المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الأول من قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر للطيب بن عبد الله بامخرمة



شاكر عبد العزيز
29/07/2011, 07:16 AM
الجزء الأول من قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر للطيب بن عبد الله بامخرمة
الباحث:
أ/ عبدالغني علي علي الأهجري
الدرجة العلمية:
ماجستير
تاريخ الإقرار:
2005 م
نوع الدراسة:
رسالة جامعية

الملخص :
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى
وبعد :
فإن مكانة علم التاريخ بين العلوم الإنسانية الأخرى عالية ؛ لما يتمتع به من أهمية كبيرة وفوائد عظيمة , ولأنه الوسيلة التي يعرف بها الخلف ما أبدعه وأحدثه السلف , وهو الميزان الذي تعرف به الأنساب والأحوال والدول والأيام , ولا يقاس مدى جدية الأمم ونشاطها ومقدار نهضتها ومبلغ رقيها وحضارتها إلا من خلاله , " وبه يتسنى للأبناء معرفة أقدار الآباء بما سجلوا من مجد تالد , وما خلفوا من آثار باقية ليترسموا خطاهم ويحتذوا مثالهم "([1]) .
ولقد شهد القرآن الكريم والأحاديث الشريفة بفضل التاريخ , ويدرك المطلع على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان كثيراً ما يحدث أصحابه بقصص وأخبار من مضى ويضرب الأمثلة بها , وكفى التاريخ شرفاً " أن الله جل شأنه خصص قسماً كبيراً في محكم كتابه , سرد فيه قصص الماضين وسير الناجين والهالكين "([2]) .
إن استشعار علماء الأمة لما يمتتع به هذا العلم من قدر عظيم قد دفعهم إلى الاهتمام به , فأولوه عناية خاصة " وأنفقوا في ذلك نفائس الأعمار , وارتكبوا فيه الأخطار , حتى حصلوا فيه من ذلك أسفار الفوائد وفوائد الأسفار , وبلغوا ذلك غاية المنى ونهاية الأوطار , وكشفوا عن الأمة كل غُمَّة عما رووا من الأخبار , وجلوا غياهب كل ظلمة بِنِّيرَاتِ الآثار "([3]) .
والمطلع على كتب الطبقات والرجال – مثل مخطوطتنا هذه - يجد الكثير من العلماء وأصحاب الأدب وذوي الاطلاع على العلوم المختلفة , قد جعلوا من التاريخ أساساً لكثير من العلوم التي تحدثوا وكتبوا فيها , فهو مقصود لذاته من جانب وقاعدة لعدة فروع من العلوم الشرعية من جانب آخر كعلوم الحديث والتفسير وغيرها , وقلما نجد علماً من كبار العلماء على مدار التاريخ الإسلامي من ذوي الإنتاج العلمي المكتوب إلا وله مصنف – أو أكثر – في التاريخ أوالعلوم المرتبطة .
ولما كان علم الطبقات والتراجم من أشهر العلوم المرتبطة بالتاريخ , فإننا عندما نقول بأن الكثير من علماء السلف قد اهتموا بعلم التاريخ فإننا نقصد علم الطبقات أكثر مما نعني شيئاً آخر , فقد ركزوا عليه أكثر من تركيزهم على ما سواه ؛ وذلك لارتباطه الوثيق بعلوم الحديث والسنة والتفسير والسيرة النبوية ونشوء الفرق وغيرها , كما أن علم الطبقات باختصاصه في الحديث عن العلماء ونشاطهم وأدوار حياتهم الخاصة والعامة قد اكتسب أهمية كبيرة – حتى لدى عامة الناس – بل لعل اطلاع الكثير منهم على كتب الطبقات أكثر من اطلاعه على الكتب التاريخية نفسها .
وإذا كان الكثير من التراث العلمي الإسلامي لم يحظ باهتمام أبنائه بشكل كاف ليخرج من محابسه بين أروقة دور المخطوطات والمكتبات العامة والخاصة إلى النور , وهو ما أدى إلى حرمان أجيال الأمة من الاستفادة من علوم أسلافها , إذا كان الأمر كذلك فهو فيما يخص التراث اليمني أسوأ , إذ أن معظمه مازال في طي النسيان , بل فقد الكثير منه على أيدي لصوص التراث من أعدائه وعبث الجهلاء من أبنائه , فإن ما يوجد من تراث اليمن العلمي الذي يمثل عصارة جهد علماءه خلال أكثر من أربعة عشر قرناً , ما يوجد منه داخل اليمن يقل بكثير عما هو في خارجه , فقد تناثر معظمه في مكتبات الأستانة وعدد آخر من المكتبات الغربية والعربية , فكان من الواجب على الباحثين من أبناء هذا البلد وذوي القدرة على تحقيق تراثه القيام بواجبهم في خدمته .
سبب اختيار الموضوع :
من هذا المنطلق جاء اختياري – وأنا المقل – على تناول هذا المخطوط , بعد اقتراح الدكتور/عبدالرحمن الشجاع بذلك , وهو من عيون المخطوطات اليمنية في علم التراجم والطبقات , وذلك مساهمة مني في خدمة هذا السفرالكبير , وأستطيع – بالإضافة إلى ما ذكرت – أن أجمل أسباب اختياري لهذا الموضوع في الآتي :
(1) ندرة المعروف من المصنفات اليمنية في التراجم , سيما الشاملة منها لعدد كبير من رجال الفقه والحديث والأدب والحكم والفِرَق والطب , فما اشتهر وطبع منها لايتعدى عدد أصابع اليد الواحدة .
(2) اشتمال هذا المخطوط على تراجم رجال الفرق والمذاهب الأخرى المعروفة آنذاك – وخاصة في اليمن - وحديثه عنهم بطريقة ملؤها الاحترام والتقدير .
(3) عدم نشر هذا المخطوط من قبل ودراسته كاملاً، مع العلم أنه معروف عند المطلعين على مصادر الفكر الإسلامي في اليمن , فقد أشير إلى هذا الكتاب القيم من قبل كل من ترجم لمصنفه , ممن عاصره أو من المحدثين – وهم كثر – فمنهم من سماه باسمه , ومنهم من أشار إليه بصفته .
(4) نظرة المصنف الشاملة إلى رقعة العالم الإسلامي الجغرافية , فقد ترجم فيه وأرخ للمشرق في أقصى بلاد ما وراء النهر كما أرخ وترجم لأهل المغرب وأقصى بلاد الأندلس .
(5) أن مصنفه كان من أجدر أعيان علماء القرن العاشر بالدراسة ، وأولاهم بالتناول والتعريف والتقديم للآخرين , وذلك لما عرف عنه من سعة الاطلاع , وطول الباع في ميدان العلوم الشرعية المختلفة .
(6) وقبل ذلك كله الرغبة الكبيرة التي ولدت لدي في المساهمة في إخراج هذا التراث العظيم إلى النور , وذلك من خلال تحقيق هذا الجزء اليسير منه .
الدراسات السابقة :
كما سبق أن أشرت , فإن هذا المخطوط لم يلق القدر الكافي من الاهتمام , فأول من حاول دراسته هي الدكتورة/ أمل الجبوري عندما قامت بتحقيق جزء بسيط منه, وهو الخاص بوفيات وحوادث القرن الهجري الثالث كرسالة ماجستير مقدمة لكلية التربية ( ابن رشد ) بجامعة بغداد عام 1990م, وقد مر أن من تعرض لذكر المصنف قد مر على المخطوط مرورالكرام مكتفين بعبارة وصفه بها بعض مترجميه – كما سيأتي – وهي : " وله تاريخ مطول مرتب على الطبقات والسنين , كترتيب تاريخ الذهبي , وابتداؤه من أول الهجرة " .
الصعوبات التي واجهتني :
لم يكن تحقيق المخطوط سهلاً بالقدر الذي قد يتصور البعض , فقد واجهتني صعاب وقفت أمام بعضها عاجزاً , وسآتي هنا على ذكر أكبرها :
1- صعوبة الحصول على نسخ المخطوط , فعلى الرغم مما بذلت من جهود – سأذكرها في البحث عن نسخ المخطوط - إلا أنني لم أوفق للحصول على أكثر من النسختين اللتين اعتمدت عليهما في التحقيق .
2- الحصول على صور للمخطوط مأخوذة عن صور له وليس عن الأصول , فقد منعنا القائمون على دور المخطوطات من التصوير من الأصول نفسها والاكتفاء بالسماح لنا بالتصوير من صور المخطوط فقط , وذلك حفاظاً منهم على الأصل – كما زعموا – وذلك أدى إلى رداءة الصور وانطماس أجزاء من المتن لم نتمكن من التعرف عليها ببساطة , فقد اضطررنا إلى إجهاد أنفسنا في مقارنة النسخ ومحاولة التعرف على الأجزاء المطموسة من خلال مقارنة ما كتب في المتن مع المتوافر من مصادر المخطوط .
3- الحجم الكبير لمتن المخطوط , فقد بلغ عدد صفحات هذا المتن حوالي 750 صفحة بعد طباعته بالكمبيوتر , ولك أن تتخيل مدى طوله وبالتالي صعوبة التعامل معه بكفاءة , لذلك – وعلى الرغم من أنني قد بذلت قصارى جهدي وكل وقتي على مدار سنتين – أحس بأن المخطوط لم يأخذ حقه كما لو كان متنه يساوي نصف العدد الحالي لأوراقه .
4- كثرة المصادر التي نص المصنف على أنه رجع إليها , مع ندرة بعضها وفناء البعض الآخر , أو وجوده في مكتبات خاصة لم تمتد إليها يد الفهرسة مما يجعله في حكم المعدوم , وربما عزا لبعض المصادر الموجودة بين أيدينا , ومع ذلك لاأعثر على موضع ذلك العزو , مما يغلب احتمال أن النسخ التي رجع إليها تحتوي على ذلك وقد فقد من النسخ الحالية لتلك المصادر .
5- بني على الصعوبة السابقة عائق آخر , فقد استحال عليّ توثيق ما نقله المصنف من تلك الكتب مما دفعني – كما سأوضحه في المنهج المتبع في التحقيق – إلى الاستعانة بكتب نقلت عن هذه المصادر المفقودة أو مصادر كانت المفقودة قد نقلت عنها .
6- عدم دقة المصنف في نقولاته , فأحياناً يقول قال القشيري في رسالته – على سبيل المثال – كذا كذا , ولما أقوم بتوثيق ذلك أجد بعضه في الرسالة القشيرية ولا أجد البعض الآخر , أو أجد أن ما ذكره المصنف قد نقله مختصراً أو بالمعنى أو بالتقديم والتأخير , وهو ما جعل مهمة المحقق في العثور على موضع الإحالة صعبة وعسيرة .
7- على الرغم من أن الكثير ممن كتب عن مصادر الفكر في اليمن وعن أعلامه قد تحدث عن المصنف إلا أن كل ما ذكر يكاد يكون مكرراً , فلم أجد ترجمة وافية عند أحد منهم , وهو ما صعب عليّ مهمة الحديث عن مثل هذا العلم الكبير من أعلام علماء اليمن المصنفين في تلك الحقبة من تاريخه .
8- البعد عن موطن وجود مصنفات المصنف ومصادره – في حضرموت - فقد كان من الصعوبة التأكد من وجود هذا المصدر أو ذاك للإستفادة منه بالرجوع إليه أو الجزم بفقدانه .
هيكل الرسالة :
تحتوي الرسالة على مقدمة وقسمين على النحو الآتي :
المقدمة : وتندرج تحتها العناوين الآتية :
• سبب اختيار الموضوع .
• أهمية الموضوع .
• الدراسات السابقة .
• الصعوابات التي واجهتني .
• هيكل الرسالة .
القسم الأول : الدراسة
القسم الثاني : التحقيق
القسم الأول
الدراسة
وستتضمن الدراسة فصولاً ثلاثة وذلك على النحو التالي :
• الفصل الأول : حياة المؤلف :
- اسمه ونسبه ولقبه وكنيته .
- تاريخ ولادته ومحلها , وتاريخ وفاته ومحلها .
- نشأته وطلبه للعلم .
- أولاده .
- مكانته العلمية .
- مصنفاته وطبيعتها .
- نماذج من تراجم مشايخه.
• الفصل الثاني : عصر المؤلف سياسياً وعلمياً واقتصادياً :
- نبذة قصيرة عن الوضع السياسي لليمن في القرن العاشر الهجري .
- نبذة قصيرة عن الوضع العلمي في اليمن في القرن العاشر الهجري .
- نبذة قصيرة عن الوضع الاقتصادي لليمن في القرن العاشر الهجري .
• الفصل الثالث : الكتاب المحقق تعريفاً ومنهجاً
= عنوان الكتاب ونسبته إلى المصنف .
= موضوع الكتاب .
= أهمية الكتاب .
= منهج المصنف في كتابته .
= وصف نسخ مخطوطة الكتاب .
المنهج المتبع في التحقيق .
القسم الثاني
التحقيق
وتمثل عملي فيه ما ضمنته العنوان الأخير من الفصل الثالث في هذه الدراسة الذي وهو( المنهج المتبع في التحقيق ) , وفي النهاية قمت بإعداد قوائم فهارس الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة , وفهارس الأبيات الشعرية مرتبةً قوافيها على حروف المعجم , وكذلك فهارس الأعلام سواءً المترجم لهم في المخطوط عن طريق المصنف أو أولئك الذين ذكروا في ثناياه دون الترجمة لهم , ولم أنسَ فهارس البلدان والمواضع المذكورة في متن المخطوط , ولم ألحق هذه الفهارس كلها بالبحث المطبوع بعد أن نوقش مع الدكتور/ المشرف مسألة أنه من المُسَلَّم به أن أرقام صفحات البحث كله تتغير بعد المناقشة بسبب إدخال الملاحظات , ولأن الفهارس لا تبنى إلا على أرقام الصفحات فإنها ستعد غير دقيقة مع إدخال أول ملاحظة , لذلك أخذنا الإذن من الدكتور/ عبد الرحمن الشجاع – المشرف على الرسالة – بتأجيل إدخالها إلى ما بعد المناقشة , إلى أن تصبح أرقام صفحات البحث نهائية .
وفي الختام آمل أن أكون قد أسهمت في خدمة نتاج علماء اليمن العظام من خلال إخراج هذا الكتاب ووضعه بين أيدي المهتمين والقراء , وأن أكون قد أسهمت في شرف إبراز التراث الدفين لهذا البلد المعطاء , كما أرجو أن أكون قد وفقت في إضافة مصدر جيد من مصادر الطبقات وعلم معرفة الرجال إلى المكتبة التاريخية اليمنية , ولا تفوتني الإشارة هنا إلى أملي في أن أكون – أنا وزميلي الآخران محققا الجزأين الأخيرين- قد لفتنا انتباه الباحثين القادرين على خدمة هذا التراث الغني بالفائدة للأجيال إلى المبادرة والإسراع في خدمته والإسهام في إخراجه إلى حيز الوجود المنظور .
ولا أنسى في نهاية هذه المقدمة أن أتوجه بشكري وكامل امتناني لكل من أسهم في إخراج هذا البحث بجهده في النصيحة والتشجيع , وإن كان هناك من هو جدير بالذكر والتخصيص فهو أستاذي الدكتور / عبد الرحمن الشجاع , فقد غمرني بعلمه وكريم خلقه , وكان معي نعم الأستاذ والمربي والموجه , بل والوالد الحريص على إبلاغ المنفعة , وكذلك شَقِيْقَاي الكريمان عبد الله وعنتر اللذان ما بخلا علي بشيء طلبته منهما من مصادر وغيرها , ولا أنسى الأخوين الكريمين إبراهيم شايف وأنور الخادم المحجري الذين بذلا من الجهد الكثير لطباعة الرسالة وإخراجها , معتذراً لكل ذي فضل لم أشر إليه ..
وأرجو من الله العلي القدير أن يغفر لي ما زل به القلم أو طغى به الفهم أو خانتني به العبارة فلم تبن عن مقصودي ومرادي, وألا يحرمني من الأجر إذا لم أُجِد, وألا يمنعني القبول إذا لم أخلص , فهو صاحب الكرم والجود , وإليه مرد الأمر كله , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
________________________________________
([1]) ابن الديبع : أبو الضياء عبدالرحمن بن بن علي الشيباني الزبيدي ( ت944هـ )[ قرة العيون بأخبار اليمن الميمون ]:11, تحقيق محمد بن علي الأكوع , ط 2, 1409هـ- 1988م .
([2]) المصدر نفسه .
([3]) المصدر نفسه :21.