حسن سلامة
01/07/2011, 02:31 PM
قراءة في 4 قصائد للشاعر هلال الفارع ..
تغيبت عن المنتدى لأكثر من أسبوعين ، كنت خلالهما أسير على خطين متوازيين متناقضين ..!
الأول ، وفاة الفاضلة حماتي ، يرحمها الله ، وقد كانت نعم السيدة التي أكن لها كل احترام ومحبة ، حتى أنها كانت تفضلني على كثير من أولادها ، وبغيابها افتقدت ، أنا وزوجتي وأبنائي وبناتي أماً كان لها الأثر الكبير في حياتنا وذاكرتنا .. يرحمها الله.
الثاني ، كانت مناسبة زواج ابني ، حيث صادف يوم الجمعة الثاني لوفاة جدته .. وكنا نعد لهذه المناسبة لأكثر من ثلاثة أشهر مضت ، ويشمل ذلك الدعوات التي وجهناها مسبقاً ، والحجوزات التي شملت الفندق ، والضيوف الذين حضروا من الإمارات وفلسطين والأردن ولبنان وروسيا واستراليا ..
على خطين متوازيين كنا ، حتى فرضت علينا أم العيال عدم تأجيل حفل الزواج ..
بين الحزن الواقع والفرح المنتظر الذي جاء بعد الوفاة بأسبوع ، كنت أقتنص بعض الوقت لمتابعة ما يحدث في سوريا ..
سوريا ، الارض والناس ، العزيزة إلى قلبي بشكل صادق ، لم أتخيل في يوم من الأيام أن تمر بأيام عصيبة ، وأن ترتفع حرارتها الداخلية إلى حد مقلق .. ويحز في النفس أن نرى عين أداة القتل تسبق عين القاتل إلى أجساد كانت بالأمس تمارس حياتها ، بالبساطة المعهودة ، أو حتى بالقلق المعهود ..
ما أسهل الحديث ..
ما أصعب الواقع ..
دائماً ، منذ أن فهمت معنى الوطن ، ومنذ أن عشقت تراب الأوطان العربية كلها ، كنت أميز بين الوطن والأفراد .. وقلت ، وكتبت عن هذا الموقف مراراً وفي أكثر من مقام ومقال .. لأن الوطن هو الباقي ، والأفراد راحلون ..
لذلك ، حين يكون الوطن ، أينما كان ، محل تجاذب وفتنة مهما كانت الأسباب ؛ فإن الثمن يكون كبيراً ، والنتائج المجهولة كذلك ، ونحتاج إلى زمن للتداوي ، وقد يترك الجرح أثره الواضح .. وهي نتائج تذكرنا بنماذج أمام العين ، شاخصة لما حدث ويحدث الآن في بلاد العرب والمسلمين ..
وحين أتحدث عن الوطن أيضاً ، أتحدث عن الإنسان العادي على أرضه ، وعن الإنسان غير العادي ( من حيث الواجبات والحقوق) وكلاهما يمثلان المواطن الذي ينتمي لهذا الوطن ..
العادي المواطن ..
وغير العادي ، المسؤول أو الحاكم ..
فما الذي نرى ..؟
نحن جميعاً لا ننكر وجود فجوة بين الحاكم والمحكوم ، لم نستطع تجسيرها أبداً منذ مئات السنين ، وهذه الفجوة تزداد تعمقاً أو مسافة كلما ضعف في دواخلنا معنى الوطن ، وكلما زادت شخصنة العلاقة بين المواطنين / العادي والحاكم ..
الأسباب كثيرة ومتجذرة ، وتاريخية ، ونحن كأمة عربية تحكمنا العاطفة ، مثلما تحكمنا الحاجة إلى البطل ، سواء الذي نتمناه ، أو الذي نستحضره من الموروث .. لكننا جميعاً نصمت خلال وجود أو استحضار بطل على صورة مغايرة لما نتمنى، فنقع في حال تحمل (عاهتين) هما : السلبية والترصد ..!!
بين السلبية والترصد أيضاً حلقة مفقودة اسمها ( المواطنة الحقة ) أو الولاء ..
فإذا كنا مواطنين ، نحب هذه المساحة الجغرافية التي نسميها وطناً ، فماذا قدمنا لهذا الوطن ، قبل أن نتحدث عن خيراته ، وكيفية حمايته ..؟
وإذا كنا نحب الولاء ، سواء للأفراد أو المكان ، أيضاً ماذا قدمنا من نصح ، ولماذا نصمت على ما نعتقده ظلماً إلى حد (الفرعنة) ..؟
أليس ذلك نوعاً من التمادي في تقزيم معنى الوطن وتهميشه ، وبالتالي تشجيعاً لممارسة الظلم أو الهيمنة المجحفة من قبل الحاكم ..؟!
أمام هذه الصورة المزدوجة ، كوجه المرآة وظهرها ، أو كسكة القطار ، والخطين المتوازيين ، كنت أرى أيضاً صورتين متناقضتين .. بوجعين مختلفين في صيغة سؤالين :
هل نحن مع مطالب الناس البسطاء ..؟
هل نحن مع الاستقواء بالغريب لتحقيق هذه المطالب..؟
..
الإجابة ستكون / نعم .. ولا ..!!
فكيف نوفق الرأي في إجابة واحدة .. ومن الذي وضعنا في هذا الموقف أمام لقضايا أمتنا ، ومن المستفيد ، وما النتائج المتوقعة ..؟!!
..
في حقيقة الأمر ، كانت هذه الأفكار تراودني قبل أيام ، وأردت إدراجها مستقلة ، ولا أعرف سبباً لتأجيلها حتى اليوم .. لكنني ، حين اطلعت على أربع قصائد للصديق العزيز (هلال الفارع) شعرت بواجب الكتابة ، اللصيقة بين نصين مختلفين: مقال وشعر .. يربطهما موقف محدد ، واضح ..
وقد تعلمنا على مدى عقود احترام الرأي الآخر ، وعدم مصادرة عاطفة الآخر ، لأن في ذلك إجحاف إنساني ، ليس له علاقة برأي أو موقف ، أما الاختلاف في / أو على أمر واضح تماماً ، فهذا يفصل بين موقفين ، ويفسد الود .. ولا أعرف كيف يستمر الود بين تضاد المواقف ، الذي يحاول البعض ربطها بصمغ ما يسمى حرية الرأي أو الديموقراطية ، دون النظر لمقومات البيئة والتركيبة المجتمعية في بلادنا ..
ولا شك أن الكثيرين هنا يعلمون مدى الحملة التي تم فتح نوافذها على سوريا ودول عربية أخرى منذ وقت طويل ، ولم تنته بعد ، حملة تثير التساؤلات وتحمل الشبهات ، بخاصة إذا كانت مصادرها من خارج أوطانها .. وهنا ايضاً لا نصادر الراي الصادق نحو المطالبة بحقوق يستحقها المواطن والوطن على حد سواء ..
ولي أن أسأل ، من دون انتظار إجابة : إذا كان الذين يشنون حملة على أوطانهم ، ولا يحبون أرضهم وناسهم وقياداتهم ، ويكرهون البلدان العربية كلها.. فمن يحبون ، وبالتالي من الذي يدفعهم على الاستمرار ، ومن الذي يعيلهم ..؟!!
.. الحالة العربية شهدت حالات وأفعال تحت مسميات عدة ، منها العفوي ، ومنها المخطط له مسبقاً وبإتقان .. وكل الحراك المخطط له يخضع لمسميات سابقة ، اعتباراً من الحديث عن ( دول شرق أوسطية ، ثم الفوضى الخلاقة ، انتهاء بـ / الربيع العربي ..).
تُرى ، من أين جاءت هذه المصطلحات ..؟
هل مصدرها عربي نابع من الحركات الشعبية ذاتها ، أم أنها برمجة مسبقة حاكتها أمريكا ودول الغرب لتغيير المنطقة العربية وتكريس تبعيتها ، وضمان أمن ووجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين .؟
ماذا يمكن أن نتحدث عن العراق وأفغانستان وفلسطين ، كتجارب مؤلمة مستمرة .؟
ماذا يمكن القول عمّا يحدث في تونس ومصر ..؟
وما يحدث في ليبيا ..؟
وما يحدث في اليمن وسوريا ..؟
أليست ثلاثة نماذج مختلفة حديثة ، مقابل ثلاثة سابقة (مختلفة أيضاً) ، تعكس صورة واحدة للهيمنة العالمية المتمثلة في أمريكا وحلفائها ، في مواجهة العالم العربي والإسلامي ، كخصم مفتعل في أعقاب الحرب الباردة .؟
..
( يتبع بعون الله )
تغيبت عن المنتدى لأكثر من أسبوعين ، كنت خلالهما أسير على خطين متوازيين متناقضين ..!
الأول ، وفاة الفاضلة حماتي ، يرحمها الله ، وقد كانت نعم السيدة التي أكن لها كل احترام ومحبة ، حتى أنها كانت تفضلني على كثير من أولادها ، وبغيابها افتقدت ، أنا وزوجتي وأبنائي وبناتي أماً كان لها الأثر الكبير في حياتنا وذاكرتنا .. يرحمها الله.
الثاني ، كانت مناسبة زواج ابني ، حيث صادف يوم الجمعة الثاني لوفاة جدته .. وكنا نعد لهذه المناسبة لأكثر من ثلاثة أشهر مضت ، ويشمل ذلك الدعوات التي وجهناها مسبقاً ، والحجوزات التي شملت الفندق ، والضيوف الذين حضروا من الإمارات وفلسطين والأردن ولبنان وروسيا واستراليا ..
على خطين متوازيين كنا ، حتى فرضت علينا أم العيال عدم تأجيل حفل الزواج ..
بين الحزن الواقع والفرح المنتظر الذي جاء بعد الوفاة بأسبوع ، كنت أقتنص بعض الوقت لمتابعة ما يحدث في سوريا ..
سوريا ، الارض والناس ، العزيزة إلى قلبي بشكل صادق ، لم أتخيل في يوم من الأيام أن تمر بأيام عصيبة ، وأن ترتفع حرارتها الداخلية إلى حد مقلق .. ويحز في النفس أن نرى عين أداة القتل تسبق عين القاتل إلى أجساد كانت بالأمس تمارس حياتها ، بالبساطة المعهودة ، أو حتى بالقلق المعهود ..
ما أسهل الحديث ..
ما أصعب الواقع ..
دائماً ، منذ أن فهمت معنى الوطن ، ومنذ أن عشقت تراب الأوطان العربية كلها ، كنت أميز بين الوطن والأفراد .. وقلت ، وكتبت عن هذا الموقف مراراً وفي أكثر من مقام ومقال .. لأن الوطن هو الباقي ، والأفراد راحلون ..
لذلك ، حين يكون الوطن ، أينما كان ، محل تجاذب وفتنة مهما كانت الأسباب ؛ فإن الثمن يكون كبيراً ، والنتائج المجهولة كذلك ، ونحتاج إلى زمن للتداوي ، وقد يترك الجرح أثره الواضح .. وهي نتائج تذكرنا بنماذج أمام العين ، شاخصة لما حدث ويحدث الآن في بلاد العرب والمسلمين ..
وحين أتحدث عن الوطن أيضاً ، أتحدث عن الإنسان العادي على أرضه ، وعن الإنسان غير العادي ( من حيث الواجبات والحقوق) وكلاهما يمثلان المواطن الذي ينتمي لهذا الوطن ..
العادي المواطن ..
وغير العادي ، المسؤول أو الحاكم ..
فما الذي نرى ..؟
نحن جميعاً لا ننكر وجود فجوة بين الحاكم والمحكوم ، لم نستطع تجسيرها أبداً منذ مئات السنين ، وهذه الفجوة تزداد تعمقاً أو مسافة كلما ضعف في دواخلنا معنى الوطن ، وكلما زادت شخصنة العلاقة بين المواطنين / العادي والحاكم ..
الأسباب كثيرة ومتجذرة ، وتاريخية ، ونحن كأمة عربية تحكمنا العاطفة ، مثلما تحكمنا الحاجة إلى البطل ، سواء الذي نتمناه ، أو الذي نستحضره من الموروث .. لكننا جميعاً نصمت خلال وجود أو استحضار بطل على صورة مغايرة لما نتمنى، فنقع في حال تحمل (عاهتين) هما : السلبية والترصد ..!!
بين السلبية والترصد أيضاً حلقة مفقودة اسمها ( المواطنة الحقة ) أو الولاء ..
فإذا كنا مواطنين ، نحب هذه المساحة الجغرافية التي نسميها وطناً ، فماذا قدمنا لهذا الوطن ، قبل أن نتحدث عن خيراته ، وكيفية حمايته ..؟
وإذا كنا نحب الولاء ، سواء للأفراد أو المكان ، أيضاً ماذا قدمنا من نصح ، ولماذا نصمت على ما نعتقده ظلماً إلى حد (الفرعنة) ..؟
أليس ذلك نوعاً من التمادي في تقزيم معنى الوطن وتهميشه ، وبالتالي تشجيعاً لممارسة الظلم أو الهيمنة المجحفة من قبل الحاكم ..؟!
أمام هذه الصورة المزدوجة ، كوجه المرآة وظهرها ، أو كسكة القطار ، والخطين المتوازيين ، كنت أرى أيضاً صورتين متناقضتين .. بوجعين مختلفين في صيغة سؤالين :
هل نحن مع مطالب الناس البسطاء ..؟
هل نحن مع الاستقواء بالغريب لتحقيق هذه المطالب..؟
..
الإجابة ستكون / نعم .. ولا ..!!
فكيف نوفق الرأي في إجابة واحدة .. ومن الذي وضعنا في هذا الموقف أمام لقضايا أمتنا ، ومن المستفيد ، وما النتائج المتوقعة ..؟!!
..
في حقيقة الأمر ، كانت هذه الأفكار تراودني قبل أيام ، وأردت إدراجها مستقلة ، ولا أعرف سبباً لتأجيلها حتى اليوم .. لكنني ، حين اطلعت على أربع قصائد للصديق العزيز (هلال الفارع) شعرت بواجب الكتابة ، اللصيقة بين نصين مختلفين: مقال وشعر .. يربطهما موقف محدد ، واضح ..
وقد تعلمنا على مدى عقود احترام الرأي الآخر ، وعدم مصادرة عاطفة الآخر ، لأن في ذلك إجحاف إنساني ، ليس له علاقة برأي أو موقف ، أما الاختلاف في / أو على أمر واضح تماماً ، فهذا يفصل بين موقفين ، ويفسد الود .. ولا أعرف كيف يستمر الود بين تضاد المواقف ، الذي يحاول البعض ربطها بصمغ ما يسمى حرية الرأي أو الديموقراطية ، دون النظر لمقومات البيئة والتركيبة المجتمعية في بلادنا ..
ولا شك أن الكثيرين هنا يعلمون مدى الحملة التي تم فتح نوافذها على سوريا ودول عربية أخرى منذ وقت طويل ، ولم تنته بعد ، حملة تثير التساؤلات وتحمل الشبهات ، بخاصة إذا كانت مصادرها من خارج أوطانها .. وهنا ايضاً لا نصادر الراي الصادق نحو المطالبة بحقوق يستحقها المواطن والوطن على حد سواء ..
ولي أن أسأل ، من دون انتظار إجابة : إذا كان الذين يشنون حملة على أوطانهم ، ولا يحبون أرضهم وناسهم وقياداتهم ، ويكرهون البلدان العربية كلها.. فمن يحبون ، وبالتالي من الذي يدفعهم على الاستمرار ، ومن الذي يعيلهم ..؟!!
.. الحالة العربية شهدت حالات وأفعال تحت مسميات عدة ، منها العفوي ، ومنها المخطط له مسبقاً وبإتقان .. وكل الحراك المخطط له يخضع لمسميات سابقة ، اعتباراً من الحديث عن ( دول شرق أوسطية ، ثم الفوضى الخلاقة ، انتهاء بـ / الربيع العربي ..).
تُرى ، من أين جاءت هذه المصطلحات ..؟
هل مصدرها عربي نابع من الحركات الشعبية ذاتها ، أم أنها برمجة مسبقة حاكتها أمريكا ودول الغرب لتغيير المنطقة العربية وتكريس تبعيتها ، وضمان أمن ووجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين .؟
ماذا يمكن أن نتحدث عن العراق وأفغانستان وفلسطين ، كتجارب مؤلمة مستمرة .؟
ماذا يمكن القول عمّا يحدث في تونس ومصر ..؟
وما يحدث في ليبيا ..؟
وما يحدث في اليمن وسوريا ..؟
أليست ثلاثة نماذج مختلفة حديثة ، مقابل ثلاثة سابقة (مختلفة أيضاً) ، تعكس صورة واحدة للهيمنة العالمية المتمثلة في أمريكا وحلفائها ، في مواجهة العالم العربي والإسلامي ، كخصم مفتعل في أعقاب الحرب الباردة .؟
..
( يتبع بعون الله )