المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أتحبه كما أحبه عمرو بن العاص ؟؟ ( 1 )



عبد الرزاق مرزوكَ
21/08/2011, 12:39 AM
أتحبه كما أحبه عمرو بن العاص ؟؟ ( 1 )

الحمد لله والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله
وصحابته الساعين في جلب مسرته ورضاه
وعلى من جعل سيرته هجيراه ومأواه
أعظم مقاصد علم السيرة النبوية وأحراها بالاعتبار
معرفة حق النبي صلى الله على العبد في التوقير والإجلال
إجلالا تتحقق به محبته وتزداد حتى تصير دأبه وهجيراه المعتاد .
بل إن توقير النبي صلى الله عليه وسلم ومحبته لباب العبادة
وأنفس ثمرات الطاعة وألذها .
لذلك علق المولى جل وعلا محبته على اتباع نبيه صلى الله عليه وسلم
بقوله : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )

آل عمران : 32 .
وكما لا تصح محبة دون اتباع لا يتصور اتباع دون محبة ،
إذ لا معنى لاتباع المحبوب والقلب خال من حبه والتعلق به ،
فالاتباع هو الدليل على صدق المحبة ،
والمحبة الحقيقية هي التي تنميه وتنديه .
وأصل ذلك كله استدعاء دواعي حب المحبوب بمعرفته ،
ومطالعة أحواله وسيرته طلبا لمراقيه ومحابه ومراضيه .
وإن الصحابة عليهم الرضوان أعرف الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم ،
وأفقههم لسيرته ، وأدراهم بمقصد توقيره ومحبته ،
لذا قيضهم الله عز وجل لنا أئمة في هذا الشأن الجلل ،
وحفظ لنا ذكر مشاهدهم الناطقة بالعبر والآيات ، السائرة بالعظات البالغة والدلالات .
ومنها هذا المشهد الطافح بالذكرى ، الغامر للجوزاء والشِّعرى :
ثبت عند مسلم في صحيحه عن عبد الرحمن بن شَماسة المَهري قال :
حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت ، فبكى طويلا ،
وحول وجهه إلى الجدار ، فجعل ابنه يقول :
يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ؟ .. ،
أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا ؟ ..
قال : فأقبل بوجهه فقال :
إن أفضل ما نعده شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،
إني قد كنت على أطباق ثلاث ..
لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني
ولا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته
فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار .
فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت :
ابسط يمينك فلأبايعك ، فبسط يمينه . قال : فقبضت يدي !.
قال : ( مالك يا عمرو ؟ ) .
قال : أردت أن أشترط .
قال : ( تشترط بماذا ؟ ) .
قلت : أن يغفر لي .
قال : ( أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ، وأن الهجرة تهدم ما قبلها ،
وأن الحج يهدم ما قبله ؟ ) ....
وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولا أجل في عيني منه ،
وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ،
ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأنني لم أكن أملأ عيني منه
ولو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة .
ثم ولينا لأشياء ما أدري ما حالي فيها
فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار
فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا
ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها
حتى أستأنس بكم ، وأنظر ما أراجع به سل ربي .

أخرجه مسلم في كتاب الإيمان من صحيحه .
باب : الإسلام يهدم ما قبله وكذا الحج والعمرة
( 2 / 137 – 139 نووي ) .
قال الإمام النووي رحمه الله :
( وفيه ما كانت الصحابة رضي الله عنهم عليه
من توقير النبي صلى لله عليه وسلم وإجلاله ) .

شرح النووي على مسلم 2 / 139

سميرة رعبوب
21/08/2011, 03:05 AM
الأستاذ الفاضل / عبدالرزاق مرزوك

ما أروع موضوعك أستاذنا الكريم ... نسأل الله تعالى أن يملأ قلوبنا محبة له جل في علاه ومحبة لسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم
وبعد إذنك أستاذنا الكريم أحببت أن أضع هذه الإضافة التي اسأل الله تعالى أن يقبلها مني على قلتها وعثرتها ... آمين


خص الله تعالى نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بخصائص كثيرة ، فهو سيد ولد آدم، وخاتم النبيين، ومرسل إلى الناس أجمعين، قال تعالى: { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا } (الأعراف :158)


ومما لا شك فيه، أن علينا تجاه نبينا - صلى الله عليه وسلم - واجبات كثيرة، يجب القيام بها وتحقيقها، فلابد من تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر .


وكذلك مما يجب علينا تجاه رسولنا - صلى الله عليه وسلم - أن نحقق محبته اعتقاداً وقولاً وعملاً ، ونقدمها على محبة النفس والولد والوالد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ( لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) رواه البخاري ومسلم .


ومن المعلوم أن من أحب شيئاً آثره وآثر موافقته وإلا لم يكن صادقاً في حبه وكان مدعياً لمحبته، فالصادق في محبة النبي– صلى الله عليه وسلم– تظهر علامة ذلك عليه.


وإليك أخي القارئ بيان بعض تلك العلامات الدالة على محبته - صلى الله عليه وسلم -:


* أول تلك العلامات الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - والتمسك بسنته ، واتباع أقواله وأفعاله ، وطاعته، واجتناب نواهييه ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه ، وشاهد هذا من كتاب الله ومن سنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – فمن الكتاب، قوله سبحانه: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } (آل عمران:31) وقال تعالى: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا } (الأحزاب:21) ، ومن السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) صححه النووي في الأربعين وضعفه آخرون.



* ومنها الإكثار من ذكره ، والتشوق لرؤيته ، فمن أحب شيئاً أكثر من ذكره وأحب لقائه ، قال ابن القيم رحمه الله : " كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه ، واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه ، تضاعف حبه له ، وتزايد شوقه إليه واستولى على جميع قلبه " .



* ومن علامات محبته – صلى الله عليه وسلم – الثناء عليه بما هو أهله ، وأبلغ ذلك ما أثنى عليه ربه جل وعلا به ، وما أثنى به هو على نفسه ، وأفضل ذلك : الصلاة والسلام عليه ، لأمر الله عزوجل ، وتوكيده ، قال سبحانه: { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } (الأحزاب:56) ففي هذه الآية أمر بالصلاة عليه، لهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( البخيل من ذُكِرت عنده فلم يُصلِ علي ) رواه الترمذي.



* ومنها التحاكم إلى سنته – صلى الله عليه وسلم – قال الله تعالى: { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } (النساء:65).



* ومنها محبة من أحب النبي - صلى الله عليه و سلم - من آل بيته وصحابته من المهاجرين والأنصار ، وعداوة من عاداهم ، وبغض من أبغضهم وسبهم، والدفاع عنهم، والاهتداء بهديهم والاقتداء بسنتهم .



* ومن تلك العلامات الذَّبُّ والدفاع عن سنته – صلى الله عليه وسلم – وذلك بحمايتها من انتحال المبطلين، وتحريف الغالين وتأويل الجاهلين، ورد شبهات الزنادقة والطاغين وبيان أكاذيبهم.



* ومنها التأدب عند ذكره – صلى الله عليه وسلم – فلا يذكر اسمه مجرداً بل يوصف بالنبوة أو الرسالة ، فيقال : نبي الله، رسول الله، ونحو ذلك ، والصلاة عليه عند ذكره ، والإكثار من ذلك في المواضع المستحبة .



* ومنها نشر سنته – صلى الله عليه وسلم – وتبليغها وتعليمها للناس ، فقد قال – صلى الله عليه وسلم – : ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري ومسلم .



فتأمل أخي القارئ تلك العلامات ، واحرص على تحقيقها وتعظيمها ، واعلم أن المحبة ليست ترانيم تغنى ، ولا قصائد تنشد ، ولا كلمات تقال ، ولكنها طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وعمل واتباع ، وتمسك واقتداء، نسأل الله أن يعيننا وإخواننا على التزام سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ما حيينا .

اللهم إنك عفو كريم جواد تحب العفو فاعفوا عنا ، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

وفقك الله أستاذنا الفاضل / عبد الرزاق ...
تحية وتقدير لشخصك النبيل ،،،

عبد الرزاق مرزوكَ
21/08/2011, 05:38 PM
أحسنت أستاذة سميرة رعبوب إذ توجت الموضوع بهذه الإفادة الرائعة علما ومنهجا
لقد صار بها الموضوع سميا سنيا
بارك الله فيك
وزادك حرصا على العلم والخير
لك بالغ شكري ومستمر تقديري