شاطئ الذكريات..

[نجلاء مسكين]

على الشاطئ حيث التقيا أول مرة..نصبت جسدها النحيل..تنتظر مشهد الغروب.. تلاعب الرمال الذهبية بأناملها الناعمة..و تشارك النوارس رقصها بنظراتها الحالمة..فجأة تراودها إغفاءة لذيذة..تحاول مقاومتها بشدة ..لكنها تستسلم مرغمة لنشوة حلم جميل..
وجدت نفسها على زورق أبيض بلا شراع و لا مجاديف تشق عباب البحر وحيدة..حولها بجعات تشع بياضا و أسماك شفافة لامعة ..و رياح عذبة تحرك زورقها نحو جزيرة مزهرة..ترتسم على ثغرها الجميل ابتسامة خجولة..و دهشة مشرقة تعلو ملامحها..و شعرها الحريري يتهادى على جيدها البلوري ..
فستانها الوردي يراقص النسيم.. و البحر يمتص من زرقة مقلتيها لونه الساحر..
في لحظة صمت عذبة..تحملها أياد حانية على أجنحة براق ناصع البياض صهيله لحن صوفي..و عينه مرآة تعكس إشراقة وجهها الجميل..
و على ربوة خضراء في الجزيرة تجد نفسها جالسة و في يدها قنينة عطر فاخرة..و علبة ذهبية لولبية..تفتح القنينة متلهفة فتفوح منها رائحته الباريسية..و في العلبة تجد صورتهما معا على الشاطئ..و رسالة مكتوب عليها:حبيبتي..انتظريني سأعود..كيف تصدقين موتي و أنا أعيش فيك ..تذكريني دائما..سنلتقي...
تنساب عبراتها على وجنتيها المتوردتين.. فتدغدغ شفتيها..
وتستفـــــــــيق.. لتجد نفسها على شاطئ ذكرياتها..تنتظره كعادتها.. متيقنة أنه يتكرر في قلبها كل حين و أن نسيانه مستحيل..و أن الموت موعد مع لقاء أبدي في موطن لا يعترف بالفراق..
تكفكف دمعها و تكتب على ورقة بيضاء مبللة بأوشالها الدافئة: أحبك انتظرني...
تضعها في قنينة عطرها الذي ألف تنفسه..و تلقي بها - كعادتها في ذكرى رحيله - في حضن البحر الشاهد على حبهما السرمدي..
تتعقبها بابتسامة جريحة ..و يتبدى طيفه الشفقي في الأفق البعيد..ترمقه بنظرة شوق رقيقة.. و تهمس بصوت
ملائكي:هذه رسالتك العاشرة كتبتها بدمعي و نبضي..لن أنساك...

[كرم زعرور]

.. طُقوسُها على شاطئ ِالذِّكريات ِ، أدمعتني !

وروعة ُ( الحكي ِ) في قصَّتِكِ ، جعلني أقفُ مُحيِّياً !

تحيّاتي واحترامي ، أخت نجلاء .

كرم زعرور