المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الثورة والعدوان العسكري والانتقال السلمي للسلطة



المهندس وليد المسافر
26/06/2011, 10:23 PM
الثورة والعدوان العسكري والانتقال السلمي للسلطة

كاظم عبد الحسين عباس
أكاديمي مقاوم

عرف حزب البعث العربي الاشتراكي مفهوم الثورة وتبناه ضمن إطارين متداخلين. فالثورة عند البعث أولا، هي التغيير الجذري الشامل لأسس النظم القائمة التي هي أسس رجعية _ إقطاعية _ رأسمالية أو شبه رأسمالية وفوقية تعسفية ظالمة. النظم القائمة متخلفة بوليسية فاسدة ماليا وإداريا ولا يمكن إصلاحها عبر الدعوات أو تنفيذ انتقال نمطي من الشمولية إلى نهج ديمقراطي مقحم خارجيا عبر إرادة الامبريالية الأمريكية ومصالحها السياسية والاقتصادية. الفشل سيكون حتميا لان لهذه الأنظمة خطوط تعويض أولى وخطوط بديلة تترتب بصفوف متوالية خططت للنفوذ عبر بوابات التغيير هي بذاتها أو عبر تعاقدات مفضوحة مع قوى عرفتها الأمة على إنها قوى رجعية متخلفة كهنوتية طائفية أو عرقية شوفينية وقبلية جرداء وفي كل الأحوال فان الخطوط المختلفة للأنظمة العربية الشمولية المتهرئة لا يمكن أن تتعاطى بالديمقراطية كنهج سياسي لا في تبادل سلمي للسلطة ولا في اعتماد الديمقراطية كبديل للشمولية والمركزية البوليسية المخابراتية المعادية للشعب وتطلعاته المشروعة لأن فاقد الشئ لا يمنحه أبدا. أما الإطار الآخر للثورة القومية التحررية فيتمثل بفكرة الانقلاب على الذات وعلى الواقع بالاستناد إلى عقيدة قومية وحدوية تحررية إنسانية تعيد تكوين الذات القومية للإنسان وتضعه في مسارات الحياة السليمة في حقوقه المختلفة وأيضا في واجباته المختلفة. ولم يغادر البعث هذا الإطار الثوري لا في سلطته التاريخية في العراق وتواصل معه بحيوية بارزة في مقاومة الاحتلال بالسلاح لوحده أو بالائتلاف والتوافق الثوري الجهادي مع قوى وطنية وقومية وإسلامية غير طائفية.
إن ما تناضل من اجله حركة الثورة العربية المعاصرة وقواها الطليعية هو ليس انقلابا على السلطة في صيغة انقلاب عسكري أو شبه عسكري ولا صيغة الانتقال السلمي للسلطة الذي ابتدعته أميركا بعد أن قصمت ثورة العراق ومقاومته البطلة ظهر المشروع الأمريكي الذي صمم لينفذ بقوة السلاح فلجأت أميركا لاستبداله بما سمي بالعملية السياسية، وهي عملية مخابراتية صممت لتضع العراق كنموذج للديمقراطية المصدرة على الرؤوس النووية وأفواه مدافع الدبابات، وسعت بكل مخالبها القذرة لتخترق انتفاضة شباب الأمة في كل مكان لتطوع نتائجها وصولا إلى نماذج حكم شبيهة بنظام الحكم الفاشل في العراق. كلا الأسلوبين لن يحققا طموح الأمة، لأن الأول غير مصون من الانحرافات كما جربت الأمة مرارا، والثاني هو الأسلوب الذي أطلقته أميركا والصهيونية والطائفية الفارسية عبر مشروع الفوضى الخلاّقة، والذي تم اعتماده بعد أن تعاقدت أميركا مع أحزاب الطوائف السياسية وأحزاب الأعراق العميلة والخائنة للأمة.


ثورة قومية .. نعم .. انتقال سلمي للسلطة .. لا ..فالانتقال السلمي للسلطة أو ما أطلقت عليه أميركا ربيع العرب هو إصلاح نوع من أنواع الإصلاح السياسي لا أكثر ولا اقل يتم بموجبه نقل السلطة من الأنظمة العربية التي تآكلت وسجلت على نفسها ألف خطيئة وخطيئة بحق العرب وأرضهم وكرامتهم .. ما ندعو له ونناضل من أجله هو أن تنهض القوى الوطنية والقومية والإسلامية المعتدلة غير الطائفية وتقود حراك الشعب العربي وتوجه طاقات انتفاضاته لتضمن نتائج لصالح الأمة .. هذا هو جوهر موقفنا حتى لو شاكسنا نصف سكان الأرض لأننا بدأنا ثورة الأمة التي تعني الانقلاب على الذات وتغيير الواقع تغييرا جذريا وإعادة بناء الإنسان وفق استحقاقاته التراثية والحضارية والثقافية عبر تنمية بشرية حقيقية ونظام اجتماعي اشتراكي عادل منذ ستين عاما ونحن من أجج روح التحدي في مقاومتنا البطلة للاحتلال الأمريكي. لقد كانت ثورة الأمة قائمة في عراق البعث ولذلك استمرت المؤامرات عليها سنوات طوال حتى أجهضت. نريد ثورة عربية حقيقية تقودها قوى طليعية وليس ثورة تقودها قطر والإمارات وأحزاب الطوائف ... نحن ثوّار ولسنا بحاجة لنقسم على ثوريتنا غير إننا لن نتحالف مع الطوائف السياسية وأعراق الشوفينية ولن نعادي ذاتنا لمجرد إننا نرى في الأنظمة القائمة خللا في حال أمتنا .. نحن مَن نزيل الأنظمة هذه بقدراتنا وطاقات العرب الجبارة .. لا نريد أن نفطر على عظام بعد أن طال صيامنا .. نريد ثورة تنتج امة عربية واحدة , نريد ثورة شعبية ترفع الوية الكفاح المسلح لتحرير العراق وفلسطين والاحواز والجولان وكل شبر عربي محتل.
الخطة الأمريكية الغربية لإعادة تشكيل النظام العربي على ما يبدو فيها وجهين متوازيين يقوم الأول على استخدام الغضب العربي وانقطاع حبال الصبر حيال الأنظمة العربية التي تحولت إلى كيانات ديناصورية عبرتها الحياة وتجففت في عروقها كل معاني وقيم وقوانين ومقومات النظام السياسي، واجتازتها عجلات الزمن حتى غدت عالة حتى على القائمين على أركانها وزواياها. إن تفجر الانتفاضات العربية في تونس ومصر قد فتح بابا جديدا للإصلاح السياسي الذي كانت أميركا تلح على عملاءها في المنطقة لإجراءه، لكي تتيح لهم فرصة الاغتسال من غبار عشرات السنوات الذي تراكم ومعه العار والشنار والذل والمهانة والترهل بالفساد الباطن المستتر والظاهر الطافح بكل أنواعه وعناوينه. وحيث إن هذه الأنظمة قد فشلت في الاستجابة للإصلاح الذي توده وتريده وتنشده أميركا فان مفاجئة انتفاضة تونس ونجاحها بالإطاحة بالديناصور زين العابدين بن علي قد فرضت تشغيل الماكنة السياسية الماسونية والصهيونية فأنتجت فكرة النقل السلمي للسلطة بكل تداخلاتها التي تتظافر فيها عناصر الثورة المضادة وعناصر متبقية من النظام واستخدام فترة الإعداد لما يسمى بالممارسة الديمقراطية التي تداعب عقول معظم الناس بإيحاءات لا صلة لها بالديمقراطية الحقيقية لأنها ستؤدي إلى عودة نسخة مصورة مع بعض الرتوش على النظام الساقط من حيث إنها ستبقى خادمة لإرادة ومصالح أميركا والغرب وبعيدة كل البعد عن أهداف العرب وتطلعاتهم في الوحدة والحرية ونماء الحياة الذي ثاروا من اجله. والوجه الآخر هو استخدام القوة العسكرية في حالة عدم تمكن التظاهرات الشعبية من إسقاط النظام. إن نجاح التظاهرات في إسقاط بن علي والديناصور الأكبر مبارك لم تفلح في الإطاحة بالقذافي ولا بصالح ولا الأسد ولذلك تداخلت عناصر الإطاحة الشعبية المستثمرة والمخترقة مع عناصر القوة الغاشمة في ليبيا بشكل واضح وجلي وفي اليمن وسوريا بشكل أكثر تسترا واخفاءا.
نحن إذن إزاء حالة من حالات التغيير التي لا نجد أية صلة بينها وبين مضامين الثورة القومية التحررية التي ينشدها العرب وطلائعهم القومية ونزعم إن التخلص من الأنظمة الدينصورية طبقا لتحليلاتنا ورؤانا لن يخطو أبعد من بوابات بيوتنا، وان طبيعة القوة الظاهرة في التصدي هي قوى معروفة في عداءها المطلق للقومية العربية وفكرها، بل إنها تكفره وتخونه وتسفهه وهذا أمر معروف ومفروغ منه. والحل في تقديراتنا هو أن تتصدر القوى القومية بقوة السلاح وبزخم مواردها البشرية الهائلة لتقود الانتفاضات العربية وتمنع استثمار ممكنات التغيير الراهنة بأية وسيلة كانت من قبل أحزاب الكهنوت الديني والطوائف المشرذمة.
تعيش أمتنا وشعبها العظيم في منعطف طرق هو الأخطر في كل تاريخها ومن أبرز مظاهر الخطورة فيه هو تداخل الألوان بين ما هو اتجاه طموح لثورة عربية تنتقل بالأمة وبلدانها إلى حال مختلف ومتقدم في كل حيثيات الحياة المتحركة في جنباته، وبين قوى مضادة للثورة داخلية تسندها قدرات مال وسلاح وتقنيات لا يمكن لأي مفكر أو متأمل أن يستهين بقوة تأثيراتها. ومن بين مظاهر خطورة المرحلة أيضا هو تداخل الشعارات وتقدم قوى سياسية تقليدية في عداءها للإيديولوجية العربية الثورية وأخرى تم تجربتها لأول مرة بعد ذبح العراق ففاحت منها روائح التقسيم والتفتيت لأوطاننا طائفيا وعرقيا في أفعال مكشوفة ومعلنة على مسرح العمليات الملتهب بكل أنواع التشرذم. إننا إزاء مرحلة تأججت فيها روح التغيير نحو الأفضل فهللنا لها وصفقت لها أضلعنا ورئاتنا وأكبادنا غير إنها شهدت أيضا تأجج الفعل المضاد لثورتنا وتطلعاتنا، ونشهد إن طلائعنا القومية لم ترتق بعد لتكون هي المتسيّدة للمشهد بكل جنباته، بل على العكس فإنها ما زالت تترنح تحت وطأة الفأس الذي أسقطه الاحتلال على رأس الأمة في العراق وتقوم أنظمة عربية معروفة بجهلها وأميتها وحلفها وحقارتها ولا أخلاقيتها بعضها كان سندا ومنطلقا لاحتلال العراق بتغذية بعض قوى الثورة المضادة وبعض القوى السياسية المتعاقدة مع أميركا.
إن ربيعنا العربي المنشود هو في ولادة شعار وتطبيق ممكنات دعم المقاومة المسلحة من قبل جماهير الأمة المنتفضة في كل مكان لان المقاومة المسلحة وأدوات إسنادها السياسية والإعلامية والمادية والبشرية هي الطريق الأوحد لتحقيق ثورة الانقلاب الجذري وثورة تغيير الذات ثورة الوحدة والتحرر والحرية وانطلاق الحياة المنتجة المرفهة .

الدكتور محمود حمد سليمان
27/06/2011, 12:46 AM
الأخ الفاضل المهندس وليد المسافر الموقر
أشكرك والدكتور كاظم الشكر الجزيل على هذا الموضوع الهام والذي يُطرح في وقته المناسب نظراً لما تمر به الأمة من ظروف وما تواجهه من تحديات على مصيرها ومصالحها وكياناتها الوطنية والقومية.. إن هذا التحليل الموضوعي المسهب للواقع العربي يجعلنا نقف معه باهتمام وبكل تقدير واحترام.. لأنه بالفعل طرح بإيجاز بليغ أهم نقاط المشكلات التي تعاني منها الحركة الثورية العربية في المرحلة الراهنة ولا سيما أهمية توحد وتلاحم الفصائل القومية التي يجب ألا تنخدع بالألوان البراقة التي تنتجها الجهات الإستعمارية إياها كشعار العملية الساسية.. والإنتقال السلمي للسلطة وسواه.. ومرادفاته الأخرى. وإنني أوافق الدكتور كاظم على الدور المتهاون والبطيء الذي لعبته وتلعبه القوى القومية العربية باعتبارها خشبة الخلاص الوحيدة للنجاة من الأمراض الطائفية والمذهبية والعرقية المتفشية والتي ينفث سمومها المستعمرون وأذنابهم ..غير أن لي وجهة نظر ربما لم يوضحها الدكتور بشكل كاف رغم أهميتها خاصة في هذه الفترة.. وملخص وجهة نظري هو أن الثورة باعتبارها مشروعاً حضارياً شاملاً لكل نواحي الحياة في المجتمع لا بد لها أن تتوخى الحذر الشديد في مثل هذه الظروف الدولية الراهنة في اختيار أساليبها ونهجها والوسائل.. وعليه، فإنني أرى ضرورة الإبتعاد عن إستعمال السلاح والمعارضة المسلحة في الداخل في مواجهة الأنظمة الرجعية القائمة.. والإستعاضة عن ذلك بالطرق الأسلم والأنجع وهي المواجهة بالقوة الشعبية الثورية وإرادتها في التغيير والتي ثبت من تجارب عديدة أنها تفعل المعجزات عندما تتوفر لها الظروف المناسبة وفي طليعة ذلك وحدة القوى الثورية وتكاتفها..آخذين بعين الإعتبار ثنائية القوى الإستعمارية وآحاديتها وتحفزها للإنقضاض على الثورة وحرفها عن أهدافها .. ولنا في ثورتي مصر وتونس مثلاً على ذلك إذ ابتعدتا عن السلاح فأزاحتا الطغاة بأقل ما يمكن من الدماء والخسائر على قاعدة الوحدة الوطنية الشعبية التي حرص الثوار عليها كما حرصهم على الإبتعاد عن التدخل الخارجي واللجوء إليه..مع أن مواجهة الرجعيين لم تكتمل بعد. وأما في ليبيا فالوضع اختلف لأن الثوار ما كادوا يحصلون على بعض السلاح حتى استعملوه وبذلك اضطروا ، إذا أحسنا النوايا ، للجوء إلى الغرب للحصول على المزيد فوقعوا في فخ التدخل الأجنبي ولا يزالون.
أما ما يتعلق بالمقاومة للعدو الخارجي وسواء أكان إسرائيل أو أميركا وسواهما فمع هؤلاء لا يجوز إطلاقاً إطلاقاً إلا استعمال السلاح.. والسلاح فقط.. وأي أساليب أخرى هي فخ استعماري لا أكثر ولا أقل.. كالعملية السياسية أو المفاوضات أو الإنتخابات وما أشبه. في الواقع الدولي اليوم لم يعد هناك مجال للعب على حبال التناقضات الدولية ومصالحها.. ولكي لا نذهب بعيداً فأمامنا تجربة جبهة الإنقاذ في الجزائر التي كانت أقوى قوة جماهيرية قبل أن تلجأ إلى المعارضة المسلحة .. واليوم تلاشى دورها وأدى الأمر إلى تقوية النظام وليس إلى إزاحته أو حتى إضعافه.. ومثل هذا وذاك نستخلصه من الصومال وما آلت إليه الأمور هناك. وهو ما لا ترجوه القوى القومية وتصبو إليه سيما أمام مشروع "الفوضى الخلاقة" ومشروع الشرق الأوسط الجديد الموضوع على الطاولة منذ عدة سنوات.. وبدأت فصوله تبرز في السودان والصومال والآتي أدهى وأمر ..
ومن هنا جاءت أفكاري هذه مع ثقتي الكبيرة بأن ليل هذه الأمة هو على وشك الزوال.. وفجر الوعي القومي الثوري على وشك الإنبلاج.. رغم كيد الكائدين.
لكما ولكل القراء تحياتي وأشواقي
محمود

د. فخر الدين نجم العامر
27/06/2011, 01:01 AM
اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود 1
صلاح المختار

تذكر دوما ان الاسماك الميته وحدها تسبح مع التيار::::مالكولم مكريدج

مقدمة لابد منها

بعد ان رأينا امريكا تأوم بعض (المصلين)، رغم انها كانت ومازالت اكبر ناشر للعهر السياسي وسيدته بلا منازع واخطر ممارس لدعارة الضمير في العالم، احتفالا بما اسمي ب (ربيع العرب)، تحقيرا لنا ولشعبنا واستخفافا بعقولنا ووعينا، رغم اننا في هذا (الربيع) نواجه الان، خصوصا في العراق وفلسطين ومصر وسوريا وليبيا واليمن...الخ، الاستحقاقات الكارثية الكاملة والانموذجية لكل اعدادات وعمل الغرب الاستعماري والصهيونية العالمية منذ أكثر من مائة عام ابتدأت بمؤتمر بازل في سويسرا في عام 1897 ووصلت في هذا العقد من الزمن الى اطلاق (وعد) كونداليزا رايس، عندما كانت وزيرة خارجية امبراطورية الشر المطلق، بنشر (الفوضى الخلاقة)، وفي مقدمة هذه الاستحقاقات ان الشعب العربي يشوى بلا رحمة في نار اول هولوكوست عربي نصنعه بايدينا وب(أمامة) امريكية مباشرة ورسمية، فنسفح دمائنا بالالاف في اكثر من قطر عربي ونساهم مباشرة في اعداد المسرح لاغتيال ملايين العرب وتشريد عشرات الملايين ليصبحوا كابناء فلسطين والعراق مشردين في كل القارات، ومن لا يعرف معنى ونتائج التشرد والتهجير المنظمين ولا يعاني منهما كما نعاني نحن ضحايا امريكا والصهيونية لا يعرف بدقة ما نقصده!



يجب ان نتذكر دائما وان لا ننسى ابدا ان ما يجري هو مزيج مرعب من التراجيديا والكوميديا السوداء، يختلط فيها التمثيل مع الممارسة الحقيقية، وفي دوامة تغييب الوعي او الغاءه نرى البعض يقف مرتاحا، وبلا اي حساسية تجاه امريكا وكأنها ولدت اليوم وبلا خطايا وجرائم تقشعر لها الابدان وبدأت بنشر الخير والسلام والديمقراطية وازالة كل انواع الظلم، خلف أمبراطورية الشر المطلق يهتف ل(ربيع العرب) كانه يقف خلف قائد تحرير ارض العرب في العراق وفلسطين مع انه يعرف ان امريكا لم تتب او تتراجع عن عداءها للعرب، وكانت ومازالت تمارس عمليا ورسميا عهر الضمير في اكثر اشكاله وقاحة وتحديا كما نراه الان في العراق وفلسطين، وهي بهذا الواقع ينطبق عليها المثل العربي الشهير والدقيق جدا والذي يقول (لا الماء يروب ولا العاهرة تتوب)، ويروب تعني ان يصبح روبة وهي ما يسمى الزبادي ونسميه في العراق ب (اللبن).



نقولها بلا لف او دوران، وبعد عذابات ستة اشهر سببتها اخطر مؤامرة على امة العرب واتضاح اهدافها الحقيقية وزوال البراقع وسقوط الاوهام التي احاطت بها : لم يعد الصمت ممكنا بعد ان دخلت مؤامرة تقسيم الاقطار العربية مرحلة خطيرة جدا تتمثل في اشتعال حرب اهلية كاملة الاركان في ليبيا تحت (رعاية) حلف النيتو الذي يشن حربا شعواء ومدمرة على ليبيا وشعبها قتلت الالاف وجرحت مئات الالاف وشردت الملايين من ديارهم، واقتراب الحرب الاهلية من الاشتعال الكامل والمفتوح في سورية وفي اليمن بكل ما تحمله هذه الحرب من كوارث لا نظير لها، والتي اذا اشتعلت، لا سامح الله، فسوف لن تبقي الا المقابر الملايينية لعرب لم تقتلهم اسرائيل ولا امريكا، كما حصل ويحصل في فلسطين والعراق، بل قتلوا بيد عرب اخرين في حروب اهلية شاملة، اما مصر فقد دخلت بعد اسقاط النظام نفقا مظلما وخطيرا يتمثل في تصاعد الفتنة الطائفية على نحو غير مسبوق ينذر بجعل العنف هو اللغة الوحيدة بين الاقباط والمسلمين. فيالهول الكارثة!!!

والكارثة تتضاعف بنسب هندسية ونحن نرى وطنيين عرب مازالوا يدعمون موجة الكارثة رغم ان كل الوقائع وكل التطورات والاحداث قد اثبتت ان نتائج الاحداث وبعد ستة شهور لم تكن غير الخراب والموت بينما لم يحصل تغيير رئيس واحد على طريق (ربيع العرب) لا في مصر ولا في تونس ومازل النظام الجديد هو ذاته النظام القديم بهويته وممارساته العامة ورموزه والتزاماته الخارجية، فاين الربيع؟ واين التغيير المنشود؟ وهل الثورة هي مجرد تغيير راس النظام ام انها التغيير الجذري للمجتمع والدولة من اجل تحقيق اهداف الشعب وخدمته؟ لو حصل تغيير ايجابي واحد رئيس في تونس ومصر بعد اسقاط النظام لقلنا ننتظر فلعل الفرج يأتي، لكن انتظار ستة شهور قدم لنا كوارث اكبر ومنها كارثة ان التغيير صار تدميرا لكل شيء ثابت في الدولة والمجتمع! لم يعد المطلوب امريكيا هو اسقاط نظم بل اشعال حروب اهلية عربية، وهذه الحقيقة يؤكدها ويثبتها الرفض الامريكي المطلق لكل تنازلات الانظمة وقبولها بالتغيير السلمي وتكرار الرد الامريكي الذي صار كليشة متوقعة : (هذا لا يكفي)، وهي في ذلك تريد عامدة وقاصدة ان يتمسك النظام بموقف رفض الاصلاحات لحماية رموزه من القتل اذا سقط، وهكذا يصبح ممكنا استمرار تأجيج الصراع العنفي داخل اقطار الوطن العربي ليتحول الى حرب اهلية مفتوحة تترك خلفها مطلب اسقاط النظام كورقة احترقت وزال مفعولها وانتهى دورها.



هل اصبح السكوت ممكنا بعد الان؟ ام اصبح تواطئا وقبولا ب(امامة) عاهرة العصر واخطر مروج لدعارة الضمير في كل العصور وبلا منازع؟ وهل اصبح الاجتهاد مقبولا في قضية تقسيم الاقطار العربية بعد كل ما تبلور وتوضح من خطوط المؤامؤة الاكبر والاخطر على الامة العربية وهويتها القومية وبدأت مقدمتها تكبر ككرة الثلج؟

مشكلتنا مع نخب عربية وطنية انها تفكر بطريقة قبل الامس حينما كان العربي بسيطا ليس في حياته سوى اللونين الاسود والابيض فكان يستطيع ان يحكم بسرعة وهو مرتاح لصواب حكمه، اما الان فاننا في عصر المعلوماتية والعوالم الافتراضية التي يختلط فيها الواقع مع الخيال، ويتم احيانا استبدال الواقع بالخيال المرسوم دون انتباه واكتشاف الكثيرين لذلك الاستبدال فيتعاملون مع خيال موضوع وهم يظنون بثقة انهم يتعاملون مع واقع حقيقي، لذلك هزمت العفوية وزالت تماما من عالمنا واصبحت افته الاكبر تنغيل كل شيء بجعله مخطط سلفا وبصورة ستراتيجية لها غايات محددة، فاصبح الوضع الانساني معقدا وغريبا يستعصي على الفهم الفوري.



وفي هذا العالم الافتراضي المزاحم للعالم الحقيقي تتداخل عشرات المؤثرات والقوى خصوصا لوجود تخطيط مخابراتي محكم يريد سوق البشر نحو قرارات يظنون انهم يتخذونها بحرية وبعد تفكير خاص بهم لكنهم يكتشفون – بعد فوات الاوان وخراب كل مدينة تحمل اسم البصرة في الوطن العربي - ان ما قرروه لم يكن قرارهم في الواقع لانه كان معدا سلفا وسيقوا اليه بتأثير البيئة التي صنعها من خطط فجعل هناك خيار واحد لا غير وهو دخول نفق يقودهم الى امريكا واهدافها واحضانها الدافئة! من هنا فان التفكير بطريقة العرب القدماء القائمة على الابيض والاسود اصبحت افضل وسيلة لنحرنا من الوريد الى الوريد وبايدينا هذه المرة! ومع الاسف هذه هي طريقة تفكير بعض نخبنا، وما لم نفهم كيف تخطط امريكا وتعمل فاننا محكوم علينا بالفناء كالهنود الحمر الذين ما ابيدوا الا لانهم لم يفهموا كيفية تفكير الابيض القادم اليهم من وراء البحار واستخدموا اوهامهم في محاولة فهمه والتعامل معه فنحر بلا رحمة او تردد اكثر من 112 مليون انسان، وهو الرقم القريب من العدد الكلي للهنود الحمر، علما ان عدد اوربا كلها كان انذاك 52 مليون اوربي. فهل يجوز ان نفكر بطريقة البدو ونحن نسكن في عالم تتحكم في معلوماته ومؤثراته واحداثه قوة تستخدم تكنولوجيا ليس اسهل لديها من خداع اكثر الاذكياء؟ وهل حكم علينا ان نستشهد بالملايين دون ان ننال جائزة الشهادة وهي النصر فتصبح كارثتنا مضاعفة بالتضحية بملايين الشهداء وخسارتنا للحرب في نفس الوقت؟



في هذه الدراسة التحليلية، التي نتاج خبرتي وتخصصي لمدة تزيد على نصف قرن، سوف نرى ان ما يسمى سذاجة وتسرعا ب (ربيع العرب) ليس سوى اعظم فيلم انتجته هولي وود ويتميز، كما سنرى، بانه اول فيلم تفاعلي في تاريخ السينما حيث يستطيع مشاهده لعب دور فيه فيرى نفسا ثائرا كبيرا يسير التظاهرات ويشتم الزعماء ويطالب باسقاطهم دون ان يزج به في السجن او يقتل، كما كان الحال قبل (ربيع العرب)! وتزاد لذة اللعبة وفرحة انطلاق المشاعر المكبوتة حينما يرى الزعيم الذي كان يذله ويضطهده ضعيفا وحائرا لاول مرة، فيفرح وتتفجر مشاعره ويتضاعف زخم مساهمته لانه بطل في فيلم ولانه يحرك احداثا تاريخية خطيرة وهو امر لم يخطر بباله في اشد احلامه حلاوة! لكنه، وكما تمتع بفرحة العمر، فانه يواجه خيبة امل العمر كله حينما يدرك في نهاية الفيلم ان دوره محدد بقيود فولاذية لا يراها الا حينما تأتي النهاية ويصبح تقريرها حتميا فيدفع للخلف في زوايا النسيان والخروج من لذة التمثيل اللطيف والمثير! وتلك مأساة الكثير من شبابنا الان في مصر وتونس الذين ذاقوا حلاوة انطلاق دورهم وممارسة حريتهم وتصور خلاصهم وحل ازماتهم لكنهم صدموا بقرار تجريدهم من امكانية تحديد نهاية الفيلم!

بفهم كيفية اخراج واعداد فيلم الموسم المسمى (ربيع العرب) نقترب اكثر من كيفية تفكير وتخطيط امريكا ونتذكر اهدافها الكونية وبما قامت به، والاهم ان نبقى ممسكين بمفتاح فهم امريكا وهو انها قوة امبريالية الغزو والنهب مندمج في جيناتها ومن المستحيل التخلص منهما والقيام بدور ديمقراطي وانساني وايجابي، وهي لذلك لا حدود لعنفها واستعداداتها لابادة الاخر، الامر الذي يجعلنا في مواجهة دولة ليست عادية تفهم الامور بمنطقنا وطبقا لقيمنا.



لنقرأ تحت ضوء الشمس ما جرى وما يجري فعلا وواقعا في الشهور الستة الماضية ولنتناول الابعاد المختلفة لما يجري ونسلط الاضواء على الزوايا المظلمة فلعل ذلك يساعد على رؤية ما لم يرى حتى الان، ولنبدأ بتناول مفهوم امريكي تحكم في مسار الاحداث الاخيرة في الوطن العربي لانه بدون فهمه سوف نعجز عن فهم ما يجري بصواب.

يتبع...............

25/6/2011

Almukhtar44@gmail.com