطوره التكتيكي _ الاستراتيجي بشكل سرّي، إذا لم يحقق تطورات ملحوظة، لَما كان بمقدوره اليوم تكريس أرضية منيعة بجوهره الاشتراكي.
اكتسبت مسألة التحول الحزب والاشتراكي معاني أعظم على أساس هذه المستجدات الاستراتيجية والتكتيكية. ويلاحظ بكل جلاء أنها ستؤثر على الشعوب الشرق أوسطية مع الزمن، بل وستبسط نفوذها كطليعة اشتراكية عازمة وطموحة قدوة.
من هنا، إذا ما أغنت الثورة الكردستانية مضمونها وطورت تحليل التحول الحزبي، وطوّرت الإنسان وصعّدته في السنوات الأخيرة كثيراً ليكون نافذاً لديها، وإذا ما سلكت الأساليب الحربية الثورية استراتيجياً _ تكتيكياً وكللتها بالنصر المؤزر؛ فمن المؤكد أنها سترسخ الاشتراكية بكل عزم وبشكل لا غبار عليه.
علينا ألا ننسى أن تجزؤ كردستان سيسرّع من إمكانية بناء نموذج لتجربة فيدرالية اشتراكية تحتوي داخلها العديد من الاقليات الأخرى القاطنة في الدول الأربعة الأساسية المعنية.
وهذا بدوره سيسفر، بما لا مناص منه، عن دخول العديد من الأقليات والبلدان الأربعة الرئيسية وثقافاتها في طور التطور الطبيعي، متجهة نحو الاشتراكية والديمقراطية. بالتالي سيتمخض ذلك عن ظهور تأثير يضاهي ما كانت عليه ثورة أكتوبر، وستزداد أهمية استعادة المصادر الطبيعية والخيرات والتاريخ العريق للشرق الأوسط باسم الشعوب القاطنة فيها. هذا الكم من التطور يرتقي بالشرق الأوسط ليكون الحلقة الحساسة في الثورة الدولية. وما PKK سوى الحقيقة التي تمثل ذلك بكل معنى الكلمة، وتسيّرها استراتيجياً وتكتيكياً مع مرور كل يوم. أما تكاثف تركيز القوى الرجعية الدولية المتصاعدة باضطراد على PKK، فينبع من خاصيته الحساسة تلك. فإفراغ الكثير من الاستراتيجيات والتكتيكات من محتواها، قد أذهلهم تماماً.
PKK المنتصر على نحو تحرري وطني سيكون مرحلة اشتراكية كبرى في الثورة الكردستانية، وسيحوّل تجزؤ كردستان إلى وحدة إقليمية على أساس الحلول الوطنية والإقليمية. ولا مفر من تطوير التكتيكات الخلاقة اللازمة لذلك.
هذا بدوره يعني أن المضمون الاشتراكي لـPKK سيملأ الثغرات الأيديولوجية الحاصلة والضرورية للشعوب كما الماء والهواء، وسيزج بالشعوب في درب الخلاص والتقدم السليم المشترك. يحتوي PKK إمكانيات ذلك لأبعد الحدود في راهننا. وستُظهِر نشاطات PKK الفعالة هذه الحقيقة مع مرور كل يوم للعدو والصديق على السواء. انطلاقاً من كل هذه الأسباب، وبقدر ما يركز أعداؤه عليه بلا رحمة، فإن أصدقاءه أيضاً يهتمون به ويلتفون حوله ويتكاثرون باضطراد.


لا وجود لمفهوم "الاكتفاء " في الاشتراكية

مثلما لا يمكن تشييد الاشتراكية بمجرد القول "أسسنا الاقتصاد. أسسنا الدولة"، فإن الأيديولوجيين والقادة المعنويين، والقادة الأيديولوجيين، إذا لم ينظروا إلى الأمور نظرة متكاملة أو يدرسوها ويتخذوا تدابيرهم الوفية بموجبها؛ سيحولون بذلك التفسير المادي البحت للثورة الاشتراكية إلى تغييرات تكاد تكون نظيرة للرأسمالية والفاشية. وإذا ما أردنا البحث عن المذنب هنا، فإن السبب يرجع بالأصل إلى عدم بسط قواد الاشتراكية الأيديولوجيين نفوذهم لأبعد الحدود وعدم تجسيدها كافياً.
إننا كقيادة في PKK نعيش اليوم تطوراً كهذا، ونجهد لمواصلته بعنفوان وحماس وغبطة.
لم ندخل قط في موقف من قبيل "كفى".
والآن نرى بوضوح أكبر أنه مهما تحتد الحرب أو تزداد المهام التكتيكية يومياً، ومهما يتحرك البعض بحسابات ضيقة في الحرب والحياة؛ فحل كل ذلك يكمن في الشخصية المناضلة الاشتراكية.
من الحتمي إعداد الشخصية المناضلة الاشتراكية وخلقها وتحصينها من خلال صراع دؤوب كل يوم، كمضاد قوي للمخاطر أياً كانت.
كما يجب تأمين ديمومة الشخصية المناضلة الاشتراكية. وهذا أحد أهم الحقائق التي برهن عليها PKK، التي كلما تكرست نرى أن PKK يبدي تطوراً ملحوظاً على الصعيد السياسي، بل وحتى التكتيكات العسكرية القيّمة أيضاً تتطور لدرجة لا يمكن قهرها بسهولة على أقل احتمال.
ثمة تقدم سياسي في PKK سواء داخل شعبه أو بين شعوب المنطقة وعلى نحو كونّي بحيث يؤثر حتى على أوروبا وأمريكا.
PKK الذي يحقق تحوله الاشتراكي يعني في الوقت نفسه PKK المسيَّس ذو السياسة النافذة الرامية.
وانتقال الشعب الكردستاني اليوم من كونه متخلف وسيء الطالع إلى شعب سياسي مؤثر، يعد تطوراً هاماً. ورغم كونه ضعيف التنظيم والجبهة، إلا أنه لا جدال في كونه قوة سياسية ذات شأن ملحوظ.
الشعب الكردي الآن هو أحد الشعوب السياسية الثورية المتقدمة. وعلينا تنظيمه وتكريس جبهته كمهمة عاجلة تنتظرنا.
كما أن جذب الكرد في الداخل والخارج وفي الأجزاء الأربعة من كردستان إلى التنظيمات عبر تكتيكات مناسبة، وعدم الإنقاص من أشكال النضال السياسي، سيسرّع من التسيس أكثر ليحولهم إلى قوة سياسية لا تقهر. وقد قامت الطليعة الحزبية لتمهيد سبيل ذلك لأبعد الحدود، وخلقت إمكانياته ومواقعه، ولم يبقَ سوى ما يقوم به الكوادر الطليعيون باستخدامه عبر أساليب سياسية سليمة. وهناك كوادر مؤهلة في كل الأطراف كماً ونوعاً، لا يتطلب منها سوى الإدراك القيادي الصحيح وتأدية واجباتها بما يليق بها على صعيد الجبهة والسياسة.
لا يحق لأحد القول في الطليعة السياسية لـPKK أن "الإمكانات محدودة".
لقد سخرنا إمكانيات سياسية علنية وسرية، في الداخل والخارج في خدمة مناضل PKK بما لا نظير له في أي حزب ثوري آخر. والمهم هنا معرفة قيمتها وحمايتها بتقدير. وفي حال تأدية ذلك ستحقق أبسط الوظائف أيضاً النصر الأكيد بما لا يقبل الجدال. ويمكننا فهم ذلك من الحرب السياسية والانتفاضات العارمة. وكضرورة للعيش كشعب ثوري، يستلزم الحاكمية اليومية على التكتيكات لإحراز النصر.
إذن، والحال هذه، تأكد بكل سطوع أن PKK هو الحزب السياسي الأكثر إبداعاً، وأنه التحم بالشعب بسرعة، وحقق تسيّسه، وبلغ الثورة السياسية بمستويات ضاربة للنظر، وأن كل هذا انعكاس للنظرية السياسية وركائز تطبيقها وطراز القيادة فيها. المهم هنا هو نقل كل المناضلين ذلك إلى الشعب ليواصل بدوره ذلك كونه ثوري واعٍ ومعبأ جيداً. وهذا يلعب دوراً بارزاً في نيل النصر الأكيد.
هذا فضلاً عن أن الرد الأمثل على سؤال "كيف نعيش؟" يستلزم أولاً الرد على سؤال "كيف نحارب؟".
تبدى للعيان أن الجاهلين بكيفية وجوب العيش، لن يكون بمقدورهم إعطاء الرد الأمثل على كيفية المحاربة. كما تجلى أنه بدون تحليل الواقع الاجتماعي لهذا الشعب المجنون، والمذعن لحياة خيانية وعبودية متعشعشة فيه حتى النخاع، وبدون تمزيق ذاك الواقع وإعطاء الأجوبة المؤثرة على سؤال "كيف نعيش؟"؛ لا يمكن تسيير حرب سياسية _ عسكرية سليمة وصائبة. لا يمكن خوض الحرب المؤثرة بأناس أصبحوا بلاء على رؤوسهم هم، يخلطون الحابل بالنابل، لا يسيّرون الحياة برؤوسهم بل بطرف آخر من أطرافهم، متعجرفون، ولا علاقة لهم بخيال الحياة. أما العاجزون عن تقدير الحياة، أو حتى احترام أنفسهم، دعك من أن يكونوا أنصاراً اشتراكيين، لا يمكنهم حتى استخلاص الدروس من ألف باء السياسة. لذا فإن تحليلنا للحياة الاجتماعية وتمزيقنا إياها، غير ممكن إلا بخوض الصراع في بنية العائلة على وجه الخصوص، تجاه أشكال العلاقة المتحجرة، الخارجة عن نطاق الحياة لدرجة لا يمكن تسميتها بالأعراف أو التقاليد. وبدون تشتيت الواقع الاجتماعي والأسَريّ الذي يتجاوز حدود التزمُّت ليجلب معه الاهتراء والتفسخ والجنون، أو تفكيك القبح المريع والانحطاط الكبير الموجود في العلاقات بين المرأة والرجل؛ لا يمكننا التفكير قط في إمكانية تمهيد السبيل لظهور العظمة والنبل في الروح والفكر.
ونرى بوضوح كم خُطِيَتْ خطوات سديدة في الآونة الأخيرة بطليعة PKK، وكم تداولنا المشكلة من نقاطها الأساسية، وكم حققنا تطورات هامة بهذا السلاح، ليظهر بذلك الجانب الكوني القدوة لدينا.
يمكن تسمية ذلك بالثورة الثقافية أيضاً.
فتحليل الجانب الاجتماعي للثورة مسبقاً سيهيء الإمكانيات لتطبيقها كنموذج يحتذى به. لكننا من جانب آخر نرى وبشكل صارخ لا غبار عليه، أن تطويرنا للثورة الاجتماعية والثقافية داخل الحزب مَهَمَّة عاجلة لا يمكن تأجيلها إلى ما بعد الثورة. بل إن التعمق الموجود الآن إنما هو ثورة اجتماعية معمقة لا غير. ويمكن الوصول إلى مستوى اجتماعي رفيع في العلاقات من خلال فتح الطريق أمامها وإبداع الجديد فيها ومحاربة أشكالها السيئة. نحن مرغمون على تمثيل الثورة الاجتماعية للمستقبل بسلامة. ومن الواضح أن الإصرار في ذلك يعد وظيفة مصيرية أولية لتطوير الثورة الاجتماعية على نحو أكثر مساواة وحرية، وبالتالي توثيق المجتمع الاشتراكي بمقومات أكثر مناعة ورصانة.
نرى هذه التطورات تحصل في PKK بما لا مثيل له في أي حزب ثوري آخر. لقد طُوِّرت تحليلات العائلة، الحجرة الأساسية والخلية الصغرى في المجتمع، على نحو ملفت للنظر، وسُلِّط الضوء على روابطها بالحياة السياسية والعسكرية، وجوانبها المعنوياتية. وتبين أن الإصرار في العائلة وعدم تحليلها كمؤسسة اجتماعية، يؤدي إلى شد الخناق على الحياة والسياسة. بل وحتى في حال عدم القيام بتحليل سليم للعلاقات الأساسية في العائلة، بين المرأة والرجل، أو بين الطفل _ الأم _ الأب، أو حتى الكلان _ القبيلة؛ من المحال إحراز أي تقدم. ولن تتعدى الحرب المخاضة عندئذ نطاق التمردات البدائية، ولن تتجاوز السياسة المتبعة إطار السياسة التواطؤية العميلة.
والأخطر في الأمر أنه كانت هناك أزمة ثقيلة في الحزب.
ما هي هذه الأزمة؟
بسبب عدم التقرب الصحيح من الحرب والسياسة، أبدى كل من يقول "بقيت سطحياً، بقيت ضيقاً، بقيت مزاجياً" مساوئ مريعة وبرزت والاحتجاجات والتصفيات. وتوضح أن سبيل تجاوز ذلك يمر بالتحليلات الاجتماعية والشخصية.
مع تعمق هذه التحليلات رأينا أنه بدون تحطيم أطواق وقيود الأسر في الداخل، في الأرواح والعقول والأفئدة؛ دعك من القيام بثورة، لا يمكننا حينها عرقلة كون ذاك النموذج المتأزم والمسدود والعاجز حتى عن إعالة نفسه، يصبح بلاء كبيراً مسلطاً على رأس الثورة. وقد أسفرت مثل هكذا أزمات في كل الثورات عن تشكل التخريبات والتكتلات، والانشقاقات في الأحزاب . أما لدينا، وإلى جانب عدم امتلاكها القدرة على تكوين حزب أو تكتل، فإنها تؤدي إلى مرض التدرن الرئوي "الورم" بدرجة خفيفة، أو إلى نشر التفسخ كجرثومة السرطان. إنهم عاجزون حتى عن أن يكونوا مرضاً عضالاً. بل ينهشون في الجسد كمرض بدائي جداً. ولذلك رأينا أنه ظهر ما لم يكن في الحسبان من تمردات داخل الحزب، واللامبالاة والتسبب في خسائر هدراً بلا سبب، وعدم إبداء الاحترام حتى في أبسط الوظائف؛ وبدأ ينتشر كالمرض.
كل ذلك ينبع من الشخصية عديمة التربية. وقد مدَّدنا هذه الشخصية على طاولة العمليات في PKK. ونتيجة جهودنا اضطررنا لتطوير هذه التحليلات.
في المحصلة تبدى أنه بإمكان الشخص أن يعيش بموجب هذه التحليلات ويشق طريق الحياة ويطور علاقاته الأساسية فيها ويحقق التطور في الجوانب العاطفية والتنظيمية والسياسية.
كما كشف النقاب عن معنى العلاقات المفتقرة إلى الجانب السياسي، وكيف أثرت سلبياً على الحرب. وتوضح خاصة أن عدم تحليل العلاقات في الوسط العائلي بين المرأة والرجل، سيؤدي إلى مشاكل متفاقمة داخل الحزب، بيد أن المستوى الذي لا يطاق للمجتمع سيجعل من الحزب أيضاً لا يطاق العيش فيه. والحل تم رؤيته في تجيش المرأة وتحريرها.
وعوضاً عن المفاهيم الانتحارية التي تدفع بالثورة نحو الموت، تمت الإشارة إلى أن الثورة، هي السبيل الوحيد للسمو بالحياة وبعثها من جديد، وأساس تحديد كيفية العيش السليم. بالتالي هكذا فقط يمكن الهرولة نحو حياة حرة أخاذة بدلاً من الهرع إلى الموت الرخيص. وأشرنا أيضاً إلى أن ذلك مرتبط عن كثب بموهبة الصراع، وخصائص الحاكمية التنظيمية والتكتيكية اليومية، وأن المنتصر في الحرب سينتصر في الحياة، وأنه من لا يسمو يالمعنويات والمشاعر في ذاته، لا يمكن أن ينتصر في الحرب بتاتاً.
هكذا، وبثورة ثقافية شاملة كهذه، استطعنا تحقيق التطورات في PKK في السنوات الأخيرة. وأعتقد أنها أهم تطور حصل، ليس داخل PKK أو الثورة الوطنية فحسب، بل إنه يبدي مفعوله وتأثيره باضطراد في الساحة الدولية أيضاً. إن تحقيق الاشتراكية ممثلة في PKK يبعث على الأمل.


1 أيار 1996

shiyar
06/04/2007, 02:14 AM
عبد الله أوج آلان
الإصرار على
الاشتـراكيــــة
إصرار على
"بنـــاء الإنســـــان"

PKK مرحلة عظيمة في الاشتراكية


PKK، حزب الإصرار على الاشتراكية والتفوق فيها أكثر من أي وقت مضى.
أهم خاصية يتوجب التوقف عليها اليوم ونحن نحتفل بعيد الكادحين، هي وضع الاشتراكية التي تعد نظرة الطبقة العاملة إلى العالم، وبالتالي التقييم مجدداً بشأن التطورات المعنية بالبشرية على هذا الأساس. والأهم من ذلك هو تسليط الضوء على مكانة PKK ومنزلته ضمن هذا الواقع.
تتفاقم مخاطر تطور الهيمنة والاستعمار الأحادي الجانب للامبريالية على العالم مع حلول أعوام الألفين. نخص بالذكر هنا استمرار العجز عن الفصل بين الصواب والخطأ حين الرد على الأسئلة المتراكمة المنبثقة عن انهيار الاشتراكية المشيدة، وما يجلب ذلك معه من ضبابية وفوضوية ويأس وإنكار مريع لدى الطبقات الكادحة.
تضطر شعوب العالم لقبول الرأسمالية المائعة المتفسخة والرثة، وكأنها سبيل الحياة والنجاة. وتواجه الطبيعةُ على وجه البسيطة اليوم تلوثاً خطيراً ومهوّلاً، إضافة إلى تلوث المجتمع أيضاً. أما النظام الرأسمالي – الامبريالي الذي يعد المسؤول الأول في ذلك، فلا يدّخر جهداً في فرض نفوذه اللامحدود، والذي لا يأبه بأي شيء يعترض طريقه، على الإنسانية جمعاء، وعلى نحو همجي متهور وأعمى.


إما الاشتراكية، وإلا فلا!

مثلما هي الحال في الكثير من مراحل التاريخ البشري، تشهد البشرية مخاطر واسعة الأبعاد نتيجة الاستعمار المهيمن والمتنامي، محتضناً في جنباته تدمير الطبيعة أيضاً، ومكتسباً شمولية أكثر مما كانت عليه الرجعية التي ظهرت في مراحل تجاوز الأنظمة العبودية – الإقطاعية، التي تشارف على نهايتها وتلتقط أنفاسها الأخيرة وهي تعيش أشد مراحلها تهوراً وتفسخاً. لذا، إذا لم تتحصن الاشتراكية جيداً تجاه النظام الرأسمالي – الامبريالي، وعلى نحو لا مثيل له في السابق، فإن ذلك يعني نهاية الإنسانية والعالم أجمع، وليس العمال – الكادحين فقط. ويمكننا اليوم القول أكثر من أي وقت مضى؛ إما الاشتراكية، وإلا فلا، تجاه هذه التخريبات الرأسمالية – الامبريالية.
ظهرت على الدوام العديد من الأيديولوجيات المعنية بتحرير الإنسانية. وبدأت النضالات الاجتماعية مع التاريخ البشري لتستمر حتى يومنا الراهن. وبالأخص، لكل نظام نضالاته الاجتماعية الخاصة به. والتاريخ شاهد على الآلاف منها.
ما يعنينا اليوم بالأرجح هو الوضع الذي تمر منه الاشتراكية المتشكلة كنظرة الكادحين للعالم. لقد أبدت الايديولوجية الاشتراكية تطورات كبرى في القرن الماضي لدرجة تكاد تظهر فيها إمكانيات تطبيقها في قسم يقارب ثلث العالم. لكن، وبسبب ما احتضنته بين طياتها من طراز الحياة القديمة، والتأثيرات الغالبة للخصائص الاجتماعية الاستعمارية والقمعية، والمواقف الدوغمائية البارزة؛ نرى أن هذه التجربة شارفت في بعض الأحيان على الانهيار أيضاً. أي أنها عاشت تطوراً متأرجحاً ومتذبذباً.
أظهرت العديد من التجارب المخاضة في القرن الماضي، كذلك التجارب الحربية للكادحين خلال قرنين من الزمن بما يمكن تسميته بمناهضة الرأسمالية، وخاصة العلمية منها وما أسفرت عنه من نتائج وخيمة أو فشل ذريع؛ أنه لا يمكن التخلي قط عن الاشتراكية. ولكن يتوجب بالمقابل إبداء المواقف الخلاقة والمميزة في سبيل تطويرها وجعلها تعبيراً علمياً بمعنى الكلمة عن المجتمع.
شهدت الاشتراكية مراحل جد هامة. وتتواجد الاشتراكية في كل مراحل التاريخية على وجه التقريب، ولو بنسب متفاوتة. فالعهد المشاعي البدائي يعبر في نفس الوقت عن الاشتراكية البدائية. وكذلك حركة سبارتاكوس العصيانية في العهد العبودي، وحركة الخراجين في الثورة الإسلامية، بل وحتى الحركة العلوية؛ كلها تسودها الخصائص الاشتراكية. حتى في الثورة البورجوازية الفرنسية يعلن بافور عن نفسه ونزعته كحركة شيوعية، وبالطبع نشهد تعاقب المستجدات التي تتقرب أكثر من الاشتراكية العلمية بعد هذه الثورة. وقد أُعلِن عن البيان الشيوعي في مرحلة الثورات البورجوازية، كما طرح بيان الاستقلال للطبقة العاملة نفسه إلى الوسط وصار كالكابوس المزعج يقض مضاجع البورجوازية. والأهم من كل ذلك، تَبَيَّنَت السياسة التي يتوجب على الكادحين ممارستها، من خلال الأممية الشيوعية وولادة أحزاب الطبقات العاملة على أساس الحدود القومية مع مضي الزمن.
بالإمكان القول أن الطبقة العمالية، وقبل قرن بأكمله، أنشأت أحزابها في أحضان كل البلدان الرأسمالية التقدمية. وكلنا نعرف وجود الليغا للكادحين، والتي لا تأبه بالحدود الفاصلة في الأممية الأولى. كما نعلم أن الطبقة العمالية قد حولت أيديولوجيتها إلى شكل تنظيمي تغلب فيه الجمعيات، وشرعت بتنفيذ ذلك مع كمونة باريس.
كما ندرك جيداً أن الأممية الثانية طورت النضال السياسي بالأرجح، وخطت خطواتها من الجمعيات إلى الأحزاب، وقامت بتطبيقات هامة مع نضال حقوق الكادحين النقاباتية – الديمقراطية. وهكذا دخلت الطبقة العمالية - وبالأخص ثورة أكتوبر باعتبارها قامت بطليعة الطبقة العمالية - تاريخَ النضالات الاجتماعية عندما طرحت مشكلة الكادحين في السلطة في أولى مراحل الراسمالية – الامبريالية. إذن، إننا ندرك أيضاً أن ذلك حقق قفزة عظيمة باسم الكادحين في التاريخ، بحيث مزق كيان الدولة القديمة وأبرز نموذج الدولة الجديدة عوضاً عنه. وهذا ما بث الرعب في نفوس كل الطبقات القمعية والاستعمارية والحكام، بالتالي تكاتفت القوى الرجعية في العالم لتتحامل عليها وتستهدفها.
تعبِّر ثورة أكتوبر بقيادتها البلشفية عن انطلاقة تاريخية بارزة الأهمية، وتعد خطوة عظمى في تاريخ النضال الاجتماعي. لكن، وكما هي الحال في كل ثورة، ظهرت فيها أمراض الطفولة. بمعنى آخر، حصل هذا التطور في هذه الثورة العظيمة.
إلى جانب كون ثورة أكتوبر تعبر عن ولادة سليمة باسم الطبقة العمالية وكل الشعوب الكادحة. إلا أن آثار المجتمع القديم التي احتوتها في أحضانها، وما برز فيها من ضعف التجربة بسبب كونها التجربة الأولى من نوعها، والأهم من ذلك الحصار الكبير والشديد الذي طوقتها به الرجعية العالمية، والبقايا الاجتماعية البالية والراسخة جداً في روسيا؛ كل ذلك جعلها تواجه ضوائق حرجة وحساسة.
أريدَ لها أن تقطع أشواطاً كبيرة مبكراً، ولو كلفها ذلك ثمناً باهظاً، مع الرجعية الدولية المتواجدة لأجل حل المشاكل. ولم تستطع أن تكون خلاقة في الداخل، وبالأخص لم تبدع ديمقراطية اشتراكية بديلة لتلك الموجودة داخل النظام الرأسمالي.
أما الحزب القائم بالثورة فقد حلّ ذاته داخل الدولة في غضون مرحلة التدوّل، ليتحول تدريجياً إلى أداة بسيطة لسياسة الدولة الداخلية والخارجية. وهذه الدولة بدورها، غلبت عليها بالتدريج التأثيرات الشوفينية الروسية القوية المتحركة بموجب المخاوف الوطنية بالأرجح. بالتالي عجزت عن إبداء مواقف سليمة في داخلها، سواء تجاه القضية الوطنية أو القضايا التحررية الوطنية والثورية للشعوب على الصعيد الدولي. بل وحتى لم تستطع إبداء المواقف السليمة الواجب اتباعها تجاه الثورات الاشتراكية للطبقة العمالية.
ومع حلول التسعينات تجلى بكل سطوع أنها دخلت انحرافات يمينية متزايدة مع الأيام، لتواجه في أيامنا هذه انهياراً ثقيل الوطأة، ظهرت علاماته كلياً حينها. وسادت أجواء، قيّم فيها الأيديولوجيون وممثلو السياسة الرأسماليون دون استثناء أن هذه المرحلة تعني نهاية الاشتراكية، وصفقوا لذلك وكأنه ميلاد يوم جديد لهم، وأحسوا بارتياح شديد، واعتقدوا أنه فتحت لهم أبواب مرحلة العيش المرفّه اللاطبقي مجدداً.
وضاق طوق الحصار المرسوم حول بعض القلاع التي تعيش الاشتراكية وإن كانت متداخلة بجوانب ناقصة. وتكثفت الحصارات الاقتصادية إلى جانب الهجمات الأيديولوجية - السياسية المذهلة. ولوحظ بكل ذهول خلال السنوات العشرة المليئة بالانقلابات في الأمور، أن حماس الرأسمالية - الإمبريالية ذاك، وثقتها بذاتها، ذهبا هباء، وأصبحت تئن تحت وطأة مشاكل لا يمكن التخصل من عبئها.
واليوم يدرك الجميع على نحو أفضل أن الإنسانية الخاوية من الاشتراكية لا تبعث على الأمل، ولا تستطيع إيجاد أي حل لأية مشكلة كانت؛ وتبدأ بحوثهم المعمقة عن سبل الحل اللازمة.
كيل التوبيخات والتشهير بالاشتراكية في الربع الأخير من هذا القرن، يفرض الآن ضرورة التحلي بروح المسؤولية للبحث عن الحلول الجديدة اللازمة.
الرأسمالية الرثة المعتمدة كلياً على ألاعيب البورصة، ورغم افتقادها لمزية الإبداع تماماً، لا تكتفي فقط بتشويه وتخريب الديناميكيات الداخلية وهوية المجتمع الإنسانية، ولا تتوقف عند حد إظهار تأثيرها وفاعليتها الباعثة على التقسيخ وتفشي الأخطار على نحو أشد تخلفاً بألف مرة مما كانت عليه الحال في المراحل الأخيرة لكل الأنظمة البالية المهترئة؛ بل وتدمر الطبيعة أيضاً بتلويث البيئة التي تشكل شرطاً لا غنى عنه بالنسبة للبشرية. إنها تحول هذا الكوكب العظيم إلى مكان لا يطاق العيش فيه. هذا هو الخطر الأكبر والذنب الأكبر، للنظام الرأسمالي- الإمبريالي. وإذا لم تتخذ الإجراءات والتدابير اللازمة سيتحول كوكبنا هذا في مدة جد وجيزة إلى مجرّة لا يمكن العيش فيها. أما تحول كوكبنا إلى مزبلة لرمي الأوساخ، فهو أمر لا يُحسَد عليه. ورغم ظهور بعض الأصوات المحتجة الهزيلة والواهنة، إلا أن أكبر تمرد هو الاشتراكية. إنها، وعبر ثورة راديكالية، ستنير درب الخلاص وتسلط الضوء ثانية على الوجه الداخلي للمجتمع، والمصاب بالتلوث لدرجة لا نظير لها.
أهم مشكلة تعني الإنسانية هي عرقلة دمار الطبيعة وإيقاف التلوث الاجتماعي الداخلي. وتشير النقاشات والجدالات البارزة منذ الآن، وإن كانت إصلاحية، إلى هذه النقاط.
ستظهر التقييمات الأكثر جذرية، وستتبدى سبل الحل في المرحلة المقبلة كأهداف ثورية ستحدّد بدورها أشكالها النضالية الاجتماعية والسياسية، ومختلف تكتيكاتها. وسيبدو بكل جلاء أن هذا الخطر لا يمكن إيقافه أو الحد منه عبر رسم أطر عامة فحسب، بل يستلزم تطوير النظريات والمخططات والبرامج والتكتيكات الهامة على التوالي لأجل إيجاد الحلول الجذرية. بل ويشير منذ الآن إلى أنه لا مناص من تداول البحوثات والبدء بالدراسات اللازمة. وإذا كانت القيم الإنسانية يُعمَل بها، فالأيديولوجية الاشتراكية حينئذ مضطرة لبلوغ مستوى أكثر تقدماً وصياغة إرشادات وتوجيهات أكثر عمقاً ووضع أسس تنفيذية وطيدة.

الاشتراكية خيال وعلم في آن معاً

مثلما لا يمكن قطع الأمل من الإنسانية، كذلك هي الحال بالنسبة لتطور الاشتراكية. ومثلما بدأت النشاطات الاجتماعية وكفاحاتها مع بدء البشرية، فإنها ستبقى ما دامت البشرية باقية. ومثلما أنه من المستحيل للبشرية أن تتطور بدون نضال اجتماعي، كذلك لا يمكن التفكير بمستقبل بشرية خاوية من النضال الاشتراكي.
بهذا المعنى، سيطرح النضال الاشتراكي نفسه على الدوام كخيار وحيد لخلاص البشرية. ويجب عدم تداوله بشكل دوغمائي منحصر في إطار ثورة تحققت في مرحلة معينة من التاريخ فقط. بل من الصواب تقييمه على أنه الفكر التحرري العام للبشرية وخيالها وحلها وعلمها أيضاً.
إنها خيال وعلم في آن معاً.
ولا شك في أنه سيتم بلوغ الواقع الملموس لأنها علم. ولكن لا يمكن غض النظر عن جانبها الخيالي الذي لا يمكن حصره في قرون.
التقرب العلمي الضيق هو تطبيق مادي بحت، وقد رأينا بأم أعيننا كيف ذهب نحو الانهيار والانحلال في الاشتراكية المشيدة. الاشتراكية التي تهمل الخيال والمعنويات والإدارة والفلسفة، لا مفر من تحولها إلى مادية بحتة خطيرة. لقد برز هذا الخطر في الاشتراكية لتواجه اليوم الانهيار ويتم تخطيها. وستظهر مستجدات سياسية واقتصادية وديمقراطية عديدة مشابهة لذلك.
يشكل التحرر السياسي والاقتصادي عائقاً جدياً أمام الأيديولوجية الاشتراكية.
كما تنتظر الديمقراطية حلها كمشكلة هامة. هذا ويتطلب سلوك موقف مبرمج حاسم فيما يخص مشكلة البيئة - وهي الأهم في كل ذلك - وصياغة برنامج دقيق ومفصل وتطبيقه بشكل مطلق.
هذه هي المشاكل البرامجية التي ستعنى بها الاشتراكية المرحلية الجديدة. ولا جدال في ضرورة التحلي بالمبادئ والأسس الفلسفية والخيالية والمعنوياتية والأخلاقية. إذ لا يمكن التفكير في اشتراكية خاوية من الفلسفة والمعنويات. المادية البحتة خطيرة بقدر الرأسمالية على الأقل. وهنا تكتسب مشكلة التحول الحزبي والتنظيمي والتكتيكات النضالية، أهمية بارزة.
إذن، لم تعد تكفي النظريات الاشتراكية القديمة. وهذا لوحده لا يكفي إذا لم يتم غض النظر كلياً عن التمردات والحروب التحررية الشعبية طويلة الأمد. هذا بالإضافة إلى أن وضع الدول القومية المتنامية ووضع المستوى الاجتماعي الرفيع والاتفاقات، يفرض ضرورة وجود أشكال نضالية مغايرة.
خاصة وأن التكنولوجيا التي ترتبط بالكفاحات والنضالات بروابط متينة وهامة، تطورت كثيراً. إذن، فالأحزاب والتكتيكات النضالية الجديدة، عليها وضع هذه المستجدات نصب عينيها لتطور أساليب نضالية أخرى، مختلفة بدءاً من الحركات الاشتراكية إلى الحركات العنفية.
لا شك في أنه سيطرأ التطور على الأممية أيضاً بموجب ذلك. ومن الواضح للعيان أنه لم يعد بالإمكان حبس البلدان ضمن حدود ضيقة، وأنه على الاشتراكية أيضاً أن تتعولم في زمن زادت فيه العولمة لهذه الدرجة، على حد تعبير الإمبريالية.
سيفرض التقرب الأممي الجديد ذاته مع الزمن، وستبرز أهمية الحدود الكونية بقدر الحدود الوطنية الملموسة. كما تعد الأممية الاشتراكية، التي سترسم إطار العلاقات بين المجتمع والطبيعة، احتياجاً ضرورياً وهاماً. ولربما سيكون من الصواب والضروري استقبال القرن الجديد تحت لواء أممية كهذه.
يعمل الكثيرون على تقييم حركة PKK، والتي انتهلت منبعها من أوساط سادتها تأثيرات الاشتراكية المشيدة ولكنها تتميز إلى جانب ذلك بجوانبها الخاصة بها، مع راهننا باهتمام بالغ. وتدور النقاشات للرد على سؤال "أي اشتراكية؟" وربطه بالماضي والجديد الذي سيتأسس.
كل ما قمنا به يجعل من PKK حديث الساعة كحزب لازم لمرحلة اشتراكية خاصة.
وقد نجحنا في ذلك بنسبة هامة. فالجانب البارز الملاحظ في PKK هو كونه قوة طليعية تحررية وطنية كردية. لكن الجانب الأصلي الهام فيه هو المعنى الذي يمثله ضمن النضال الاشتراكي الدولي. وهذا هو الجانب الواجب إبرازه إلى المقدمة تصاعدياً. فإصرار PKK على الاشتراكية وتفوقه فيها وتواصل نجاحه، يعتبر موضوعاً يستحق الدراسة والتدقيق في مرحلة تم تجاوز الاشتراكية المشيدة، ووصل فيها النفوذ الرأسمالي _ الإمبريالي أوجه في الربع الأخير من هذا القرن. بيد أنه إذا ما ألقينا نظرة خاطفة على الإعلام اليومي، سنرى أن تقييم أمريكا _ الرأس المدبر للإمبريالية _ لـPKK على أنه "أخطر تنظيم إرهابي في العالم" ليس هباء أو هراء. ما يتوجب فهمه من ذلك هو أن أمريكا المناهضة للنظام الاشتراكي، تنظر إلى PKK كأكبر خطر يهددها منذ الآن لما يحتله من مكانة هامة لا غنى عنها في الاشتراكية. وهذا هو الصحيح.
القوى الرجعية الدولية أيضاً قامت في مرحلة من المراحل بتقييم كل من ماركس وأنجلز، ومن ثم البلشفيين، على أنهم خطرون وغريبو الأطوار. أما الآن فتقوم القوى الرجعية الدولية بعقد الاتفاقات، بل وحتى إبرام القمم الخاصة بشأن PKK، وتقيِّمه على أنه خطر كبير، وتقوم بالاستقصاء وجمع معلومات مختلفة عنه في الساحة الدولية.
لكلٍ من أمريكا "ممثلة الإمبريالية الدولية" وحليفتاها ألمانيا وإنكلترا وغيرهما، تجاربهم السابقة في هذا الخصوص. ما يعنيهم في الأمر ليس التحرر الوطني الكردي بالمعنى الضيق، بل حتى إنهم يدعمون ذلك أيضاً، ولا يدخرون وسعاً لتحقيقه. ما يعنيهم وما يواجهونه هو تشكيل PKK وطليعته في القضية الكردية بمواقفها الأيديولوجية _ الاجتماعية، خطراً جدياً لأبعد الحدود يهدد أنظمتهم وكياناتهم. وليس بعيداً أن يكون PKK بمحتواه الأيديولوجي، حزباً بلشفياً جديداً. إن طليعة PKK، التي تتطور وتتنامى في أضعف حلقة من حلقات النظام الرأسمالي_ الإمبريالي في الشرق الأوسط، تشكل خطراً كبيراً. واستمرار PKK في وجوده، بل وتناميه، في زمن التقطب المتشكل نتيجة الضوائق الحرجة التي دخلها الشرق الأوسط منذ التسعينات بسبب بعض المستجدات المتشابكة والمعقدة؛ يعتبر خاصية أشد لفتاً للنظر بالنسبة لذاك النظام، وتستحق التمعن والتدقيق فيها. وليس هباء قول أمريكا بين الفينة والأخرى فيما يخص توازنات الشرق الأوسط "لن نسمح لـPKK أن يتمتع بحق الكلام، لن نتركه ينشط". إنها تود بالتأكيد القضاء على هذه الواقعة البارزة، والتي لم تكن في الحسبان في كفة التوازن. وفي السنوات الأخيرة تتمثل سياساتها التعسفية في تدجين PKK إن أمكن، وإلا فالقضاء عليه.
لا ريب في أننا ركزنا ضمن نضالنا على سياساتنا الخاصة بنا تجاه تكتيكات الإمبريالية في الخنق أو شل التأثير. ولم يكن هباء قيام قيادة PKK بالتركيز على الخواص التكتيكية. ذلك أن PKK، الذي يُراد خنقه وكتم أنفاس تطوره التكتيكي _ الاستراتيجي بشكل سرّي، إذا لم يحقق تطورات ملحوظة، لَما كان بمقدوره اليوم تكريس أرضية منيعة بجوهره الاشتراكي.
اكتسبت مسألة التحول الحزب والاشتراكي معاني أعظم على أساس هذه المستجدات الاستراتيجية والتكتيكية. ويلاحظ بكل جلاء أنها ستؤثر على الشعوب الشرق أوسطية مع الزمن، بل وستبسط نفوذها كطليعة اشتراكية عازمة وطموحة قدوة.
من هنا، إذا ما أغنت الثورة الكردستانية مضمونها وطورت تحليل التحول الحزبي، وطوّرت الإنسان وصعّدته في السنوات الأخيرة كثيراً ليكون نافذاً لديها، وإذا ما سلكت الأساليب الحربية الثورية استراتيجياً _ تكتيكياً وكللتها بالنصر المؤزر؛ فمن المؤكد أنها سترسخ الاشتراكية بكل عزم وبشكل لا غبار عليه.
علينا ألا ننسى أن تجزؤ كردستان سيسرّع من إمكانية بناء نموذج لتجربة فيدرالية اشتراكية تحتوي داخلها العديد من الاقليات الأخرى القاطنة في الدول الأربعة الأساسية المعنية.
وهذا بدوره سيسفر، بما لا مناص منه، عن دخول العديد من الأقليات والبلدان الأربعة الرئيسية وثقافاتها في طور التطور الطبيعي، متجهة نحو الاشتراكية والديمقراطية. بالتالي سيتمخض ذلك عن ظهور تأثير يضاهي ما كانت عليه ثورة أكتوبر، وستزداد أهمية استعادة المصادر الطبيعية والخيرات والتاريخ العريق للشرق الأوسط باسم الشعوب القاطنة فيها. هذا الكم من التطور يرتقي بالشرق الأوسط ليكون الحلقة الحساسة في الثورة الدولية. وما PKK سوى الحقيقة التي تمثل ذلك بكل معنى الكلمة، وتسيّرها استراتيجياً وتكتيكياً مع مرور كل يوم. أما تكاثف تركيز القوى الرجعية الدولية المتصاعدة باضطراد على PKK، فينبع من خاصيته الحساسة تلك. فإفراغ الكثير من الاستراتيجيات والتكتيكات من محتواها، قد أذهلهم تماماً.
PKK المنتصر على نحو تحرري وطني سيكون مرحلة اشتراكية كبرى في الثورة الكردستانية، وسيحوّل تجزؤ كردستان إلى وحدة إقليمية على أساس الحلول الوطنية والإقليمية. ولا مفر من تطوير التكتيكات الخلاقة اللازمة لذلك.
هذا بدوره يعني أن المضمون الاشتراكي لـPKK سيملأ الثغرات الأيديولوجية الحاصلة والضرورية للشعوب كما الماء والهواء، وسيزج بالشعوب في درب الخلاص والتقدم السليم المشترك. يحتوي PKK إمكانيات ذلك لأبعد الحدود في راهننا. وستُظهِر نشاطات PKK الفعالة هذه الحقيقة مع مرور كل يوم للعدو والصديق على السواء. انطلاقاً من كل هذه الأسباب، وبقدر ما يركز أعداؤه عليه بلا رحمة، فإن أصدقاءه أيضاً يهتمون به ويلتفون حوله ويتكاثرون باضطراد.


لا وجود لمفهوم "الاكتفاء " في الاشتراكية

مثلما لا يمكن تشييد الاشتراكية بمجرد القول "أسسنا الاقتصاد. أسسنا الدولة"، فإن الأيديولوجيين والقادة المعنويين، والقادة الأيديولوجيين، إذا لم ينظروا إلى الأمور نظرة متكاملة أو يدرسوها ويتخذوا تدابيرهم الوفية بموجبها؛ سيحولون بذلك التفسير المادي البحت للثورة الاشتراكية إلى تغييرات تكاد تكون نظيرة للرأسمالية والفاشية. وإذا ما أردنا البحث عن المذنب هنا، فإن السبب يرجع بالأصل إلى عدم بسط قواد الاشتراكية الأيديولوجيين نفوذهم لأبعد الحدود وعدم تجسيدها كافياً.
إننا كقيادة في PKK نعيش اليوم تطوراً كهذا، ونجهد لمواصلته بعنفوان وحماس وغبطة.
لم ندخل قط في موقف من قبيل "كفى".
والآن نرى بوضوح أكبر أنه مهما تحتد الحرب أو تزداد المهام التكتيكية يومياً، ومهما يتحرك البعض بحسابات ضيقة في الحرب والحياة؛ فحل كل ذلك يكمن في الشخصية المناضلة الاشتراكية.
من الحتمي إعداد الشخصية المناضلة الاشتراكية وخلقها وتحصينها من خلال صراع دؤوب كل يوم، كمضاد قوي للمخاطر أياً كانت.
كما يجب تأمين ديمومة الشخصية المناضلة الاشتراكية. وهذا أحد أهم الحقائق التي برهن عليها PKK، التي كلما تكرست نرى أن PKK يبدي تطوراً ملحوظاً على الصعيد السياسي، بل وحتى التكتيكات العسكرية القيّمة أيضاً تتطور لدرجة لا يمكن قهرها بسهولة على أقل احتمال.
ثمة تقدم سياسي في PKK سواء داخل شعبه أو بين شعوب المنطقة وعلى نحو كونّي بحيث يؤثر حتى على أوروبا وأمريكا.
PKK الذي يحقق تحوله الاشتراكي يعني في الوقت نفسه PKK المسيَّس ذو السياسة النافذة الرامية.
وانتقال الشعب الكردستاني اليوم من كونه متخلف وسيء الطالع إلى شعب سياسي مؤثر، يعد تطوراً هاماً. ورغم كونه ضعيف التنظيم والجبهة، إلا أنه لا جدال في كونه قوة سياسية ذات شأن ملحوظ.
الشعب الكردي الآن هو أحد الشعوب السياسية الثورية المتقدمة. وعلينا تنظيمه وتكريس جبهته كمهمة عاجلة تنتظرنا.
كما أن جذب الكرد في الداخل والخارج وفي الأجزاء الأربعة من كردستان إلى التنظيمات عبر تكتيكات مناسبة، وعدم الإنقاص من أشكال النضال السياسي، سيسرّع من التسيس أكثر ليحولهم إلى قوة سياسية لا تقهر. وقد قامت الطليعة الحزبية لتمهيد سبيل ذلك لأبعد الحدود، وخلقت إمكانياته ومواقعه، ولم يبقَ سوى ما يقوم به الكوادر الطليعيون باستخدامه عبر أساليب سياسية سليمة. وهناك كوادر مؤهلة في كل الأطراف كماً ونوعاً، لا يتطلب منها سوى الإدراك القيادي الصحيح وتأدية واجباتها بما يليق بها على صعيد الجبهة والسياسة.
لا يحق لأحد القول في الطليعة السياسية لـPKK أن "الإمكانات محدودة".
لقد سخرنا إمكانيات سياسية علنية وسرية، في الداخل والخارج في خدمة مناضل PKK بما لا نظير له في أي حزب ثوري آخر. والمهم هنا معرفة قيمتها وحمايتها بتقدير. وفي حال تأدية ذلك ستحقق أبسط الوظائف أيضاً النصر الأكيد بما لا يقبل الجدال. ويمكننا فهم ذلك من الحرب السياسية والانتفاضات العارمة. وكضرورة للعيش كشعب ثوري، يستلزم الحاكمية اليومية على التكتيكات لإحراز النصر.
إذن، والحال هذه، تأكد بكل سطوع أن PKK هو الحزب السياسي الأكثر إبداعاً، وأنه التحم بالشعب بسرعة، وحقق تسيّسه، وبلغ الثورة السياسية بمستويات ضاربة للنظر، وأن كل هذا انعكاس للنظرية السياسية وركائز تطبيقها وطراز القيادة فيها. المهم هنا هو نقل كل المناضلين ذلك إلى الشعب ليواصل بدوره ذلك كونه ثوري واعٍ ومعبأ جيداً. وهذا يلعب دوراً بارزاً في نيل النصر الأكيد.
هذا فضلاً عن أن الرد الأمثل على سؤال "كيف نعيش؟" يستلزم أولاً الرد على سؤال "كيف نحارب؟".
تبدى للعيان أن الجاهلين بكيفية وجوب العيش، لن يكون بمقدورهم إعطاء الرد الأمثل على كيفية المحاربة. كما تجلى أنه بدون تحليل الواقع الاجتماعي لهذا الشعب المجنون، والمذعن لحياة خيانية وعبودية متعشعشة فيه حتى النخاع، وبدون تمزيق ذاك الواقع وإعطاء الأجوبة المؤثرة على سؤال "كيف نعيش؟"؛ لا يمكن تسيير حرب سياسية _ عسكرية سليمة وصائبة. لا يمكن خوض الحرب المؤثرة بأناس أصبحوا بلاء على رؤوسهم هم، يخلطون الحابل بالنابل، لا يسيّرون الحياة برؤوسهم بل بطرف آخر من أطرافهم، متعجرفون، ولا علاقة لهم بخيال الحياة. أما العاجزون عن تقدير الحياة، أو حتى احترام أنفسهم، دعك من أن يكونوا أنصاراً اشتراكيين، لا يمكنهم حتى استخلاص الدروس من ألف باء السياسة. لذا فإن تحليلنا للحياة الاجتماعية وتمزيقنا إياها، غير ممكن إلا بخوض الصراع في بنية العائلة على وجه الخصوص، تجاه أشكال العلاقة المتحجرة، الخارجة عن نطاق الحياة لدرجة لا يمكن تسميتها بالأعراف أو التقاليد. وبدون تشتيت الواقع الاجتماعي والأسَريّ الذي يتجاوز حدود التزمُّت ليجلب معه الاهتراء والتفسخ والجنون، أو تفكيك القبح المريع والانحطاط الكبير الموجود في العلاقات بين المرأة والرجل؛ لا يمكننا التفكير قط في إمكانية تمهيد السبيل لظهور العظمة والنبل في الروح والفكر.
ونرى بوضوح كم خُطِيَتْ خطوات سديدة في الآونة الأخيرة بطليعة PKK، وكم تداولنا المشكلة من نقاطها الأساسية، وكم حققنا تطورات هامة بهذا السلاح، ليظهر بذلك الجانب الكوني القدوة لدينا.
يمكن تسمية ذلك بالثورة الثقافية أيضاً.
فتحليل الجانب الاجتماعي للثورة مسبقاً سيهيء الإمكانيات لتطبيقها كنموذج يحتذى به. لكننا من جانب آخر نرى وبشكل صارخ لا غبار عليه، أن تطويرنا للثورة الاجتماعية والثقافية داخل الحزب مَهَمَّة عاجلة لا يمكن تأجيلها إلى ما بعد الثورة. بل إن التعمق الموجود الآن إنما هو ثورة اجتماعية معمقة لا غير. ويمكن الوصول إلى مستوى اجتماعي رفيع في العلاقات من خلال فتح الطريق أمامها وإبداع الجديد فيها ومحاربة أشكالها السيئة. نحن مرغمون على تمثيل الثورة الاجتماعية للمستقبل بسلامة. ومن الواضح أن الإصرار في ذلك يعد وظيفة مصيرية أولية لتطوير الثورة الاجتماعية على نحو أكثر مساواة وحرية، وبالتالي توثيق المجتمع الاشتراكي بمقومات أكثر مناعة ورصانة.
نرى هذه التطورات تحصل في PKK بما لا مثيل له في أي حزب ثوري آخر. لقد طُوِّرت تحليلات العائلة، الحجرة الأساسية والخلية الصغرى في المجتمع، على نحو ملفت للنظر، وسُلِّط الضوء على روابطها بالحياة السياسية والعسكرية، وجوانبها المعنوياتية. وتبين أن الإصرار في العائلة وعدم تحليلها كمؤسسة اجتماعية، يؤدي إلى شد الخناق على الحياة والسياسة. بل وحتى في حال عدم القيام بتحليل سليم للعلاقات الأساسية في العائلة، بين المرأة والرجل، أو بين الطفل _ الأم _ الأب، أو حتى الكلان _ القبيلة؛ من المحال إحراز أي تقدم. ولن تتعدى الحرب المخاضة عندئذ نطاق التمردات البدائية، ولن تتجاوز السياسة المتبعة إطار السياسة التواطؤية العميلة.
والأخطر في الأمر أنه كانت هناك أزمة ثقيلة في الحزب.
ما هي هذه الأزمة؟
بسبب عدم التقرب الصحيح من الحرب والسياسة، أبدى كل من يقول "بقيت سطحياً، بقيت ضيقاً، بقيت مزاجياً" مساوئ مريعة وبرزت والاحتجاجات والتصفيات. وتوضح أن سبيل تجاوز ذلك يمر بالتحليلات الاجتماعية والشخصية.
مع تعمق هذه التحليلات رأينا أنه بدون تحطيم أطواق وقيود الأسر في الداخل، في الأرواح والعقول والأفئدة؛ دعك من القيام بثورة، لا يمكننا حينها عرقلة كون ذاك النموذج المتأزم والمسدود والعاجز حتى عن إعالة نفسه، يصبح بلاء كبيراً مسلطاً على رأس الثورة. وقد أسفرت مثل هكذا أزمات في كل الثورات عن تشكل التخريبات والتكتلات، والانشقاقات في الأحزاب . أما لدينا، وإلى جانب عدم امتلاكها القدرة على تكوين حزب أو تكتل، فإنها تؤدي إلى مرض التدرن الرئوي "الورم" بدرجة خفيفة، أو إلى نشر التفسخ كجرثومة السرطان. إنهم عاجزون حتى عن أن يكونوا مرضاً عضالاً. بل ينهشون في الجسد كمرض بدائي جداً. ولذلك رأينا أنه ظهر ما لم يكن في الحسبان من تمردات داخل الحزب، واللامبالاة والتسبب في خسائر هدراً بلا سبب، وعدم إبداء الاحترام حتى في أبسط الوظائف؛ وبدأ ينتشر كالمرض.
كل ذلك ينبع من الشخصية عديمة التربية. وقد مدَّدنا هذه الشخصية على طاولة العمليات في PKK. ونتيجة جهودنا اضطررنا لتطوير هذه التحليلات.
في المحصلة تبدى أنه بإمكان الشخص أن يعيش بموجب هذه التحليلات ويشق طريق الحياة ويطور علاقاته الأساسية فيها ويحقق التطور في الجوانب العاطفية والتنظيمية والسياسية.
كما كشف النقاب عن معنى العلاقات المفتقرة إلى الجانب السياسي، وكيف أثرت سلبياً على الحرب. وتوضح خاصة أن عدم تحليل العلاقات في الوسط العائلي بين المرأة والرجل، سيؤدي إلى مشاكل متفاقمة داخل الحزب، بيد أن المستوى الذي لا يطاق للمجتمع سيجعل من الحزب أيضاً لا يطاق العيش فيه. والحل تم رؤيته في تجيش المرأة وتحريرها.
وعوضاً عن المفاهيم الانتحارية التي تدفع بالثورة نحو الموت، تمت الإشارة إلى أن الثورة، هي السبيل الوحيد للسمو بالحياة وبعثها من جديد، وأساس تحديد كيفية العيش السليم. بالتالي هكذا فقط يمكن الهرولة نحو حياة حرة أخاذة بدلاً من الهرع إلى الموت الرخيص. وأشرنا أيضاً إلى أن ذلك مرتبط عن كثب بموهبة الصراع، وخصائص الحاكمية التنظيمية والتكتيكية اليومية، وأن المنتصر في الحرب سينتصر في الحياة، وأنه من لا يسمو يالمعنويات والمشاعر في ذاته، لا يمكن أن ينتصر في الحرب بتاتاً.
هكذا، وبثورة ثقافية شاملة كهذه، استطعنا تحقيق التطورات في PKK في السنوات الأخيرة. وأعتقد أنها أهم تطور حصل، ليس داخل PKK أو الثورة الوطنية فحسب، بل إنه يبدي مفعوله وتأثيره باضطراد في الساحة الدولية أيضاً. إن تحقيق الاشتراكية ممثلة في PKK يبعث على الأمل.


1 أيار 1996