المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السلطان محمود الغزنوي - سياسته ودوره في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية



شاكر عبد العزيز
29/07/2011, 07:47 AM
السلطان محمود الغزنوي - سياسته ودوره في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية
الباحث:
أ/ علي محمد فريد علي
الدرجة العلمية:
ماجستير
تاريخ الإقرار:
2004 م
نوع الدراسة:
رسالة جامعية

الملخص:
الحمد لله الذي حث على طلب العلم ، ورفع اجر العلماء ، قائلاً في محكم التنزيل : بسم الله الرحمن الرحيم (( يَرْفَعُ اللهُ الَّذينَ آمَنَوا مِنكُمْ ، واَلَّذْينَ أُوتُوا الْعِلْم دَرَجَاتٍ ))1 والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء وخير المرسلين . وبعد .
وجه الباحثون والمؤرخون المعاصرون اهتماماتهم في الآونة الأخيرة إلى الدخول في مجال تاريخ المشرق الإسلامي ، سواء كان ذلك على مستوى التاريخ السياسي أو الحضاري ، فأثمرت هذه الجهود دراسات علمية جادة ، تناولت تاريخ الدول الإسلامية التي قامت في إقليم المشرق الإسلامي .
وكثيراً ما شدّني التراث الإسلامي بكل جوانبه المضيئة ، وخاصة تراث المشرق الإسلامي ، لدراسة بعض جوانبه ، ومن يطّلع على تاريخ المشرق الإسلامي يلاحظ بزوغ نجم الدولة الغزنوية ، ويتجلى ذلك في دورها السياسي والحضاري ، فضلاً عن جهودها في نشر الإسلام في البلاد الوثنية ، والدفاع عن مكتسبات الخلافة الإسلامية من جهة المشرق .
والجدير بالذكر أن الدولة الغزنوية ظهرت في المجال الإسلامي ظهوراً قوياً واضحاً في عهد السلطان محمود الغزنوي الذي استطاع أن يعتلي العرش سنة 388هـ / 998م ، وبذل جهوداً كبيرة في سبيل ترسيخ نفوذ دولته ، وتوسيع رقعتها من خلال انتهاجه سياسة التوسع على حساب الكيانات السياسية المجاورة لحدودها ، لكن ما امتاز به عهده وذاع به صيته هو : (الجهاد الإسلامي) الذي رفع راياته في شبه القارة الهندية ، وبلغ في فتوحاته إلى حدود هضبة الدكن ؛ فاعترفت به الخلافة العباسية سلطاناً مستقلاً ، ومنحه الخليفة العباسي القادر بالله (381-422هـ/991-1030م) ، العديد من الألقاب الفخرية ذات الدلالات الدينية ، كان أهمها لقب : (( يمين الدولة وأمين الملة )) الذي اشتهر به ؛ اعترافاً من دار الخلافة بفضله في رعاية الركن الأيمن من المشرق الإسلامي .
؛ اعترافاً من دار الخلافة بفضله في رعاية الركن الأيمن من المشرق الإسلامي .
ومن المعروف أن السلطان محمود الغزنوي كان مسلماً قوي العقيدة تواقاً إلى نشر الإسلام ، بلغت فتوحاته في بلاد الهند حدّاً لم تبلغه رايات الإسلام من قبل ، ودخلت في دين الله أفواجا عديدة من أهل الهند .
ويجب أن ندرك أن دراسة سياسة هذه الشخصيات ودورها في نشر الإسلام ، والدفاع عنه ، يُعد موضوع بحثٍ حيويٍ يشجعه العلم ، ويثني عليه جمهرة العلماء ، لا تخليداً لذكرى أولئك فحسب
بل طمعاً في الاستفادة من تحليل تلك الأعمال ، وسبر أغوارها للاستفادة منها في تخطيط سياسة الأمم والدول ، للحاضر والمستقبل . وانطلاقاً من ذلك فان موضوع هذه الدراسة : (( السلطان محمود الغزنوي ، سياسته ، ودوره في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية ، 388-421هـ/998-1030م) ، كان ذا أهمية متميزة ، جعلتني اتجه إلى اختياره عنواناً لرسالتي هذه ، فضلاً عن أسباب أخرى ، أستطيع إيجازها في الآتي :
1- رغبة في البحث والاستقصاء عن تاريخ الدولة الغزنوية خاصة ، والمشرق الإسلامي بصورة عامة .
2- إبراز سياسة السلطان محمود الداخلية والخارجية وأثرها في ترسيخ دعائم الدولة الغزنوية وتوسيع رقعتها .
3- اعتزازاً وإجلالا لدوره العظيم في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية .
4- عدم توفر - بحسب علمي - أي دراسة علمية أكاديمية متكاملة ومستقلة تعطي هذه الشخصية الإسلامية حقها خصوصاً في بلاد اليمن لذا رأيت من الواجب أن أسهم
بجهدي المتواضع هذا من خلال هذه الدراسة في إبراز مكانة السلطان محمود ودوره في نشر الإسلام والدفاع عن الخلافة الإسلامية من جهة المشرق .
تهدف هذه الدراسة إلى تحقيق ما يلي :
1- دراسة السياسة الداخلية للسلطان محمود الغزنوي منذ توليه العرش سنة 388هـ/998م وحتى وفاته سنة 421هـ/1030م – دراسة علمية أكاديمية قائمة على التحليل والاستنتاج – وكشف مضامينها وأهدافها وانعكاساتها على الدولة الغزنوية خاصة والمشرق الإسلامي بصورة عامة .
2- دراسة العلاقات الخارجية للدولة الغزنوية – خلال عهد السلطان محمود – مع الدول والكيانات السياسية المجاورة لها ، وتتبع مراحلها ، وتوضيح مظاهرها وطبيعتها ، فضلاً عن تأثيراتها على أوضاع الدولة الغزنوية سلباً وإيجابا .
3- إبراز دور السلطان محمود الغزنوي في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية ، من خلال دراسة فتوحاته المتتابعة ، المخططة والمنظمة والهادفة ، وإبراز آثارها السياسية والحضارية على بلاد الهند.
وقد اتبع الباحث المنهج التاريخي ، الذي يعرض الأمور بتسلسلها الزمني ، ويتتبع الظاهرة من مراحلها الأولى حتى مراحل نضجها ، لذلك تعالج الدراسة فترة محدودة من تاريخ المشرق الإسلامي تبدأ منذ تولي السلطان محمود العرش سنة 388هـ/998م وحتى وفاته سنة 421هـ/1030م ، والتزاماً بالمنهج التاريخي فقد كان على الباحث أن يعرض المقدمات السياسية التي مهدّت لهذا العصر ، وإيضاح الظروف التي ساعدت السلطان في الوصول إلى السلطة ، ومن ثم الدخول في صلب الموضوع ، وهو دراسة : السياستين الداخلية والخارجية للسلطان محمود وتتبع جهوده في نشر الإسلام في بلاد الهند وما ترتب على ذلك من آثار .
حرص الباحث على ضبط أسماء الأعلام والمدن سواءً الفارسية منها أو التركية من خلال الرجوع إلى المصادر والمراجع الموثوقة ، على الرغم من الصعوبة الشديدة في ذلك ، جرّا تناقض المصادر فيما بينها واختلافها عند رسمها أو التعريف بها أو كتابتها بالعربية .
كما اتبع الباحث طريقة كتابة التاريخ الهجري وما يقابله من التاريخ الميلادي ، باليوم والشهر والسنة ، محاولاً ضبط ذلك قدر الإمكان ، مستعيناً ببعض الكتب التي عُنيت بذلك مثل : كتاب ويستنفلند الموسوم : (( جدول السنن الهجرية بلياليها وشهورها بما يوافقها من السنين الميلادية بأيامها وشهورها )) .
أما الصعوبات التي واجهتنا أثناء إعداد هذه الرسالة فهي كثيرة ومتنوعة ، تأتي في مقدمتها قلة بل ندرة المصادر الأصلية ذات الصلة الوثيقة بدراستنا ؛ بسبب أن أغلب هذه المصادر خارج اليمن مما يتوجّب السفر إلى الخارج للوقوف عليها والإفادة منها ، حيث قمنا بزيارة بحثية إلى جمهورية مصر العربية استغرقت شهراً كاملاً ، ولا بد لنا هنا من الإشادة بالفضل الكبير والمساعدة الكريمة من قبل جامعة عدن التي كان لها الدور المميز والتشجيع المادي لنجاح هذه الزيارة ، وخلال زيارتنا للقاهرة استطعنا الوقوف على عدد مهم من المصادر الأصلية العربية منها والفارسية المتعلقة بموضوع دراستنا ، إذ كان لقسم الدراسات الشرقية التابع لجامعة القاهرة ومكتبتها المركزية الفضل الكبير في حصولنا على عدد كبير من المصادر ، فضلاً عمّا أفدنا منه مما احتوته دار الكتب المصرية ومكتبة كلية دار العلوم والمكتبة المركزية التابعة لجامعة عين شمس . وبسبب ندرة المصادر والمراجع في اليمن أيضا ، قمنا بمراسلة بعض الجامعات والمراكز العلمية في البلدان العربية والأجنبية ، منها : الجامعة الإسلامية بجمهورية الهند ، ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات العربية والإسلامية بالرياض ، والمجمع الثقافي في أبو ظبي وغيرها .
ومن الصعوبات التي واجهتني أيضا ، ترجمة نصوص تتعلق بدراستنا في المصادر والمراجع الفارسية ذات العلاقة ؛ بسبب عدم إجادتي للغة الفارسية ، وهذا ما دفعني إلى الاستعانة ببعض الزملاء المصريين العاملين بمركز الدراسات الشرقية ممن يجيدون اللغة الفارسية لترجمة ما يفيدنا من هذه المصادر والمراجع ، فلهم مني جزيل الشكر والتقدير ، كما واجهتنا أيضا مشكلة ترجمة المراجع الأجنبية الحديثة المتعلقة بموضوع الرسالة ؛ بسبب حرصنا على الاستفادة منها في إثرائها ؛ لذلك عمدنا إلى ترجمة بعض الأجزاء المهمة ذات العلاقة المباشرة واحمد الله تعالى الذي أعاننا على تخطّي هذه الصعاب والمشقات ، ونحسب أننا قد وفقنا في تلافي النقص وسد الثغرات بخصوص المصادر الفارسية والمراجع الأجنبية الحديثة ذات الصلة قدر المستطاع .
ضمّت هذه الرسالة مقدمة وأربعة فصول وخاتمة وتوصيات ، وفيما يلي موجز لأهم ما تضمنته هذه الفصول :
أما الفصل الأول جاء بعنوان : الدولة الغزنوية ، نشأتها ، وأحوالها السياسية حتى تولي السلطان محمود العرش ، تناولنا فيه نشوء الدولة الغزنوية وتطورها ، موضحين الظروف والأسباب التي أدت إلى قيامها ، ومستعرضين جهود المملوك البتكين في تأسيسها ، ودور ابنه أبي إسحاق إبراهيم ومماليكه بلكاتكين وبيري في الحفاظ على هذه الدولة الناشئة . ثم تناولنا بالدراسة بروز شخصية سبكتكين وظروف توليه الحكم ، مبرزين دوره في ترسيخ دعائم الدولة وتوسيع رقعتها ، وجهوده في نشر الإسلام في بلاد الهند ، مبيّنين طبيعة علاقته بالدولة السامانية ، ثم درسنا وفاته وتوليه ابنه إسماعيل العرش ، مستثنياً ابنه الأكبر محمود ، مناقشين الأسباب التي دفعت سبكتكين إلى ذلك ، واختتمنا الفصل بدراسة شخصية السلطان محمود بصورة موجزة ، وظروف توليه العرش الغزنوي .
وخصصنا الفصل الثاني لدراسة ( السياسة الداخلية للسلطان محمود الغزنوي ، منذ توليه العرش وحتى وفاته ) ، وتم تقسيمه إلى خمسة أقسام ، تحدثنا في القسم الأول عن سيطرة السلطان محمود على إقليم خراسان وانهيار الدولة السامانية ، أما القسم الثاني استعرضنا فيه جهود أبي إبراهيم إسماعيل بن نوح الساماني الملقب بـ : (المنتصر) في إحياء الدولة السامانية ، وموقف السلطان محمود من ذلك وتناول القسم الثالث استراتيجية السلطان في توسيع حدود دولته على حساب الإمارات المحلية المجاورة ، وتوضيح سياسته تجاهها موضحين الطرق والوسائل التي اتبعها في سبيل ضم هذه الإمارات إلى ممتلكاته ، فكان من بين إمارات المشرق المحلية التي انضوت تحت سيادته : إمارة سجستان ، وإمارة غرجستان ، وإمارة بلاد الغور ، وإمارة خوارزم ، وإمارة جرجان وطبرستان وإمارة الجوزجان ، وخصص القسم الرابع لدراسة الجيش الغزنوي ، واستعرضنا فيه جهود السلطان في بناء الجيش وإعداده وتحدثت بشيء من التفصيل عن عناصر الجيش وأقسامه وأسلحته وإدارته ونفقاته ، وعالج القسم الخامس جهود السلطان محمود في نشر المذهب السُنّي في إقليم المشرق ، مركزين فيه أولاً على المذهب الفقهي للسلطان محمود ، مناقشين ما أوردته المصادر التاريخية بشأن مذهبه ، ثم أوضحنا جهود السلطان في نشر المذهب السُنّي في إقليم المشرق والدفاع عنه ضد الفرق والطوائف المناوئة له ، مبرزين انعكاسات تلك السياسة الدينية على الدولة الغزنوية وعلاقتها بدار الخلافة العباسية السُنيّة .
وتناول الفصل الثالث من هذه الرسالة ( السياسة الخارجية للسلطان محمود الغزنوي ) درسنا فيه علاقته مع الدول والكيانات السياسية المجاورة لحدود دولته ، حيث تناولنا في القسم الأول علاقته بالدولة القراخانية في ما وراء النهر وأبرز مظاهر تلك العلاقة ومراحل تطورها سلماً وحرباً ، وانعكاساتها على الدولتين الغزنوية والقراخانية ، مقدمين لذلك بنبذة موجزة ومركّزة عن القراخانيين أصلهم ، نشأتهم وقيام دولتهم .
أما القسم الثاني من هذا الفصل فدرسنا فيه علاقة السلطان محمود بالبويهيين ، بدأته بالتعريف بهم ، ثم تتبعنا مراحل تلك العلاقة منذ نشأتها في عهد الأمير سبكتين (والد السلطان محمود) حتى سقوط مدينة الري وهمذان وإقليم الجبال في يد السلطان محمود وانضواء ممتلكات الفرع البويهي - في هذه المناطق – تحت سيادة الدولة الغزنوية . أما القسم الثالث فكان عن علاقة السلطان محمود بالسلاجقة ، الذين برزوا مؤخرا على مسرح الأحداث قادمين من أقاصي تركستان ، موضحين بداية احتكاك السلطان محمود بهم وكيف استطاعوا إقناعه بالسماح لهم بعبور نهر جيحون لسيتقروا بخراسان ، مبينين مدى خطورة هذا الإجراء على الدولة الغزنوية ، ومستعرضين الجهود التي بذلها السلطان وقادته العسكريين للحد من نفوذهم وكسر شوكتهم . وأفردنا القسم الأخير لدراسة علاقة السلطان محمود مع دار الخلافة العباسية ، موضحين طبيعتها ، وأبرز مظاهرها ومراحل تطورها ، وانعكاساتها على الجانبين .
خصص الفصل الرابع لدراسة (دور السلطان محمود الغزنوي في نشر الإسلام في شبه القارة الهندية ) تناولنا في القسم الأول منه : الإسلام في الهند قبل الفتح الغزنوي ؛ لبيان بداية دخول الإسلام إلى الهند ، وجهود الخلفاء الراشدين في ذلك ، ثم استعرضنا جهود الخلفاء الأمويين وعاملهم الحجاج بن يوسف الثقفي في فتح إقليم السند ، وأخيراً درسنا أوضاع السند في العهد العباسي وظهور الدويلات الإسلامية في ذلك الإقليم . وركّز القسم الثاني على دراسة أوضاع بلاد الهند قبيل فتوح السلطان محمود الغزنوي ، واثر ذلك على نجاح الفتح الغزنوي ، وفي القسم الثالث كان الاهتمام منصبّاً على مناقشة الأسباب أو البواعث التي دفعت السلطان محمود للقيام بهذا الفتح العظيم ، وكان القسم الرابع – هو محور الفصل الرابع وعموده – مخصصاً لدراسة فتوح السلطان محمود وحملاته في شمال شبه القارة الهندية ، ابتداءً من الحملة الأولى سنة 390هـ/999م وحتى حملته الأخيرة سنة 417هـ/1026م ، وأفردنا القسم الأخير من هذا الفصل لبيان الآثار الحضارية لفتوح السلطان محمود وحملاته في بلاد الهند ، درسنا الآثار الدينية والاجتماعية أولاً ثم الآثار الثقافية والعلمية ثانياً؛ لأجل توضيح أن الفتح الغزنوي لشمال شبه القارة الهندية لم يكن فتحاً عسكرياً فحسب ، بل أنه كان إلى جانب ذلك فتحاً حضارياً .
أما خاتمة هذه الرسالة ففيها توضيح لأهم النتائج والاستخلاصات التي تم التوصل إليها . وأخيراً تم تسجيل بعض التوصيات ؛ بغية النهوض بواقع الدراسات العليا في مجال التاريخ الإسلامي ، خصوصاً تاريخ المشرق الإسلامي .

ــــــــــــ
1 المجادلة ، آية 11 .