المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هذا الولد الصغير وطريقا لا ينساه !!



خالد حامد العرفى
24/06/2011, 03:35 PM
شارع عزبة السيوف اسمه هكذا .. ليس عزبة بمعنى مكانا فى الريف انما بينه وبين البحر فى الثغر ، والشاطئ الشهير أبى هيف دقيقة واحدة .. أطلقوا عليه هذا الاسم لكثرة فيلات اليونان و الأرمن وربما منهم الخواجه سيوف ..

يمشى الصبى متلكعا ينظر فيما خلف اسوار الفيلات العتيقة يخال أشجارها تحدثه .. تلفت نظره الأبنية الحجرية المغطاة بالقرميد النبيتى أو الاحمر ورائحة الورد البلدى والفل والياسمين تعبق الطريق الذى تتخلله دروب ضيقة بين الفيلات أشبه بجيوب سحرية لهؤلاء القوم يدلف من درب الى اخر حتى يصل إلى بائع الكتب والمجلات القديمة يدس فى يده مصروفا وفّره طوال الاسبوع من اجل بضعة مجلات قديمة لتان تان وميكى وسوبر مان .. أو كتاب قديم من سلسة الكتاب الذهبى ورقه إصِّفر .. يحب ان يغوص بنفسه بين اكوام الكتب يشم رائحتها ويقلب فيها .. يقع فى يديه أحد الكتب الاجنبية لا يعرف لغة لها فلم يكن يعرف حروف الإنجليزية أو الفرنسية ولكن شكل الكتاب من الداخل بصفحاته المقسومة راسيا وشكل الورق يلفت نظره مع الرسوم اليدوية القديمة .. فقط استطاع أن يرى أرقام سنة الطباعة القديمة ..

أخذ الكتاب ليضعه فى شنطته الجلدية ذات الجلد السميك ووعد الرجل العجوز باعادة الكتاب الاسبوع القادم مقابل قرش صاغ كامل مع المجلات التى سوف يستبدلها

قلّد الحروف بقلمه الرصاص على ظهر ورقة خشنة من اوراق فلم يكن يستطيع شراء " ورقا " أبيضا

كتب الحروف الغريبة بطلاسمها .. عرف فيما بعد انها حروف انجليزية ولم يعرف الكلمات .. تأمل الصور لعلها تعطيه شكل الكلمات.. هذه قلعة قديمة وهذا جبل وراءه غابة .. لوحة يدوية وليست صورة فوتغرافية اخذ الكتاب فى حقيبته اليوم التالى .. للمدرسة التى تجاور هذا الطريق ..

ابلة " حفصة " لا أعرف كيف أقرأ هذه الحروف .. ايه هى يا أبلة حفصة "

اسمع يا حبيبى بكرة تكبر وتعرف انجليزى .. ده حروف انجليزية والكتاب ده قصة لكاتب انجليزى شهير اسمه تشارلز ديكنز

ممكن تعلمينى يا ابلة ؟

احتفظ بالكتاب الولد يحب رائحته يشمها تسكره .. يأخذه معه الى فراشه .. يحب ان يتصفحه وهو مستدفء .. قبل ان ينتهى الاسبوع تعلم الحروف الغريبة وحفظها دون أن يعرف نطقها ولا معناها .. يرسمها رسما بأنامله الصغيرة على الورقة الكرتون السميكة.. ويعود ليقلب صفحات الكتاب ويقف عند الرسوم ويود أن يستنطقها لتروى له القصة المكتوبة و يعود لشارع عزبة السيوف .. يستبدل المجلات باخرى .. وعد البائع العجوز بقرش زيادة الاسبوع المقبل ...مقابل أن يدع له الكتاب

ويكبر الولد الصغير .. ويتذكر الحروف التى تعلمها قبل أن يعرف نطقها ولا ينسى أبلة حفصة !! ولا ينسى الرسوم

وتمرّ السنون تحمل احلامه وتختفى الفيلات ويختفى حانوت الكتب القديمة وتختفى المدرسة ولكنه يحب ان يمر بنفس الطريق ويتذكر أريج حدائق الغرباء والمحل القديم ولا ينسى رائحة الكتب القديمة ولا لمسة " أبلة حفصة " على كتفيه حانية وهى تقول له :

" بكرة تكبر وتتذكرنى"

السعيد ابراهيم الفقي
24/06/2011, 04:25 PM
هذا الولد الصغير وطريقا لا ينساه
ولن ينساه
وكيف ينساه؟
فكلمات هذه المعلمة
نقش أبدي
صنع مبدعا
ولمساتها الحانية
كونت اكسيرا ناجعا
ساري المفعول
الى مايشاء الله
أنبت أبجديات للغة العبقرية التي لاتنضب
د خالد العرفي
وأنا لن أنسى
ماخطت يداك
وسأحكية لتلامذتي
كشاهد على مفاهيمي وقيمي التربوية
لك
تحية تربوية حضارية

السعيد ابراهيم الفقي
24/06/2011, 04:31 PM
ممكن تعلمينى يا ابلة ؟

هذا بيت القصيد


نريد أن نعلم الآباء
كيف يعلمون الأبناء
هذه العبارة

ممكن تعلمينى يا ابلة ؟


وكيف يوجهونها الى المعلم بكل لباقة ولياقة

هذا هو طريق صناعة حضارة