المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبي... أيها القرصآآن الجائع!!



جوزاء العتيبي
29/07/2011, 01:55 AM
أبي أيها القرصان الجائع!!
http://www.akhbarcool.com/wp-content/uploads/2011/07/090909.jpg
- أحمد... أحمد... مازلت أسألك ولا تجيب...
- مالذي تريدين مني قوله؟؟ هذا جرح قد حفر ساقي لتبدو منه عظامي..
- إني أراه ياويح قلبي... من تجرأ على ذلك ؟؟؟
- دعينا من قولك يا امرأة... و ءاتيني بفاطمة وأبو بكر، وإن كان حذيفة نائماً فدعيه.....
- أبي أنا أحببببك..
- وأنا يا فاطمتي..
- لكني غاضبة منك..
- لم يا حبيبة بابا؟
- مضى عاماً كريتاً على وعدك لي بأن نأكل اللحم المشوي.. ونشرب الشاي الأخضر! ولم تف بوعدك... هل أقول إني لا أحبك حتى تأتي لي باللحم يابابا...
- في الغد ياحبيبتي...
ثم انزوى يداوي جراحه...ونادي يا آمنة... يا آمنة... اياااك أن تخبري أحداً بساقي....
وفي الصباح.....طُرق الباب...
- أنا محمود إلحقني فقد رأى زكريا باخرة مقبلة-أدبرها الله- لن نستأني حتى تلوث مياهنا الإقليمية... أف لهم.. أف..
- خرج أحمد وهو يجر رجله...
- أبييييييييييي... لاتنس اللحمة الليلة بابا.. وانهمرت بالبكاء..
التفت خلفه فإذا بنيته التي تلتحف أسمالاً بالية.... وقد صحبتها أمها لتجمعا أي شيء يأكلاه أي شيء...ولو كان ميتة...
ورد بصره لوليديه أبي بكر وحذيفة وهما نائمين.. بعد أن احتسيا الماء بالقرفة... وكأنهما جثتان لا شخصان..
ثم رفع بصره لبيته.. فإذا هو أعمدة تلفها البز الدواثر.. فعجب أبو فاطمة أن يرى بيته استحال طلاً دارساً وقطانه أحياء!!!!
سربَ يملأ قلبه الدفاع عن دينه، وأهله، وأرض الصومال...
لم يعد يعرج بعد أن ملأ قلبه الألم فبرئت رجله... إذ حمل المها القلب... لم يكن يمشى ثلاثة أمتار إلا ويسمع هذه البواقع ..الصلاة على روح ميت، أو الصراخ لإسعاف جريح، أو عراك قد اعتاده، أو أخبار عن تلك الدول العظمى التي تتوعده بكسر رجله الأخرى!!!!
ركب قاربه وقفز معه صاحباه، وعصب رأسه، واحتمل عصاه...في شدة الأجيج.. وفي لوعة الفقر والقهر...وعلى قاربه -الذي كان منسجماً برثاثته مع بيئته وبيته-اعترض الباخرة..ورفع عصاه... فارتعب قائدها....وكأن القرصان الأسود نُصر بإرعاب أعدائه.... كان يخيل إليه أنه يسير في البر لا على البحر ولمعته فقد حالت الوحول والزيوت بين الشمس وصفحة الماء... غير أن مناظر الأسماك الميتة كان يؤكد أنهم على بحر!!!
- نادى ربان السفينة.. إننا عابروا سبيل وهذه المرة لامخلّفات معنا... فخل سبيلنا..
- قال أحمد: هات..مالاً لتمر، فمامن دولة إلا لها حرمة، ومامن مضيق إلا هو مدرة كنز على أمته.. فأعطنا حقنا أو ارحل، وإن عدت فلن ترجع... قالها ووجه فاطمة يساور قلبه، وأثوابها البالية تتطاير أمام عينيه...
لم يكن يحلم بالعيش البارد.. إنما بأي عيش يرتفع عن هوة الموت... ولا يصل إليه بسبب ..
وفجأة انطلقت قنبلة يدوية أو لعلها مسيلة للدموع وحسب.. فكأن بركاناً ثار في البحر ليبتلع القالب الصغير وينقلب على من فيه.... لتعبر السفينة وهي تهدد وتتوعد من يقف بالدمار....
مرت من فوق القراصنة فلزموها كالقطط السوداء الحانقة..
وما إن رآهم القبطان حتى سقط راكعاً إلى الأرض وطلب المغفرة والرحمات...
وبعد الظهر كانت الباخرة العملاقة... قد رست على الشاطيء... طالبهم القراصنة بملايين ليطلقوا السفينة..فأبوا..
ثم بمليون فرفضوا.. ثم بآلاف فضحكوا... وكل هذا كان يكتب كالطرف في الصحف اليومية...التي يقهقه لها المسلم قبل الغربي...!!
فرفع أبو فاطمة سيفه.. ليهوي بها على رؤوس الأوغاد...
- فتشيطن القبطآآن وزمجر: إن رفعته ستنزله القنابل من يديك... ولنأتينك بجنود ترى أولها ولاينتهي آخرها!! أو تتركنا نذهب وشأننا...
أخذت العزة قرصاننا فرفع سيفه وقال: أرضي وأحميها.. وحرمي وأحامي عنه... ثم نظر فإذا طفل في السفينة يقضم شطيرة لحم..... فسقط السيف من يده.. وقال: أو تعطيني ياسيدي طعاماً وشراباً لنطعم ونشبع......
لمعت عيني القبطان لمعة مكر.. وكأنه يقول: مثلك لايطلب إلا هذا...
فصعد السفينة ومن معه...وما إن تحركت حتى.. ألقى إليهم صندوقاً من خبز الشعير... وآخر من البطاطا...!! وأبحر مقهقهاً....
فاجتمع الناس حتى غاب الصندوق في بحر من الجياع..... ولمح القرصان فاطمة وهي تستنقذ قطعة خبز لأخويها وتنطلق فلم تعد تريد غيرها.. !!!ِ