المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موسم النبي موسى (Nabi Mousa)



منذر أبو هواش
08/04/2007, 05:47 AM
موسم النبي موسى
بعد أن تم للقائد البطل صلاح الدين الأيوبي تحرير القدس وسائر فلسطين من براثن الاحتلال الصليبي، لم يكن ذلك ليمنعه من السماح للفرنجة الصليبيين بزيارة الأماكن المقدسة المسيحية، فأذن لهم "بالحج" إلى القدس في عيد الفصح، لكن الصليبيين أساؤوا استغلال هذا التسامح الإسلامي، فكانوا يستغلون الزيارات الدينية في تلك المناسبة من أجل التظاهر ضد االمسلمين والحكم الإسلامي، وتكررت من قبلهم المحاولات من أجل إثارة بعض الشغب والقلاقل والفتن.

لذلك، فقد تفتقت العبقرية العسكرية لهذا القائد الأيوبي الفذ، عن فكرة ابتكار احتفالات ومواسم دينية جديدة للمسلمين، من أجل التعبير عن قوة ووحدة المسلمين أمام الفرنجة الذين كانوا يقدمون ويتواجدون بصورة تجمع كبير، في بعض المناطق الفلسطينية، وفي مدينة القدس على وجه الخصوص، وقد أصدر الناصر صلاح الدين أوامره للمرة الأولى في تاريخ فلسطين بتنظيم المواسم الدينية عبر فلسطين كلها، وجعل لكل مدينة رائسة فيها موسماً خاصاً بتلك المدينة، حيث يجتمع أبناء المدينة وما حولها من القرى، في زمن محدد يقع بين أواخر شهر آذار (مارس) وحتى نهاية شهر نيسان (أبريل) من كل عام، وهي فترة قدوم الفرنجة المسيحيين من خارج فلسطين لزيارة الأماكن المقدسة، فتصبح البلاد في تلك الفترة في حالة استنفار وتأهب كامل، لأن معظم السكان المسلمين كانوا يحتشدون بكل ما لديهم من قوة، يتبارون ويتبارزون ويستعرضون قوتهم، حتى إذا ما فكر الفرنجة في استغلال زيارتهم للعدوان، هب المحتفلون بالمواسم ضدهم، وكان حشد المسلمين في هذه المواسم الدينية دواءً لذلك الداء منذئذ.

ويذكر المؤرخون أن الناصر صلاح الدين الأيوبي كان خلال فترة تحريره لفلسطين من الصليبيين أول من بدأ بإقامة وإنشاء المقامات فيها تخليدا لذكرى الأنبياء والأولياء والقادة والعلماء من المسلمين، وتكريما لبعض شهداء المعارك الإسلامية. وكان يهدف من وراء هذا العمل إلى الشد من عضد المسلمين وزيادة تلاحمهم بالتاريخ والدين الإسلامي، وتقوية الترابط بين المسلمين والاراضي الإسلامية.

وبناءً على تلك التعليمات الأيوبية كان تنظيم احتفالات "موسم النبي موسى" لمدينة القدس وما حولها بعد تحريرها عام 1187م، وموسم النبي صالح لمدينة الرملة وقراها، وموسم النبي روبين لمدينة يافا، وموسم المنطار لبدو النقب وشرق غزة، وموسم دير الروم لمدينة غزة الفوقية، يحتفل به أبناء غزة بالقرب من بابها الجنوبي "باب دير الروم" الذي يطلق عليه عامة الشعب "موسم الداروم" أو الدارون خاصة بعد أن ظفر الناصر صلاح الدين بمدينة غزة وعسقلان ودير الروم (دير البلح) وفق اتفاقية صلح الرملة عام 1192م.

وكانت الاحتفالات في تلك المواسم تبدأ بالمناداة مباشرة بعد صلاة الجمعة من شهر نيسان (أبريل)، من قاعة المحكمة الشرعية في باب السلسلة، بحضور قاضي ومأمور أوقاف القدس الشريف والعلماء والوجهاء، وتستمر مع وصول مواكب المحتفلين من مختلف مناطق فلسطين إلى نقاط التجمع (التي كانت تسمى بالمقامات)، مع رفع الأعلام والرايات الإسلامية، وسط الأهازيج، وزغاريد النساء.

وبالنسبة لاحتفال وموسم النبي موسى الإسلامي الذي يصادف أسبوع الفصح المسيحي، فقد كان المسلمون شبابا وفرسانا يتجمعون فيه من مدينة الخليل ومدينة نابلس والمناطق القريبة منهما، من بعض المناطق الفلسطينية الأخرى، وكانوا يحملون الأعلام والبيارق والرايات الإسلامية المختلفة، فيلتقون في القدس، ثم يتجهون إلى مقام النبي موسى قرب أريحا.

ويقع مقام النبي موسى في المنطقة الجبلية الواقعة إلى الشرق من مدينة القدس على مسافة ثلاثين كيلو مترا تقريبا، والأيوبيون هم الذين قاموا ببناء هذه المقام، وما حوله من مبان، ولا يوجد لهذا المبنى أية علاقة تاريخية بالنبي موسى عليه السلام، إذ ان الثابت تاريخيا أن النبي موسى قد توفي ودفن في التيه، ولم يحضر إلى فلسطين.

وقد ظلت الشعائر والاحتفالات الدينية تقام في موقع مقام النبي موسى منذ التحرير الأيوبي للقدس لغاية عام 1948. إذ توقفت الاحتفالات مؤقتا بسبب ظروف الحرب العربية الإسرائيلية في ذلك الوقت، ثم عادت مرة أخرى في الخمسينيات وحتى حرب حزيران عام 1967، حين قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بمنع هذه الإحتفالات الدينية الإسلامية، إلى أن تم توقيع اتفاقية اوسلو التي احتوت على بند خاص ينص على إعادة اقامة وتنظيم الاحتفالات في موقع النبي موسى. غير أن سلطات الاحتلال عادت مرة أخرى فمنعت اقامة هذه الاحتفالات على الرغم من ذلك البند الخاص.

منذر أبو هواش

http://www.arabswata.org/forums/uploaded/445_1176000043.jpg

http://www.arabswata.org/forums/uploaded/445_1176000098.jpg

http://www.arabswata.org/forums/uploaded/445_1176000150.jpg

http://www.arabswata.org/forums/uploaded/445_1176000793.jpg
لقطات تاريخية من المراحل المختلفة لاحتفالات موسم النبي موسى
زمن الدولة العثمانية - مجموعة الصور الخاصة - منذر أبو هواش

عامرحريز
08/04/2007, 10:21 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك أستاذي الفاضل على هذه المعلومات القيمة..

لكن أود أن ألفت عنايتك لتوضيح هذه الجمل:

1-الإحتلال - > الاحتلال؟ الفقرة الأولى
2-مدينة رئيسية أم مدينة رئيسة؟ الفقرة الثانية
3- وبناءا أم وبناءً ؟ بداية الفقرةالرابعة
4- الى ->إلى
5- اخرى -> أخرى

صلاح ساري
14/08/2011, 03:45 PM
شكرا على هذا الموضوع, واريد اضافة الاسطر التالية حول موسم النبي موسى:

يبدأ هذا الموسم قبل موعده المقرر في الاسبوع الثالث من شهر نيسان باسبوع وكانوا يسمونه "جمعة المناداة", اي يوم الجمعة الذي يوجه النداء فيه الى المواطنين استعدادا للنزول الى مقام النبي موسى بجوار اريحا, ويتم النداء في القدس مباشرة بعد صلاة الجمعة من شهر نيسان (أبريل)، من قاعة المحكمة الشرعية في باب السلسلة، بحضور قاضي ومأمور أوقاف القدس الشريف والعلماء والوجهاء، وتستمر مع وصول مواكب المحتفلين من مختلف مناطق فلسطين إلى نقاط التجمع (التي كانت تسمى بالمقامات)، مع رفع الأعلام والرايات الإسلامية، وسط الأهازيج، وزغاريد النساء.

اما جمعة البداية فيسمونها "جمعة النزلة" لانهم ينزلون فيها من القدس الى المقام المذكور, وتسمى ليلة الخميس التي تسبق جمعة النزلة "ليلة الوقفة", اما ليلة الاربعاء التي تسبق خميس الطلعة اي العودة من مقام النبي موسى الى القدس, فكاون يسمونها "ليلة الشيل" لانهم ينزعون اوانيهم استعدادا للرحيل في الغد.

كانت وفود المناطق المختلفة تبدأ بالقدوم الى القدس يوم الخميس الثاني من نيسان "خميس الاموات" وكل وفد يحمل بيرقه ويبيتون ليلتهم في رحاب المسجد الاقصى, ويوم الجمعة التالي وبعد صلاة الجمعة كانوا يحضرون راية النبي موسى من بيت آل الحسيني الكائن غرب الحرم القدسي, ويسير الموكب بها في جمع عظيم من الناس يتقدمهم المفتي مع لفيف من العلماء والوجهاء, ويودع الناس هذا الموكب من على الشرفات والساحات والحدائق.

وعلى الطريق الى المقام تستقبل القرى الوفود بالترحاب والذبائح وينضم بعض اهلها الى زوار النبي موسى, وتتعاظم الحماسة كلما اقتربت الوفود من المقام المقدس, وقد كانوا في الماضي لا يكتفون بقرع الطبول والرقص بالسيوف والتروس, بل يطلقون الرصاص في الهواء في ذروة الحماسة والاحتفال, ولدى وصول الوفود كانت النساء تزغرد ويبدأ الغناء والعزف وتقام حلقات الدبكات الشعبية.

كانت الاعمال الخاصة بهذا الموسم منظمة بصورة دقيقة, فقد كانت عائلتا الحسيني ويونس تتوليان الطبخ للزوار مرتين في اليوم, بينما عائلة قليبو مكلفة بحمل الرايات, اما المؤذنون فمن عائلة بزبزة الذين يتولون ايضا اضاءة المقام.

وفي هذا الموسم كانت تذبح الذبائح وتوفى النذور ويختن الصبية وتؤدى المراسم الدينية على اختلافها من موالد وصلوات وتقام الالعاب المختلفة كسباق الخيل ويتبارى الرجال بالسيوف والتروس وكان الاولاد يتجمعون حول القراغوز "المهرج" ليستمتعوا ببهلوانياته.

وبعد انقضاء اسبوع الزيارة يختم هذا الموسم يوم "خميس الشيل" ويعود الناس الى القدس في موكب احتفالي مثلما كان في البداية, ويعاد علم النبي موسى الى آل الحسيني ليحتفظوا به حتى الموسم القادم, ويقضي الزوار العائدون ليلتهم في رحاب الاقصى في القدس, وبعد صلاة الجمعة في اليوم التالي يعودون الى ديارهم.

كرم زعرور
11/09/2011, 03:57 PM
شكرا للأستاذالموسوعيّ منذر أبوهواش على الموضوع القيّم ،

وشكرا للأستاذ صلاح ساري على الإضافة المفيدة ،

ورحم اللَهُ القائد الفذ صلاح الدين ،

وجعلَ القدسَ وفلسطين في ميزان حسناتِهِ .

كرم زعرور