المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسامير وأزاهير 248 ... كبسة زر ليعود اللون إلى حقيقته!!.



سماك العبوشي
14/06/2011, 12:11 PM
مسامير وأزاهير 248 ...

كبسة زر ليعود اللون إلى حقيقته!!.


كما خلق الله سبحانه وتعالى النهار بضياء ونور، فإنه قد شاء أن يخلق الليل بعتمة واضحة للعيان مما حدا بنا إلى أن نستعين بمصابيح كهربائية كي تنير لنا دربنا في ظلمة الليل ودياجيره، وكانت إرادته سبحانه وتعالى أن يجعل كل شيء في ميزان وقدر محسوب بدقة متناهية، متجنباً بحكمته سبحانه وتعالى خلط الأمور ببعضها وعدم تداخلها، فما سمعنا يوماً عن ضياء نهار تارة وعتمته في يوم آخر تارة أخرى، ولا رأينا عتمة ليل داج يوماً تارة وضياء ليل وإشراقته تارة أخرى، وكذا الأمر بالنسبة للون الأبيض الذي سيظل على حاله من البياض حتى قيام الساعة، كما وأن اللون الأسود سيبقى على خصائصه الفيزياوية المتمثلة بالعتمة، وما ينطبق من وضوح جليّ لا يقبل اللبس والتأويل في حالتي اللونين الشهيرين المتناقضين – الأسود َوالأبيضَ – أو عتمة الليل جراء غروب الشمس وضياء النهار أثناء شروقها وبروزها في كبد السماء، إنما ينطبق على مواقف الشرف والنبل ونقيضها من مواقف الانتهازية والتسلق والتكسب غير المشروع!!.

تلك لعمري مقدمة ارتأيت أن أسوقها لكم كما اعتدت دائما، لتكون مدخلاً متواضعاً لمقالي هذا، لاستطرد بعدها بالقول إلى زبدة الحديث، فأقول أسفاً محبطاً بأنني ما رأيت بحياتي أبداً أكثر قبحاً وازدراءً مما رأيته من ممارسات بعض من سياسيينا العرب وهم في سدة المسئولية، فتراهم آنذاك يرون في عتمة الليل على أنها نهار وضاء وسراج منير برغم حلكته وسواده المتجهم الذي يقبض الأنفس ويعتصرها ضيقاً وكمداً، فإذا بهم بين ليلة وضحاها، وما أن تـُضرب مصالحهم وتهدد مكاسبهم الدنيوية، يرون عتمة الليل على حقيقتها الكالحة، وكأنهم لعمري قد رأوها لأول مرة وفطنوا لها، ولعل خير مثال على ذلك ما جاء بمذكرة "المناضل العتيد!!" محمد دحلان الأخيرة التي أرسلها لامين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" أبو ماهر غنيم، ولأعضاء اللجنة المركزية منوها فيها إلى إنه يتعرض لحملة "عشوائية من قبل لجان تحقيق متعددة" بسبب تعرضه لـ"أبناء الرئيس"، والتي كانت قد حملت من اتهامات – وإن كان أغلبها صحيحاً لا خلاف عليها – بحق السيد رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس!!.

أقول، سبحان الله في شأن بعض عباده، سنين طوال من العسل المصفى كانت سمة المشهد الذي جمع السيد الرئيس أبا مازن بعضو اللجنة المركزية لقيادة فتح محمد دحلان وتحديداً من أيام صراع السيد عباس مع الختيار الرمز الشهيد أبي عمار "رحمه الله"، حيث تـُرك المجال فيها رحباً لمحمد دحلان ليسرح ويمرح بطول المشهد الفلسطيني وعرضه وكيفما شاء، وما أن فاحت الرائحة التي أزكمت أنف السيد الرئيس أبي مازن وأحس بخطورة توجهات دحلان وما كان يبيته وسوء ما صدر منه من اتهامات بحقه وحق أبنائه، فإذا بالسيد الرئيس أبي مازن يقرر بين ليلة وضحاها سحب البساط الأحمر من تحت قدميّ دحلان ويأمر بتشكيل لجنة تحقيقية لمحاسبته على ما صدر منه من اتهامات وعبارات نابية بحق السيد الرئيس أبي مازن، وما جناه دحلان هذا من أموال طائلة لا يعرف مصيرها، ليعقبها بقرار طرده من قيادة فتح وتقديمه للمحاكمة بتهم فساد مالي وجرمي!!.

وأقول أيضاً، سبحان الله!!، فبرغم كل الجرائم التي اقترفها دحلان هذا وفساد ذمته وإثرائه غير الشرعي وعدم معرفة مصادر أمواله، وكيف كان الرجل قبل سنوات خلت مدقع الفقر وكيف أصبح من أصحاب الأطيان والعقارات والجاه والنفوذ تتبعه مليشيا مسلحة قام بتسليحها من جيبه الخاص، تأتمر بأمره مواقع الكترونية، يضاف لذلك الجاه كله كله تعاونه وتنسيقه مع قوات الدوائر الأمنية الصهيونية ضد طموحات أبناء شعب فلسطين، أقول ورغم ذاك كله فإنه لم يكن حينها قد تجاوز حدوده بعد من منظور رئيس السلطة الفلسطينية، ثم فجأة، وفي أعقاب ما نشرته وكالات أنباء فلسطينية وعربية خلال شهر تشرين أول من عام 2010 المنصرم والتي تحدثت بإسهاب عن تفاصيل جديدة لمخطط دحلان الرامي للسيطرة على فتح وخلافة أبو مازن، فإذا بالمشهد ينقلب برمته، فيبدو اللون الأسود هذه المرة على حقيقته، وتظهر عتمة الليل على طبيعتها، ليبدأ مشوار عزل دحلان وفصله من الحركة وملاحقته قضائياً كما جاء بالأنباء!!.

وبالمقابل أيضاً، وبعد أن كانت عتمة المشهد الفلسطيني بينة واضحة ملموسة، فإذا بدحلان الذي كان يراها ضياءً ساطعاً على غير حقيقتها، فإذا به يعلن صراحة مبدياً سوداوية المشهد الفلسطيني الذي كان يراه ناصع البياض شفافاً من خلال رسالة أرخت بتاريخ 23/4/2011 كانت قد نشرها موقع "العربية" ليكيل فيها جملة الاتهامات التالية بحق السيد أبي مازن والتي أقتبس بعضها لأهميتها:
1- متحدثاً عن التلاعب في صندوق الاستثمار الذي تسلمه أبو مازن من الرئيس الراحل ياسر عرفات، وعن مصير أموال صندوق الاستثمار الذي قال ان الرئيس الراحل ياسر عرفات أنشأه «لتأمين مستقبل السلطة في حال الطوارئ» بقيمة بليون و300 مليون دولار. كما تساءل عن مصير أموال «فتح» التي قال انها تصل الى 550 مليون دولار.!!.
2- متسائلاً عن مصير أموال فتح التي قال أنها تصل إلى 550 مليون دولار!!.
3- وأن الرئيس أبا مازن لم يقدم تقريراً مالياً للمنظمة أو للجنة المركزية أو للمجلس الثوري!!.
4- قرارات الرئيس الفردية وسلوكه التي أضاعت غزة حسب وصفه!!.
5- الهزائم التي مُنيت بها الحركة (فتح) في الانتخابات البلدية والتشريعية!!.
6- فقدان فتح لهويتها النضالية الحقيقية وروحها الكفاحية!!.
7- تأجيل ومتابعة تقرير غولدستون والفضائح التي ترتبت عليه!!.

وإزاء تلك الاتهامات الكبيرة والخطيرة التي وجهت إلى السيد أبي مازن (والتي لا نختلف بشأنها ولا نشكك بمصداقيتها) فإنني أتساءل، أين كان السيد محمد دحلان مما ذكره برسالته تلك!؟، ثم أليس من باب أولى أن يوجه ذات الاتهام للسيد محمد دحلان فيسأل عن سر ثرائه المفاجئ !؟، وكيف انتقل بسنوات قليلة من رجل لا يملك من حطام الدنيا في غزة إلا ثوبه وبنطلونه ليغدو من أصحاب الرساميل والعقارات والأطيان!!، وأين كان محمد دحلان حين تبوأ عضوية اللجنة التنفيذية لقيادة فتح بعيد المؤتمر السادس من جملة الاتهامات التي ساقها اليوم لقيادة السلطة ورئيسها السيد محمود عباس لاسيما وأن بين انتخابات قيادة اللجنة التنفيذية لفتح وبين التخاصم والتناحر بين دحلان وقيادته أشهر معدودات، سحب بعدها بساط النفوذ من تحت قدمي دحلان وليبدأ فصل من كيل الاتهامات والتشهير بين الطرفين وصل حد كسر العظم ونشر الغسيل القذر على الأسطح المكشوفة، متناسين أن كليهما في مركب واحد، وأنهما تقاسما على متنها المغانم والنفوذ!!.

دحلان الذي جاء اليوم متهماً الرئيس محمود عباس بتهم الفساد والاختلاس وهزائم فتح وغيرها، والذي قال بمذكرته تلك موجهاً الكلام إلى السيد ماهر أبو غنيم متحدثاً فيها عن قيادة السيد عباس وأقتبس: "وبالتالي تكون الفرصة مواتية لتقديمه "كبش فداء" عن كل الأخطاء والجرائم السياسية والتنظيمية والمالية التي ارتكبت تحت إدارته "الحكيمة" تمهيداً لتصفية حساباته مع حركة فتح ورجالها المخلصين"، كما وقال أيضاً "آن الأوان لفضح المستور وتفويت الفرصة على من يريد أن يستخدم "فزاعة" محمد دحلان للاستهداف الوطني أو الاستثمار السياسي"... انتهى الاقتباس، هو ذات "المناضل!!" محمد دحلان الذي نشر مكتبه الخاص خبراً في وكالة "عمون" رداً على خبر كانت قد نشرته نقلاً من المركز الفلسطيني للإعلام خلال شهر آب من عام 2010 أكد فيه مكتب دحلان عن تمسكه بقيادة الرئيس محمود عباس وأثنى عليه وأقتبس نصاً بعض فقراته:
1. " ثانيا – نؤكد بأن أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح متوحدون خلف الرئيس الأخ ابو مازن ، وان الوشاة الذين سمموا اجواء العلاقة بين الأخ محمد دحلان وبين الرئيس لم يفلحوا بايصالها الى مستوى الخلاف او الأزمة"...!!.
2. " ثالثاً - لا نعتبر ان هناك خلافا بين الرئيس ابو مازن والأخ محمد دحلان عضو اللجنة المركزية للحركة فما يجمعهما مصالح وطنية مشتركة ، ويجمعهما مسئولية الرئيس كرئيس ومسئوليته كعضو في اللجنة المركزية لحركة فتح كاطار منتخب لا يتجاوزه"...!!.
3. " خامسا- نؤكد لشعبنا الفلسطيني من خلال منبركم أن المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ولحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح هي الحاكم والموجه الرئيس لمواقف الأخ محمد دحلان التي يستمدها من وعي المناضلين فيها والتي على أساسها يلتقي مع الرئيس ابو مازن في موقفه من المفاوضات."...انتهى الاقتباس!!.

أليس بالغريب والعجيب ذاك التغير الحاصل بلهجة دحلان تجاه الرئيس محمود عباس!؟، فقبل أشهر معدودة كان مكتبه قد أكد وقوفه متوحداً خلف قيادة الرئيس محمود عباس وأن ما يجمعهما هو المصالح الوطنية المشتركة، فما بال دحلان اليوم يتهم رئيسه عباس بالفساد وغيرها من التهم الخطيرة!؟، ثم أين كان دحلان إذن ولم تأخر عن إعلانه ذاك إذا كان فعلاً حريصاً على القضية الفلسطينية ومصالح شعب فلسطين كما جاء بالفقرة (3) أعلاه!؟.

ليس بالأمر غرابة، فما هي إلا وببساطة شديدة كبسة زر مخبوء تحت طيات ملابس المسئول، لتعيد لعتمة الليل سواده الحقيقي الطبيعي بعدما وصف طويلاً بأنه ضياء نهار ساطع مشرق كذباً وتدليساً ونفاقاً وانتهازية!!، وما ذاك لعمري إلا نهج مناضلي آخر الزمان، الممتلئ بالفساد وقلة الضمير أولاً وبظل غياب الرقابة ثانيا!!.
ختاماً ... نهمس للجميع قائلين، بأن ما كل بارقة تجود بمائها، فالصادق يظل صادقاً نبيلاً عفيف اليد معطاءً كل وقت وحين، وهو يرى اللون على حقيقته ولا يجافي الحقيقة، سواء أكان في سدة المسؤولية اليوم أو كان خارجها غداً، هكذا يكون أصحاب المبادئ، من غير الوصوليين والانتهازيين!!.
واللبيب من الإشارة يفهم!!.

سماك العبوشي
simakali@yahoo.com
14 حزيران 2011