المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : "استضافة" في كردستان أم "استيعاب" في غزة؟!



جواد البشيتي
09/04/2007, 01:03 PM
"استضافة" في كردستان أم "استيعاب" في غزة؟!

جواد البشيتي

تحاول السلطة الفلسطينية إنقاذ اللاجئين الفلسطينيين في العراق من "هولوكوست" خاص بهم عَبْر "استيعابهم" في قطاع غزة؛ وقد يكون "أوَّل الغيث" بالنسبة إلى جزء كبير من اللاجئين الفلسطينيين، الذين "يتنافى توطينهم والأوضاع الخاصة للبلدان التي يعيشون فيها".

الـ "هولوكوست" تعني "الحرق الكامل للقرابين التي يتقرَّبون بها إلى خالق الكون"؛ ولا ريب في أنَّ "الحل" الذي تضمَّنته "رسالة الضمانات" التي تسلَّمها شارون من بوش لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين هو الذي إليه تُقرَّب القرابين من اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وكأنَّ معاناة التشرُّد واللجوء زمنا طويلا لا تكفي وحدها، ولا بدَّ من أن يُضاف إليها شيء من الـ "هولوكوست" حتى يصبح ممكنا حل مشكلة اللاجئين وِفْقَ مبدأ "لا عودة لأي لاجئ فلسطيني إلى الدولة اليهودية".

وعلى سبيل التذكير إنْ نفعت الذكرى، نقول إنَّ زعماء الصهيونية، وبُناة الدولة اليهودية في فلسطين، كانوا ينظرون إلى الـ "هولوكوست (النازي)" على أنَّه "المأساة" التي انطوت على "إيجابية" هي دَفْع قسم كبير من يهود الغرب إلى الهجرة إلى تلك الدولة.

السلطة الفلسطينية لا تملك ما تملكه الدول من سيادة، فدعت، بالتالي، الولايات المتحدة وقوى أوروبية (وعربية) إلى ممارسة ضغوط على حكومة اولمرت لحَمْلِها على السماح لها، أي للسلطة الفلسطينية، بـ "استيعاب" اللاجئين في قطاع غزة، الذي فيه من اللاجئين الفلسطينيين، ومن السكَّان، ما أفْقَدَه بالكامل قدرته على "الاستيعاب"، والذي تملك إسرائيل من السيطرة على حدوده ومعابره ما يمكِّنها من منع تنفيذ هذا "الحل" إذا ما استوفى شروطه الأخرى.

حكومة اولمرت تُفَكِّر في هذا "الحل" في سياق تفكيرها في "حلول" أخرى، من قبيل "مبادرة البرزاني"، التي اقترح فيها إقامة "ملاذ آمن" لهؤلاء اللاجئين في إقليم كردستان بعدما أٌغْلِقت في وجوههم أبواب 22 دولة عربية، ومن قبيل "استيعابهم"، أو "استيعاب" بعضهم، في الولايات المتحدة، وفي بلدان غربية أخرى.

إنَّها، أي حكومة اولمرت، في صدد المفاضلة بين "حلَّيْن": "حل التوطين"، الذي بموجبه يُوطَّن اللاجئون الفلسطينيون حيث هم الآن، أو في بلدان غربية، و"حل العودة (الذي ليس فيه شيئا من معنى "العودة") إلى الدولة الفلسطينية".

لقد قالت إسرائيل (ومعها إدارة الرئيس بوش) غير مرَّة إنَّها، وفي معرض استمساكها بالرفض القاطع والمُطْلَق لعودة لاجئين فلسطينيين إليها، تؤيِّد، أو لا تعارض، "عودة" اللاجئين الفلسطينيين إلى "الدولة الفلسطينية" عند قيامها؛ لكنَّها لَمْ تُجِبْ، ولو مبدئيا، عن الأسئلة الثلاثة الآتية: ما هي مساحة إقليم تلك الدولة؟ متى تُقام؟ هل تَقْبَل (إسرائيل) انتقال ملايين اللاجئين الفلسطينيين (ولو في زمن يُقاس بعشرات السنين) إلى إقليم تلك الدولة؟ أخشى ما أخشاه أن "تُسَيِّس" حكومة اولمرت هذا الحل الإنساني لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين في العراق، والذي تدعو إليه السلطة الفلسطينية، كأن تَشْتَرِط لقبولها "استيعابهم" في قطاع غزة أنْ يُفْهَم هذا "الحل" على أنَّه جزء من "الحل الجديد" لمشكلة "حق العودة"، والذي بموجبه يمكن ويجب أن تُفْهَم "عودة" اللاجئين الفلسطينيين إلى "الدولة الفلسطينية" على أنَّها "التنفيذ" لقرار الأمم المتحدة الرقم 194.

وعليه، لا بدَّ للسلطة الفلسطينية من أن توضِّح وتؤكِّد أنَّ هذا الحل الذي تعتزمه، وتدعو إليه، ليس جزءا من "الحل العادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وفق قرار الأمم المتحدة الرقم 194، والمتَّفَق عليه (مع إسرائيل)".